أناشيد الإثم والبراءة \ د/ مصطفي محمود


 

لقد جربت حيازة كل شيء فما ازددت إلا فقراً .. 

وكلما طاوعت رغائبي ازدادت جوعاً و إلحاحاً و تنوعاً ،  حينما طاوعت شهوتي إلى المال ازددت بالغنى طمعاً وحرصاً ، و حينما طاوعت شهوتي إلى النساء ازددت بالإشباع عطشاً و تطلعاً إلى التلوين و التغيير .. 

وكأنما أشرب من ماء مالح فأزداد على الشرب ظمأً على ظمأ ..

و ما حسبته حرية كان عبودية و خضوعاً للحيوان المختفي تحت جلدي ثم هبوطاً إلى درك الآلية المادية و إلى سجن الضرورات و ظلمة الحشوة الطينية و غلظتها ،،

       كنت أسقط و أنا أحسب أني أحلق و أرفرف ..

وخدعني شيطاني حينما غلف هذه الرغبات بالشعر و زوقها بالخيال الكاذب و زينها بالعطور و زفها في أبهة الكلمات و بخور العواطف .. 

و لكن صحوة الندم كانت توقظني المرة بعد المرة على اللاشيء و الخواء ..

 إلهي لم تعد الدنيا و لا نفسي الطامعة في الدنيا و لا العلوم التي تسخر لي هذه الدنيا و لا الكلمات التي احتال بها على هذه الدنيا مرادي و لا بضاعتي ..

        وإنما أنت وحدك مرادي و مقصودي و مطلوبي ،، فعاوني بك عليك ، و خلصني بك من سواك ، وأخرجني بنورك من عبوديتي لغيرك ،،

فكل طلب لغيرك خسارة .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معضلة القطار...علم الأخلاق

كلُّه نكتة كونيّة \ روبرت أدمز

معضلة سفينة ثيسيوس

الحياة \ فريدريك نيتشه

قرد في الأكاديمية \ فرانز كافكا

شجاعة الحكمة بين الخوف والرغبات

لماذا لا يمكن تخطيط العظمة؟ Why Greatness Cannot Be Planned

عصر الفراغ \ جيل ليبوفتسكي

الأبعاد الفلسفية لفيلم أنا لا أكذب .. ولكني أتجمل

أوهام العقل... صراع الذاكرة وألزهايمر في رواية هولندية