لقد شاخ العالم وكثرت تجاعيده \ فان جوخ
لقد شاخ العالم وكثرت تجاعيده ...
عزيزى ثيو:
إلى أين تمضى الحياة بى؟ ما الذى يصنعه العقل بنا؟ إنه يفقد الأشياء بهجتها ويقودنا نحو الكآبة...
إلى أين تمضى الحياة بى؟ ما الذى يصنعه العقل بنا؟ إنه يفقد الأشياء بهجتها ويقودنا نحو الكآبة...
إننى أتعفن مللا لولا ريشتى وألوانى هذه، أعيد بها خلق الأشياء من جديد.. كل الأشياء تغدو باردة وباهتة بعدما يطؤها الزمن.. ماذا أصنع؟ أريد أن أبتكر خطوطا وألوانا جديدة، غير تلك التى يتعثر بصرنا بها كل يوم.
كل الألوان القديمة لها بريق حزين فى قلبى. هل هى كذلك فى الطبيعة أم أن عينىّ مريضتان؟ ها أنا أعيد رسمها كما أقدح النار الكامنة فيها.
فى قلب المأساة ثمة خطوط من البهجة أريد لألوانى أن تظهرها، فى حقول (الغربان) وسنابل القمح بأعناقها الملوية. وحتى (حذاء الفلاح) الذى يرشح بؤسا.. ثمة فرح ما أريد أن أقبض عليه بواسطة اللون والحركة... للأشياء القبيحة خصوصية فنية قد لا نجدها فى الأشياء الجميلة وعين الفنان لا تخطئ ذلك.
اليوم رسمت صورتى الشخصية ففى كل صباح، عندما أنظر إلى المرآة أقول لنفسى:
اليوم رسمت صورتى الشخصية ففى كل صباح، عندما أنظر إلى المرآة أقول لنفسى:
أيها الوجه المكرر، يا وجه فانسان القبيح، لماذا لا تتجدد؟
أبصق فى المرآة وأخرج...
أبصق فى المرآة وأخرج...
واليوم قمت بتشكيل وجهى من جديد، لا كما أرادته الطبيعة، بل كما أريده أن يكون:
عينان ذئبيتان بلا قرار، وجه أخضر ولحية كألسنة النار، كانت الأذن فى اللوحة ناشزة لا حاجة بى إليها.
أمسكت الريشة، أقصد موس الحلاقة وأزلتها.. يظهر أن الأمر اختلط على، بين رأسى خارج اللوحة وداخلها... حسنا ماذا سأفعل بتلك الكتلة اللحمية؟
أرسلتها إلى المرأة التى لم تعرف قيمتى وظننت أنى أحبها.. لا بأس فلتجتمع الزوائد مع بعضها.. إليك أذنى أيتها المرأة الثرثارة، تحدثى إليها... الآن أستطيع أن أسمع وأرى بأصابعى. بل إن إصبعى السادس (الريشة) ليستطيع أكثر من ذلك: إنها ترقص وتداعب بشرة اللوحة...
أجلس متأملا:
لقد شاخ العالم وكثرت تجاعيده وبدأ وجه اللوحة يسترخى أكثر... آه يا إلهى ماذا باستطاعتى أن أفعل قبل أن يهبط الليل فوق برج الروح؟ الفرشاة. الألوان. و... بسرعة أتداركه: ضربات مستقيمة وقصيرة. حادة ورشيقة.. ألوانى واضحة وبدائية. أصفر، أزرق، أحمر.. أريد أن أعيد الأشياء إلى عفويتها كما لو أن العالم قد خرج توًا من بيضته الكونية الأولى.
لقد شاخ العالم وكثرت تجاعيده وبدأ وجه اللوحة يسترخى أكثر... آه يا إلهى ماذا باستطاعتى أن أفعل قبل أن يهبط الليل فوق برج الروح؟ الفرشاة. الألوان. و... بسرعة أتداركه: ضربات مستقيمة وقصيرة. حادة ورشيقة.. ألوانى واضحة وبدائية. أصفر، أزرق، أحمر.. أريد أن أعيد الأشياء إلى عفويتها كما لو أن العالم قد خرج توًا من بيضته الكونية الأولى.
تعليقات
إرسال تعليق