تهمة اليأس \ آرثر شوبنهاور
إن الحياة الإنسانية لابد أن تكون نوعاً ما من الخطأ، تبدو حقيقة ذلك واضحة بما يكفي إذا ما تذكرنا ببساطة أن الإنسان مُركب من حاجات وضرورات صعبة الاشباع، وإنها حتى عندما تُشبع فكل ما تحصل عليه هو حالة اللألم، حيث لا يتبقي شئ أمامه سوى الوقوع في الضجر، هذا دليل مباشر على أن الوجود لا قيمة له بحد ذاته، إذ ما هو الملل إن لم يكن شعور بفراغ الحياة؟ لو أن الحياة - التي يشكل توقُنا إليها جوهر وجودنا- تمتلك أي قيمة إيجابية بحد ذاتها، لما وُجِد شيء كالملل أصلاً، لكان مجرد الوجود يرضينا بحد ذاته، فلا نحتاج شيئاً. ولكن والحال كما هي، فإننا لا نجد متعة في الوجود إلا عندما نصارع من أجل شيء ومن ثم تجعلنا المسافات والصعوبات التي ينبغي تجاوزها نظن أن هدفنا سيتم إشباعه، وهو وهم يتبخر عندما نصل إلى الهدف، أو عندما نكون مشغولين بقضية فكرية بحتة، وفي الواقع نكون عندها قد خرجنا من الحياة لنراقبها من الخارج، كما يفعل المشاهدون في مسرحية.
تعليقات
إرسال تعليق