المشاركات

المرأة والعاطفة الشخصية

صورة
  يبدو لنا ، اذا اصغينا إلى الرجال العاديين، انهم يجعلون حياتهم تدور حول ما قد تسميه النساء "الكلمات العظيمة": "الشرف"، و"الواجب"، و"العمل"، و"الأخلاق"، و"المنطق"، و"العقل"، الخ.  وبالاختصار، يجعل الرجال العاديون حياتهم تدور حول سلسلة من المجردات.  وهكذا ينظر العديد من الرجال إلى الوجود على انه منصّب في ضرب من القالب العام، المفروض من الخارج. ثم يحاولون أن يمتثلوا له امتثالا ليس بالجيد ولا بالسيئ.  بل إنهم يمتثلون في أغلب الأحيان امتثالا أكثر سوءاْ مما هو جيد، ذلك ان المرء يمكن ان يكون علئ يقين بأن أي رجل يتكلم على الشرف والواجب، فيقول "شرفي"، و"واجبي"، يحتفظ في رأسه بالعمومية المقننة.  ومع ذلك، ليس لأي مجرد قيمة إنسانية إلا جعله كل فرد متلائما مع أناه الشخصية.  فمن المتعذر ان يحس شخصان بشيء واحد عندما يتكلمان على الشرف، أو على أي موضوع آخر من النوع ذاته.  ولن تستخدم أي امرأة على الاطلاق هذه التعبيرات العامة، الجاهزة، التي تتصف بأنها، بالنسبة إليها، فارغة من المعنى.  وتنظر المرأة مندهشة إلى الرجال

الرواقيّة \ ميشال أونفري

صورة
إنّ الرواقيّة في الحقيقة فلسفة تجعل الإنسان متواضعا لأنها تُعيده إلى مكانه، الذي يظل تافها، في مواجهة رحابة الكوسموس وانفجاراته التي تُشبه انفجارات عُظمى (big-bangs) تَلِيهَا انبعاثات !  فموتنا ليس بأهم من سقوط ورقة في مساء خريفي. ولا ولادتنا تكتسي أهمية أكبر من ولادة ذبابة. كما أن حياتنا لا تتملك قيمة أكبر من قيمة حياة كلب ضال. إنّ إلقاء نظرة بسيطة على درب التبّانة اليوم كفيل بإقناعنا بذلك.  ترجمة \ يوسف اسحيردة  

لماذا نعجب بمسرح العبث؟ د.علي خليفة

صورة
  حين ظهرت أوائل مسرحيات العبث على يد بعض الكتاب خاصة صمويل بيكيت ويوجين يونسكو توقع كثير من النقاد أن هذه الموجة من الكتابة المسرحية لن تستمر طويلا، وسيملها الجمهور سريعا، وأنها ستنتهي، ولن يكون لها أثر خلال وقت قليل، ولكن ما حدث بعد ذلك كان خلاف ذلك تماما، فلقد انجذب جمهور كبير لمسرح العبث، ومال بعض الكتاب ذوي الكتابات الواقعية والأسلوب الكلاسيكي في الكتابة لذلك النوع من المسرح، وما زال مسرح العبث يلقى إعجابا من القرّاء والمشاهدين له، لا سيما تلك المسرحيات المهمة التي كتبها كبار كتاب مسرح العبث، ولاقت نجاحا كبيرا حين عرضها، وما زال بعضها يلقى نفس النجاح عند عرضه، وذلك على الرغم من ظهور تيارات مسرحية ظهرت بعد ذلك، كمسرح الغضب، وتيارات أخرى تجعل التجريب هدفها، وتضعف سلطة النص على حساب سلطة العرض المتمثّلة في قدرات المخرج وجماعة الممثلين، ومن يقوم بالسينوغرافيا. وسأحاول هنا أن أعرض الأسباب التي تجعلنا نعجب بمسرح العبث، ونستمر في إظهار إعجابنا وانبهارنا به. أولا: ما في مسرح العبث من كسر لتقاليد المسرح العتيقة والثورة عليها وكتاب مسرح العبث يَرَوْن أن المسرح قبلهم كان نوعا من المحاكاة وال

مفتاح تخفيف الألم المزمن موجود بالدماغ

صورة
  مفتاح تخفيف الألم المزمن موجود بالدماغ(دارات الالم داخل الدماغ).. تلك الكلمات أوردها "جون كابات زين" -الأستاذ المتقاعد بكلية الطب في جامعة ماساتشوستس- في كتابه "حياة كارثية بالكامل" (Full Catastrophe Living)، ملخصًا تلك العلاقة الأبدية بين الإصابة بآلام جسدية والشعور باضطرابات نفسية تجعل الشخص يسير في طريق "أحلى ما فيه أمر من الصبار"، مشددًا على ضرورة "استخدام الشخص للحكمة الموجودة في جسده وعقله لمواجهة الضغوط العصبية والآلام والأمراض". في السياق ذاته، تشير نتائج دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعتي "كاليفورنيا" و"ستانفورد" الأمريكيتين، ونشرتها دورية "نيتشر نيوروساينس" (Nature Neurscience)، إلى أن مفتاح تخفيف الألم المزمن موجود في الدماغ، مشددةً على أن "استكشاف الدوائر الدماغية التي يحدث فيها تغيير عند حدوث الألم قد يُسهم في تطوير علاجات تستهدفها لإيقاف الشعور بالألم". وفي تلك الدراسة، كشف العلماء عن فئة من الخلايا العصبية تنقل إشارات اللذة والألم على السواء عبر "دائرة دماغية واحدة"، يبدو وكأن وظ

اللّامأمول \ كريستيان بوبان

صورة
  إنّه قذرٌ، حتّـى عندما يكون نظيفًا. يغطيّه الذّهب والفضلات البشريّة والأطفال وقدور الطبخ. يبسط سلطته في كلّ مكان، كما لو كان ملكا بدينًا وسـِخًا، لم يبق لديه شيء يحكمهُ بعد أن غزا كلّ شيء، وسمّم الأخضر واليابس بقذارته الفطريّة. لا أحد يستطيع مقاومته. وبفضل جاذبيّته الأبديّة إلى القاع، وإلى حُلكة الوقت الثّقيل، يبسطُ سلطته. يُسكّن الآلام في السّـجون. ويعمل بشكل دائم في بعض أجنحة مستشفيات الأمراض العقليّة.  في هذه الأماكن، يجدُ مكانه المناسب: لا ننظر إليه، ولا نستمع إليه. نتركه مثرثرا في الرّكن، ونترك أمامه أولئك الّذين لم نعد نعرف ماذا نفعل بهم، فالأيّام في المستشفيات، كما هو حالها في السّجون، أطول من أن تكون مجرّد أيّام، ولذلك يجب قضاؤها بطريقة مّا، كأن نكلّفه بحراسة مختلّي العقول والسّـجناء والمسنّين المنسيّين في دور العُجّز. وبما أنّه أقلّ كرامة من هؤلاء النّاس الّذين ذبحهم خريف العُمر واختارت القوانين أو الطبيعة أن تجعل منهم ضحاياها، فهو مستغرق على الدوام في سخريته من هذه الكرامة الّتي يفتقر إليها. إنّهُ سعيد بعمله، عمله الّذي يتلخّص في تلويث الألم الموكول إليه وفي ردم كلّ شيء في

الإنسان المستلب \ إيريك فروم

صورة
  يكره الإنسان عمله لأنه يقود إلى الشعور بالسجن... إنني مشغول دائما، إما أنني أعمل وإما أنني ألهو. ليست هناك ضرورة لكي أكون واعيا، لأنني مشغول على الدوام بالاستهلاك. فأنا نَسَق من الرغبات ومن تحقيقها. لابد أن أعمل لكي أحقق رغباتي، التي يقودها الاقتصاد باستمرار...  يشعر هذا الإنسان المُغَّرب المعزول بالخوف، ليس فقط لأن التغرب والعزلة يخيفان، لكن لسبب آخر خاص. إن النظام الصناعي البيروقراطي...، يُشعِر بالخوف في المقام الأول بسبب التناقض بين كبر المقاولة وصغر الفرد. من هنا فإن الشعور بعدم الأمن العام يؤدي إلى الخوف، الذي يُغرَس في كل واحد منا تقريبا. فأغلبية الناس موظفون، وبالتالي فإنهم تابعون لرؤسائهم البيروقراطيين. لم يبيعوا قوة عملهم فقط، بل يبيعون في المزاد العلني شخصيتهم (ابتساماتهم، أذواقهم وحتى صداقاتهم). يخونون أصالتهم دون أن يكونوا على يقين ما إذا كان بإمكانهم الصعود في السلم الاجتماعي أم التعرض للفقر، للعار وللفضيحة. فعلى الرغم من الرفاهية فإن المجتمع الصناعي البيروقراطي هو مجتمع جبناء وأناس خائفين. إن الإنسان الذي أصبح شيئاً هو إنسان جبان، ليس له أي إيمان ولا أية قناعة ولم يعد ب

يجب على الفلسفة أن تعود الى الشارع \ ميشال أونفري

صورة
يجب على الفلسفة أن تعود الى الشارع وتخرج إلى الناس حيث تنتمي، وحيث كانت تنتمي في العصور القديمة. لاحظ كيف تزدحم أعمال افلاطون بالناس، السمّاكين، الاسكافيين، المومسات المارات الخ. الفلسفة لا تخص مشرعين يقرأون الكتب المعينة ويتفلسفون خلال وقت دوامهم. أن تكون فيلسوفا يعني أن تتفلسف طوال الوقت: هذا هو التقليد الأنتيكي الذي أود العودة إليه والذي للأسف أخذ في التلاشي بعد صعود المسيحية. يجب القول إنني لا أعتبر أن المسيح كان شخصية تاريخية على الاطلاق- المسيح هو شخصية تبلورت في خيال الإنجيليين الذين لم يعرف كتّابها يوما المسيح، وبهذا خنق آباء الكنيسة الفلسفة التي دارت حول لحم هذا الشخص ودمه فصارت تمرينا وبحثا مجنونا في تفاصيل عجيبة، حيث تأتى عليهم إثبات تلك العجائب مثل الثالوث، القيامة والولادات العذرية. هكذا نحصل على ما يزيد عن عشرة قرون من الفلسفة رُسمت انطلاقا من الرغبة في إضفاء الشرعية على شيء لا يمكن إقراره. فلسفة الجامعات التي نعرفها هي تطوير لتقليد علم المسيحية لذا عندما تتحدث عن فيلسوف فرنسي- النظرية الفرنسية كما يقول الأمريكيون، وأعني فلاسفة مثل دولوز، غاتاري، ديريدا وليوتار الخ – فذلك

Paris, Texas (1984) \ Wim Wenders

صورة
اعتدتُ على خوض محادثات طويلة معك بعد رحيلك...كنت أتكلم معك طوال الوقت مع أنني كنت بمفردي، هِمتُ لشهور وأنا أتحدث إليك، الآن لا أعرف ماذا أقول كان الأمر أكثر سهولة عندما كنتَ مجرد صورة متخيلة حتى لقد تخيلتُ أنك تبادلني الحديث...لقد خضنا محادثات طويلة كلانا كما لو أنك كنت معي، كنت أستطيع سماعك كنت أستطيع رؤيتك، تشمم رائحتك، كنت أستطيع سماع صوتك أحيانا كان صوتك يوقظني...كان يوقظني في منتصف الليل كما لو أنك كنت معي في الغرفة...ثم خَفَتَ تدريجيا لم أتمكن من تخيّلك بعدها...حاولت التحدث معك بصوت عال كما كنت أفعل لكن لا شئ كان هناك لم أتمكن من سماعك...ثم أصابني اليأس توقف كل شئ...أنت اختفيتَ ببساطة، أعمل الآن هنا وأسمع صوتك طوال الوقت...كل رجل يملك صوتك. 

فن العيش الحكيم \ آرثر شوبنهاور

صورة
   الإنسان العامي تحده الأشياء الخارجية خلال بحثه المحموم عن المتع والشهوات من قبيل الثراء والمكانة والأسرة والأصدقاء والمجتمع وما شابه، فكل هذه الأشياء تحجب عنه النظرة البعيدة، وعليها يُقيم صرح سعادته الذي سرعان ما ينهار بالكامل عندما تحيق به خسارة أو تصيبه إحباطات وتلتف حوله خيبات الأمل. يجوز القول عن هذا الشخص وأمثاله بأن نقطة جاذبيتهم تقع خارجهم، لذلك لا عجب إن كانت أمانيهم ونزواتهم لا تستقر على حال ولا يقر لها قرار. فإذا ابتسم الحظ لأحدهم، بادر إلى إقتناء إقامات فاخرة أو خيول جميلة أو إلى إقامة الحفلات والولائم والقيام برحلات السفر، وفي كل هذه الحالات، يكون حريصاً أشد الحرص على التباهي بمظاهر البذخ باحثاً فيها عن إشباعات خارجية، مثله كمثل الكليل المُنهك الذي يبحث عبثاً عن الصحة والعنفوان المفقود في العقاقير والعلاجات الصيدلية، غافلاً عن أن مصدر هذا العنفوان إنما هو القوة الحية المنبعثة من دواخله.

كيف أذهبُ إلى الغابة \ ماري أوليفر

صورة
  في العادةِ، أذهبُ إلى الغابةِ بمفردي، دونَ الأصدقاءِ، لأنّهم جميعًا مبتسمون، ثرثارون، ولهذا لا يصلحون. لا أريدُ لأحدِهِم أن يراني أتحدثُ إلى العصافيرِ المُوَّاءة أو أعانقُ شجرةَ البلّوطِ الأسودِ العتيقةَ. لدي طريقتي في الصّلاةِ، ولديك طريقتُك بالتأكيد. علاوةً على ذلك، عندما أكونُ وحدي يُمكنُنِي أنْ أستحيلَ غيرَ مرئيّةٍ. يمكنُني الجلوسَ على كثيبٍ رمليٍّ بلا حراكٍ، كما العشبةِ النابتة، تجري الثعالبُ غيرَ مكترثةٍ حولَها. يمكنُني سماعَ غناءِ الزّهورِ الصامتة. إنْ كنتَ قد ذهبتَ معي إلى الغابةِ في أيّ وقتٍ مضى، فلابدّ وأنني جدًّا أحبّك. 

الجريمة و العقاب \ دوستويفسكي

صورة
  كان منذ عرفته قاتم النفس متجهم الوجه شديد الكبرياء متعاليا ؛ و هو في هذه الآونة الأخيرة -و لعل ذلك يرجع إلى عهد أبعد- كثير الشكوك و الوساوس أيضا . هو سمح طيب . و هو لا يحب أن يظهر عواطفه ، و يؤثر أن يرتكب إساءة على أن يفتح قلبه . على أنه في بعض الأحيان يبرأ من الوساوس ، فلا يظهر عليه عندئذ إلا برودة في العاطفة و فتور في الإحساس حتى ليصل من ذلك إلى درجة يفقد معها روح التواصل الإنساني ، فكان له طبعين متعارضين يتناوبان الغلبة واحدا بعد آخر . يتفق له أحيانا أن يكون صموتا إلى حد رهيب : فإما أن يزعم أنه ليس في وقته متسع ، و إما  أن الناس جميعا يزعجونه ؛ و مع ذلك يظل مستلقيا على سريره لا يعمل شيئا . و ما هو بالساخر ، ليس لأنه فقد روح الفكاهة ، بل لأنه كمن لا يريد أن يتلبث على سفاسف سخيفة و ترهات باطله . إنه لا يصغي أبدا إلى ما يقال حتى النهاية . إنه لا يهتم أبدا بالأشياء التي يهتم بها الآخرون في لحظة من اللحظات . و هو معتد بنفسه اعتدادا عظيما ، و يظهر أن من حقه أن يعتد بنفسه هذا الاعتداد . ماذا اقول أيضا ؟ ..  إنه لا يحب أحدا ، و لعله لن يحب أحدا في يوم من الأيام .

لا تُزعِج نفسك \ ماركوس اوريليوس

صورة
  لا تُزعِج نفسك بالتأمل في المشهد الكلي لحياتك، لاتدع فكرك يضم في آنِِ معا كل ما ازعجك فيما مضى وكل ما يمكن أن يُزعجك فيما بعد، بل اسأل نفسك في كل ظرف حاضر: ( أي شيءِِ في هذا يفوق احتمالي وينوء بي؟ ) ولسوف تخجل من مثل هذا الإقرار. ثم ذكر نفسك انه لا المستقبل ولا الماضي هو ما يُثقل عليك، بل الحاضر وحده، وكم يهون عبء الحاضر إذا أمكنك فقط ان تحدده وتضعه في حجمه، وان توبخ عقلك اذا كان يكل عن الصمود لشيءِِ مخفف كل هذا التخفيف.

المجد لِوجاهةٍ تُشرّف الأشياءَ عوض أن تشرفها الأشياءُ \ محمد هاشمي

صورة
  بقدر ما يخس و ينحط و ينبخس الشخص ، بقدر ما يبالغ في التخفي خلف الأشياء والعناوين والأضواء الزائفة والفرقعات التافهة. يتلبسها فتصبح هي هو يستلف فخامتها فيحسب نفسه فخما، ووسامتها فيعتقد نفسه وسيما، و قوتها فيتجبر ويتعملق رغم تقزمه، حين يتخفى خلف أشيائه المتعاظمة، يغطّي عن ضعفه وعن انكماشه وترهله وعنته وعجزه بربطات العنق الطويلة و بسيارات تتمدد بهيكلها المتين لتعوض تمددا لا يسعفه ووجاهة لا تستقيم له . قد أقبل من عاهرات الرصيف أن تميز بين الزبناء حسب ما يركبون من سيارات ، لكننا لا نقبل من الرجال أمرا كهذا، لا يهم الرَّكوب يا سادة بل معقد الأمر على الراكب من يكون،  المجد لِوجاهةٍ تُشرّف الأشياءَ عوض أن تشرفها الأشياءُ .

أنا في حرب على نفسي \ جاك دريدا

صورة
  أنا، لم أتعلم بعدُ كيف أحيا، أبدًا لم أتعلم ذلك.. فأن يتعلم الواحد كيف يحيا، يعني أن يتعلم كيف يموت، أن يأخذ في حسبانه الموت الحتمي، وبرضى به، (بلا خلاص ولا قيامة، ولا فداء) لا لنفسه ولا لغيره.. منذ أفلاطون، هذا هو الواجب الفلسفي القديم: أن تتفلسف يعني أن تتعلّم كيف تموت. أعرف هذه الحقيقة، وأتحاشى مواجهتها دائمًا.. مرة بعد مرة، أبتعد عن الإقتناع بذلك، حقيقة أن أتقبل الموت. فنحن كلنا أحياء، لكن أحياء لمهلة ما، لأجل ما، (ومن وجهة نظر جيوسياسية تجدها في كتابي “أطياف ماركس”، فنحن نعيش في عالم أكثر ظلمًا من أيّ وقت مضى، ظلم يُمارس تجاه المليارات من الأحياء، من البشر ومن غيرهم من الكائنات.. وهؤلاء النّاس، فضلاً عن أنه لا يُسمح لهم بالتّمتع بحقوق الإنسان الأولية، التي صار عمرها أكثر من قرنين وما انفكّت تتطور، لكنهم لا يتمتّعون حتّى بالحدّ الأدنى بحياة قمينة بأن تُعاش).. بيد أنّي، لا زلت إلى الآن عصيًا على تلقّي حكمة أن أعرف كيف أموت. إذ إنني حتّى اليوم لم أتعلم ولم أكتسب جديدًا في هذا الموضوع.. فهذه المهلة المعطاة لنا في الحياة تتقلص بنحو متسارع. ليس فقط لأنني – كما هو حال كثيرين غيري – قد

مذكرات فتاة رصينة \ سيمون دي بوفوار

صورة
   الحياة..يا لها من كائن غريب! في لحظة ما، شفافة ومفهومة وفي لحظة أخرى، مبهمة تماماً. إنها شيء أصنعه بنفسي، مع ذلك مفروض عليّ، إنها توفّر البدايات ثم تسلبها مني مرةً أخرى، تسحقني بالأحداث، تبعثرني، تحطمني، لكن مع ذلك تبقيني متماسكة . كيف أنها متعارضة، لكن مع ذلك متناسقة، هذا التناقض يولد العديد من الإتجاهات والجوانب .

الحضارة وسخطها \ سيجموند فرويد

صورة
  ﻫﻨﺎﻙ ﺳﺒﺐ ﺁﺧﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﻟﻠﺨﻴﺒﺔ ﻭﻻ‌ﻧﻘﺸﺎﻉ ﺍﻷ‌ﻭﻫﺎﻡ. ﻓﺨﻼ‌ﻝ ﺍﻷ‌ﺟﻴﺎﻝ ﺍﻷ‌ﺧﻴﺮﺓ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻘﺪﻡ ﺧﺎﺭﻕ ﻟﻠﻤﺄﻟﻮﻑ، ﻭﻗﺪ ﺑﺴﻄﺖ ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ﺫﻟﻚ ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻴﻮﻡ. ﻭﺳﻤﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﻳﻐﻨﻲ ﺣﺘﻰ ﻋﻦ ﺗﻌﺪﺍﺩﻫﺎ. ﻭﺑﻨﻮ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ ﻓﺨﻮﺭﻭﻥ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ، ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﻓﺨﺮﻫﻢ ﻫﺬﺍ ﻣﺤﻘﻮﻥ. ﺑﻴﺪ ﺍﻧﻪ ﻳﺨﻴﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺍﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻ‌ﺳﺘﺮﻗﺎﻕ ﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻟﺼﺒﻮﺍﺕ ﻭﺃﻣﺎﻧﻲﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺁﻻ‌ﻑ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ، ﻟﻢ ﺗﺰﺩ ﺍﻟﺒﺘﺔ ﻣﻦ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﻟﻤﺘﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻈﺮﻭﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ. ﻭﻣﻦ ﺛﻢ، ﻻ‌ ﻳﻌﻤﺮ ﺃﻓﺌﺪﺗﻬﻢ ﺍﻹ‌ﺣﺴﺎﺱ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺻﺎﺭﻭﺍ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺫﻟﻚ ﺃﻛﺜﺮ ﺳﻌﺎﺩﺓ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺽ ﺍﻥ ﻳﻜﺘﻔﻮﺍ ﺑﺎﻻ‌ﺳﺘﻨﺘﺎﺝ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺷﺮﻁ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ، ﻛﻤﺎ ﺍﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﺍﻟﻴﺘﻴﻢ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻤﺪﻳﻦ. ﻻ‌ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻨﺘﺠﻮﺍ ﺍﻥ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﺫﻱ ﻗﻴﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ "ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ" ﺳﻌﺎﺩﺗﻨﺎ. ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ، ﺃﻟﻦ ﻧﻤﻴﻞ ﺇﺯﺍﺀ ﺍﻻ‌ﺳﺘﻨﺘﺎﺝ ﺍﻷ‌ﺧﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻻ‌ﻋﺘﺮﺍﺽ ﺑﻘﻮﻟﻨﺎ: ﺃﻟﻴﺲ ﻣﻜﺴﺒﺎ ﺇﻳﺠﺎﺑﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺬﺓ، ﺍﻻ‌ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺑﻼ‌ ﻟﺒﺲ ﺷﻌﻮﺭﻱ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎﺩﺓ، ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﻣﻜﻨﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﺳﻤﻊ ﻣﺘﻰ ﻣﺎ ﺷﺌﺖ

ثلاثية غرناطة \ رضوى عاشور

صورة
  والقلب في بيت القلب يعتصر كأنما تقبضه يد الموت ويموت. يحدقون فيك ولا يرف لهم جفن. يلقون بك في قبو وحدك لا تقدر حتى على البكاء، وعندما تقدر تذرف الدمع الغزير، ليس لأن البدن يوجع، ولكنك تبكي على تلك المزق الآدمية التي تعرف أنها أنت، تبكي على حالك وعلى هجر حبيب في الزرقاء العالية تركك وحدك تصطلي بنار لم يعد الله بها قومه الصالحين. وحدك في سجنك المظلم تحاصرك الوحشة ولا ضوء سوى ذؤابة شمعة ذابلة يرتعش معها على الجدار طيف المحقق الذي يلازمك وإن غاب، خيال يعظم خطه الصاعد مائلاً على الجدار، يحدد ظل وطواط هائل ينشر سواده الملتصق بحجر الجدار. وحدك في سجنك لا يشاركك فيها سوى جرذان لأنها حياة تذكرك بالحياة، وبعد شهور ينقلونك إلى حيث يتبدد شيء من وحشة روحك. يصير لك رفاق يسكنون معك في قبو أيامك ولياليك. تأتلف القلوب المحزونة، طاقة ضوء في عتمة الجدار.

متجر المنتحرين \ جَان تُولي

صورة
  «هل فشلت في حياتك؟ معنا، سيكون موتك ناجحا!»  من خلال هذا الإعلان التجاري الصادم، تشرع رواية «متجر المنتحرين» أبوابها دفعة واحدة أمام القلة الناجية التي تعتاش على وسائل دمارها الذاتي في مجتمع غرائبي صمم على صورة الفوضى. في ذلك المتجر الصغير الذي لا يدخله النور، يصبح بيع وسائل الانتحار خدمة باذخة تقدم للإنسانية الآفلة، بعد سقوطها تحت مطارق التوحش البشري. ولكن حذار...! فالروائي الفرنسي «جان تولي» لا يقدم رواية عن نهاية العالم، وإنما يزرع الفخاخ في طريق القارئ من خلال تصميم عبقري، طريف ومزعج في آن، ساحبا إياه إلى أسئلة الزمن الراهن قبل أن يعصف به جنون البشر . في هذا المتجر، ثمة شخصيات وأفكار، تدين الإنسان وتحذر من زمن آخر، حيث الخلاص يكمن في ما تقدمه عائلة «توفاش ميشيا» من أدوات انتحار، في استعادة ساخرة، لثنائية الموت والحياة. والحق أن الرواية برمتها تتلاعب بالقارئ حين تقدم له في الظاهر وصفة انتحار جاهزة. أما في العمق فإنها توجه له رسالة تحذير بسيطة: إن أنت أردت النجاة، فابحث عن الترياق بنفسك!

تأملات \ أجان شاه

صورة
  إنّ ولادتنا وموتنا أمر واحد، لا يمكنك الحصول على أحدهما دون الآخر. إنه من المضحك قليلا رؤية دموع الناس ومدى حزنهم عند  الموت، ومدى سعادتهم وبهجتهم عند الولادة. إنّه الوهم. إذا كنت تريد البكاء حقًّا، سيكون من الأجدر أن تفعل ذلك عند ولادة أحدهم. اِبْكِ على الأصل، فلو لم تكن  الولادة لن يكون الموت. هل يمكنك فهم هذا؟.

السمان والخريف \ نجيب محفوظ

صورة
ما رغبت فيه يوما هو ألا أكون جلادا ولا ضحية، ألا أكون سجينا في بيت ضيق رفقة امرأة حزينة تبحث عن التوفيق بين نظرة المجتمع وكراهيتها لي وللملل والسأم اليومي، ولا عجوزا لصيقا بمراهقة تنضج على حساب وقتي وأعصابي.. كنت أريد أن أكون « حرا » في اختيار سجني، لكن ما لم أستوعبه ساعتها هو أن أولئك « العظماء » الذين هربت من تقليدهم، كي لا أبدو سخيفا، لم يريدوا شيئا أعقد ولا أكثر مما أردت: « الحرية » فقط ولو في نطاق ضيق. حرية أن يبحثوا في الأشياء المجردة حول الكون والإنسان والتاريخ واللغة والطبيعة والموسيقى دون أن يضطروا للخوض في تفاهات الحياة اليومية الصغيرة بسبب مصيدة البيولوجيا، لكن النساء كان لهن رأي آخر، إذ يقتصر وجودهن على فرملة تطور النوع البشري، فالمرأة لا تتصور نفسها تساهم في شيء ما يتجاوز نزعة التكاثر وفي أحسن الأحوال صناعة الخداع، لأن الطبيعة صنعت من أغلبهن غسالات صحون وأكياسا لحمل الأطفال. ما جعلني أفشل في أي علاقة لم يكن هو الخداع ولا الملل، كانت تلك مجرد مصادفات محظوظة لإنهاء تلك المهازل، الدافع العميق كان هو اعتيادي على الوحدة والهدوء، على الليالي البيضاء مع كتاب أو سفر مفاجئ أو مغازل