إميل سيوران«السقوط في الزمان»




«ما جدوى تعجّبنا، نَدَمنا؟ ألسنا نبصر المظاهر الزائفة في كل مكان تظفر على الجوهر، والاضطراب على السكينة؟ ألا يلوح علينا أننا نشهد عذابات الاحتضار لهذا الحصين إزاء الهلاك؟ كل خطوة قُدُمًا، كل شكل من الدينامية، يستتبع شيئًا إبليسيًّا: "التقدم" هو المكافئ الحداثي للسقوط، النسخة الدنيوية للَّعن [بإزاء اللعن أو الإدانة المسيحية]. ومروِّجونه هم هؤلاء الذين يعتقدون به - بتعبير آخر: نحن جميعًا، إذ أي شيء نحن سوى جيش المحكوم عليه باللعنة، المحتوم بالكريه، بهذه المَكِنات، بهذه المدن التي لا يمكن أن يخلّصنا شيء منها سوى كارثة شاملة؟ وحينها، لمرة واحدة وإلى الأبد، ستتسنى الفرصة لاختراعاتنا كي تثبت جدواها وترد الاعتبار إلى نفسها في أعيننا. إذا كان "التقدم" شرًّا جسيمًا، فما لنا لا نفعل شيئًا كي نحرر أنفسنا منه دونما مزيد من التأخير؟ ولكن أنريد ذلك حقًّا؟ أليس الأحرى أن لا نريد هو قدرنا؟ في ضلالنا، "الأفضل" هو ما نريده، هو ما نهتمّ بحيازته: كل سعيٍ ضروسٍ، في أي بقعة، مناقض لسعادتنا. المرء لا "يكمل" نفسه ولا "يتقدم" دون دفع ثمن ذلك. الحركة -كما نعلم- هرطقة: وهي إنما لهذا على وجه الدقة تغوينا، وترانا ننغمس فيها ونفضّلها، على نحو فاسد لا سبيل إلى إصلاحه، على أرثوذكسية السكون».

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلُّه نكتة كونيّة \ روبرت أدمز

رسالة دوستويفسكي إلى اخيه ميخائيل بعد أن نجى من الاعدام بأعجوبة

قبل بزوغ الشمس \ فريدريك نيتشه

الإرتباك الوجودي الذي ينجم عن حالة الملل

على الطريق \ فريدريك نيتشه

قرد في الأكاديمية \ فرانز كافكا

كتاب مت فارغا \ تود هنري

هل الوعي حرٌّ؟ آناكا هاريس

الجمر البري \ نيكيتا جيل

تجنب الألم \ فيليب فان دان بوسش