لوحة سفينة الحمقى Ship of Fools \ هيرونيمُس بوش
رسمت بين عامي 1490–1500
إذا حوَّلنا خيالنا بعيداً عن مشهد السفينة هذا إلى شاطئ مدينة أوربية في القرن الخامس عشر يمكننا تصوُّر أهل المدينة يجمعون الحمقى والمجانين الهائمين في الطرقات، لينبذوهم في البحر وتنعم المدينة بالسلام. تُصوِّر سفينة الحمقى للرسام هيرونيمُس بوش Hieronymus Bosch فكرة خيالية رمزية يمكن تقفّي جذورها إلى ما كتبه أفلاطون في حوار” الجمهورية” والتي أغناها خيال البشرية عبر العصور.
يمكننا تخيُّل نظرة المجتمع إلى شخصيات لوحة بوش هذه والتي يبدون فيها هائمين في الغناء والشراهة والشهوة. وإن كانت تُربَط نشاطات الشخصيات إلى الخطايا في الديانة المسيحية بوصفها دليلاً عن حماقتهم وإدانة لها، أو كان يُنظر إليها من منظور طبي (ما زلنا في مدينة أوربية من القرن الخامس عشر!) كونهم أصحاب "أمزجة بلغمية" ناجمة عن فرطٍ في سائل البلغم في الجسم حسب نظام الأخلاط الطبي القديم، فلا شك أنَّ وبالاً غامضاً يلفّهم ويستدعي النّبذ.
استوحى بوش لوحته من كتاب سفينة الحمقى لسيباستيان برانت تنطلق فيه سفينة – أسطول كامل في البداية – إلى بازل نحو فردوس الحمقى بينما تحمل اللوحة للبعض بُعداً تشاؤمياً بوصفها سفينة البشرية جمعاء، وإن الأعمال الأدبية في القرن السادس والسابع عشر جعلت من الفكرة الرئيسية لسفينة الحمقى محاكاة ساخرة لسفينة نوح.
سفينة الحمقى المعروضة في متحف اللوفر هي جزء من ثلاثية لوحيّة إذ تُعرَض اللوحة المكمِّلة لمشهد سفينة الحمقى في صالة عرض جامعة ييل، بينما نجد الجزء الثالث بعنوان موت البخيل في صالة عرض الفن الوطنية في واشنطن العاصمة.
يجدُر بالذكر أن الفنان هيرونيمُس بوش الذي رسم سفينة الحمقى في القرن الخامس عشر إلى جانب عدّة لوحات ذات طابع سريالي يكتسب شهرة فيما يُعَدّ سبقاً إلى السريالية، قبل سلفادور دالي بحوالي 400 عام.
تعليقات
إرسال تعليق