واصل/ محمد زياد الترك / شاعر وكاتب أردني







عندما تَطَلقت أمي ورحلت في حال سبيلها أجبرنا والدي على عدم زيارتها وكانت الأيام كفيلة بأن أنساها وأعتاد على زوجة الأب السيئة ..
أخي الذي كان يغيب عن المنزل لليلةٍ أو اثنتين
لم يأبه حين يعود للعقاب الذي ينتظره ومع الكثير من الركل والصفع كان يتظاهر .. أنه فاقد للوعي .
فينفذ من الاعتراف عن مكان غيابه .
كنت صديق أخي الوحيد مع ذلك لم يخبرني أيضًا أين كان يقضي الأيام التي يغيبها .
ربما لأني كنت جبانآ وأخاف من ظلي .
يومآ أتذكر أنه دام على غياب أخي أكثر من ثلاث أيام ..
وكان والدي يشتاط غضبًا ولكثرة ما أغدقت زوجة أبي على رأسه بخصوص أخي
توعد أبي أنه سيتسبب لأخي بموتآ مؤقتآ من شدة الضرب هذه المرة ..
وما هي إلا ساعة واحدة .. وكان أخي ممددآ على أرضية الغرفة ..
غارقًا بدمائه بلا حراك ..
مات أخي ..حينها أدركت أن الوحدة كفيلة أيضًا بجعلي أنساه هو الآخر أو أتناساه
وفي ليلةٍ باردة كنت أبعثر بين أغراض أخي ..
فوجدت تحت وسادته رسالة
رسالة خائفة قال فيها :
" واصل زيارة أمنا .. فهي عمياء ..
ولن تفرق بين صوتك وصوتي .. واصل رعايتها .. حتى لو كنت تحت التعذيب ..
لكن لا تشعرها أبداً أن أحدنا قد رحل ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معضلة القطار...علم الأخلاق

كلُّه نكتة كونيّة \ روبرت أدمز

معضلة سفينة ثيسيوس

الحياة \ فريدريك نيتشه

قرد في الأكاديمية \ فرانز كافكا

شجاعة الحكمة بين الخوف والرغبات

لماذا لا يمكن تخطيط العظمة؟ Why Greatness Cannot Be Planned

عصر الفراغ \ جيل ليبوفتسكي

الأبعاد الفلسفية لفيلم أنا لا أكذب .. ولكني أتجمل

أوهام العقل... صراع الذاكرة وألزهايمر في رواية هولندية