الوهم _ إميل سيوران، «السقوط في الزمان»، فصل «الشكّاك والبربري»
بعد عِشرة طويلة مع الشك، تصيرُ إلى شكل معين من الكبرياء: إنك لا تعتقد بأنك موهوب أكثر من الآخرين، إنما تعتقد بأنك أقل سذاجةً. حتى لو كنت تعرف أن فلانًا ذو مَلَكَات ومؤهلات تبدو هذه الخاصة بك بإزائها تافهةً، فإن هذا لا يشكل لديك أي فرق – إنك ستعتبره شخصًا، [إذ هو] غير ملائم لجوهري، وَحِلًا في اللا جدوى. حتى لو كان قد خاض في بلايا لا عدّ لها ولا اسم، فإنه سيبدو لك على الرغم من ذلك قد فشل في مجابهة الفريد، في مجابهة الخبرة الأساسية التي حزتها من الموجودات، من الأشياء، من الحياة. الطفل، الأطفال كافة، غير قادر على رؤية ما رأيته أنت وحدك، أنت، أكثر الفانين تحرّرًا من الوهم، دون أوهام بالنسبة إلى الآخرين وبالنسبة إلى نفسك. غير أنك ستستبقي وهمًا واحدًا على أي حال: ذلك الوهم المحكم والمتأصل في أن ليس لديك أي وهم. لن يمكن لأحد أن يخلّصك منه، إذ لن يكون لأحد في عينيك استحقاقُ أن يكون محرّرًا من الوهم بقَدْرك. مواجِهًا كونًا من المغفلين، فإنك سترى إلى نفسك متوحّدًا، مع عاقبة أنك غير قادر على فعل شيء لأيٍّ كان، كما لا يقدر أحد على فعل شيء لك.
_إميل سيوران، «السقوط في الزمان»، فصل «الشكّاك والبربري»
_إميل سيوران، «السقوط في الزمان»، فصل «الشكّاك والبربري»
تعليقات
إرسال تعليق