تجديدُ الفلسفةِ عند جيل دولوز
- يبيِّن "دولوز" أن ما يُشاع عن أزمة الفلسفة ونهايتها و موتها ؛ عائد إلى أنّه قد أُسيء فهمها. لكن عندما نعي أن الفلسفة هي فنّ إبداع الأفاهيم ، نجد أنها ليست مأزومة ، بل راهنة و ثوريّة ، وتتمتع بخصوصية واستقلال عن العلوم والفنون.
- ويبيّن أيضاً أن تجديد الفلسفة يعني تجديداً في المضمون و الأسلوب معاً. ويعني التجديد في المضمون :
١ - تجديداً في صورة الفكر ، لأن كل فلسفة كبيرة تفترض صورة سرّية وضمنيّة للفكر ، أي تحاول الإجابة عن سؤال : ما التفكير ؟
٢ - تجديداً في الأفاهيم القديمة و السّائدة ، لأن الأفاهيم
المتداوَلة لا يمكن استخدامها في القول الفلسفي المعاصر
من دون تعديل وتغيير وتحوير. لذا يقوم تاريخ الفلسفة
على إحياء الأفاهيم القديمة وتغيير اتجاهاتها.
٣ - إبداعاً لأفاهيم جديدة ، وهذا هو عمل الفلسفة تحديداً ، ويدل الأفهوم على توليد فعل التفكير في الفكر بما هو كذلك ، لأن الفكر ليس فطرياً ولا اكتسابياً ، بل هو توالُّدي أو تناسليّ.
- ويعني التجديد في الأسلوب : إبداع لغة غريبة داخل اللغة ذاتها ، غريبة من حيث المفردات ، ومن حيث التركيب اللغوي أيضاً.
- يصرّ "دولوز" على استقلاليّة الفلسفة ، فالقول الفلسفي عنده يتمتّع باستقلال نسبي عن المعطيات النفسانية و الاجتماعية ، لأن هذه الأخيرة تلحق بالنظرية الفلسفية وليس العكس. القول الفلسفي طريقة جديدة في التفكير ونظرة مغايرة للأشياء.
- يهتمّ "دولوز" بالجغرافية ، ويُهمِل التاريخ ، لذا على سؤال "مالتفكير ؟" أن يعنى بتوجهات الفكر واتجاهاته بخطوط طوله وخطوط عرضه. ويمكن القول بأن صورة الفكر هي بمثابة خارطة طريق للفكر.
خاتِمة : هكذا يتبين لنا أنّ "دولوز" فيلسوف كبير ، مجدِّد
عظيم في الفلسفة ، استطاع أن ينقذ الفلسفة من أزمتها
وأن يؤمِّن لها دورها بين العلوم والفنون. وغدا "دولوز" في القرن العشرين الأكثر إيماناً بالفلسفة ودورها ، من حيث هي مشروع لمهاجمة البلاهة و الحماقة. وأنها لم تمُت ، ولن تموت ، ما دمنا ننظر إليها بوصفها إبداعاً مستمراً للأفاهيم.
جيل دولوز وتجديد الفلسفة ، جمال نعيم ، المركز الثقافي العربي ، الدار البيضاء ، ٢٠١٥.
تعليقات
إرسال تعليق