يموتُ كلٌ منا وحيدًا و كاملا



يموتُ كلٌ منا وحيدًا و كاملا ، حقيقتانِ ترفضهما الأغلبية ؛ لأنّ الأغلبيةَ تناُم كلَّ الوقتِ الذي تحياهُ وتخشى أنْ تستيقظَ لحظةَ الهلاك .
العزلةُ هي إحدى مدارسِ الموتِ التي لنْ يصلها العاميُّ أبدًا ، الكمالُ لا يكونُ خارجها ، بل هو أحدُ جوائزِ العزلة . و إذا كانَ لابدَّ منْ تقسيمِ البشر ، فهم ينقسمونَ إلى ثلاتِ أنواع : المسرنمون ، وهم وحدة ؛ و العقلاءُ و الحساسونَ وحدةٌ أخرى ، إنهم أولئك الذين يعيشونَ حياتهم على جبهتين ، و الذين - رغم علمهم بما ينقصهم - يبحثونَ عمَّا هو بعيدُ المنالِ و لنْ يجدوهُ أبدًا ؛ ثم الروحانيون ثنائيو الولادة ، الذين يتجهونَ نحوَ الموتِ بخطواتٍ متساوية ، ليموتوا في نفسِ الوقتِ وحيدينَ و كاملين . لا يختارونَ الزمانَ ولا المكانَ و لا الطريقة ، معلنينَ بذلك رفضهم للطوارئِ و الإحتمالات .
إن المسرنمين همُ الوثنيون ، العاقلونَ و الحساسونَ هم المؤمنون ؛ أما الروحانيون ثنائيو الولادة ، فهم يعشقونَ ما لا يقدر على تخيّلهِ الأوائل ، و ما لنْ يستطيعَ تصوّرهُ العاقلاء الحساسون ، إنّهم بشرٌ كاملونَ و هكذا لن يذهبوا بحثًا عمَّا وجدوه ، بل و لنْ يحبوه ، لأنهُ يكمنُ بداخلهم .

- ألبير كامو

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معضلة القطار...علم الأخلاق

كلُّه نكتة كونيّة \ روبرت أدمز

معضلة سفينة ثيسيوس

الحياة \ فريدريك نيتشه

قرد في الأكاديمية \ فرانز كافكا

شجاعة الحكمة بين الخوف والرغبات

لماذا لا يمكن تخطيط العظمة؟ Why Greatness Cannot Be Planned

عصر الفراغ \ جيل ليبوفتسكي

الأبعاد الفلسفية لفيلم أنا لا أكذب .. ولكني أتجمل

أوهام العقل... صراع الذاكرة وألزهايمر في رواية هولندية