ﻧـﻮﻡ ﺍﻟﻌﻘـﻞ ﻳﻮﻗـﻆ ﺍﻟﻮﺣــﻮﺵ \ ﻓﺮﺍﻧﺸﻴﺴـﻜﻮ ﺩﻱ ﻏــﻮﻳﺎ
ﻧـﻮﻡ ﺍﻟﻌﻘـﻞ ﻳﻮﻗـﻆ ﺍﻟﻮﺣــﻮﺵ
ﻟﻠﻔﻨﺎﻥ ﺍﻹﺳﺒﺎﻧﻲ ﻓﺮﺍﻧﺸﻴﺴـﻜﻮ ﺩﻱ ﻏــﻮﻳﺎ 1799
ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻓﺮﺍﻧﺸﻴﺴﻜﻮ ﺩﻱ ﻏﻮﻳﺎ ﺃﺣﺪ ﻛﺒﺎﺭ ﺭﻭّﺍﺩ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻇﻬﺮﻭﺍ ﺧﻼﻝ ﺍﻟﻘﺮﻥ ﺍﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ .
ﺗﻤﻴّﺰ ﻧﺘﺎﺟﻪ ﺍﻟﻔﻨﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﻣﺘﺪّ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺘﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎ ﺑﺎﻟﺘﻨﻮّﻉ ﻭﺍﻟﻐﺰﺍﺭﺓ . ﻭﻗﺪ ﺟﺮّﺏ ﻏﻮﻳﺎ ﺍﻷﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﻜﻼﺳﻴﻜﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﺪﺍﻳﺎﺕ ﺍﺣﺘﺮﺍﻓﻪ ﻟﻠﺮّﺳﻢ ، ﻟﻜﻨﻪ ﺗﺤﻮّﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﻭﻣﺎﻧﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻃﺒﻌﺖ ﺟﺰﺀﺍ ﻣﻬﻤّﺎ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ .
ﻭﻟﺪ ﻓﻲ ﺳﺎﺭﺍﻏﻮﺳﺎ ﺑﺈﺳﺒﺎﻧﻴﺎ ﻭﺗﺘﻠﻤﺬ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ ﺧﻮﺳﻴﻪ ﻟﻮﺯﺍﻥ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﻠّﻢ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺮﺳﻢ ﻭﺗﻘﻠﻴﺪ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭ . ﺛﻢ ﻟﻢ ﻳﻠﺒﺚ ﺃﻥ ﺳﺎﻓﺮ ﺇﻟﻰ ﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺎ ﻟﻴﺘﻌﻠّﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺳﺎﻟﻴﺐ ﺍﻟﺮﻭﻛﻮﻛﻮ ﺍﻟﺰﺧﺮﻓﻴﺔ .
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ ﻳﺘﻤﺘّﻊ ﺑﺸﻌﺒﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ، وعُرف ﻋﻨﻪ ﻣﻴﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﻣﻼﺣﻈﺔ ﺍﻟﺴﻠﻮﻙ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ﻭﺗﻤﺜﻴﻞ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻟﻮﺣﺎﺗﻪ ﺑﺄﺳﻠﻮﺏ ﻻ ﻳﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﺅﻯ ﺍﻟﻔﻨﺘﺎﺯﻳﺔ .
وقد ﺣﻈﻴﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ ﺑﺎﻟﺬﺍﺕ ﺑﺸﻬﺮﺓ ﻭﺍﺳﻌﺔ ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺃﻫﻢّ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻔﻦ ﺍﻷﻭﺭﺑﻲ . ﻭﻓﻴﻬﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﺭﺟﻞ ﻧﺎﺋﻢ ﻭﻗﺪ ﺃﺳﻨﺪ ﺭﺃﺳﻪ ﻭﻳﺪﻳﻪ ﺇﻟﻰ ﻃﺎﻭﻟﺔ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻧﺤّﻰ ﻗﻠﻤﻪ ﺟﺎﻧﺒﺎ . ﻭﺧﻠﻒ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻮﻡ ﻭﺍﻟﺨﻔﺎﻓﻴﺶ ﺍﻟﻀﺨﻤﺔ ﻭﻫﻲ ﺗﺼﻔﻖ ﺑﺄﺟﻨﺤﺘﻬﺎ ﻭﺗﺼﻴﺢ . ﻛﻤﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ ﻭﺣﺸﺎﻥ ﻏﺮﻳﺒﺎ ﺍﻟﻬﻴﺌﺔ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﺭﺍﺑﺾ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﻗﺪ ﺻﻮّﺏ ﻧﻈﺮﺍﺗﻪ ﺍﻟﺸﺮّﻳﺮﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻗﻔﺰ ﺍﻵﺧﺮ ﻋﻠﻰ ﻇﻬﺮﻩ ﻭﻋﻴﻨﺎﻩ ﺗﻠﻤﻌﺎﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻈﻠﻤﺔ .
ﻭﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪّﻡ ﺍﻟﻄﺎﻭﻟﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺎﻡ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﺮﺟﻞ ُ ﻛﺘﺒﺖ ﻋﺒﺎﺭﺓ : ﺇﺫﺍ ﻧﺎﻡ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﺍﺳﺘﻴﻘﻈﺖ ﺍﻟﻮﺣﻮﺵ ." ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﻮﺣﺔ ﺍﻋﺘﺒﺮﺕ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻭﻣﺒﺎﺷﺮﺓ ﻷﻓﻜﺎﺭ ﻏﻮﻳﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺤﺘﺮﻡ ﺍﻟﻌﻘﻞ ﻭﻳﺪﻋﻮ ﺇﻟﻰ ﻧﺒﺬ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﻭﺍﻟﺨﺮﺍﻓﺔ .
ﻋﺎﺵ ﻏﻮﻳﺎ ﺣﻴﺎﺓ ﺗﻌﻴﺴﺔ ﻓﻲ ﻏﺎﻟﺒﻬﺎ ، ﻓﻘﺪ ﻣﺎﺕ ﺳﺒﻌﺔ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺋﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺒﻠﻐﻮﺍ ﺳﻦّ ﺍﻟﻨﻀﻮﺝ ، ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺮّﺽ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﻷﺯﻣﺎﺕ ﺻﺤﻴﺔ ﺧﻄﻴﺮﺓ ، ﺛﻢ ﻣﺎﺗﺖ ﺯﻭﺟﺘﻪ . ﻭﻛﻞ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺂﺳﻲ ﺗﺮﻛﺘﻪ ﻫﺰﻳﻼ ﻣﺸﻮّﺵ ﺍﻟﻔﻜﺮ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﺱ ﺑﺎﻟﻤﺮﺍﺭﺓ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ .
ﻭﻗﺒﻴﻞ ﻣﻮﺗﻪ ﻓﻲ ﺳﻦ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻦ ، ﺃﺻﻴﺐ ﻏﻮﻳﺎ ﺑﺎﻻﻛﺘﺌﺎﺏ ﻓﺎﻋﺘﺰﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻟﺰﻡ ﺑﻴﺘﻪ ، ﻭﺑﺪﺃ ﻳﺮﺳﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﺪﺭﺍﻥ ﻣﻨﺰﻟﻪ ﻣﺎ ُ ﻋﺮﻑ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﺑﺎﻟﻠﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﺀ ، ﻭﻫﻲ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺮﺅﻯ ﺍﻟﻜﺎﺑﻮﺳﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟّﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺑﻠﻮﺣﺘﻪ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮﺓ ﺳﺎﺗﻴﺮﻥ ﻳﻔﺘﺮﺱ ﺃﺑﻨﺎﺀﻩ .
تعليقات
إرسال تعليق