المشاركات

المأساة / بابلو بيكاسو

صورة
اتسمت مرحلة " بيكاسو " الزرقاء بغلبة اللون الأزرق على لوحاته . وأصبح الأزرق ، بفضل توظيف " بيكاسو " له ، رمزآ للوحشة والحزن والخواء وأحيانآ للتأمل الصامت . في " المأساة " يرسم " بيكاسو " ثلاثة أشخاص ، رجل وامرأة وطفل ، وهم يقفون على شاطئ البحر . الأشخاص الثلاثة قد يكونوا أفراد عائلة واحدة ، رغم أن هذا ليس مؤكدآ . غير أن من الواضح أن المنظر يعكس شعورآ بالحزن وربما الفجيعة . من الأشياء اللافتة في اللوحة أن الفنان بالغ في رسم نسب الأشخاص وجعلهم يغطون كامل مساحة اللوحة تقريبآ . الطفل يبدو وكأنه الشخصية المركزية في هذه اللوحة . يده الممتدة إلى الرجل ونظراته التائهة تعطي إحساسآ بحاجته للتعاطف والسلوان . وقد تكون حركة يديه تعبيرآ عن حاجته للدفء الإنساني . في اللوحة ، ثمة إحساس واضح بالفقد . لكن طبيعة المأساة ليست واضحة . قد تكون مرضآ ، موتآ ، جوعآ ، أو كارثة ما . لكن لاشيئ مؤكد . الرجل يبدو منسحبآ وغير مكترث بما يجري . تعابيره توحي بأنه يريد إبعاد نفسه عن لمسة الطفل ونظرات المرأة . ويحتمل أن يكون رد فعل الرجل غير المبالي إنعكاسآ لشعوره بالذنب أو تأنيب ا...

جمال الفن عند هيغل

صورة
  جمال الفن عند هيغل هو تألق "الروح " .. وهو أكثر إشراقا من جمال الطبيعة .. فجمال الفن جمال مبدع مولود جديد للعقل .. ‏الجمال عند هيغل هو الجمال الفني الذي تبدعه الروح الإنسانية .. وليس جمال الطبيعة .. ولذلك يرفض النزعة الطبيعية في الفن التي تقلد الطبيعة كما هي .. ! ‏هل الفن محاكاة للطبيعة كما قال أرسطو ؟! يرى هيغل أن فن المحاكاة لا جدوى منه فيقول ..ما حاجتنا إلى أن نرى مناظر أو أحداث سبق لنا أن عرفناها و رأيناها .. ! و‏يقول ايضا .. الأساليب المعتمدة في الفن محدودة لا تقدم سوى جانب من الواقع .. وتغفل جوانب أخرى .. وحتى لو أراد الفن تقليد الطبيعة فسيظل دون مستواها .. ! ‏يرى هيغل أن متعة الفنان المحاكي للطبيعة متعة زائلة غير حقيقية .. ينتفي فيها الإبداع والمتعة الحقيقية .. لو أنتج شيئا صادرا عن إمكانياته الذاتية .. ! و‏يرى ايضا ان جعل المحاكاة هدفا للفن هو حرمان للفنان من حريته .. و قدرته على الإبداع .. فالنزعة الطبيعية لا تصلح أن تشكل القاعدة الجوهرية للفن .. ! ‏ لايمكن أن يحتكر الفن في المحاكاة .. بل ان الفنان ‏الذي يرسم لوحة .. هو نفسه الشاعر الذي يكتب القصيدة .. لابد أن يخرج...

العفو \ شوبنهاور

صورة
  العفو هي كلمة للجميع، مهما كانت الحماقة التي يرتكبها البشر و مهما كانت نواقصهم و خطاياهم، فلنمارس التسامح متذكرين أنه عندما تظهر لنا هذه الأخطاء في الاخرين فإننا ننظر إلى حماقاتنا و خطايانا من خلالهم... انها نواقص الإنسانية التي ننتمي إليها جميعا و التي نتشارك أخطائها كلها، أجل حتى تلك الأخطاء التي تشير اليها الان بكل هذا السخط لمجرد أنها لم تظهر في أنفسنا حتى الان. انها ليست أخطاء على السطح، بل هي موجودة هناك في أعماق طبيعتنا، وإذاجاء ما يستدعيها سوف تحضر لتظهر نفسها، تماما كما تراها الان في الاخرين، و من الصحيح قد توجد في إنسان أخطاء لا توجد في رفيقه و لا يمكن انكار أن المجموع الكلي للصفات السيئة في بعض الحالات يكون ضخما جدا، لأن الفارق في الفردية بين الإنسان و الإنسان يتجاوز كل مقياس. ان القناعة بأن العالم و الإنسان شيء كان يفضل أن لا يوجد، لها تأثير يملؤنا بالتسامح مع بعضنا البعض، بل إنه من وجهة النظر هذه لا ينبغي أن نعتبر الصيغة المهذبة "سيدي" أو "مولاي" بل "رفيقي في المعاناة"، يبدو هذا غريبا، و لكنه متوافق مع الحقائق فهو يرينا الاخرين في مظهرهم الص...

Little Miss Sunshine

صورة
 فرانك: هل تعرف من هو مارسيل بروست؟ دواين: هل هو الرجل الذي تدرس كتاباته؟ فرانك: نعم .. كاتب فرنسي .. خاسركلي .. لم تكن لديه وظيفة حقيقية ..علاقات حب غير متبادلة .. مثلي الجنس. أمضى 20 عامًا في كتابة كتاب لم يقرأه أحد تقريبا لكنه من المحتمل أنه أعظم كاتب منذ شكسبير. على أية حال ، هو ... عندما وصل إلى نهاية حياته ، نظر إلى الوراء وقرر أن كل تلك السنوات التي عانى فيها ، كانت  أفضل سنوات حياته ، لأنها جعلته من هو. كل تلك السنوات التي كان فيها سعيدا؟ أنت تعرف ، ضاعت هباء منثورا. لم يتعلم فيها شيئًا. لذا ، إذا كنت تنام حتى تبلغ من العمر 18 عامًا ... آه ، فكر في المعاناة التي ستفوتها. يعني المدرسة الثانوية؟ المدرسة الثانوية - تلك هي سنوات معاناتك الأولى. أنت لن تحصل على معاناة أفضل من ذلك. من فيلم Little Miss Sunshine

حول التراجيديا \ أسامة سليمان

صورة
  أقوى ما في المسرح التراجيديا عبر تاريخه من كتبوا التراجيدي أقل ممن كتبوا الكوميديا...الكوميديا فن مشاع تعليق ساخر على مشاكلنا الحياتية وقد تعددت رؤى الكوميديا فالقالب حر واسع الأبعاد يمكننا أن نصف دائرة الطباشير القوقازية بالكوميديا وهي مسرحية ملحمية. والكراسي واميديه ليونسكو العبثيتان يمكن نعتهما بالكوميديتين. وعلى هواك والليلة الثانية عشرة لشيكسبير يمكن نعتهما بالكوميديتين. ومسرحيتاه الأخيرتان العاصفة وقصة الشتاء يمكن نعتهما بالكوميديتين. وبالتأكيد سخريات شو وموليير وبلاوتوس وبن جونسون كلها كوميدية ان ترجمة كلمة كوميديا باللغة العربية تعني ملهاة وليست الضحك أو حتى السخرية... وملهاة اشتقاق من اللهو يعني اللعب وهناك لعب بريء ولعب مميت ولهو بريء ولهو اثم ولهو يفضي للضحك ولهو يفضي للموت إذن  أي فهم لمعنى الكوميديا على انه الضحك نخطئ فالضحك هو بعد من أبعاد فن الكوميديا ونحن نتابع مثلا شخصية فولستاف لشيكسبير نحن لانضحك بل نتعجب من سخافته فشكسبير يقصد هذا انه يدعونا للاندهاش وإلى القليل من الضحك من فولستاف هذا هدف من أهداف الكوميديا من ضمن أهداف الكوميديا التزلف الى الجمهور واستر...

حول الهجرة والتّعدّديّة الثّقافيّة والحاجة للدفاع عن الدولة القوميّة / روجر سكروتون

صورة
  يتوقَّفُ أمرُ كُلُّ مُجتمعٍ على التَّجربة العضويّة: الإحساسُ بمن ”نحن“، ولمَ نحن نَنتمي سَوِيًّا، وما الّذي نَتَقاسمهُ. هٰته التَّجرُبة هي تجربةُ ما قبل السياسة: إذ هي تسبق جميع المؤسَّسات السياسيَّة، وتزوِّدُنا بدوافِعٍ لقبولِها. إنَّها توحِّد اليسارَ واليمين، ذوي الياقات الزَّرقاء والياقة البيضاء، رجلٌ وإمرأة، والِدٌ وطِفلٌ. إنَّ تهديد ” تَعَدُّدِيَّة الشَّخصُ الأوَّل“ هو فتح للطَّريق أمامَ التَّذرِيَةِ، حيث يكفُّ النَّاسَ عن الاِعترافِ بأيِّ واجِبٍ عام تِجاه جيرانِهم، ويحاوِّلون نهبَ المَوَارِد المُتكوِّمة في الوقت الَّذي يستطيعونَ فيه ذٰلك. فبدونِ العُضويَّة إنَّنا نُخاطِر بوقوع ”مأساةٌ عامَّة مُشتركة“ جديدة كما يتمُّ حَبسُ أصولنا الاِجتماعيَّة الموروثة للاستعمال الآنيّ. يتمُّ تعريف العُضويَّة بطرق مُختلفة في أوقات وأماكن مُختلفة. بالنسبة للعديد من المجتمعات، يعدُّ الدّين جزءٌ لا يتجزءُ منه، بحيث يتمّ نبذ الكافِر أو تهميشه، كما هو الحال في المُجتمع الإسلاميّ التَّقليديّ. بالنسبةِ للولاء الوطنيُّ هو شكلٌ مِن أشكال الجيرةِ الحسنة: إنَّهُ ولاءٌ للمنزل المُشترك وللشعب الَّذي بناه...

stalker

صورة
قال احدهم "ان الفن دعوة لخلق الإنسان"، و أن العلم ينتهي في التحليل النهائي إلي أنه لا وجود للإنسان، لذلك فإن الفن في صدام مع هذا العالم و علومه، و لذلك وجود عالم آخر بجانب الآلة، هو إيحاء لا يمكن التنكر منه في كل عمل فني (الموسيقي)، و كل عمل فني و إن كان لا يمكن تعريفه او تضمينه داخل حيز من الكلام، لكنه يوحي بوجود عالم آخر ينتمني إليه و منه، حيث ان كل الفنون تحكي قصة متصلة عن غربة الإنسان في الطبيعة، و إلا فإن كُتَّاب التراجيديا و الشعر يكتبون هراءاً لا وجود له، و كما عرف جياكومتي الفن "بأنه البحث عن المستحيل"، و حيث ان العمل الفني يعكس النظام الكوني دون ان يستفسر عنه، و هو في هذه الصورة متأصل بشخص الفنان، الفنان وحده شخصه، فإن هذا المستحيل قد لا يكون فكرة لا يمكن تضمينها، قد يكون المستحيل بقولبته و تعريته داخل تعريف العمل الفني، فإنه قد يتجسد علي هيئة صورة او تمثال او مقطوعة موسيقية و لما لا رمزية لشئ ما تختلف تأويلاته من شخص لآخر بإضفاء جوهر شخصي يصبغ العمل الفني و يلونه بمقدار كم العيون التي تراه، هنا توارد الفكر لا يعني ان العقول ليست نقية، منطقة تاركوفسكي التي ...

حقول التوليب \ فنسنت فان جوخ

صورة
   تم إنشاء لوحة "حقول التوليب" من قبل فنسنت فان جوخ في عام 1883. بدأ العمل على اللوحة بعد أن حضر الرسام دروسًا في الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة في بروكسل.  حتى ذلك الحين ، أظهر الفنان البارز أول علامات الجنون ، فقد عانى كثيرًا من الاكتئاب ولم يستطع أن يثبت لنفسه عدالة وجوده.  هدأ أسلوب الرسم الكلاسيكي الناعم ، الذي يدرسه مدرسون من الأكاديمية ، وعي الفنان المحبط ، مما جعل العالم أكثر جدوى وواقعية ، وكانت اللوحات التي رسمها أكثر حيوية ومشرقاً.  أول ما يراه المشاهد عندما ينظر إلى الصورة هو الحقول التي لا نهاية لها من زهور الأقحوان الملونة.  في أشعة غروب الشمس ، تبدو الزهور المدهشة بالفعل رائعة ببساطة.  على مسافة قريبة من نهاية روعة الزنبق ، وضع الفنان رجلاً.  يمشي بين الصفوف ويتحقق مما إذا كانت جميع الأزهار موجودة في مكانها ، سواء كانت جيدة ، وما إذا كانت تحتاج إلى الري.  لم تكن مثل هذه الطرق الالتفافية شائعة في هذه الأجزاء ، حيث لا يعتبر الزنبق مجرد زخرفة جميلة للحديقة ، ولكنه عمل مربح.  مظهر الشخص في الصورة يبدو طبيعيًا تمامًا. ...

الإنسان الأنانيّ \ كارل ماركس

صورة
  وإذن فلا يتجاوز أيٌّ ممَّا يسمَّى حقوق الإنسان الإنسان الأنانيّ، فالإنسان كعضوٍ في المجتمع البورجوازيُّ، منطوٍ على نفسه وعلى مصالحه الخاصَّة ورغباته الخاصَّة، وفرد منفصل عن المجموع. ما أبعد أن يكون الإنسان قد اِعتبر فيها كائنًا نوعيًّا بل تبدو حياة النوع نفسها، المجتمع، كإطار خارجيٍّ للأفراد وتقييد لاستقلالهم الأصلي. والرابطة الوحيدة الَّتي تمسك بها هي الضرورة الطبيعيَّة، الحاجة والمصلحة الخاصَّة، أي حفظ ملكيتهم وشخصهم الأنانيُّ. حول المسألة اليهوديَّة (1843)

تدهور الحَضارة الغربيَّة \ اِشبنجلر

صورة
وأَخيرًا تخبو شعلة النَّفس على مطلع فجر المدينة الأغبر، لٰكن سرعان ما تنتفض القوىٰ المُتهالكة مرَّة ثانية فيلاقي مجهودها الاِبداعيّ نصف نجاح فتنتج التكلسك (Classicism ) المألوف في كلِّ حضارة تُعاني نزع الاحتضار، فتصبح النَّفس مرَّة أُخرى فريسة للافكار، و ترتمي في احضان الرومانطيكيَّة، وتعود بناظريها لتحلق في طفولتها كئيبة. وأَخيرًا، وبعد طویل اِجهاد وتردّد وبرودة، تفقد رغبتها في الحياة كما حدث في روما الإمبراطوريَّة عندما تمنَّت الهروب من رابعة النَّهار إلىٰ ظلام الصوفيَّة الأوليَّة، الهُروب إلىٰ رحم الأم، إلىٰ القبر. ويتلبَّس النَّفس سحرٌ و ”تدیّن ثان“، ويتوجَّه الإنسان الكلاسيكيُّ المُتأخِّر زمنًا إلى ممارسة طقوس أدیان ”میترا“ ،و”ازیيس“، والشمس، أنَّها الاديان ذاتها التي وُلِدت ضمنها نفس وليدة في الشرق، نفسٌ تسيل من جديد بخمرة الأحلام والمخاوف والتوحُّد. 

أعمدة الأدب الروسي

صورة
 يؤمن دوستويفسكي باستحالة قدرتنا على التعبير عما بنفوسنا بشكل تام و بصورة نرضاها ، و لذلك فإننا نشعر أن أي فكرة تبدو جميلة وهي في رؤوسنا . لكنها تفقد بريقها غالباً أو جزء منه إن أخرجناها للعلن !  يقول :   يعذبك في بعض الأحيان أن فكرك لا تسعه قوالب الألفاظ . يا صديقي ، هذا العذاب لم يوهب إلا لصفوة مختارة من الناس ، أما الغبي الأحمق فهو راضٍ دائماً عما يقول ، وهو عدا ذلك يقول أكثر مما يجب أن يقال ...   رواية المراهق  بل و يكمل ليصل لحالة قد تصيب البعض حيث يكون غارقاً في أمر ما لكنه لا يستطيع شرحه ، فما بالك بمن يريد أن يكتب عن السلوك البشري !! "هناك حالات يصعب فيها على صاحب الشأن نفسه ان يشرح سلوكه " رواية الشياطين و هكذا ، سنجد أن دوستويفسكي حاول التغلب على مشكلة الفجوة بين فكر الإنسان و اللغة ، باستخدامه للاسهاب في الوصف و طول الصفحات التي يتحدث فيها عن أمر تفصيلي صغير ! أما بالنسبة للأب الروحي للقصة القصيرة ، أنطون تشيخوف ، فقد كتب بطريقة مغايرة تماماً . إذ كان يضع الفكرة أمامه ثم يصيغها في عمل أدبي . و جميع أفكار تشيخوف كشخصياته تماماً ، كانت من الحي...

في المرآة \ عبد الوهاب مطاوع

صورة
  سامحه الله أوسكار وايلد !. فمنذ أن قرأت له روايته الشهيرة «صورة دوريان جراي» منذ أكثر من عشرين سنة .. فتح أبواب الجحيم أمامي ، وعلمني هواية التفرس في وجوه الآخرين لاستجلاء حقيقتها .. وأفسد علي بعض معايري فأصبحت أرى الأسود أبيض والأبيض أسود والجميل قبيحا ، والقبيح جميلا .. _ففي هذه الرواية اللعينة روى أوسكار وايلد قصة لورد شاب ثرى وسيم بريء الملامح ، سعی يوما إلى فنان ، ليرسم له صورة فرسمه الفنان كما رأته عيناه : وجها بريئا جميلا وملامح طفولية ، وعلق دوریان جراي اللوحة في قصره ، وعاش حياته ولم يكن بريئا كما يبدو في ملامح وجهه ، ولا نبيلا كما يوحي مظهره ، وإنما كان وغدا أنانيا شريرا ، لا ترده قيود ، ولا تحكمه قيم. فخدع فتاة أخلصت له وتخلى عنها فانتحرت ، ومضى في الدنيا يجرى وراء أهوائه ولا يقيم وزنا لأخلاق ولا قيم ولا صداقة ، وكلما ارتكب جريمة جديدة أو أذى انساناً آخر نظر إلى وجهه في المرآة فرأى نفسه فيها شابا بريئا وسماً كما كان ، وحين التقي به شقيق فتاته التي حطم حياتها منذ عشرين سنة لينتقم منه لشقيقته ويقتله أنقذه من الموت نفس هذا الوجه البريء ، فقد توسل له دوریان جراي - کاذبا - ...

إعتراف تولستوي

صورة
  جاء في إحدى القصص الشرقية القديمة أن رجلاً كان يطارده وحش بري شرس، فلجأ الرجل إلى بئر لا ماء فيها لينقذ نفسه من شر الوحش. ولكنه لسوء حظه لم يدخل البئر حتى رأى في قعرها تنيناً فاغراً فمه ليبتلعه. فأخذ الرعب بمجامع قلب الرجل المسكين ولكنه لم يجرؤ على الخروج من البئر خوفاً من الوحش، ولا على النزول إلى البئر خوفاً من التنين. ولذلك عمد إلى غصن شجرة صغيرة كانت نابتة في شق من شقوق البئر. ولكن التعب أخذ من ذراعيه مأخذه فأدرك أنه هالك لا محالة، لأن الموت كان ينتظره في الأمرين جميعاً. ولكنه ظل متعلقاً بالغصن، وفيما هو ينظر إلى جذع الشجرة التي كان متعلقاً بها رأى جرذين : الواحد أبيض والثاني أسود يدوران حول جذع الشجرة، وهما يقرضانه بهمة ونشاط. رأى الرجل كل هذا وأدرك أن الغصن سيقع قريباً فيقع هو في فم التنين الذي كان يترقبه بفارغ الصبر. ولكنه رأى في الوقت نفسه بضع نقط من العسل على أوراق الشجرة  فمد لسانه وشرع يلحسها متناسياً شقاءه كله. هكذا اتعلق أنا بغصن شجرة الحياة، عارفاً أن تنين الموت ينتظرني، وهو على أتم الاستعداد ليمزقني ارباً ارباً. ولا أدري لماذا قُدر لي أن اتحمل كل هذه المشقات. ...

الحياة في التفاصيل \ إبراهيم جابر إبراهيم

صورة
 لا أحب هؤلاء السُذّج الذين يتخرجون بمعدلات عالية، وتخصصات علمية مهمة، لكنهم لا يسمعون الموسيقى، ولا يعرفون شاعراً واحداً، ولم يحضروا فيلم سينما، أو يحاولوا كتابة قصيدة، أو أن يخلطوا علبة ألوان ليرسموا لوحة.. أنا لا أفهم هؤلاء الناس الذين بلا طقوس شخصية بلا عادات بلا تفاصيل ، لا يهتمون بألوان الأزرار ، ولا خشب المقاعد ويرضون بأي سائل ساخن أحمر فلا يتوقفون عند نوع الشاي . الحياة في التفاصيل ، في الأحاسيس ، في الذائقة .. في معنى أن تهز رأسك حزناً أو فرحاً أو طرباً لمقطع من أغنية قديمة ، أو أن تنفعل برائحة الياسمين تهب من شارع عتيق على الدوار الأول .

قدرنا الحقيقي \ كارلوس زافون

صورة
معظمنا نحن البشر الفانين ، لا نتوصل إلى معرفة قدرنا الحقيقي ، لأنه بكل بساطة يدهسنا ، و عندما نرفع رأسنا و نراه مبتعدا على امتداد الطريق ، يفوت الأوان فنضطر الى متابعة ما تبقى من الرحلة على شفير ما يسميه الحالمون ( النضج ) و ما الأمل إلا الايمان بان تلك اللحظة الفارقة لم تحن بعد ، و إنه ما يزال في وسعنا ان نرى قدرنا الحقيقي و هو يقترب و أن نقفز على متنه لاغتنام الفرصة في ان نكون ما نريد قبل ان تتلاشى الى الابد فيحكم علينا بحياة فارغة ، نتحسر فيها على ما كان ينبغي ان يكون و لم يكن !!

كيف نعيش الأزمات؟ إدغار موران

صورة
   لقد فوجئت بالوباء، لكنّي أعتدت في حياتي انتظار قدوم المفاجئ. لم أحْيَ إلا من أجل اللامنتظر ومألوف الأزمات. وفي هذا المعنى ، فأنا أعيش أزمة جديدة ضخمة، لكنْ لها كلّ خصائص الأزمة. أي ، أزمة تحفّز من جهة،  الخيال الخلاّق  وتثير مخاوف وانتكاسات ذهنية. جميعنا يبحث عن الخلاص المفاجىء، ولكنّنا لا نعرف كيف يكون. يجب أنّ نعلم أنّ اللامنتظر يحدث في التاريخ ويتكرّر حدوثه. نعتقد أنّنا نعيش يقينيات، وإحصائيات و توقّعات ، وبفكرة أن كل شيء مستقرّ، بينما يبدأ كلّ شيء بعدُ في التأزّم. ونحن لم نتفطّن إلى ذلك. علينا أن نتعلّم العيش مع اللايقين، أي أن تكون لنا شجاعة المواجهة، والاستعداد لمقاومة القوى السلبية.    تجعلنا الأزمة أكثر جنونا وأكثر حكمة. شيء وآخر. يفقد كثير من الناس صوابهم  بينما يصحو آخرون . تحفّز الأزمة القوى الأكثر تناقضا. وإنّي لأرجو أن تكون القوى الخلاّقة  والقوى الجليّة وتلك التي تبحث عن سبيل جديدة، تلك التي تفرض نفسها ، حتّى لو ما زالت جدّ مشتّتة وضعيفة.  يمكن لنا أن نغتاظ بحقّ، ولكن لا يجب أن نظل على غيظنا.  هناك شيء نغفل عنه:  لق...

الواقع \ سيجموند فرويد

صورة
  الواقع أن الناس ليسوا مجرد مخلوقات مُهذبة ودودة تتمنى الحب ولا تملك إلا الدفاع عن نفسها لو هوجمت، لكن قدراً كبيراً من الرغبة في الإعتداء يُشكل جزءا من طبيعتهم الغريزية. والنتيجة أن الناس لا تنظر إلى الآخر على أنه إنسان يمكن أن يبذل لهم العون لو احتاجوه أو أنه يستحق أن يكون موضع حبهم، لكنهم يجدون فيه ما يغريهم أن يصبوا عليه شحنة العدوان التي يمتلئون بها، وأن يستغلوا طاقته على العمل إستغلالاً مجانياً، وأن يستخدموه لإشباع الجنس عندهم دون رضاه، وأن يستولوا على ممتلكاته، وأن يؤلموه ويعذبوه ويفتكوا به. وما أصدق المثل القائل: أن الإنسان ذئب بشري ! ومن يمكن أن يشك في صدق ذلك وهو يواجه في حياته ، وفي التاريخ كل الشواهد التي تثبت ذلك.  وتظل هذه الشراسة الضارية كامنة في انتظار ما يثيرها ..." من كتاب : الحرب والحب والحضارة والموت

Requiem for a dream (2000)

صورة
  سأخبرك.. أنا سأظهر على التلفاز، لذا أتناول كل هذه الأقراص لأفقد وزني وألبس الفستان الأحمر الذي كان يحبه والدك كثيراً، وسوف تصبح فخوراً بأمك وأنت تشاهدها على الشاشة وهي بالفستان الأحمر والحذاء الذهبي...  - وما أهمية ذلك ؟! ما أهميته ؟ سوف تقتلك هذه الحبوب من قبل حتى أن تظهري على التلفاز !  - أهمية ذلك!! أنت أتيت ورأيتني يا هاري، رأيت كم أنا سعيدة، أنا شخص ذو أهمية الآن، الجميع يحبونني، وقريباً ملايين من الناس سو ف يشاهدونني ويحبونني، سوف أخبرهم عنك وعن والدك، وكم كان جيداً معنا... أهمية ذلك أنه أصبح سبباً لأستيقظ في الصباح، سبباً لأفقد وزني، سبباً لأرتدي فستاني الأحمر.. سبباً كافياً لأبتسم.  فبعد كل هذا العمر لا أعرف ما الذي حصلت عليه؟ مالذي أحصل عليه من ترتيب الشقة وغسل الصحون؟ أنا أعيش بمفردي الآن.. أبوك مات، وأنت رحلت.. لا يوجد أحد لأهتم به، أو ليهتم بي.. أنا وحيدة... عجوز وحيدة.  Requiem for a dream (2000) | Dir.Darren aronofsky

شعرية حلم اليقظة \ غاستون باشلار

صورة
  إن أحلام اليقظة الكونية لتُبعِدُنا عن الأحلام المشاريع، ذلك لأنها تضعنا في عالم ، وليس في مجتمع . فثمة نوع من الاستقرار والهدوء ينتمي إلى أحلام اليقظة الكونية و هي تساعدنا في الهروب من الزمن إنها حالة فلنذهب إلى عميق جوهرها إنها حالة روحية .

لـوحـة حقـل قمـح و أشجـار سـرو \ فنسنـت فــان غــوخ

صورة
  لـوحـة حقـل قمـح و أشجـار سـرو. للفنان الهولندي فنسنـت فــان غــوخ، 1889م. رسم فان غوخ هذه اللوحة بعد حوالي شهر من وصوله إلى المصحّة النفسية في آرل. وخلال فترة مكوثه في المستشفى، كان الأطبّاء يسمحون له بالذهاب إلى الحقول المجاورة ليمارس هوايته في الرّسم كلما خفّت نوبات الصرع التي كانت تنتابه من حين لآخر. ومن بين أشهر لوحاته التي أنجزها آنذاك هذه اللوحة التي تشير إلى مدى تأثّر فان غوخ بالأسلوب الياباني في الرسم، وخاصّة طريقة تمثيل الخطوط واستخدام الألوان. في اللوحة نرى حقلا للقمح يقوم في وسطه وعلى أطرافه عدد من أشجار السرو. وبالإضافة إلى الأشجار، تبدو بعض التلال والجبال والأعشاب تحت سماء غائمة. ولعلّ أهم ما يميّز هذه اللوحة عمق منظورها وسماكة نسيجها وإيقاع الأشكال فيها، بالإضافة إلى صفاء ألوانها التي تصوّر حيوية الربيع وبهاءه. كان فان غوخ يراقب الأشجار من نافذة غرفته في المستشفى، وفي إحدى رسائله لأخيه ثيو يقول: لطالما أثارت هذه الأشجار تفكيري. وأجد من الصعوبة بمكان أن أتجنّب رسم هذا الحزن وهذه العزلة النهائية. إن هذه اللوحة ستخبرك عما عجزت أنا عن التعبير عنه بالكلمات وهو ما اعتبره...