العقل و الوعي
البعض يخلط بين العقل و الوعي، معتقداً انه حين يفكر فهو بالضرورة واع، بينما في الواقع لا يكون المرء واعياً إلا حين يتوقف العقل عن التفكير. من سمات الوعي ، التي يتميز بها عن العقل، القدرة الشمولية المتجاوزة على رؤية الحياة من منظور شخص آخر و رؤية الأمور من زوايا مختلفة.
يختزل المعلم الروحاني إيكهارت تولي الفرق بين العقل و الوعي بقوله:
"العقل و الوعي غير مترادفان، فالعقل ماهو إلا مظهر صغير من مظاهر الوعي. الفكرة لا يمكن أن تتشكل من دون وعي، لكن الوعي لا يحتاج إلى التفكير، إستنارة الوعي تعني السمو فوق التفكير.العقل مثل نهر هادر، بينما الوعي هو السماء المطلة فوقه. قد يكون النهر موحلا و مليئأ بالمخلفات، لكن السماء تبقى دائماً صافية"
و في نفس السياق شبه الفيلسوف البريطاني آلين واتس العقل ببقعة الضوء المسلطة، لأنه يركز على مجموعة ضيقة من الأشياء: الأفكار، المشاعر و المحيط المباشر، بينما الوعي هو المصباح الشمولي الكاشف، لأنه يدرك كل ما يحصل في داخلنا و خارجنا.
أما الفيلسوف و الفيزيائي ديفيد بوهم أستخدم تشبيه التيار المتدفق لتوضيح الفرق بين العقل والوعي. العقل، كما يراه بوهم، مثل قارب يطفو على الجدول بحيث يمكنه فقط رؤية مسار الجزء المتدفق أمامه مباشرة. بينما الوعي هو التيار بأكمله، لأنه يدرك جميع الاحتمالات و المسارات المختلفة الموجودة في التيار المتدفق.
يعتقد د. كارل بريبرام، جامعة ستانفورد، أن البعض يستخدام مفردة "عقل" بشكل مبتذل و غير دقيق عند الإشارة إلى الوعي، يقول لا أحب إستخدام مصطلح (العقل) بشكل مترادف مع الوعي، لأن العقل يجّسد شيء هو في الأساس عبارة عن عمليات ذهنية: نحن نركز، ننتبه، نرى، نسمع، نشم وهذه جميعها نشاطات ذهنية إن صح التعبير و لكن لا يوجد شيء يسمى (العقل).
تعليقات
إرسال تعليق