المشاركات

قدرة الحيوانات البرية على التعافي من الصدمات بشكل طبيعي بينما يعلق البشر غالبًا في دوامة الصدمات النفسية

صورة
  لتفسير سبب قدرة الحيوانات البرية على التعافي من الصدمات بشكل طبيعي بينما يعلق البشر غالبًا في دوامة الصدمات النفسية، قدم الدكتور بيتر ليفين رؤى ثورية من خلال عمله، لا سيما في تطوير ما يُعرف بـ "التجربة الجسدية" (Somatic Experiencing). تستند ملاحظاته وأبحاثه إلى فهم عميق لكيفية معالجة الجهاز العصبي للتهديدات والصدمات. النقاط الرئيسية في فهم الدكتور بيتر ليفين للصدمة: 1.  الصدمة كطاقة غير مُفرغة: يرى ليفين أن الصدمة ليست الحدث نفسه، بل هي الطاقة البيولوجية الهائلة التي يتم حشدها في الجسم لمواجهة التهديد (استجابة "الكر أو الفر أو التجمد") والتي لم يتم تفريغها أو إكمالها بشكل صحيح. عندما يواجه الحيوان تهديدًا، فإنه إما يقاتل أو يهرب. إذا لم يكن أي من الخيارين متاحًا، يدخل الحيوان في حالة "تجمد" أو شلل مؤقت. بمجرد زوال الخطر، يقوم الحيوان بتفريغ هذه الطاقة الهائلة من خلال حركات لا إرادية مثل الارتعاش، والاهتزاز، والتنفس العميق. هذه العملية تعيد الجهاز العصبي إلى حالة التوازن. 2.  دور العقل البشري (القشرة المخية الحديثة): على عكس الحيوانات، يمتلك البشر قشرة مخ...

متعة القراءة في عصر التشتت: ملاذ للعقل وبصيرة للحياة

صورة
  في خضم عالم يموج بالمشتتات الرقمية والإشعارات المتلاحقة، تبدو القراءة فعلًا ثوريًا، وملاذًا ثمينًا للعقل الباحث عن السكينة والمعرفة. إن متعة القراءة ليست مجرد هواية عابرة، بل هي رحلة استكشافية توسع الآفاق وتثري الروح، وتمنحنا القدرة على فهم أعمق لأنفسنا وللعالم من حولنا. وعلى الرغم من التحديات التي يفرضها عصر السرعة والتشتت، تظل القراءة تحتفظ بسحرها وقيمتها الخالدة. تحديات القراءة في العصر الرقمي: لا يمكن إنكار أن طبيعة العصر الرقمي قد ألقت بظلالها على عاداتنا . فقد أدى التدفق المستمر للمعلومات المختصرة والمحتوى المرئي السريع إلى تراجع مستويات التركيز والصبر اللازمين للغوص في أعماق كتاب. كما أن جاذبية وسائل التواصل الاجتماعي والإغراءات اللامتناهية للإنترنت تجعل من الصعب تخصيص وقت هادئ للقراءة المتأنية. أرى أن القراءة في عصر التشتت لم تعد ترفًا، بل ضرورة ملحة. إنها بمثابة تمرين لعضلة التركيز التي وهنت بفعل المشتتات، وهي نافذة على عوالم أخرى تكسر رتابة الواقع الرقمي المفروض. القراءة تعيد إلينا القدرة على التأمل والتفكير النقدي، وتزودنا بالأدوات اللغوية والفكرية اللازمة للتعبير عن أ...

اليوميات \ سوزان سونتاغ

صورة
  لا أشعر بالذنب لكوني منعزلة، علي الرغم من أنني قد أندم علي ذلك في بعض الأحيان لأن الوحدة مؤلمة. لكن عندما انخرط في هذا العالم أشعر وكأنني في فخ أخلاقي تمامًا. يشبه الأمر البحث عن الحب في بيت للبغاء.  سوزان سونتاغ، اليوميات هذه الفقرة  تعكس بشكل قوي بعض الموضوعات الرئيسية الموجودة في يوميات سوزان سونتاغ الشعور بالانعزال والوحدة: تعترف سونتاغ بعدم شعورها بالذنب لكونها منعزلة، لكنها في الوقت نفسه تعبر عن الألم المصاحب للوحدة. هذا التناقض يظهر صراعها بين حاجتها إلى العزلة للتفكير والإبداع، والشعور الإنساني بالرغبة في التواصل. النقد الذاتي والتساؤل: اعترافها بإمكانية الندم لاحقًا يدل على وعيها بتعقيد خياراتها وعدم يقينها التام بصحتها المطلقة. الشعور بـ "فخ أخلاقي" عند الانخراط في العالم: هذه الصورة القوية تشير إلى إحساسها بالتلوث أو الضياع الأخلاقي عند الانخراط في العالم الخارجي وعلاقاته. تشعر بأن العالم "غير نقي" أو "مبتذل" بطريقة ما، مما يجعل البحث عن شيء نقي كالحب فيه أمرًا صعبًا أو مستحيلًا ("البحث عن الحب في بيت للبغاء"). هذه المقتطفات تعطينا ل...

رواية "دميان" لهرمان هسه: رحلة نحو الذات

صورة
  تُعد رواية "دميان: قصة شباب إميل سنكلير" (Demian: Die Geschichte von Emil Sinclairs Jugend) للكاتب الألماني السويسري هرمان هسه، التي نُشرت لأول مرة عام 1919 تحت اسم مستعار هو "إميل سنكلير"، واحدة من أبرز الأعمال الأدبية التي تتناول رحلة البحث عن الذات والنضوج الروحي. تستكشف الرواية الصراع الداخلي للشاب إميل سنكلير وهو يتنقل بين عالمي الطفولة البريئة والنقاء، وعالم الكبار المليء بالظلام والغموض والتعقيد. تبدأ القصة مع إميل سنكلير، وهو فتى ينشأ في كنف عائلة متدينة ومستقيمة تمثل "عالم النور". يشعر سنكلير بالانجذاب نحو "عالم الظلام" المتمثل في الخدم والقصص الغريبة التي يسمعها. يتورط سنكلير في كذبة مع فتى متنمر يُدعى فرانتس كرومر، مما يجعله أسيرًا لابتزازه وخوفه. يمثل كرومر أول تجسيد لعالم الظلام الذي يقتحم حياة سنكلير الهادئة. يظهر في حياته ماكس دميان، وهو طالب جديد أكبر منه سنًا بقليل، يتمتع بشخصية غامضة وقوية وحكمة تتجاوز عمره. يساعد دميان سنكلير على التحرر من قبضة كرومر من خلال فهمه العميق لطبيعة الخير والشر، ويقدم له تفسيرًا مختلفًا لقصة قابيل ...

أزمة الهوية في عالم مُنمّط: نظرة على فكر إريك فروم

صورة
   أزمة الهوية في عالم مُنمّط: نظرة على فكر إريك فروم يرى إريك فروم أن الإنسان المعاصر يعيش في خضم أزمة هوية عميقة، حيث تتلاشى ملامح الذات الأصيلة تحت وطأة متطلبات مجتمع استهلاكي يسعى لقولبة الأفراد وفقًا لمعايير السوق والنجاح المادي. في هذا السياق، يُجبر الفرد على ارتداء "أقنعة اجتماعية" زائفة تخفي جوهره الحقيقي، مما يؤدي إلى شعور بالاغتراب وفقدان الذات. لقد تحول الإنسان، في نظر فروم، إلى سلعة تُقاس قيمتها بمدى توافقها مع متطلبات السوق، وبقدرتها على تحقيق "النجاح" بمفهومه السطحي. هذا التحول يُفقده إحساسه الفردي الفريد، ويجعله يعيش في حالة من التماهي مع الآخرين، باحثًا عن القيمة والاعتراف في عيون المجتمع بدلًا من اكتشافها في أعماق ذاته. 1. إن المشكلة الرئيسية للإنسان المعاصر ليست أنه غير سعيد، بل أنه لا يعرف كيف يكون سعيدًا.  يشير فروم هنا إلى أن الأزمة ليست مجرد غياب السعادة، بل فقدان القدرة على تعريفها وتحديد مصادرها الحقيقية. المجتمع الاستهلاكي يفرض نماذج زائفة للسعادة مرتبطة بالاستهلاك والمكانة الاجتماعية، مما يُضلل الفرد عن السعادة الحقيقية التي تنبع من النمو ا...

الإنسان الأخير \ باربرا ستيغلر

صورة
  ولأنّ الإنسان هو الكائن الحيّ الأكثر مواجهةً للفوضى فهو "الأشجع"، و"الأكثر قسوةً"، و"الأشدّ معاناةً" فإنّه في الوقت ذاته الأكثر تحصينًا ضدّها، والأشدّ تهديدًا بأن يُغلق على نفسه داخلها إلى الأبد. ومن هنا تنبع استحالة تحديد ماهيّة الإنسان، إذ هو الكائن الأكثر انفتاحًا على الممكن، وفي الوقت ذاته الأكثر تحصّنًا ضدّه. ولهذا، رأى نيتشه إمكانيّة ظهور "الإنسان الأخير".  غير أنّ هذا "الأخير" لا ينبغي فهمه على أنّه نهاية الإنسان (أو آخر أفراد الجنس البشريّ قبل فنائه)، بل هو ذلك الذي لم يَعُد يحدث له شيء، ولا يعترضه جديد، بل هو الذي يُعطّل، بشكلٍ دائم، إمكانيّة المستقبل، حتى يصير ذلك سِمَةً لعصرٍ بأسره. وبما أنّ الإنسان خالٍ، من حيث الماهية، من جوهرٍ ثابت، فهو يحمل في داخله أيضًا أعظم الأخطار: خطر الإغلاق التامّ أمام كلّ ما يفيض عليه من إمكانات الوجود. فهو، وإن كان "شجاعًا"، قد يتملّكه اليأس، وإن كان "قسِيًّا على نفسه"، قد يلجأ إلى الحنوّ الذاتيّ على جسده، وإن كان "يعاني من فرط التناقضات"، فقد يؤثر، في نهاية المطاف...

خيانة المثقفين \ جوليان بيندا

صورة
خيانة المثقفين  هو كتاب للفيلسوف الفرنسي جوليان بيندا نُشر عام 1927. يعتبر هذا الكتاب من الأعمال البارزة التي تناولت موضوعات فلسفية وأدبية حول دور المثقفين في المجتمع وعلاقتهم بالسلطة. خلاصة الكتاب: في هذا الكتاب، يطرح جوليان بيندا نقدًا حادًا لما يسميه "خيانة المثقفين"، حيث ينتقد المثقفين الذين ضحوا بالقيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية من أجل دعم الأنظمة السياسية أو الأيديولوجيات التي تتسم بالقوة والقمع. يرى بيندا أن المثقفين في العصور الحديثة قد تحولوا من مدافعين عن الحقيقة والعدالة إلى أتباع للسلطة وأدوات لها. أهم المحاور في الكتاب: 1. المثقفون والسلطة: يناقش بيندا كيف أصبح المثقفون في العصر الحديث يخدمون الأنظمة السياسية بدلاً من الوقوف ضدها. يراهم في النهاية يتحولون إلى أدوات تُستخدم لخدمة السلطة. 2. تدمير القيم الإنسانية: يُدين بيندا كيف أن المثقفين أصبحوا يعبرون عن أفكار وأيديولوجيات تُخدم مصالح السلطة في مقابل المبادئ الأخلاقية والإنسانية. 3. تأثير الأنظمة السياسية: ينتقد الكتاب بشدة تواطؤ المثقفين مع الأنظمة السياسية الاستبدادية في فترة ما بين الحربين العالميتين، خاصة...

لوحة فنية تُصور (كوزيت) وهي إحدى شخصيات رواية البؤساء

صورة
  من أعظم وأصدق المقدمات يبدأ فيكتور هوجو في البؤساء  ما دامت قيمة الانسان تتدهور في الطبقات الدنيا وتسقط المرأة بسبب الجوع ويهزل الطفل بسبب الجهل فإن البؤس سيبقى وستكون القوانين بذاتها سببآ لهلاك المجتمع لوحة فنية تُصور (كوزيت) وهي إحدى شخصيات رواية البؤساء  رُسمت بواسطة إيميلي بايارد  عام 1862م ..  اشتهرت هذه اللوحة حتى أصبحت أيقونة لرواية فيكتور هوجو البؤساء،  وسر قوتها هو حجم المكنسة الهائل الذي يفوق قامة الطفلة كوزيت   وكأن الرسام يقول  إن من الجرم أن يحمل المكنسة كائن يبلغ طوله نصف طولها  لقد لخّص كل ما أراد فيكتور هوجو قوله بخصوص إنتهاك الأطفال في لوحة واحدة .

الذات ليست شيئاً نكتشفه في أعماقنا ( نيتشه \ هيغل )

صورة
  الذات ليست شيئاً نكتشفه في أعماقنا، بل شيئاً يتكوّن في احتكاكنا بالعالم .. كل فكرة تمرّ بك، كل شخص تقابله، كل علاقة ، كل لحظة دهشة أو صراع .. تكشف لك جانباً جديداً من ذاتك .. أنت لا تعرف نفسك تماماً ، حتى تراها خارجك - في اختياراتك، في ردود أفعالك، في ما تحب وما ترفض.. لهذا يقول نيتشه في كتاب الفجر:  لن يعرف الإنسان نفسه إلا بعد معرفته لكل شيء ، لأن الأشياء هي تخوم الإنسان ! أي أن كل ما حولك يرسم حدودك، ويكشف لك حقيقتك.. أما هيغل في كتاب (فنومينولوجيا الروح)  يتفق مع ذلك و يرأى أن الإنسان لا يصبح (ذاته) إلا حين يصطدم بغيره، حين يُقارن نفسه مع الآخرين ويُقاوم وينتزع اعترافاً .. فنحن نكتشف ذكاءنا حين نرى من هو أغبى، ونكتشف هشاشتنا حين نصطدم بمن هو أقوى ! و المرء يتأكد من تفوقه حين يرى من دونه ، ويشعر بنقصه حين يواجه من يفوقه .. لكن نيتشه وسّع هذه الرؤية : ليس فقط الآخر من  يعكسك، بل كل شيء حولك : المدن، الذكريات، الطقوس، الأفكار ، كلها مرايا للذات. بأختصار : كل ما هو خارجك .. يحمل جزءاً منك ! ولهذا حين نربّي طفلًا، لا يصح أن نعزله عن العالم بدافع الخوف المفرط عليه ، ...

أستأنس بصحبة غرباء الأطوار

صورة
  أستأنس بصحبة غرباء الأطوار والاستماع لأفكارهم أولئك المهمشين، غير التقليديين ، المنعزلين، غير المنمطين، المنسيين، المنبوذين ، غالباً هذه النوعية من الناس صهرتهم تقلبات الحياة فخرجوا منها أكثر أصالةً و جمالاً. تجذبني طريقتهم الفريدة في رؤية الحياة. أفكارهم تتحدى المألوف وتغوص في أعماق التجربة الإنسانية. ربما لأنهم يمتلكون شجاعة استثنائية تمكنهم من مواجهة الظلام والعودة منه بأفكار جديدة وملهمة تفيد من حولهم. قالت عنهم الكاتبة الأمريكية ليديا يوكنافتش في (مانيفستو المهمشين): "إذا كنت أحد هؤلاء الأشخاص الذين لديهم القدرة على الوصول إلى قاع المحيط ، والقدرة على السباحة في المياه المظلمة دون خوف ، والقدرة المذهلة على النجاة من معتركات الحياة  ، فلديك أيضا القدرة على جلب شيء جديد إلى السطح يساعد الآخرين بطريقة لا يمكنهم تحقيقها بأنفسهم، المهمشين و غرباء الأطوار لديهم تلك القدرة الفريدة على المرور من خلال الأحزان، المآسي و الصدمات و الظهور من الجهة الأخرى أكثر قوة"

تربية المقهورين \ باولو فريري

صورة
  زوجة تقتل زوجها، آباء يعاقبون أبناءهم بالضرب حتى الموت، وطالب يقتل معلّمته... هذا العنف المتزايد في مجتمعاتنا ليس عفويًا؛ بل هو نتاج واقع اجتماعي عنيف وظالم، يدعمه أولئك الذين يتحكمون بالسياسة المحلية والعالمية. في كتابه "تربية المقهورين"، يقول باولو فريري: "يُمارس العنف في المقام الأول من يضطهد ويستغل ولا يعترف بالآخرين كأشخاص، وليس من يُضطهد ويُستغل ويُنكَر. ليس تمرّد هؤلاء على القمع هو ما يجعلهم عنيفين، بل كونهم ضحايا عنفٍ هيكلي يجعلهم في دائرة العنف". ينفجر العنف، عندما تتخلى الدولة عن واجباتها في خلق فرص تضمن كرامة المواطنين، بدلًا من ابتكار أساليب لمعاقبتهم، وعندما تصبح المدارس أسواقًا تجارية والمعلمون مجرّد مندوبي مبيعات، وعندما تتحوّل منصات التواصل الاجتماعي إلى ساحات صراعٍ مليئة بمشاهد دموية، تنشر الكراهية، وتحرّض على القتل بلا رقيب ولا حسيب. نعيش في عالمٍ يُمجّد المجرمين ويُجرّم القتلة. وتتشفّى فيه الشعوب بمصائب غيرها، ولم تعد  مشاهد الموت وسفك الدماء يثير تعاطفهم مع من يُعانون خارج حدود أوطانهم. "عنف الظالمين يمنع المظلومين من أن يكونوا بشرًا كاملي...

لماذا نرفض كل ما يساعدنا؟ لماذا نخاف من كل ما يحررنا؟ ‎فلاديمير جيكارنتسيف

صورة
  لماذا نرفض كل ما يساعدنا؟ لماذا نخاف من كل ما يحررنا؟ ‎رفض كل ما يساعدنا: عندما تنصح شخصاً ما بقبول الأمور الموجودة في داخله، والتي يرفضها، يستيقظ في داخله شعور واضح بالخوف والرفض. فهو يخشى من أن تقبّله لهذه الأمور سيجعله على شاكلة الذين يقومون بها فيصبح بقية حياته مثلهم. فمثلاً إذا نصحت شخصاً طبيعياً بأن يتقبل غريزة القاتل في نفسه، فإنه ينفر منك وينظر إليك على أنك عدوه. ‎عندما ترفض وجود أمر ما في نفسك فهذا يعني أنك غير راغب بالنظر إلى الحقيقة، ويعني أيضاً أنك لا تسمح لها بالوجود. فإذا كنت لا تسمح لأمر ما بالوجود فإنه يختفي آلياً من حقل بصرك الداخلي ويظهر في الخارج. لأن العالم الخارجي يعكس حالتك الداخلية. ‎متى تستطيع أن تتقبل؟ ‎فقط عندما تعرف، فمعرفتك للشيء تجعله يفشل في فرض سلطته عليك، لأنك ستلاحظ دائماً محاولات كهذه فتسيطر على الوضع. إن قبول شيء في داخلك لا يعني أنك ستصبح كذلك وأنك ستعيش هذا الأمر في حياتك. إن قبولك للشيء الذي ترفضه وتقيّمه تقييماً سلبياً، سوف يدخل الحب والسلام إلى حياتك. ‎رفض كل ما يساعدنا ‎إن كل الأشياء الموجودة في حياتك الآن هي نتيجة لدخول أفكار معينة إلى رأ...

كتاب المتلاعبون بالعقول \ هربرت شيلر

صورة
  كتاب "المتلاعبون بالعقول" للمؤلف هربرت شيلر، والذي نُشر عام 1973، يقدم تحليلًا نقديًا عميقًا لكيفية تأثير وسائل الإعلام في تشكيل الوعي العام والسيطرة عليه في المجتمع الأمريكي، وكيف يتم تصدير هذه الآليات الثقافية إلى بقية دول العالم. يمكن تلخيص الأفكار الرئيسية للكتاب في النقاط التالية: 1. نقد صناعة الوعي: يرى شيلر أن هناك صناعة نشطة تعمل على إنتاج وتوزيع "وعي مُعلب" عبر وسائل الإعلام، حيث تقوم مجموعة من الشركات الكبرى والمؤسسات المؤثرة بصياغة الرسائل والمعلومات التي تصل إلى الجمهور. هذا الوعي ليس محايدًا بل يخدم مصالح هذه القوى المهيمنة. 2. تفكيك أساطير الإعلام: يكشف شيلر عن خمس أساطير رئيسية تروجها وسائل الإعلام وتعمل على تضليل الجمهور وإخفاء آليات السيطرة الحقيقية: * أسطورة الفردية والاختيار الشخصي: يتم التركيز على حرية الفرد واختياراته، مع تجاهل التأثيرات الهائلة للمجتمع ووسائل الإعلام في تشكيل هذه الاختيارات. * أسطورة الحياد: تدعي وسائل الإعلام أنها تقدم معلومات محايدة وموضوعية، بينما هي في الواقع تحمل أجندات خفية وتوجهات معينة. * أسطورة الطبيعة الإنسانية الثا...

قِصة المِعطف لنيكولاي غوغول، في المِعطف ضاع الإنسان !

صورة
  في المِعطف ضاع الإنسان ! قِصة المِعطف لنيكولاي غوغول .. هي حِكاية ذاك المِسكين المسلوب، "أكاكي أكاكيفيتش" الذي عاش في الظلّ، المُوظف الذي سُجن في زنازين الدواوين، وانحصر في زوايا السكون، لا يُفرِح إن حضر، ولا يُفتقَد إن غاب. عمله نسخ، وعيشه نسخ، وصوته نسخ، وروحُه مسخ منزوٍ في ركن مغلوب، يسير في دربِ الحياة مُتدثرًا بذلّ الوظيفة، ومُتوسّدًا صقِيع الحاجة، يعيش على هامِش الحياة، هادئًا، خانعًا، راضيًا بكلّ ما أتته الأيّام من فُتات .. وكانت مُشكلته الوحيدة أنّ البرد في روسيا لا يُطاق، والشتاء لا يُعانَق. يا ويحَ هذا الأكاكي ! نشأ في عالم ما عرف له قلبًا، ولا أفرد له صدرًا، وما شمّ نسيمَ الحياة يومًا، كأنّه نبتة يابسة في صخر جامِد، كان قلبُه كالماءِ الراكد، لا موج فيه ولا اضطراب، لا غضب ولا عِتاب، لا يملك من أمر دنياه إلّا معطفًا باليًا، ومن أحلامِه إلّا أملًا واهيًا  في أن يقتني مِعطفًا جديدًا، يصونه من لسعاتِ الشتاء، ويُعيد له بعض كرامة بعثرها العراء .. آهٍ من أرض تضيق على الفقِير إذا أراد ستر عظم، أو وقاية جسم ! لقد جاع الأكاكي، وتجرّع مرارة الحرمان، وسار على رؤوس أصابعِه كي ...

ليس عليك أن تخاف من الموت؟ إبيقور

صورة
  تخيل جنازتك. كيف ستبدو؟ من سيكون فيها؟ ماذا سيقولون؟ لا بد أن ما تتخيله هو من منظورك الخاص. يبدو الأمر كما لو أنك ما زلت موجودًا هناك تشاهد الأحداث من مكان معين، أو ربما من الأعلى، أو على مقعد بين النادبين. الآن، يعتقد بعض الناس أن هذه إمكانية جدية، أننا في وسعنا بعد الموت أن نبقى على قيد الحياة خارج الجسد الفيزيقي باعتبارنا نوعًا من الروح التي قد تكون قادرة حتى على رؤية ما يجري في العالم. لكن بالنسبة إلى من يعتقد منا أن الموت ختامي، فثمة مشكلة حقيقية. في كل مرة نحاول فيها تخيُّل أننا غير موجودين، فعلينا فعل ذلك عبر تخيل أننا موجودين، ونشاهد ما يجري في حين أننا غير موجودين. سواء أكنت قادرًا على تخيل موتك الخاص أم لا، فيلوح أنه من الطبيعي كفايةً أن تكون في الأقل خائفًا قليلًا من عدم الوجود. من ذا لن يخاف من موته الخاص؟ إن كان ثمة أي شيء ينبغي لنا أن نكون قلقين حياله، فهو هذا بالتأكيد. يبدو معقولًا تمامًا أن تغتمّ حيال عدم الوجود حتى لو كان هذا سيحصل بعد سني عديدة. إنه أمر غريزي. قلة من الناس على قيد الحياة لم تفكر قطّ في هذا عميقًا. جادل الفيلسوف اليوناني القديم إبيقور (270-341 ق....

معرفة النفس \ العلم المرح "نيتشه"

صورة
  يقول نيتشه في العلم المرح : ننسى دائماً أن أشياء كبيرة وأشياء جميلة كثيرة لا ينبغي النظر إليها إلا عن بعد ، ومن الأفضل من تحت ، لا من فوق ، هكذا فقط يمكنها أن تحدث تأثيراً ،  ولعلك تعرف أناساً من حولك لا يحبذون النظر إلى أنفسهم إلا عن بعد ، كي يشعروا بأنفسهم محتمَلين أو جذّابين، أو مانحي قوّة .. إن معرفة النفس هي ما لا ينبغي أن ننصح به هؤلاء الناس ! برأيي ما طرحه هو واقعي جداً ، معرفة النفس سلاحاً ذو حدين ، فالغوص العميق في الذات قد يكشف ضعفها، تناقضاتها و هشاشتها ، وربما زيف بعض القناعات التي يبني عليها الإنسان صورته عن نفسه، وهذا قد يكون صادماً ومدمراً للبعض، خاصةً أولئك الذين يستمدون قوتهم من وهم صنعوه عن أنفسهم ، لذا الافضل بالنسبة لهؤلاء هو النظر إلى أنفسهم  عن بعد ، حيث تبدو صورتهم أكثر قوة وجاذبية.. ارى أن نيتشه هنا يرفض الفكرة الشائعة بأن معرفة النفس دائماً مفيدة، مشيراً إلى أن بعض الأشخاص يعيشون على مسافة ضرورية من حقيقتهم، لأن الاقتراب أكثر قد يجعلهم ينهارون أو يفقدون قدرتهم على التأثير في الآخرين ، وكأن هناك من يحتاج إلى الوهم ليبقى متماسكاً .. و يبدو ايضاً أ...

الأبعاد الفلسفية لفيلم أنا لا أكذب .. ولكني أتجمل

صورة
  الأبعاد الفلسفية لفيلم  أنا لا أكذب .. ولكني أتجمل يحمل فيلم أنا لا أكذب ولكني أتجمل أبعادًا فلسفية عميقة تتعلق بالهوية، والحقيقة، والمظهر الاجتماعي، والصراع الطبقي. يمكن تحليل الفيلم فلسفيًا من عدة زوايا: 1. جدلية الحقيقة والمظهر يطرح الفيلم سؤالًا فلسفيًا حول العلاقة بين الحقيقة والمظهر، وهو سؤال شغل الفلسفة منذ أفلاطون حتى الفلسفة المعاصرة. بطل الفيلم، حمدي، يجد نفسه عالقًا بين واقعه الحقيقي وهويته الزائفة التي صنعها ليحظى بالقبول. هنا يظهر تأثير الفلسفة الظاهراتية (Phenomenology)، حيث يكون للظاهر قوة في تشكيل العلاقات الاجتماعية، حتى لو كان مخالفًا للحقيقة. 2. الهوية والاغتراب حمدي يعيش حالة من الاغتراب (Alienation)، وهو مفهوم ناقشه هيغل وماركس. إنه مغترب عن ذاته الأصلية، حيث يضطر إلى خلق هوية مزيفة ليتكيف مع محيطه. هذا يعكس إشكالية الوجود للذات مقابل الوجود للآخر عند سارتر، حيث لا يكون الإنسان ما هو عليه، بل ما يراه الآخرون فيه. 3. الصراع الطبقي وإشكالية العدالة الاجتماعية الفيلم يبرز بشكل واضح الصراع الطبقي، حيث يجد حمدي نفسه مضطرًا إلى التزييف بسبب فجوة اقتصادية ضخمة ...

لوحة "حوار تحت الأرض" لستيفانو دي ستاسيو (1991)

صورة
  دي ستاسيو معروف بأسلوبه الذي يمزج بين الواقعية والسريالية، مما يجعل لوحاته تبدو وكأنها مشاهد من حلم أو قصة غامضة غير مكتملة. في هذه اللوحة، نجد رجلًا وامرأة في ممر ضيق تحت الأرض، محاطين بأنابيب معدنية ومياه تجري بجانبهما. المشهد يثير التوتر، وكأنهما في موقف خطر أو يعيشان لحظة حاسمة. المرأة تمسك بمصباح يدوي، مسلطة ضوءه نحو فتحة، بينما يرفع الرجل يده أمامها كما لو كان يحاول إيقافها أو تحذيرها من شيء ما. لكن اللافت أن يده الأخرى تمتد داخل فتحة في الجدار، وكأنه يبحث عن شيء أو يحاول الوصول إلى شيء مجهول. هل يحاول فتح باب سري؟ أم أنه يتجسس؟ أم أن ما وراء الجدار أهم مما نراه أمامنا؟ الإضاءة الخافتة للمصابيح، المساحة الضيقة، والمياه المتدفقة كلها تضيف شعورًا بالحصار والقلق. كل عنصر في اللوحة يبدو وكأنه يحمل معنى خفيًا، لكن لا إجابة واضحة. إنها واحدة من تلك اللوحات التي تتركك مع تساؤلات أكثر من إجابات، مما يجعلها مشهدًا يثير الفضول ويشعل الخيال.

هذا هو كل شيء \ قصائد من برشت

صورة
  عن مودَّة العالم ١ إلى الأرض المَقرُورة بالرِّيح الباردة، جئتُم جميعًا أطفالًا عُراة. كنتُم تَرتجِفون من البرد، ولا شيء تَملكون، عندما لفَّتكُم امرأةٌ في قماط. ٢ لم يهتِف أحدٌ مُرحِّبًا بكم، لم يَشتَقْ أحدٌ إليكم، ولم يُحضِركم أحدٌ في عربةٍ مُطهَّمة. هنا على الأرض كُنتُم مجهولين، عندما امتدَّت يدُ إنسانٍ فأخذَتْكم من أيديكم. ٣ عن الأرضِ المقرورة بالرِّيح البارِدة، تَذهبون جميعًا، يُغطِّيكم القَشَف والقُشور. ويُوشِك كلُّ إنسانٍ أن يكون قد أحبَّ العالم، حين يُلقي عليه أحدٌ حِفنَتَي تُراب.

العلاقة الخفية بين الخوف و الأمراض \ د. سيرغيه لازاريف

صورة
  برأيي أن مفهوم الصحة وثيق الإرتباط بمقدار الطاقة العليا الموجودة في الجسم. قام عدد من العلماء لمعرفة العلاقة الخفية بين الأمراض والخوف بتجربة على القرود: لقد أفزعوا القرود أثناء التجربة وأوصلوها إلى حالة التوتر. تصرفت بعض القرود بعدوانية ودافعت عن نفسها في الرد على الإزعاج بكل الوسائل، هذه القرود تحملت بسهولة حالة الضغط النفسي وحافظت على صحتها. أما الحيوانات التي توقفت عن الدفاع عن نفسها وسلكت سلوكاً سلبياً خاملاً، فقد أصيبت لاحقاً بمرض ثقيل. عندها قرر العلماء أن العدوانية تدعم الصحة. هذا الإستنتاج سطحي وخاطئ بالكامل، فالأمر لا يكمن في العدوانية بل في اتقان بذل الطاقة. الطاقة إن الطاقة التي تتوفر خلال الضغط النفسي مخصصة لحماية الكائن الحي. العدوان هو أحد أكثر أشكال الحماية بدائية، فإذا شعر الإنسان بالخوف ولم يدافع عن نفسه ولم يصرف الطاقة الفائضة داخله. فإن هذه الطاقة سوف تذهب لتدمير الذات، لهذا فهو محكوم بالإصابة بمشكلات في الصحة. يختلف الأمر عندما يقوم الإنسان بإجراءات فعالة ليس فقط على المستوى الظاهر، بل وعلى المستوى الباطن أيضاً. عند ذلك تتحول الحماية إلى سيطرة. الأمراض أصيب ي...