حول الهجرة والتّعدّديّة الثّقافيّة والحاجة للدفاع عن الدولة القوميّة / روجر سكروتون
يتوقَّفُ أمرُ كُلُّ مُجتمعٍ على التَّجربة العضويّة: الإحساسُ بمن ”نحن“، ولمَ نحن نَنتمي سَوِيًّا، وما الّذي نَتَقاسمهُ. هٰته التَّجرُبة هي تجربةُ ما قبل السياسة: إذ هي تسبق جميع المؤسَّسات السياسيَّة، وتزوِّدُنا بدوافِعٍ لقبولِها. إنَّها توحِّد اليسارَ واليمين، ذوي الياقات الزَّرقاء والياقة البيضاء، رجلٌ وإمرأة، والِدٌ وطِفلٌ. إنَّ تهديد ” تَعَدُّدِيَّة الشَّخصُ الأوَّل“ هو فتح للطَّريق أمامَ التَّذرِيَةِ، حيث يكفُّ النَّاسَ عن الاِعترافِ بأيِّ واجِبٍ عام تِجاه جيرانِهم، ويحاوِّلون نهبَ المَوَارِد المُتكوِّمة في الوقت الَّذي يستطيعونَ فيه ذٰلك. فبدونِ العُضويَّة إنَّنا نُخاطِر بوقوع ”مأساةٌ عامَّة مُشتركة“ جديدة كما يتمُّ حَبسُ أصولنا الاِجتماعيَّة الموروثة للاستعمال الآنيّ. يتمُّ تعريف العُضويَّة بطرق مُختلفة في أوقات وأماكن مُختلفة. بالنسبة للعديد من المجتمعات، يعدُّ الدّين جزءٌ لا يتجزءُ منه، بحيث يتمّ نبذ الكافِر أو تهميشه، كما هو الحال في المُجتمع الإسلاميّ التَّقليديّ. بالنسبةِ للولاء الوطنيُّ هو شكلٌ مِن أشكال الجيرةِ الحسنة: إنَّهُ ولاءٌ للمنزل المُشترك وللشعب الَّذي بناهُ. فهو لا يُقدِّم مطالب محدَّدة ذات طابع دينيّ أو أيديولوجيّ، فهو يكتفي بطاعة مُشتركة لحكم القانون العلمانيُّ، وإحساسٌ عامٌّ مُشترك بالاِنتماء إلى الأرض وأعرافها وعاداتها في التَّعايش السّلميُّ. إنَّ المُجتمعات الّتي تأسَّست على أساسِ مفهومٍ وطنيٍّ وليس دينيٍّ للعضويّة هي بطبيعتها مفتوحة للوافدين الجُدُّد، بالطَّريقة الّتي لا تكون بها المجتمعات الدّينيّة. يجب أن يكون المُهاجر إلى المجتمعات الدّينيّة مستعدًا للتحوّيل؛ بينما المهاجر إلى المجتمعات الوطنيّة لا يحتاج إلَّا إلى الاِنصياع للقانون.
تعليقات
إرسال تعليق