مفهوم الغير
مفهوم الغير ...
إن الوضع البشري للشخص لايتحدد بوجوده الخاص فقط من حيث هو شخص له هوية ومن حيث هو قيمة وغاية بالنسبة لذاته كوجود فردي، وإنما يرمي الوضع البشري بالشخص إلى وجود آخر وإلى علاقات خارج الذات وهويتها، ذلك هو الوجود في حضرة الغير، فوضعنا ككائنات بشرية ليس وضع شخصي خالص، بل هو كذلك وضع غيري، وضع يوجد فيه الشخص مع غيره ويدخل معه في علاقة أو علاقات مختلقة. إن الإنسان من حيث هو شخص ليس فرد معزول، بل يمكن القول أنه موجود ليعيش مع الآخرين، فالحاجة إليهم من الضرورات التي تفرض نفسها عن الغير، مما يجعلها من علاقة جدلية تفاعلية فيها الايجاب والسلب، القبول والرفض، الحب والكراهية ...
دلالات مفهوم الغير :
الغير:
في الدلالة المعجمية العربية، يظهر أن مفهوم الغير مشتق من كلمة غير التي تستعمل عادة للإستثناء بمعنى سوى. ومن ثم يتخذ مفهوم الغير معنى التميز والإختلاف، كما يلاحظ ترادف بين معنيي الغير والآخر.
أما في الدلالة المعجمية الفرنسية، يلاحظ بعض التمييز بين مصطلحي الغير Autrui والآخر L'autre، حيث يتخذ مفهوم الآخر معنى أوسع يفيد كل ما يختلف عن الموضوع والذات، فيشمل الإختلاف كذلك مستوى الأشياء ...
أما مفهوم الغير، فهو تضييق لمعنى الآخر، حيث يحصره في مجال الإنسان فقط، ويقصد به الناس الآخرين.
أما على مستوى الدلالة الفلسفية، فنجد التنوع والإختلاف في تحديد مفهوم الغير. فإذا حددنا الأنا فلسفيا بإعتبارها ذاتا مفكرة أو أخلاقية؛ فإن مفهوم الغير يكتسي أبعادا متنوعة يمكن حصرها في المماثلة أو الإختلاف.
فقد نجد كانط ـ مثلا ـ يماثل بين الأنا والغير، بإعتبار الوجود الإنساني وجودا يتسم بالحرية والإرادة. أو يمكن أن يكون الغير (أنا) أخرى ليست أناي الفردية، كما يرى سارتر، أو يمكن أن يكون الغير مقابلا للهو (هو) كما هو الأمر عند أرسطو خصوصا واليونان على وجه التعميم.
تعليقات
إرسال تعليق