المشاركات

نشيد سيّد السّبت \ لأشرف القرقني

صورة
  بيتي تابوتٌ خشبيّ صنعتهُ من أغصان شجرتي الوحيدة. ودون حاجة إلى طلائه على نحو لامع، نثرتُ دموعي على شقوقه فهوى. أَغلقني عن العالم الذي تزحف فيه المسوخُ البشريّة إلى حتفها باسمةً. وفتحتهُ على عوالمَ مخفيّة تسكنني. في اللّيل، حين تذهبُ الحزينات إلى النّوم والحزانى إلى الخمّارات النّائية، أدخل في مسافات رماديّة. الضّبابُ كثيفٌ. لكنّني أرى بأناملي عيونا حمراء تبرقُ في العتمة. الأشجار تشابك أغصانها لكنّ خطوتي تتقدّم. العشبُ أزرق والنّدى رؤوس صغيرة تتهاوى. ليس حلما ما أنا ماضٍ فيه كي أعود إلى مفسّريه لاهثا. وليس حقيقةً حتّى كي أفكّر. شبحٌ مائلٌ يمضي بي إلى ما لستُ أعرف. وأسمّيه أنا كلّما سحبني أكثر. تدريبٌ دوريّ على الموت أتعلّم خلاله نعيَ نفسي بما يليق بها. أقرأ الآيات التي كتبتها طفولتي في غيابها. أشكر الذين غابوا عن اللحظات التي تحتاجهم. ألعنُ الجمرة التي خرجتُ من جوفها نهرا. وأسمّي حياتي حديقة لم يسقط من سمائها أحدٌ. الجميع مكثوا هناك صاخبين حيثُ تركتهم وتهاويتُ إلى أسفلي.النّهار نائمٌ تحت الشّجرة. سيوقظه طرْق غيابي على الخشب. وأنا أعضّ على الأبواب.

الساعة الخامسة والعشرون \ فيرجيل جيورجيو

صورة
  إن الإنسان يستطيع السيطرة على كل الحيوانات المفترسة. غير أن حيواناً جديداً ظهر على سطح الأرض في الآونة الأخيرة. وهذا الحيوان الجديد اسمه: المواطنون. إنهم لا يعيشون في الغابات، ولا في الأدغال، بل في المكاتب. ومع ذلك فإنهم أشدّ قسوة و وحشية من الحيوانات المتوحشة في الأدغال. لقد وُِلِدوا من اتحاد الرجل مع الآلات. إنهم نوع من أبناء السفاح، وهو أقوى الأصول والأجناس الموجودة الآن على سطح الأرض. إن وجههم يشبه وجه الرجال، بل أن المرء غالباً ما يخلط بينهم. ولكن لا يلبث المرء حتى يدرك، بعد حين، أنهم لا يتصرفون كما يتصرف الرجال، بل كما تتصرف الآلات. إن لهم مقاييس وأجهزة تشبه الساعات، بدلاً من القلوب، وأدمغتهم نوع من الآلة، فهُم بين الآلة والإنسان، ليسوا من هذه ولا من ذاك. إنّ لهم رغبات الوحوش الضارية، مع أنهم ليسوا وحوش ضارية، بل إنهم مواطنون ... إنها سلالة غريبة اكتسحت الأرض.

تهمة اليأس \ آرثر شوبنهاور

صورة
  إن الحياة الإنسانية لابد أن تكون نوعاً ما من الخطأ، تبدو حقيقة ذلك واضحة بما يكفي إذا ما تذكرنا ببساطة أن الإنسان مُركب من حاجات وضرورات صعبة الاشباع، وإنها حتى عندما تُشبع فكل ما تحصل عليه هو حالة اللألم، حيث لا يتبقي شئ أمامه سوى الوقوع في الضجر، هذا دليل مباشر على أن الوجود لا قيمة له بحد ذاته، إذ ما هو الملل إن لم يكن شعور بفراغ الحياة؟ لو أن الحياة - التي يشكل توقُنا إليها جوهر وجودنا- تمتلك أي قيمة إيجابية بحد ذاتها، لما وُجِد شيء كالملل أصلاً، لكان مجرد الوجود يرضينا بحد ذاته، فلا نحتاج شيئاً. ولكن والحال كما هي، فإننا لا نجد متعة في الوجود إلا عندما نصارع من أجل شيء ومن ثم تجعلنا المسافات والصعوبات التي ينبغي تجاوزها نظن أن هدفنا سيتم إشباعه، وهو وهم يتبخر عندما نصل إلى الهدف، أو عندما نكون مشغولين بقضية فكرية بحتة، وفي الواقع نكون عندها قد خرجنا من الحياة لنراقبها من الخارج، كما يفعل المشاهدون في مسرحية.

وهم فريجولي Fregoli

صورة
ليوبولدو فريجولي - ممثل مسرحي ايطالي، كان يتميز بسرعة تغيير مظهره على المسرح، لم يدرك يوما أنه سيكون إسم لواحد من أكثر الأمراض فزعاً ورعباً،  تخيل معي .. لو أنك تشك بشخص أنه يراقبك، ويتبع خطواتك أينما توجهت! تلتفت لترى شخصاً عادياً ربما تظنه هو الذي يتبعك،  (ستشعر بالخوف طبعاُ). والأن تخيل لو أنك تظن أن مجموعة من البشر يراقبونك (سيزداد رعبك أضعافا كثيرة) كل هذا ممكن أن تتخيله،  لكن.. أن تتخيل أن البشر كلهم عبارة عن شخص واحد، يبدل شكله دائما ليراقبك (فهذا أمر مفزع) في (وهم فريجولي) يصبح البشر بالنسبة للمتوهم رجلاً واحد، أو إمرأة تتنكر كل دقيقة أو ثواني، حتى تراقبه، أو تتبع خطواته، يقوده ذلك للجريمة، وقتل الكثير من الناس! أسبابه غالبا إضطرابات ذهانية، وأحياناً أورام في الدماغ.

أحلام ديكارت : خرافات العقلاني الورع

صورة
  في العاشر من نوفمبر سنة 1619، كان رينيه ديكارت يجلس بكسل أمام المدفأة، ليرتاح من تجواله اليومي الذي يمضيه متأملاً الفلسفة ومشاكلها. غفا الشاب الكسول ذو الثلاثة والعشرين ربيعاً، وتتابعت في غفوته أحلام ثلاثة، اعتقد أنها رؤى إلهية، ودعوة لنشر الحقيقة والحكمة في هذا العالم الأرضي. كغيره من الأنبياء وأصحاب الرؤى، لم يتردد في قبول الدعوة، ونشرها بحماسة مجاهداً في سبيلها. فور استيقاظه سجّل أحلامه بدقة. الحلم الأول معقّد ومركّب: هاجمته أشباح شريرة وهو يتجوّل في شوارع المدينة، وجعلته ينحني على يده اليسرى أثناء مشيه، وليس اليمنى لأنها كانت تؤلمه بشدة. بهذه الطريقة المضحكة، وصل الشاب إلى مدرسة الكنيسة، ولكنه لم يستطع الدخول بسبب قوة الرياح. في باحة الكنيسة أخبره أحدهم أن السيد س يريد أن يراه ليعطيه شيئاً يخصه، وفكّر ديكارت بأنها بطيخة من بلد أجنبي. لاحظ أن هذا الشخص وآخرون اجتمعوا في الباحة ليتحدثوا كانوا يقفون بطريقة عادية وكأن لا وجود للرياح العاصفة التي تعبث به مما أثار استغرابه. الحلم الثاني قصير ومخيف ببساطته: سمع الشاب صوت انفجارات كبيرة، اعتقد أنها الرعد. نظر حوله في غرفته، فرأى شرر نار

لماذا لم نتفلسف بعد ؟

صورة
  لماذا لم نتفلسف بعد؟ سؤال محرج لنا نحن -المنشغلين بالفلسفة-، سؤال يقظ عقولنا المنبهرة بالتجارب الفلسفية الكونية، التي نجد أنفسنا مهتمين بإنجازاتها الكبرى، منهمكين باستعادتها، فلا يبلغ أقصى جهدنا واجتهادنا سوى إعادة صياغتها، من غير أن تبلغ بنا الجرأة إلى ولوج عتبة تجربة التفلسف، بما هو عتبة الإبداع الفلسفي؟ ربما تكمن علة هذا الأمر -في منظوري الشخصي- في ما أسميه (حجاب التجربة). فما معنى (حجاب التجربة)؟ يعبر (حجاب التجربة) عن وضعيتي التالية، بما هي وضعية-مشكلة، كوني إنساناً ينتمي إلى جماعة الإنسانية وإلى أفقها الفكري وإلى تراثها العقلي الحالي، والذي أعي صيرورته عموماً أو أعي جزءاً من تجلياته في صيغ تجارب فلسفية بعينها، غير أني على الرغم من كل هذا التفاعل، لا أجرؤ على التفكير، بل على التفلسف. وضعيتي الحالية هي وضعية المنفعل الذي أقصى ما يفكر فيه، إنما هو ما تم التفكير فيه سلفاً، ومن ثمة فأنا مازلت بعد مفصولاً عن قدرتي على التفكير بما هو شكل جديد لتجربتي الروحية. حجاب التجربة يقلص قوتي على التفكير، فلا يجعل مني ككائن لم يفكر بعد سوى ذلك الباحث عن موضع لا يحقق سوى مهارتي في استقبال المفاهي

موريسكي

صورة
  لفظة "موريسكي" رمز الإستئصال والإبعاد والإقصاء والقهر والنفي ... وهو عنوان للوعي الشقي..   مأساة الموريسكي، مأساتنا جميعا، من أجل التعبير عن الألم الشخصي، الفردي والجماعي، حيال عالم "كافكاوي" في صورة تيمات شعرية ينتظمها خيط العبث والجنون والألم :_تيمة الموت، موت الكائن، باعتباره أفقا للحياة. _القناص الذي يحترف الموت ضدا عن الحياة. موت ذات الكرسي المتحرك التي تعشش في الذاكرة. _موت الشاعر، أو حينما يصير الموت، موتنا جميعا، موضوعا للفرجة والتأمل. _الناس غير جديرين بالحياة والوجود . _الحياة "سيرك" عجيب ينطوي  على العبث والعدمية. _سؤال الوجود يقود إلى التحرر من عبث القهر اللاهوتي، وكل ما هو متعالي عن الشرط الإنساني. _المرأة، رفيقة الوجود، ظل لضعفنا الإنساني. _المومس، الوجه الآخر للبؤس الإنساني، تعبير عن الإفلاس الأخلاقي والإنساني. _الموت قدر كل الكائنات، بما فيها الجن. _انتفاء الحب في غياب الشروط الإنسانية التي تسمح بالحب. _الحياة شبيهة بلعبة "الكوريدا"، حيث قدر الثور/الإنسان هو الموت. _الهجرة نحو العبث والجنون من أجل حياة لا طعم لها. _انتظار القيام

أورفيوس

صورة
  أسطورة الموسيقي أورفيوس صاحب القيثارة التي عزف عليها معزوفات الحب الحزينة لزوجته الراحلة يوريديس ! ‏أورفيوس ابن ربة الشعر كاليوبي وأبولو إله الفن في الأساطير الإغريقية .. كان عازف القيثارة الذي لا يجارى ولم يقاوم سحر صوته وعزفه أحد ! ‏حين ذاق أورفيوس عذاب الفراق ذهب في مغامرة كبرى لاسترداد حبيبته من العالم السفلي .. حاملا قيثارته مؤمنا أنها ستحقق له المعجزات ولن يقاومها أحد ! ‏في رحلته الملحمية كانت القيثارة تلين لها القلوب حين يغني : " إستمع إلى مصيبتي إستمع إلى سبب مجيئي إلى هنا" وانتزع بها وعدا لاسترجاع يوريديس ! ‏كان الشرط الذي قبله أورفيوس ليعبر مع يوريديس الممر الفاصل بين عالم الأحياء والموتى .. ألا يلتفت خلفه ويقاوم أشواقه لرؤية وجه حبيبته الجميلة ! ‏كان أورفيوس لا يسمع صوت خطوات يوريديس .. ولا يحس لها وجودا خلفه وقاوم أشواقا في النهاية غلبته .. وما كاد يفعل حتى تلاشت يوريديس فاقدا إياها للأبد ! ‏ولم يجد أورفيوس الذي عاش هائما بلا وجهة إلا قيثارته معه ينشد الشعر الحزين عن مأساة حبه الضائع يوريديس .. ويعزفها ألحانا تنفطر لها القلوب ! 

الفن والفلسفة

صورة
  سؤال العلاقة بين الفن والفلسفة كان دوما سؤالا ملتبسا، زاد من التباسه في الأفهام أنه حظي بإجابات شديدة التباين والاختلاف من قبل اتجاهات التفكير والتفلسف، حيث ذهبت إلى حد بلورة مواقف متناقضة في تحديد طبيعة الممارسة الفنية وتقدير وظيفتها وقيمتها؛ إذ من الملاحظ أن الفكر الفلسفي تجاذب في سياق تطوره التاريخي علاقة لم تخل من تصارع وتعال على الفن، لكن في أحايين أخرى نجد تقديرا خاصا للأسلوب الفني يذهب إلى حد استصغار الفلسفة في مقارنتها معه، حتى في حقلها الذي هو إدراك العالم وفهم الوجود. ولذا، فلا عجب أن يخلص القارئ لنصوص الفكر الفلسفي إلى إبصار مواقف متناقضة في تقييم الفلسفة للخطاب الفني وتحديد مرتبته بين الأقاويل / الخطابات الثقافية. ويمكن أن نستحضر كمثال على المواقف الموغلة في احتقار الفن ونبذه، الفلسفة الأفلاطونية التي نظرت إلى الفن بوصفه وهما، يقتصر على محاكاة الوجود الحسي الذي هو بدوره مجرد تقليد لعالم المثل؛ ورأت في الأسلوب الفني مجرد منظور قاصر في التعاطي مع الوجود وعاجز عن إدراك ماهياته، بل بلغ أفلاطون في تنظيره اليوتوبي للجمهورية الفاضلة إلى حد نبذ الفن والفنانين من هذه الجمهورية، لع

لوحة سفينة الحمقى Ship of Fools \ هيرونيمُس بوش

صورة
  رسمت بين عامي 1490–1500 إذا حوَّلنا خيالنا بعيداً عن مشهد السفينة هذا إلى شاطئ مدينة أوربية في القرن الخامس عشر يمكننا تصوُّر أهل المدينة يجمعون الحمقى والمجانين الهائمين في الطرقات، لينبذوهم في البحر وتنعم المدينة بالسلام. تُصوِّر سفينة الحمقى للرسام هيرونيمُس بوش Hieronymus Bosch فكرة خيالية رمزية يمكن تقفّي جذورها إلى ما كتبه أفلاطون في حوار” الجمهورية” والتي أغناها خيال البشرية عبر العصور. يمكننا تخيُّل نظرة المجتمع إلى شخصيات لوحة بوش هذه والتي يبدون فيها هائمين في الغناء والشراهة والشهوة. وإن كانت تُربَط نشاطات الشخصيات إلى الخطايا في الديانة المسيحية بوصفها دليلاً عن حماقتهم وإدانة لها، أو كان يُنظر إليها من منظور طبي (ما زلنا في مدينة أوربية من القرن الخامس عشر!) كونهم أصحاب "أمزجة بلغمية" ناجمة عن فرطٍ في سائل البلغم في الجسم حسب نظام الأخلاط الطبي القديم، فلا شك أنَّ وبالاً غامضاً يلفّهم ويستدعي النّبذ. استوحى بوش لوحته من كتاب سفينة الحمقى لسيباستيان برانت تنطلق فيه سفينة – أسطول كامل في البداية – إلى بازل نحو فردوس الحمقى بينما تحمل اللوحة للبعض بُعداً تشاؤمياً

حالة السعادة والطمأنينة \ أبيقور

صورة
  عندما تحدث أبيقور عن السعادة في الحياة كان يستخدم كلمة "ataraxia" وهي كلمة يونانية تعني "الطمأنينة" و"الهدوء" و"راحة البال"  وكان يعتقد إن الإنسان يستطيع أن يصل لمرحلة الطمأنينة أو راحة البال عن طريق التخلص من القلق والجزع . كان يري أبيقور أن احتياجات الإنسان قليلة ، ويسهل عليه الحصول عليها، ويستطيع الإنسان تحمل أي معاناة ضرورية . وكان يري أن هناك أعداء لحالة ال"ataraxia" أو"الطمأنينة" منها: جمع الثروات وتحقيق الشهرة فالشهرة مثلاً تنطوي على آراء الآخرين بنا، وتقتضي أننا يجب أن نعيش حياتنا كما يرغب الآخرون، ولكي نحقق الشهرة ونحافظ عليها، يجب أن نحب ما يحبه الآخرون، ونتجنب كل ما يريدنا الآخرون أن نتجنبه  ففي رأي أبيقور الشهرة والحياة في السياسة علينا أن نهرب منها  وأما عن الثروة، فعلينا أن نتجنبها فهي فخ، فكلما كسبنا أكثر، ازدادت شهوتنا لنكسب المزيد وإذا لم تتحقق شهوتنا تلك يزداد حزننا عمقاً ولذلك يقول أبيقور:"إذا كنتم تتوقون إلى السعادة، لا تهدروا حياتكم في السعي للحصول على شيء لستم بحاجة إليه فعلاً".

الموت والغربة خارج حدود العقل

صورة
  "اننى أشعر بأن الحياة كابوس مؤلم..انظر حولك. تجد الحروب و  المآسي والكراهية والظلم. .والموت يتربص بنا من كل جانب" هكذا عبر يوجين يونيسكو عن تشاؤمه وعن الوضع الانساني بصفة عامة في أعقاب الحرب العالمية الثانية. .وسط الرماد. .ودخان الحرائق المتصاعد. .والوجوه البشرية المشوهة والعائلات المشردة. .وشبح القنبلة الذرية يلقي بظله فوق العالم. .منتصبا. .ضاغطا بقوة العقل الانسانى ليتذكر انه مهدد بالفناء في أي لحظة. .وليتذكر أيضا أن الكبير والصغير الرجل والمرأة. .جميعا. .يقفون على مسافة واحدة من  القبر،، و يوجين يونسكو واحد من أشهر أدباء اللامعقول أو أدب العبث. . أو الادب الطليعي في العصر الحديث- وقد ظهر هذا الاتجاه نتيجة لظروف اجتماعية بالغة التعقيد وكنتيجة للقلق الذي يعيش فيه الإنسان، ، فتاريخ الإنسانية، ، تاريخ دموي ،، حافل بالمجازر و المشانق والإبادة الجماعية، ، والتاريخ  يثبت أن الحرب هي السمة السائدة عبر كل العصور، ، وهناك حقيقة مفزعة-لا شك أن الكثيرين لا يصدقونها- وهي أنه طوال 3421 سنة الماضية، ، لم تتوقف فيها نيران الحرب سوى 286 سنة فقط،، هذه الحقيقة تدل  على أن الإنسان يتنفس الم

«فلسفة للتنوير وأخرى للظلام»: كيف يتسنى لأعداء «التنوير» أن يتكلّموا باسم الفلسفة؟ محمّد عادل مطيمط

صورة
  - ترتبط الفلسفة عند الجميع بدلالة تحررية وتنويرية واضحة. فنحن عادة ما نمتدحها وندعو إلى العناية بتدريسها وإلى توسيع نطاق الاهتمام بها ليشمل تلاميذ المرحلة الابتدائية (الفلسفة للأطفال) ودارسي الاختصاصات غير الإنسانية والأدبية من العلوم النظرية والتطبيقية. نحن ندعو إلى ذلك نظرا لارتباط الفلسفة عندنا بتلك الدلالة التنويرية، ولاقتناعنا بأنّ الفلسفة وحدها تكون قادرة على تخليص الفرد من ضروب الدغمائية وعلى تمكينه من استقلالية الموقف وتشذيب ملكة النقد لديه.غير أن وجود فلاسفة أو مشتغلين في حقل الفلسفة يتبنون مواقف محافظة وأحيانا متطرفة وظلامية، يجعلنا نعيد طرح السؤال: أيّ فلسفة نريد؟ وأيّ فلسفة يجب أن تقدم للأجيال لكي تكون قادرة على الاضطلاع بدورها النقدي والتنويري؟ وهل أنّ كل فلسفة صالحة لتكون رافدا للتحرير والتنوير؟ - نحن مقتنعون بكون الرأي القائل بأن الفلسفة طريق إلى التنوير والى تمكين الفرد من استقلالية الموقف هو الأقوى والأكثر وجاهة وهو ما يجعل الاهتمام بها وتدريسها للأجيال أمرا ذا معنى. وتتأتى جدارة هذا الموقف في رأينا من معطيين أساسيين اثنين: • يرتبط الأول بماهية الفلسفة نفسها مثلما تح

نظرية المُثل لافلاطون \ يوحنا بيداويد

صورة
  اصل (فكرة المُثل) او نظرية المُثل عند افلاطون جاءت من عملية التمييز بين الحقيقة والمظاهر او الشيء الظاهر، وقد بدأ الجدال في هذا  الموضوع  في البداية  على يد بارماندس و فيثاغورس. كما قلنا في دراستنا عن حياة فيثاغورس هناك نبرة دينية او صبغة دينية عنده في موضوع (تفسير الحقيقة) اكثر من بارمنداس،بسبب تداخل في المواضيع مثل الرياضيات والموسيقى التي هي قريبة من اهتماماته في تفسيراته.  بصورة عامة ان اراء فيثاغورس وبارمنداس والاساطير المتداولة في ذلك الوقت كلها جمعت معا في هذا الموضوع ، الذي نال رضى المفكرين العقلانيين والمتدينين. هكذا خرجت نظرية المُثل الى الوجود على يد افلاطون، التي تركت اثرا كبيرا على مدى كل العصور، الى ايام عمانوئيل كانت و هيجل والى حد يومنا هذا، حتى على الفكر اللاهوتي الكنسي  بالاخص الاباء الكبار امثال اوغسطينوس وتوما الاكويني . اذن لنبدأ نقاشنا ما المقصود  بكلمة ( فيلسوف) ؟. الجواب هو محب الحكمة، لكن هناك فرق بين محب الحكمة ومحب امتلاك المعرفة التي تأتي من شخص عادي. اذن لمحب الحكمة او الفيلسوف رغبة في رؤية الحقيقة. والان ما هي الرؤية؟ لنفرض شخص ما يحب معرفة اشياء او التح

دراسات في الفلسفة الوجودية \ عبد الرحمن بدوي

صورة
  لكن هناك عاطفة أهم من الضجر فيها يتجلى العدم أبرز ما يتجلى. وهي القلق. والقلق ليس هو الخوف، لأن الخوف هو دائماً خوف من شيء معين، أما القلق فيتعلق بالأشياء كلها في مجموعها. وليس القلق هو الذي يوجد العدم، إن صح هذا التعبير، بل هو فقط الذي ينبه الإنسان إلى وجوده. ولهذا لابد للإنسان أن يعيش في القلق ليتنبه إلى حقيقة الوجود. ذلك أن الإنسان بطبعه يميل إلى الفرار من وجه العدم الماثل في صميم الوجود وذلك بالسقوط بين الناس وفي الحياة اليومية الزائفة، ولكي يعود إلى ذاته لابد من قلق كبير يوقظه من سباته. والقلق على نوعين: قلق من شيء، وقلق على شيء. والموجود في العالم يقلق على إمكانياته التي لن يستطيع مهما فعل أن يحقق منها غير جزء ضئيل جداً: أولاً لأن التحقيق يقتضي الإختيار لوجوه والنبذ لسائر الوجوه. وثانياً: لأن ثمة حقيقة كبرى تقف دون استمرار التحقيق ألا وهي: الموت.

الأيام \ عبدالرحمن منيف

صورة
  كنا، وفي وقت سابق، نهرول نحو الأيام الآتية، كنا نريدها أن تسرع، ان تنطوي، إذ كان هدفنا ان نكبر بسرعة. أما الآن، وربما في الأيام القادمة أيضاً، نريد ان تهدّئ السرعة، ان نتأمل، ان نقارن، لكن الأيام لا تترك لنا فرصة أو مجالاً، وهكذا يسيطر علينا الشعور بالأسى والشجن. كنا نركض من أجل ماذا؟ والآن نحاول ان نبطئ، من أجل ماذا أيضاً.

خرفان بانورج

صورة
  من الأدب الفرنسي  قصة قصيرة جداً بعنوان " ‏خرفان بانورج "  روى الكاتب الفرنسي "فرانسوا رابلي" قصة رجل يدعى "بانورج" (Panurge) كان في رحلة بحريّة على متن سفينة. وكان على نفس السفينة تاجر الاغنام "دندونو" ومعه قطيع من الخرفان المنقولة بغرض بيعها.  كان "دندونو" تاجرًا جشعًا لا يعرف معنى الرحمة،‏ ووصفه الأديب الكبير رابليه (Rabelais) بأنه يمثل أسوأ ما في هذا العصر وهو غياب الإنسانية.  حدث أن وقع شجار على سطح المركب بين "بانورج" والتاجر "دندونو" صمم على إثره "بانورج" أن ينتقم من التاجر الجشع، فقرّر شراء الخروف الأكبر من التاجر بسعرٍ عالٍ وسط سعادة دوندونو بالصفقة الرابحة.‏ وفي مشهد غريب يمسك "بانورج" بزعيم الخراف من قرنيه ويجره بقوة إلى طرف السفينه ثم يلقي به إلى البحر، فما كان من أحد الخرفان إلاّ أنْ تبع خطى الخروف القائد الغريق ليلقى مصيره، ليلحقه الثاني فالثالث فالرابع وسط ذهول التاجر وصدمته ،  ‏ثم اصطفت الخرفان الباقية في "طابور مهيب" لتمارس دورها في القفز في كل الإتجاهات . جن جنون تاجر