أنا في حرب على نفسي \ جاك دريدا
أنا، لم أتعلم بعدُ كيف أحيا، أبدًا لم أتعلم ذلك.. فأن يتعلم الواحد كيف يحيا، يعني أن يتعلم كيف يموت، أن يأخذ في حسبانه الموت الحتمي، وبرضى به، (بلا خلاص ولا قيامة، ولا فداء) لا لنفسه ولا لغيره.. منذ أفلاطون، هذا هو الواجب الفلسفي القديم: أن تتفلسف يعني أن تتعلّم كيف تموت.
أعرف هذه الحقيقة، وأتحاشى مواجهتها دائمًا.. مرة بعد مرة، أبتعد عن الإقتناع بذلك، حقيقة أن أتقبل الموت. فنحن كلنا أحياء، لكن أحياء لمهلة ما، لأجل ما، (ومن وجهة نظر جيوسياسية تجدها في كتابي “أطياف ماركس”، فنحن نعيش في عالم أكثر ظلمًا من أيّ وقت مضى، ظلم يُمارس تجاه المليارات من الأحياء، من البشر ومن غيرهم من الكائنات.. وهؤلاء النّاس، فضلاً عن أنه لا يُسمح لهم بالتّمتع بحقوق الإنسان الأولية، التي صار عمرها أكثر من قرنين وما انفكّت تتطور، لكنهم لا يتمتّعون حتّى بالحدّ الأدنى بحياة قمينة بأن تُعاش).. بيد أنّي، لا زلت إلى الآن عصيًا على تلقّي حكمة أن أعرف كيف أموت. إذ إنني حتّى اليوم لم أتعلم ولم أكتسب جديدًا في هذا الموضوع.. فهذه المهلة المعطاة لنا في الحياة تتقلص بنحو متسارع. ليس فقط لأنني – كما هو حال كثيرين غيري – قد ورثت أشياء كثيرة جميلة أو مريعة : إذ إنّه مع الوقت، باتت تُطلق عليّ تسمية النّاجي من الموت، نظرًا إلى أنّ كثيرًا من المفكرين الذين ارتبطت بهم قد رحلوا عن الدنيا، وبالتّالي أنا الممثل الأخير لجيل، هو بعنوان عريض، جيل الستينات.. وهذا الأمر، مع أنّه ليس صحيحًا على نحو الدّقة، بات يلقي في روعي إعتراضات ومشاعر رفض وتمرد فيها شيء من السوداويّة. ومع بعض المشاكل الصحية التي تثقل كاهلي، أمسى السّؤال المتعلّق بالحياة، أو بالأحرى المهلة المعطاة لنا كي نحيا، وهو السّؤال الذي دائمًا ما طاردني، بكلّ ما للكلمة من معنى، في كل ثانية من حياتي، بات اليوم يتمظهر لي مع المرض بطريقة مختلفة .
تعليقات
إرسال تعليق