منظور بيكيت عن التشاؤم كمصدر تطهير داخلي و قوّة حياة
في الفارق بين التشاؤم سهل المنال القائم على محتوى من الشكّ لا يتزعزع، وتشاؤم عسير المنال يتوغل في أقصى بؤس الإنسانية. الأوّل يبدأ وينتهي من مفهوم يقول إنّه لا شيء يستحقّ القيمة، والثاني يرتكز على نظرة معاكسة تماماً. ذلك لأنّ ما لا قيمة له، ليس قابلاً للانحطاط. وإدراك الانحطاط الإنسانيّ ـ الذي لعلّنا شهدناه بدرجات اشدّ من أيّ جيل سابق ـ ليس ممكناً إذا جرى إنكار القِيَم الإنسانية. لكنّ التجربة تصبح أكثر إيلاماً كلّما تعمّق الإقرار بالكرامة الإنسانية. ويشتمل مصدر التطهير الداخلي على حبّ للإنسانية يتنامى وسط التفهّم وهو يغوص في أعماق الاشمئزاز، وذلك يأس يتوجب أن يبلغ أقصى حدود المعاناة لاكتشاف أنّ التراحم ليس له حدود. ومن ذلك الموقع، في باطن عوالم الإفناء، فتنهض الكتابة من مزمور الإنسانية الجمعاء، وصوتها المخنوق يعزف نغم التحرير للمقهور، والسلوى للذين بحاجة ماسّة إليها .
تعليقات
إرسال تعليق