المشاركات

النظارة الوردية \ جاك لاكان

صورة
  كمن يلبس نظارات وردية، تحمينا الأخيولة من رؤية الثغرات في الواقع، وبشكل أخص الثغرات التي يعاني منها المعنى الذي ندركه لحياتنا. من أكبر تحديات الذات هو دمج المدركات الجديدة في بيئة النفس "المستقرة" إلى حد ما. عملية الدمج تلك، ليست بالأمر السهل، خصوصاً إن تحدثنا عن أحداث صعبة معقدة لا يمكن ادماجها في صورة الذات عن العالم، وهنا يحدث ما يمكن تسميته بأزمة معنى. الأخيولة، النظارة الوردية، تهيئ لنا الأرضية لإهمال الفروقات، وملء الفجوات التي في الواقع لا يمكن ملؤها، ليتثنى لنا الحفاظ قدر الامكان على وحدة الأنا وانسجامها مع الذات.  تنشأ الأخيولة الأصلية، حين يبدأ الطفل باستكشاف رغباته، فدون أخيولة، لا يمكن ترجمة الرغبة على أرض الواقع أصلا. الرغبة التي يحركها النقص، تجد السيناريو المعبر عنها في الأخيولة، ولولا ذلك السيناريو (أو مجموعة السيناريوهات المقبولة في الاخيولة)، لما استطعنا صياغة الرغبة أصلا وبالتالي السعي للوصول إلى موضوع الرغبة. الأخيولة ليست تحقيق أو اشباع للرغبة، بل الطريقة التي يتم فيها تحقيق الرغبة أو اشباعها، مع المحافظة على حدود الأخيولة اللاواعية.

لاقيمة ولا مكان للعقلانية في مجتمعات القطعان \ شوبنهاور

صورة
   لاقيمة ولا مكان للعقلانية في مجتمعات القطعان  يضرب لنا الفيلسوف الملهم "شوبنهاور" المثال التالي : " الانسان السليم العقل والذي يوضع بين المجانين والمرضى عقليا مثل ذلك الذي يمتلك ساعة تمنح الوقت بدقة، ويذهب إلى مدينة فيها كل الساعات غير معدلة على الوقت المناسب. فإذا هو الوحيد الذي يعرف الوقت الصحيح، غير أن هذا لن يوفر له أي عون. ففي المدينة الجميع ضبطوا ساعاتهم على الوقت الخاطئ بما في ذلك الذين يعلمون أن ساعته هي الاكثر دقة في تحديد الوقت".

السقوط في الزمن \ إميل سيوران

صورة
  إننا نكره أيّاً كان أن يتعلق بنا أو يعوّل علينا أو ينتظر أي شيء منّا. التنازل الوحيد الذي نظل قادرين على القيام به تجاه الآخرين هو أن نخيّب ظنهم.  إنهم لن يستطيعوا أن يفهموا على كل حال رغبتنا في التخلص من إجهاد الأنا، وفي التوقف على عتبة الوعي دون الدخول أبداً، وفي الاختباء في أعماق الصمت الاوّليّ، في الغبطة المغمغمة، في الذهول الناعم حيث ترقد الخليقة قبل فرقعة الكلمة. 

فينومينولوجيا \ موريس ميرلوبونتي

صورة
  فينومينولوجيا موريس ميرلوبونتي      مقدمة: ان موريس ميرلوبونتي (1908-1961) هو أهم ممثلي الفينومينولوجيا في فرنسا، إذ تكمن أهميته في القراءة الجديدة التي قدمها للفينومينولوجيا، فعلى الرغم من تأثره الواضح بكل من هوسرل و هيدغر إلا أنه لم يكن يفكر مثلهما و إنما فكر معهما، حيث وجد أن هناك طرحين مختلفين للفينومينولوجيا أحدهما يجعل منها بحثا في المعرفة و هو الذي يمثله هوسرل و ثانيهما يجعل منها مبحثا في الوجود و هو الذي يمثله هيدغر.. إن ميرلوبونتي لا يتنكر لأنواع الفينومينولوجيا السابقة و إنما تبين له أن الفينومينولوجيا ليست صياغة جاهزة بل هي إمكانية مفتوحة، و هو التصور الذي كان مبررا لقيام ما أسميناه ب"الفينومينولوجيا الجديدة". وسنحاول في هذه الدراسة أن نتحدث عن الفينومينولوجيا عند ميرلونتي من خلال الإجابة عن السؤال التالي:ما هو مفهوم الفينومينولوجيا لدى ميرلوبونتي؟ ١ - مفهوم الفينومينولوجيا عند ميرلوبونتي     لقد سعت فينومينولوجيا ميرلوبونتي أولا إلى إيجاد حل لمسألة الوعي؛ لأن فلسفات الوعي خصوصا لدى ديكارت و هوسرل، ترى أن الوعي يحمل موضوعات هي نتاج له، ففي الوعي لا يوجد إلا ما تس

الجنة \ محمد الصوياني

صورة
الجنة بالنسبة لي ليست مجرد حقيقة قادمة فقط، إنها المواعيد التي تم تأجيلها رغما عني.. والأماكن التي لا تستطيع الأرض منحي إياها، إنها الحب الذي بَخلت به الدنيا والفرح الذي لا تتسع له الأرض، إنها الوجوه التي أشتاقها.. والوجوه التي حرمت منها، إنها نهايات الحدود وبدايات إشراق الوعود، إنها استقبال الفرح ووداع المعانات والحرمان، الجنة زمن الحصول على الحريات، فلا قمع ولا سياج ولا سجون، ولاخوف من القادم والمجهول. الجنة موت المحرمات.. وموت الممنوعات.. الجنة موت السلطات.. الجنة موت الملل.. موت التعب.. موت اليأس.. الجنة موت الموت.. 

غراميات مرحة \ ميلان كونديرا

صورة
  تصوّرَ أنَّكَ صادفتَ مجنوناً وادَّعى أمامكَ أنَّهُ سمكة ،  وأنَّنا جميعاً سمك .  أتُراكَ تجادله ؟ أتُراكَ تتعرَّى أمامه لتقنعهُ بأنَّكَ لا تملك زعانف ؟ أتُراكَ تقول له صراحة ما تفكِّر فيه ؟ هيَّا قُل لي ! لو أنَّكَ قُلتَ لهُ الحقيقة فحَسْب ، واقتصرتَ على إخباره برأيكَ الحقيقي فيه ، فمعنى هذا أنَّكَ تُوافق على الخَوْض في نقاش جاد مع مجنون ، وأنَّكَ أنتَ نفسكَ مجنون كذلك . ينطبق هذا بالضَّبط على العالَم الذي يُحيط بنا ، فإذا أصرَّيت على أن تقول له الحقيقة بصراحة ، فهذا معناه أنَّكَ تأخذهُ على محمل الجَد . وأخْذُ شيء غير جاد على محمل الجَد معناهُ أنَّنا نفقد كل جدِّيّتنا . فأنا مُضطَّر للكذب لكي لا آخذ مجانين على محمل الجَد ، و كيْ لا أُصاب أنا أيضاً بالجُنون .

فراغ الوجود \ آرثر شوبنهاور

صورة
إن مشاهد حياتنا مثل صورٍ مصنوعة من فسيفساء خشنة، فإذا ما نظرنا إليها عن قرب لا يكون لها تأثير، ولا شيء جميل فيها، إلا إذا وقفت على بعد مسافة ما. ولذلك، فإن حصولنا على أي شيء نتوق إليه ينتهي بإكتشافنا كم هو فارغ وبلا فائدة. وعلى الرغم من أننا نعيش دوماً متوقعين أشياء أفضل، فإننا كثيراً ما نندم ونتوق إلى إستعادة الماضي مجدداً. إننا ننظر إلى الحاضر بصفته شيئاً يجب تحمله في أثناء استمراره، وعلى إنه ليس إلا طريقاً نحو هدف.  ولذلك فإن معظم الناس، إذا نظروا إلى الوراء بعد وصولهم إلى نهاية الحياة، يكتشفون أنهم كانوا دوماً يعيشون مؤقتاً، وسيتفاجؤون إذ يكتشفون أن الشئ ذاته الذي تجاهلوه، وتركوه يمر من دون أن يستمتعوا به، كان هو الحياة التي قضوا كل وقتهم يتوقعونها. كم إنسانٍ لا نستطيع القول عنه أن الأمل جعله أحمق حتى وصل راقصاً إلى يدى الموت !.

الفيلسوف المتوحد كير كجورد

صورة
  الفيلسوف المتوحد كير كجورد  كيركجورد فيلسوف دنمركي متصوف، نشأت فلسفته في حضن الدين، وتكونت بفضل تجربته الروحية الخاصة وعزلته النفسية العميقة. وهو واحد من أولئك الفلاسفة القليلين الذين استطاعوا أن يحيوا حياة العزلة والتفرد وأن يحتملوا ما يجيء مع هذه الحياة من قلق وجزع ولهفة. ولم يكن كيركجورد فيلسوفا يتخذ من الفلسفة صناعة له، أو عالماً لاهوتياً كل همه أن يشتغل باللاهوت، وإنما كان أولا وبالذات، إنساناً مشتعل الوجدان، مشبوب العاطفة، تشيع في نفسه سورة القلق، وتضطرم في باطنه جذوة الألم؛ يجتذبه العالم من ناحية، وتؤرقه الرغبة في القداسة من ناحية أخرى. وهو إلى هذا وذاك، إنسان غني في مواهبه، ثري في إيمانه، عميق في نظراته الصوفية. هو رجل متوحد انطوى على نفسه، وعاش حياة أقرب ما تكون إلى حياة الأنبياء، فاستطاع أن يتوصل إلى فلسفة مخالفة لكل الفلسفات التي كانت موجودة في عصره؛ فلسفة تعتبر وجود الذات هو وحده الحقيقي، وترى في عزلة الذات، الحقيقة الوحيدة الثابتة. أما النزعات الفلسفية التي كانت موجودة في عصر كيركجورد فقد نظر إليها فيلسوفنا نظرة معادية، واعتبر فيها (سقوطاً) للذات، ومن ثم فقد هاجم الفيلسو

فن العيش الحكيم \ آرثر شوبنهاور

صورة
  فن العيش الحكيم أنصح الإنسان بالحد من رغباته وشهوات نفسه ومطامعها، حيث أنه يجب على كل إنسان أن يستحضر حقيقة أنه مهما فعل فلن يحقق من رغباته إلا القليل، بينما المصائب والشرور في هذه الحياة لا تُعد ولا تحصى وهي من نصيب الجميع.  لذلك، على الإنسان أن يقتنع إقتناعاً راسخاً بهذه الحقيقة ويمارسها على الأرض : ازهد في الأشياء لتغلبها. هذه هي القاعدة الذهبية التي لن تنفعك ثروة ولا سلطة إن فرّطت فيها، فإن من يفرّط في زهده للأشياء سيقذف نفسه في أتون حياة من أبئس ما يكون.

ما هو الوعي؟ هنري برجسون

صورة
  إنك تعتقد تماماً أنني لن أعرف شيئاً بمثل هذا التحديد الضيق وبمثل هذا الحضور الدائم أمام تجربة كل منا . ولكن دون إعطاء تحديد للوعي أقل وضوحاً منه ، أستطيع أن أميزه بسمته الأكثر بروزاً : الوعي يعني قبل كل شيء الذاكرة . قد تفتقر الذاكرة الى الإتساع ، وقد لا تشمل إلا قسماً من الماضي . وقد لا تحفظ إلا ما حصل من قريب . ولكن الذاكرة تكون موجودة والا لا يكون الوعي موجوداً فيها . فالوعي الذي لا يحفظ شيئاً من ماضيه والذي ينسى ذاته باستمرار يتلف ثم يولد في كل لحظة : والإ كيف يمكن تعريف اللاوعي بغير هذا ؟ عندما قال (ليبنتز) أن المادة " هي روح آنية " ، ألم يصرح بقوله هذا عن قصد أم عن غير قصد ، إنها غير حساسة وإنها لا تعي ؟ كل وعي هو ذاكرة إذا : احتفاظ وتراكم الماضي في الحاضر . ولكن كل وعي هو استباق للمستقبل . أنظر الى توجه فكرك في أية لحظة : نجد أنه يهتم بما هو قائم ، إنما من أجل ما سوف يكون . إن الانتباه هو انتظار ، ولا يوجد وعي ، بدون انتباه للحياة . المستقبل ، هناك انه يدعونا بل إنه يجرنا اليه : وهو الجر الذي لا ينقطع ، والذي يجعلنا نتقدم فوق طريق الزمن هو أيضاً دافع يدفعنا الى التحر

Fight club

صورة
  يدور أفق المفكرون حالياً في البحث عن ماهية الإنسان، وكيف أصبح الفرد في عصور ما بعد بعد الحدثاوية، يركض وراء المنتجات الجديدة التي أفرزتها المجتمعات الصناعية الجديدة، من تقنية حديثة، وٱليات غير مسبوقة، لتحول الكائن البشري فيصير إنسان ذو بعد واحد كما قال هربرت ماركوز. بعد فترة الحرب العالمية الثانية، بدأت تفرز هذه الحقبة الابتكارات، المبنية على عولمة كل شيء، وتسير هذا الأمر وفقاً للبضاعة التي تريد تصديرها لشعوب العالم المختلف، وأصبحت ماهية هذا الإنسان الأحادي تتحدد بواسطة الأشياء التي يشتريها، مثل سيارة جديدة، أريكة جديدة، فالعلامات التجارية هي من تضع قيمة البشر داخل المجتمع. ونتيجة لما حدث، صار الإنسان يعاني من مشاكل نفسية كالأرق والفصام، وغير قادر على فعل شيء، فهو بحاجة لأن يثور على واقعه الذي خلقته هذه المركبات الحديثة، ويستعيد ماهيته المفقودة، يعيش، ويشعر، ويفكر، ويعرف بأنه يحيى إذاً فهو إنسان (على مبدأ الكوجيتو الديكاراي أنا أفكر إذاً أنا موجود)، والمجتمع الاستهلاكي اليوم يعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي والتراهات التي تقدمها لتسيطر على حياة الإنسان بمختلف جوانبها. يرى اريك فروم

فن العيش الحكيم \ آرثر شوبنهاور

صورة
  إن المرء يقتنع اقتناعاً راسخاً بخيار العزلة بعد تأكده بالبراهين المتتالية من أن الحياة العقلية والأخلاقية للغالبية العظمى من الناس شديدة البؤس والإنحدار. وأسوأ ما فيها نواقصهم العقلية والنفسية التي تتجمع لتُخرج إلى حيز الوجود ظواهر بشرية تشمئز منها النفوس وتقشعر لها الأبدان وتجعل أي اختلاط بهم أمراً لا يُطاق.

من رسائل الأديب الانجليزي جورج برنارد شو إلى حبيبته كشاريل

صورة
العالم مكان قاسٍ جداً على الذين يشعرون بكل شيء بكل قوة مثلي، على الذين لا يعرفون كيفية التخلي، والذين لا يعرفون كيفية النوم ليلاً اثر ثقل خيبات الصباح، الذين يملون من كل شيء إلا من الشيء الوحيد الذي يمل منهم كل مرة في النهاية، الذين يتحدثون بسرعة، أو لا يتحدثون على الاطلاق، الذين لا يحبون الخطط، ولا يعرفون الرد على الهاتف، الذين يحبون بكل صدق كل ما لا يستحق، كل مرة، ولا يتعلمون ! الذين يتم جرحهم بكل سهولة ويتم البوح بذلك بكل صعوبة، الذين يحملون خيباتهم داخل جيوب معاطفهم القديمة، والذين يلبسون نفس الجينز كل يوم، الذين يحبون المشي ويكرهون الركض لأنهم ركضوا كثيراً، وراء الكثير، بطرق غير مباشرة. العالم مكان قاسٍ جداً، وأنا اصبحت مثله تماماً يا كشاريل.  

المرأة والعاطفة الشخصية

صورة
  يبدو لنا ، اذا اصغينا إلى الرجال العاديين، انهم يجعلون حياتهم تدور حول ما قد تسميه النساء "الكلمات العظيمة": "الشرف"، و"الواجب"، و"العمل"، و"الأخلاق"، و"المنطق"، و"العقل"، الخ.  وبالاختصار، يجعل الرجال العاديون حياتهم تدور حول سلسلة من المجردات.  وهكذا ينظر العديد من الرجال إلى الوجود على انه منصّب في ضرب من القالب العام، المفروض من الخارج. ثم يحاولون أن يمتثلوا له امتثالا ليس بالجيد ولا بالسيئ.  بل إنهم يمتثلون في أغلب الأحيان امتثالا أكثر سوءاْ مما هو جيد، ذلك ان المرء يمكن ان يكون علئ يقين بأن أي رجل يتكلم على الشرف والواجب، فيقول "شرفي"، و"واجبي"، يحتفظ في رأسه بالعمومية المقننة.  ومع ذلك، ليس لأي مجرد قيمة إنسانية إلا جعله كل فرد متلائما مع أناه الشخصية.  فمن المتعذر ان يحس شخصان بشيء واحد عندما يتكلمان على الشرف، أو على أي موضوع آخر من النوع ذاته.  ولن تستخدم أي امرأة على الاطلاق هذه التعبيرات العامة، الجاهزة، التي تتصف بأنها، بالنسبة إليها، فارغة من المعنى.  وتنظر المرأة مندهشة إلى الرجال

الرواقيّة \ ميشال أونفري

صورة
إنّ الرواقيّة في الحقيقة فلسفة تجعل الإنسان متواضعا لأنها تُعيده إلى مكانه، الذي يظل تافها، في مواجهة رحابة الكوسموس وانفجاراته التي تُشبه انفجارات عُظمى (big-bangs) تَلِيهَا انبعاثات !  فموتنا ليس بأهم من سقوط ورقة في مساء خريفي. ولا ولادتنا تكتسي أهمية أكبر من ولادة ذبابة. كما أن حياتنا لا تتملك قيمة أكبر من قيمة حياة كلب ضال. إنّ إلقاء نظرة بسيطة على درب التبّانة اليوم كفيل بإقناعنا بذلك.  ترجمة \ يوسف اسحيردة  

لماذا نعجب بمسرح العبث؟ د.علي خليفة

صورة
  حين ظهرت أوائل مسرحيات العبث على يد بعض الكتاب خاصة صمويل بيكيت ويوجين يونسكو توقع كثير من النقاد أن هذه الموجة من الكتابة المسرحية لن تستمر طويلا، وسيملها الجمهور سريعا، وأنها ستنتهي، ولن يكون لها أثر خلال وقت قليل، ولكن ما حدث بعد ذلك كان خلاف ذلك تماما، فلقد انجذب جمهور كبير لمسرح العبث، ومال بعض الكتاب ذوي الكتابات الواقعية والأسلوب الكلاسيكي في الكتابة لذلك النوع من المسرح، وما زال مسرح العبث يلقى إعجابا من القرّاء والمشاهدين له، لا سيما تلك المسرحيات المهمة التي كتبها كبار كتاب مسرح العبث، ولاقت نجاحا كبيرا حين عرضها، وما زال بعضها يلقى نفس النجاح عند عرضه، وذلك على الرغم من ظهور تيارات مسرحية ظهرت بعد ذلك، كمسرح الغضب، وتيارات أخرى تجعل التجريب هدفها، وتضعف سلطة النص على حساب سلطة العرض المتمثّلة في قدرات المخرج وجماعة الممثلين، ومن يقوم بالسينوغرافيا. وسأحاول هنا أن أعرض الأسباب التي تجعلنا نعجب بمسرح العبث، ونستمر في إظهار إعجابنا وانبهارنا به. أولا: ما في مسرح العبث من كسر لتقاليد المسرح العتيقة والثورة عليها وكتاب مسرح العبث يَرَوْن أن المسرح قبلهم كان نوعا من المحاكاة وال

مفتاح تخفيف الألم المزمن موجود بالدماغ

صورة
  مفتاح تخفيف الألم المزمن موجود بالدماغ(دارات الالم داخل الدماغ).. تلك الكلمات أوردها "جون كابات زين" -الأستاذ المتقاعد بكلية الطب في جامعة ماساتشوستس- في كتابه "حياة كارثية بالكامل" (Full Catastrophe Living)، ملخصًا تلك العلاقة الأبدية بين الإصابة بآلام جسدية والشعور باضطرابات نفسية تجعل الشخص يسير في طريق "أحلى ما فيه أمر من الصبار"، مشددًا على ضرورة "استخدام الشخص للحكمة الموجودة في جسده وعقله لمواجهة الضغوط العصبية والآلام والأمراض". في السياق ذاته، تشير نتائج دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعتي "كاليفورنيا" و"ستانفورد" الأمريكيتين، ونشرتها دورية "نيتشر نيوروساينس" (Nature Neurscience)، إلى أن مفتاح تخفيف الألم المزمن موجود في الدماغ، مشددةً على أن "استكشاف الدوائر الدماغية التي يحدث فيها تغيير عند حدوث الألم قد يُسهم في تطوير علاجات تستهدفها لإيقاف الشعور بالألم". وفي تلك الدراسة، كشف العلماء عن فئة من الخلايا العصبية تنقل إشارات اللذة والألم على السواء عبر "دائرة دماغية واحدة"، يبدو وكأن وظ

اللّامأمول \ كريستيان بوبان

صورة
  إنّه قذرٌ، حتّـى عندما يكون نظيفًا. يغطيّه الذّهب والفضلات البشريّة والأطفال وقدور الطبخ. يبسط سلطته في كلّ مكان، كما لو كان ملكا بدينًا وسـِخًا، لم يبق لديه شيء يحكمهُ بعد أن غزا كلّ شيء، وسمّم الأخضر واليابس بقذارته الفطريّة. لا أحد يستطيع مقاومته. وبفضل جاذبيّته الأبديّة إلى القاع، وإلى حُلكة الوقت الثّقيل، يبسطُ سلطته. يُسكّن الآلام في السّـجون. ويعمل بشكل دائم في بعض أجنحة مستشفيات الأمراض العقليّة.  في هذه الأماكن، يجدُ مكانه المناسب: لا ننظر إليه، ولا نستمع إليه. نتركه مثرثرا في الرّكن، ونترك أمامه أولئك الّذين لم نعد نعرف ماذا نفعل بهم، فالأيّام في المستشفيات، كما هو حالها في السّجون، أطول من أن تكون مجرّد أيّام، ولذلك يجب قضاؤها بطريقة مّا، كأن نكلّفه بحراسة مختلّي العقول والسّـجناء والمسنّين المنسيّين في دور العُجّز. وبما أنّه أقلّ كرامة من هؤلاء النّاس الّذين ذبحهم خريف العُمر واختارت القوانين أو الطبيعة أن تجعل منهم ضحاياها، فهو مستغرق على الدوام في سخريته من هذه الكرامة الّتي يفتقر إليها. إنّهُ سعيد بعمله، عمله الّذي يتلخّص في تلويث الألم الموكول إليه وفي ردم كلّ شيء في

الإنسان المستلب \ إيريك فروم

صورة
  يكره الإنسان عمله لأنه يقود إلى الشعور بالسجن... إنني مشغول دائما، إما أنني أعمل وإما أنني ألهو. ليست هناك ضرورة لكي أكون واعيا، لأنني مشغول على الدوام بالاستهلاك. فأنا نَسَق من الرغبات ومن تحقيقها. لابد أن أعمل لكي أحقق رغباتي، التي يقودها الاقتصاد باستمرار...  يشعر هذا الإنسان المُغَّرب المعزول بالخوف، ليس فقط لأن التغرب والعزلة يخيفان، لكن لسبب آخر خاص. إن النظام الصناعي البيروقراطي...، يُشعِر بالخوف في المقام الأول بسبب التناقض بين كبر المقاولة وصغر الفرد. من هنا فإن الشعور بعدم الأمن العام يؤدي إلى الخوف، الذي يُغرَس في كل واحد منا تقريبا. فأغلبية الناس موظفون، وبالتالي فإنهم تابعون لرؤسائهم البيروقراطيين. لم يبيعوا قوة عملهم فقط، بل يبيعون في المزاد العلني شخصيتهم (ابتساماتهم، أذواقهم وحتى صداقاتهم). يخونون أصالتهم دون أن يكونوا على يقين ما إذا كان بإمكانهم الصعود في السلم الاجتماعي أم التعرض للفقر، للعار وللفضيحة. فعلى الرغم من الرفاهية فإن المجتمع الصناعي البيروقراطي هو مجتمع جبناء وأناس خائفين. إن الإنسان الذي أصبح شيئاً هو إنسان جبان، ليس له أي إيمان ولا أية قناعة ولم يعد ب

يجب على الفلسفة أن تعود الى الشارع \ ميشال أونفري

صورة
يجب على الفلسفة أن تعود الى الشارع وتخرج إلى الناس حيث تنتمي، وحيث كانت تنتمي في العصور القديمة. لاحظ كيف تزدحم أعمال افلاطون بالناس، السمّاكين، الاسكافيين، المومسات المارات الخ. الفلسفة لا تخص مشرعين يقرأون الكتب المعينة ويتفلسفون خلال وقت دوامهم. أن تكون فيلسوفا يعني أن تتفلسف طوال الوقت: هذا هو التقليد الأنتيكي الذي أود العودة إليه والذي للأسف أخذ في التلاشي بعد صعود المسيحية. يجب القول إنني لا أعتبر أن المسيح كان شخصية تاريخية على الاطلاق- المسيح هو شخصية تبلورت في خيال الإنجيليين الذين لم يعرف كتّابها يوما المسيح، وبهذا خنق آباء الكنيسة الفلسفة التي دارت حول لحم هذا الشخص ودمه فصارت تمرينا وبحثا مجنونا في تفاصيل عجيبة، حيث تأتى عليهم إثبات تلك العجائب مثل الثالوث، القيامة والولادات العذرية. هكذا نحصل على ما يزيد عن عشرة قرون من الفلسفة رُسمت انطلاقا من الرغبة في إضفاء الشرعية على شيء لا يمكن إقراره. فلسفة الجامعات التي نعرفها هي تطوير لتقليد علم المسيحية لذا عندما تتحدث عن فيلسوف فرنسي- النظرية الفرنسية كما يقول الأمريكيون، وأعني فلاسفة مثل دولوز، غاتاري، ديريدا وليوتار الخ – فذلك