الحياة /  سينيكا




حياةٍ كهذه، كما تعلم، لا ينبغي دومًا التمسك بها. ذلك أن مجرد العيش لا يُعدّ خيرًا، بل العيش بسعادة. لذلك، سيعيش الإنسان الحكيم بقدر ما ينبغي عليه أن يعيش، وليس بقدر ما يستطيع. ذلك الحكيم ينظر مطولًا إلى المكان الذي سيعيش فيه، والشخوص الذين سيعيش معهم، والطريقة التي سيمارس بها وجوده، ومن ثمّ يُقرر ما الذي ينبغي عليه فعله. ذلك أن ما يُهمه هو جودة السنين التي يعيشها، وليس عددها. فعندما يرى أن الكثير من النكبات تُلحقه بالأذى وُتعكّر صفوه، يُطلق سراح روحه. وتظل هبة هذا الاختيار مُتاحةٌ دومًا، ليس فقط حينما تغشو حياته الفوضى، بل في أي وقتٍ تمارس فيه فورتونا حيلها عليه؛ فينظر حوله في تأن، ليعلم إذا ما كان ينبغي عليه الرحيل أم البقاء. الحكيم لا يجد فرقًا بين الرحيل بشكلٍ طبيعي، أو الرحيل بإرادته، لا يُبالِ ما إذا كان الموت سيأتيه في صباه أو في شيبه. هو لا يواجه الموت مرتعدًا، وكأنه خسارةٌ فادحة، ذلك أنه ليس بوسع الإنسان أن يخسر الكثير إن لم يبق في كأسه سوى بضع قطرات. لا يكون السؤال عمّا إذا كان ينبغي أن تموت الآن أم في وقتٍ لاحق، بل عمّا إذا كنت ستموت بسعادةٍ أم بشقاء. والموت بسعادة، هو أن تهرُب من العيش بشقاء . 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلُّه نكتة كونيّة \ روبرت أدمز

رسالة دوستويفسكي إلى اخيه ميخائيل بعد أن نجى من الاعدام بأعجوبة

قبل بزوغ الشمس \ فريدريك نيتشه

الإرتباك الوجودي الذي ينجم عن حالة الملل

على الطريق \ فريدريك نيتشه

قرد في الأكاديمية \ فرانز كافكا

كتاب مت فارغا \ تود هنري

هل الوعي حرٌّ؟ آناكا هاريس

الجمر البري \ نيكيتا جيل

تجنب الألم \ فيليب فان دان بوسش