ذكريات من منزل الاموات / دوستويفسكي
كنت، وانا محاط بمئات من الرفاق، اشعر بوحدة هائلة و عزلة رهيبة، وانني وصلت مع ذلك الي ان احب هذه الوحدة و هذه العزلة. كنت و انا معتزل استعرض حياتي السابقة، واحلل ادق تفاصيلها، و اطيل التفكير فيها، و احكم علي نفسي بغير رحمة و لا شفقة، حتي لقد كنت في بعض الاحيان اشكر للقدر انه فرض علي هذه العزلة التي لولاها لما استطعت ان احكم علي نفسي و لا ان انفذ الي قرارة حياتي الماضية. و ما اكثر الامال التي كانت تنبت في قلبي حينذاك ! كنت افكر و اقرر و احلف ان لا اقارف في المستقبل ما قارفت في الماضي من اخطاء و ان اتجنب السقطات التي حطمتني.ووضعت برنامجاً لمستقبلي، و آليت علي نفسي ان التزم هذا البرنامج فلا اخرج عنه بل ابقي وفيا له. و كنت اؤمن ايماناً اعمي بانني سانفذ كل ما اردت، و بانني استطيع ان انفذ كل ما اردت. كنت انتظر حريتي، و اناديها في حرارة و حماسة. كنت اريد ان اجرب قواي مرة اخرى في كفاح جديد. و كان يلم بي في بعض الاحيان شوق محموم ينفذ لي صبري و يخنقني خنقا. انني اتألم الان من مجرد ايقاظ هذه الذكريات.