فن العيش الحكيم \ شوبنهاور
لا ينتبه الإنسان إلا بعد فوات الأوان أن كل تطلعاته وأمنياته التي كافح من أجلها ، ونجح في تحقيقها، لم تعد تناسبه كشخص نالت منه تقلبات الزمن، فلم يعد هو ذلك الذي خطط لها في البداية بكل حماسة وراح ينجزها بهمة على الأرض. إن الزمن كفيل بانهاك الإنسان وإضعاف قدراته ، فتتعثر مشاريعه وسط الطريق. وتلك القاعدة تنطبق أيضاً على الخيرات التي يكون الإنسان قد راكمها لقاء كدح عظيم ومخاطر جسيمة ، وما أن تقع بين يديه حتى يعجز عن جني ثمارها والاستمتاع بها ليدرك في الأخير أنه يكد من أجل لا شيء. هذا الشخص وأمثاله يشبه بمن بذل الغالي والنفيس لأجل حصوله على منصب ، وما أن حصل عليه حتى خذلته قواه فبات عاجزاً عن تقلده ! هكذا هي الأشياء تأتينا دائماً بعد فوات الأوان ، أو بالأحرى لا نصل إليها إلا بعد فوات الأوان.