كيف نعيش الأزمات؟ إدغار موران
لقد فوجئت بالوباء، لكنّي أعتدت في حياتي انتظار قدوم المفاجئ. لم أحْيَ إلا من أجل اللامنتظر ومألوف الأزمات. وفي هذا المعنى ، فأنا أعيش أزمة جديدة ضخمة، لكنْ لها كلّ خصائص الأزمة. أي ، أزمة تحفّز من جهة، الخيال الخلاّق وتثير مخاوف وانتكاسات ذهنية. جميعنا يبحث عن الخلاص المفاجىء، ولكنّنا لا نعرف كيف يكون. يجب أنّ نعلم أنّ اللامنتظر يحدث في التاريخ ويتكرّر حدوثه. نعتقد أنّنا نعيش يقينيات، وإحصائيات و توقّعات ، وبفكرة أن كل شيء مستقرّ، بينما يبدأ كلّ شيء بعدُ في التأزّم. ونحن لم نتفطّن إلى ذلك. علينا أن نتعلّم العيش مع اللايقين، أي أن تكون لنا شجاعة المواجهة، والاستعداد لمقاومة القوى السلبية.
تجعلنا الأزمة أكثر جنونا وأكثر حكمة. شيء وآخر. يفقد كثير من الناس صوابهم بينما يصحو آخرون . تحفّز الأزمة القوى الأكثر تناقضا. وإنّي لأرجو أن تكون القوى الخلاّقة والقوى الجليّة وتلك التي تبحث عن سبيل جديدة، تلك التي تفرض نفسها ، حتّى لو ما زالت جدّ مشتّتة وضعيفة. يمكن لنا أن نغتاظ بحقّ، ولكن لا يجب أن نظل على غيظنا.
هناك شيء نغفل عنه: لقد بدأت منذ عشرين سنة سيرورة انحطاط في العالم. ولم تكن أزمة الديمقراطية قائمة في أمريكا اللاتينية فحسب، بل في البلدان الأوروبية . إنّ التحكّم في الفائدة اللامحدودة التي تراقب كلّ شيء، موجود في كلّ البلدان. وكذلك الأزمة الإيكولوجية. على الفكر أن يجابه الأزمات حتّى يتحكّم فيها ويتجاوزها. وإلاّ كنّا ضحاياها.
نحن نشهد اليوم إرساء عناصر كليانيّة . لا عهد لها بما سبق في القرن الأخير. لكن لنا كل وسائل المراقبة بطائرات دون طيّار وبالهواتف النقالة والتعرّف على ملامح الوجه. كل الوسائل متوفّرة لانبعاث شموليةَ مُراقبة. والمشكلة هي في منع اجتماع هذه العناصر حتى يخلق مجتمع شمولي لا نحتمل العيش فيه.
ما الذي يمكن أن أرجوه وأنا على مشارف المائة سنة من عمري؟ إنّ لأرجو القوة والشجاعة وصفاء الذهن . نحن نحتاج أن نعيش في واحات صغيرة للحياة والأخوّة".
ترجمة: عبد الوهاب البراهمي
تعليقات
إرسال تعليق