لا يقول الأدب شيئًا لمن هم راضون بما لديهم
" لا يقول الأدب شيئًا لمن هم راضون بما لديهم، لمن يرون الحياة بما يعيشونها الآن. الأدب هو قوت الروح المتمردة، هو إعلان عدم الانقياد، هو ملجأ لمن لديهم القليل جدًا أو الكثير جدًا في الحياة. " ماريو بارغاس يوسا
بين الكم و الكيف، سأختار دائما الكيف. لطالما كانت هذه قاعدتي التي لازمتني في كل مشاهاداتي و قراءاتي، هذا مع كامل احترامي لكل الأصدقاء المحظوظين الذين استطاعوا أن يجمعوا كلاهما. ولقد استطعت بعد عام سابق انكببت فيه على الأدب الروسي الشامخ أن أوسع الدائرة الى باقي الدول و أستكشف ثقافات و أقلام أخرى سطع نجمها في سماء الأدب.
هذه قائمتي لأفضل خمسة روايات قرأتها عام 2019 مع تعليق شخصي ..
اسم الوردة لأومبرتو ايكو: كل أحرف وكلمات اللغة عاجزة عن الاحاطة باحساسي و امتناني العميق لكاتب هذه الرواية، ربما لو كنت أستطيع العزف لاستطعت ان انقل لكم أحاسيسي بدقة أكثرولكن دعوني أحاول. هذه رواية تأخذ كل ما هو جميل في الكليشيه و تحوله بلمسة معلم الى شيء غير تقليدي، ستأخذك في البداية من يديك لتريك الطريق و تطلعك على السياق التاريخي و الثقافي للحكاية، و عندما تعتاد نصائح غوليامو للمبتدئ أدسو، ونقاشات الرهبان الفلسفية و تحاول على طريقتك حل لغز المكتبة المحير، ستأتي النهاية لتترك في داخل قلبك جرحا قد لا يندمل أبدا.
-----------
قصة مدينتين لتشارلز ديكنز: قلة هي تلك الشخصيات الأدبية التي استطاعت بعبقريتها أن تجعل من اسمها وصفا نصف به الحبكات التي نجابهها و الأحداث التي نعيشها في حياتنا، من بين تلك القلة نستطيع أن نذكر جورج أورويل .. و تشارلز ديكنز. هذه روايتي الأولى له و لن تكون باذن الله الأخيرة.
-----------
على الطريق لجاك كيرواك: كشخص يحب السفر وسبق له أن قرأ الكثير من المقالات عن التخييم و المغامرات في البرية و يضع ضمن أحلامه العديدة السفر حول العالم، صادفت رواية على الطريق على الويب في العديد من المرات، لذا عندما صادفتها مجددا على أرض الواقع في مكتبة بجانب منزلنا اعتبرتها هدية من السماء. هناك مشهد في الرواية ما زلت أتذكر شعوري و احساسي عند قراءته الى الان، يأخذ التعب من الصديقين دين و سال كل مأخذ، فيوقفان سيارتهما المتاكلة على جانب الطريق و يستسلمان للنوم تحت قرصات الذباب المكسيكي، في تلك اللحظة سيصبحان و الطقس شيءا واحدا، أن تستطيع الهروب من تملك الجسد و لو لبرهة .. ذلك هو النعيم و ما فيها.
-----------
لوليتا لفلاديمير نابوكوف: يقول أوسكار وايلد أنه لا توجد كتب أخلاقية و كتب غير أخلاقية، و انما هناك كتب جيدة و كتب رديئة، و يضيف في سياق اخر أن الكتب التي يسميها المجتمع - غير أخلاقية - هي التي تظهر للعالم بكل صدق وجهه القبيح. أوسكار عانى الأمرين بسبب مشكلة كان يعتبرها المجتمع الانجليزي في ذلك الزمان غير أخلاقية، و التي بسببها دخل للسجن مما أدى الى وفاته المبكرة. مثل هذه التحجيمات الغبية أضاعت علينا موهبة متفجرة، و كانت ستضيع علينا لولا لطف الأقدار رواية بعبقرية لوليتا، التي أعتبرها أعظم دراسة نفسية قرأتها هذا العام (الذي قرأت فيه أيضا روايتين لدوستويفسكي!)
-----------
العنبر رقم 6 لتشيخوف: ليس لدي ما أقوله أو أضيفه عن تشيخوف، فلقد قيل في حقه الكثير، لهذا سأكتفي بمشاركة الثوري لينين في احساسه عند انتهائه من قراءة هذه الرواية القصيرة :
" لم أستطع البقاء في حجرتي بعد أن قرأت هذه القصة ، فنهضت وخرجت إلى الطريق وأنا أشعر بأنني حبيس تماماً في العنبر رقم 6".
تعليقات
إرسال تعليق