مذكرات الأرقش - ميخائيل نعيمة
يقول ميخائيل نعيمة عن مذكرات الأرقش :إن لغة هذا الكتاب ليست كأي لغة .. بل هي كما قال الأرقش نفسه :
“إنها أوسع اللغات وأجملها، وأبسطها. تلك هي لغة الأفكار والقلوب. أما لغة الشفاة والألسنة، فسلم يصعد به البشر إلى لغة الأفكار والقلوب .. فأبعدهم عنها أكثرهم قواعد وأدناهم من أسفل السلم.
وأقربهم منها أقلهم قواعد وأعلاهم في السلم”….
والأذكى من الأرقش كاتب الأرقش فلغة ميخائيل لغة أخرى، هي لغة الصمت …تلك اللغة التي تبصر من خلالها ما لا تبصره العين وما لا تسمعه الأذن حيث قال الأرقش عن نفسه ( أدركت حلاوة السكوت ولم يدرك المتكلمون مرارة الكلام
لذلك سكت والناس يتكلمون)
فيوميات الأرقش فيها من العبقرية والتساؤلات الوُجودية/الروحانية.
و لها نصيب من الأدب وعلم النفس والإجتماع وفيها فهم عميق للمبادئ الإنسانية، والحرية(وتطرق فيها عن العادات، والتقاليد، والموت، والعزلة، والحب، والحزن، والفرح، والكلام، والصمت، والعجز، والوطن، والروح، والمادة).
وفي اليوميات تأملات صافية نقية رأيت من خلالها كيف يكون الصمت نجاة وحكمة وكيف يكون الصمت هو المنقذ والصاحب يقول الأرقش ( البشر يهربون من السكوت والتأمل فأنى لهم أن يدركوا الله ؟)
والحقيقة أني جلست أفكر في هذه العبارة رغم بساطتها ولكنها تحمل عمقاً في المعنى فلو أدركنا حاجة السكوت والصمت لكنا من الله أقرب فكثرة الكلام ملهاة للفكر ومجهدة للعقل بما لا ينفع و تذكرت قول أحكم البشر رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )
وأكثرُ ماشدني في لغة اليوميات تركيزه على الصمت ولذة الصمت و كيف يكون الصمت عين آخرى للحياة
فالصمت سمة للمتقين فإما أن يؤدي الحق الذي على لسانه من النطق بما يجب عليه، أو فليصمت عما لا يعنيه.
في اليوميات كان الصمت صاحب الارقش وصاحبي الذي قادني الى تأملات فكرية روحية
ورأيت في اليوميات كيف يكون الفكر ولادة جديدة للإنسان كما يقول الارقش (مادمت فكرا متجسدا لا جسدا مفكرا فأنا في كل لحظة، أو أقل منها إنسان جديد أما جسمي وإن تغير فتغيره بطيء والخشبة التي نخرها السوس لاتعود صقيلة )
تحدث عن الوطنية حيث قال (الأرض ماكانت يوما ولودا حمقاء تلد فوق مافي استطاعتها أن تحضن وأن تغذي ولكن الناس ورثوا في الأرض ميراثاً مشتركا فلم يتركوه مشتركاً بل اقتسموه ولا يزالون في خلاف على القسمة..ولئلا يقال أنهم يتنهاشون كالكلاب على عظمة ابتدعوا (الوطن وحب الوطن وشرف الوطنية ).
أظن أن يوميات الارقش من الكتب التى ستكون قريبة جداً مني
وأختم بقول الارقش الناس قسمان: متكلمون وساكتون.
أنا قسم الإنسانية الساكت. ومابقي فمتكلمون. أما البكم والرضع فلغاية ختمت الحكمة الأزلية على أفواههم فلا يتكلمون. في حين أني ختمتُ على فمي بيدي..”
تعليقات
إرسال تعليق