نحن أمة خالية من المجانين الحقيقيين . وهذا أكبر عيوبنا. كل منا يريد أن يظهر قوياً وعاقلاً وحكيماً ومتفهماً. يدخل الجميع حالة من الافتعال والبلادة وانعدام الحس تحت تلك الأقنعة فيتحول الجميع إلى نسخ متشابهة مكررة ... ومملة . نحن في حاجة إلى الجرأة على الجنون والجرأة على الاعتراف بالجنون. صار علينا أن نكف عن اعتبار الجنون عيبا واعتبار المجنون عاهة اجتماعية . في حياتنا شيء يجنن. وحين لا يجن أحد فهذا يعني أن أحاسيسنا متلبدة وأن فجائعنا لا تهزنا، فالجنون عند بعض منا دلالة صحية على شعب معافى لا يتحمل إهانة... ودلالة على أن الأصحاء لم يحتفظوا بعقولهم لأنهم لا يحسون بل احتفظوا بعقولهم لأنهم يعملون، أو لأنهم سوف يعملون، على غسل الإهانة. نحن في حاجة إلى الجنون لكشف زيف التعقل والجبن واللامبالاة ، فالجميع راضخون ينفعلون بالمقاييس المتاحة .. ويفرحون بالمقاييس المتاحة .. يضحكون بالمقاييس المتاحة .. ويبكون ويغضبون بالمقاييس المتاحة... لذلك ينهزمون بالمقاييس كلها ولا ينتصرون أبدا. بغتة يجن شخص، يخرج عن هذا المألوف الخانق فيفضح حجم إذعاننا و قبولنا و تثلم أحاسيسنا . يظهر لنا كم هو عالم مرفوض و مق...
المسألة الأخلاقية القديمة معضلة القطار أو مفارقة القطار هي تجربة فكرية في علم الأخلاق والشكل العام للمشكلة هو : هنالك عربة قطار تسير باتجاه خمسة أشخاص مقيدين أو عاجزين عن الحركة ممددين على السكة يعنى مسار القطار أنت تقف بالقرب من العتلة التي تتحكم بمحولة السكة الحديدية إذا سحبت العتلة، ستتابع العربة سيرها في المسار الثانوي الآخر وسيتم إنقاذ خمسة أشخاص على المسار الرئيسي لكن يوجد شخص واحد ممدد على المسار الثانوي أنت أمام خيارين : الخيار الأول هو ألا تفعل شيئا وتسمح للعربة بقتل خمسة أشخاص على المسار الرئيسي . الخيار الثاني هو سحب العتلة، وتحويل العربة إلى المسار الثانوي وسوف تقتل شخص واحد . س/ ترى أي الخيارين هو أكثر أخلاقية مع التعليل لاختيارك ..؟ معضلة القطار هي تجربة فكرية شهيرة في مجال الأخلاق، تهدف إلى استكشاف المفاهيم الأخلاقية المتعلقة بالخير العام والتضحية. تتنوع معضلة القطار في تفاصيلها: السيناريو الأساسي: تخيل أنك تقف بجانب رافعة تحويل مسار قطار. يسير قطار خارج عن السيطرة على مسار يؤدي إلى قتل خمسة أشخاص. يمكنك سحب الرافعة لتحويل مسار القطار إلى مسار آخر يؤدي إلى قت...
ما رغبت فيه يوما هو ألا أكون جلادا ولا ضحية، ألا أكون سجينا في بيت ضيق رفقة امرأة حزينة تبحث عن التوفيق بين نظرة المجتمع وكراهيتها لي وللملل والسأم اليومي، ولا عجوزا لصيقا بمراهقة تنضج على حساب وقتي وأعصابي.. كنت أريد أن أكون « حرا » في اختيار سجني، لكن ما لم أستوعبه ساعتها هو أن أولئك « العظماء » الذين هربت من تقليدهم، كي لا أبدو سخيفا، لم يريدوا شيئا أعقد ولا أكثر مما أردت: « الحرية » فقط ولو في نطاق ضيق. حرية أن يبحثوا في الأشياء المجردة حول الكون والإنسان والتاريخ واللغة والطبيعة والموسيقى دون أن يضطروا للخوض في تفاهات الحياة اليومية الصغيرة بسبب مصيدة البيولوجيا، لكن النساء كان لهن رأي آخر، إذ يقتصر وجودهن على فرملة تطور النوع البشري، فالمرأة لا تتصور نفسها تساهم في شيء ما يتجاوز نزعة التكاثر وفي أحسن الأحوال صناعة الخداع، لأن الطبيعة صنعت من أغلبهن غسالات صحون وأكياسا لحمل الأطفال. ما جعلني أفشل في أي علاقة لم يكن هو الخداع ولا الملل، كانت تلك مجرد مصادفات محظوظة لإنهاء تلك المهازل، الدافع العميق كان هو اعتيادي على الوحدة والهدوء، على الليالي البيضاء مع كتاب أو سفر مفاجئ أو مغازل...
عندما يشعر حيوان القنفذ بالبرد يبدأ بالبحث عن إخوانه لكي يلتصق بهم حتى يشعر بالدفء . المشكله أن الشوك الذي على جسم القنفذ يجعل عمليه تقاربه مع أبناء جنسه صعبه ومؤلمة ، نظراً لأنهم كلما تقربوا من بعضهم فإن الشوك الذي على أجسامهم يؤذيهم ، فيقررون الابتعاد عن بعضهم ، ثم يشعرون بالبرد فيقتربون مرة أخرى وهكذا .. في سنة 1851 تأمل الفيلسوف الألماني شوبنهاور في موقف حيوان القنفذ هذا واعتبرها واحده من معضلات الانسان الاجتماعية النفسية ، وسماها : ( مُعضله القنفذ ) Hedgehog's dilemma شوبنهاور تكلم أن الإنسان الوحيد يشعر باحتياج شديد لأن يقترب من الناس ويتفاعل معهم ، وأن الوحدة تبقى قاسية جداً ومؤلمة بالنسبه للإنسان الطبيعي ( مثل البرد بالنسبه للقنفذ ) ، فيقرر أن يفعل مثل القنفذ ويبحث عن أبناء جنسه ويلتصق بهم من أجل الدفء النفسي . المشكله أن التصاقه وقربه هذا لن يكون مصدر سعادة وراحه له على طول الوقت ، وإنما العكس ، مصدر ألم وتعب ( لنفسه ولأقرانه ) ، وهنا تتولد مشاعر سلبية كثيرة مثل الضغط النفسي والإحراج والفراق وغيرها . ومثلما يكون القنفذ مجبراً على إيذاء أقرانه ، ذات القضيه مع ...
"ربما.. تحت كل شيء.. هُناك ألَمٌ لا مَفَر مِنه". بِصفتي أعمل مُعالِجاً.. فأنا على دِراية بألَم الكثير من الناس.. ويُخبرني العديد من طلابي أنهم لَن يتمكنوا من أن يُصبِحوا مُعالجين.. لأنهم لا يَشعرون أن بإمكانهم التعامل مع الإستماع إلى آلام الآخرين.. ولأن لا أحد يأتي للعلاج بسبب أن حياته رائعة وخالية من الألم.. لذلك فالمُعالج في بَعض الأحيان سَ يَسكُن في مُعاناة الآخرين.. ويُضيف لِ نَفسهِ المَزيد من الألم إلى ما يتعايش معه مُسبقاً.. لكن النقطة الأساسيّة بأن الجميع يَتعاملون مع شيء مؤلم.. وربما هو ذات الألمْ لكن بأشكال مُختلفة.. العديد مِن الأديان تدعوا الناس إلى تَقبّل الحياة على أنها صعبة ومؤلمة.. وأنه ستكون هُناك مُكافآت في "الحياة الآخِرة!".. وأن عليهم أن يَتعاملوا مع قسوة الحياة ويَنتظرون مُكافآتهم.. وهذا دليل إضافي على أن الألمْ مُتأصِل في الحياة والوجود.. وأن الجميع يُعاني.. لكن في "البوذيّة" يختلف الأمر.. لِعَدَمْ إدِّعاء حياة آخرة.. ولأنه في أحد قوامِها.. ترجمة حقيقيّة ونبيلة.. وَ هِيَ إدراك أنه حتى في المُتعة هُناك مُعاناة.. لأننا نعرف أن هذه المُ...
يبدو لنا ، اذا اصغينا إلى الرجال العاديين، انهم يجعلون حياتهم تدور حول ما قد تسميه النساء "الكلمات العظيمة": "الشرف"، و"الواجب"، و"العمل"، و"الأخلاق"، و"المنطق"، و"العقل"، الخ. وبالاختصار، يجعل الرجال العاديون حياتهم تدور حول سلسلة من المجردات. وهكذا ينظر العديد من الرجال إلى الوجود على انه منصّب في ضرب من القالب العام، المفروض من الخارج. ثم يحاولون أن يمتثلوا له امتثالا ليس بالجيد ولا بالسيئ. بل إنهم يمتثلون في أغلب الأحيان امتثالا أكثر سوءاْ مما هو جيد، ذلك ان المرء يمكن ان يكون علئ يقين بأن أي رجل يتكلم على الشرف والواجب، فيقول "شرفي"، و"واجبي"، يحتفظ في رأسه بالعمومية المقننة. ومع ذلك، ليس لأي مجرد قيمة إنسانية إلا جعله كل فرد متلائما مع أناه الشخصية. فمن المتعذر ان يحس شخصان بشيء واحد عندما يتكلمان على الشرف، أو على أي موضوع آخر من النوع ذاته. ولن تستخدم أي امرأة على الاطلاق هذه التعبيرات العامة، الجاهزة، التي تتصف بأنها، بالنسبة إليها، فارغة من المعنى. وتنظر المرأة مندهشة إلى الرجال...
هناك معضلة فلسفية قديمة لم تُحل بعد حتى اليوم، تُعرف بمعضلة سفينة ثيسيوس. بإيجاز: ثيسيوس كان ملكًا إغريقيًا أخذ سفينته وذهب لمحاربة أعدائه وانتصر عليهم. عندما عاد، احتفل الناس به وقرروا تخليد سفينته الأسطورية. مع مرور الوقت، كانت ألواح السفينة تتآكل، فكان الناس يستبدلون الألواح التالفة بأخرى جديدة كل عام. وهكذا، سنة بعد سنة، حتى لم يبق في النهاية أي خشب أصلي في السفينة. وهنا تظهر المعضلة: هل السفينة لا تزال هي نفس سفينة ثيسيوس التي انتصر بها؟ هل ما زالت تحتفظ بنفس أسطورتها الأصلية؟ إذا كانت الإجابة نعم، فكيف يكون ذلك والخشب الأصلي لم يعد موجودًا؟ وإذا كانت الإجابة لا، ففي أي مرحلة فقدت السفينة هويتها؟ هل كان ذلك بعد تغيير اللوح الأول؟ أم الثاني؟ أم الألف؟ أم الأخير؟ من هنا، نصطدم بسؤال: هل للأشياء جوهر تتعرف به حتى لو تغيرت من الخارج؟ أم أنه لا يوجد شيء يُدعى الجوهر، وأن الأشياء ليست إلا مجموع عناصرها وخصائصها الخارجية؟ تم ربط هذه المعضلة بسؤال الهوية الإنسانية. ليس فقط التغيرات البيولوجية التي تحدث لنا مع مرور الوقت من موت وتجديد الخلايا وما إلى ذلك، ولكن على مستوى الذات والشخصي...
لتفسير سبب قدرة الحيوانات البرية على التعافي من الصدمات بشكل طبيعي بينما يعلق البشر غالبًا في دوامة الصدمات النفسية، قدم الدكتور بيتر ليفين رؤى ثورية من خلال عمله، لا سيما في تطوير ما يُعرف بـ "التجربة الجسدية" (Somatic Experiencing). تستند ملاحظاته وأبحاثه إلى فهم عميق لكيفية معالجة الجهاز العصبي للتهديدات والصدمات. النقاط الرئيسية في فهم الدكتور بيتر ليفين للصدمة: 1. الصدمة كطاقة غير مُفرغة: يرى ليفين أن الصدمة ليست الحدث نفسه، بل هي الطاقة البيولوجية الهائلة التي يتم حشدها في الجسم لمواجهة التهديد (استجابة "الكر أو الفر أو التجمد") والتي لم يتم تفريغها أو إكمالها بشكل صحيح. عندما يواجه الحيوان تهديدًا، فإنه إما يقاتل أو يهرب. إذا لم يكن أي من الخيارين متاحًا، يدخل الحيوان في حالة "تجمد" أو شلل مؤقت. بمجرد زوال الخطر، يقوم الحيوان بتفريغ هذه الطاقة الهائلة من خلال حركات لا إرادية مثل الارتعاش، والاهتزاز، والتنفس العميق. هذه العملية تعيد الجهاز العصبي إلى حالة التوازن. 2. دور العقل البشري (القشرة المخية الحديثة): على عكس الحيوانات، يمتلك البشر قشرة مخ...
ذات مرة اضطرتني الظروف واضطرني النحس إلى المشي في حي عشوائي مرعب على أطراف المدينة، فلاحظت أن سكان الحي الفقراء ينظرون لي نظرة شرسة متوعدة .. النساء يرمقنني في شك وكراهية، والأطفال يركضون خلفي لكن على مسافة معقولة لأنهم خائفون مني، والفضول يمنعهم من الابتعاد. هنا فطنت إلى أنني أبدو أنيقًا متغطرسًا أكثر من اللازم .. أكثر مما يستريحون له. ولا أعرف كيف نجوت من هذه المغامرة على كل حال. بعد أسبوع كان علي أن أقابل رجلاً في أحد الأحياء شديدة الرقي والثراء.. سيارات فاخرة من أحدث موديل، بحيث بدت سيارتي جوارها أقرب إلى صندوق قمامة ألقاه أحدهم هناك. لاحظت نظرات الدهشة والعدائية التي يصوبها لي كل من ألقاه هناك، وعندما أردت دخول تلك البناية استوقفني حارس الأمن ليعرف من أنا بالتفصيل. نظرت لنفسي في المرآة العملاقة خلف الحارس فعرفت السبب .. أنا أبدو رث الثياب مريبًا وفقيرًا أكثر من اللازم.. هكذا عرفت أنني أنتمي لمعسكر الوسط في كل شيء.. ليس لي مكان في مجتمع الأثرياء لكن مجتمع المعدمين لا يقبلني كذلك .. لو تهددك واحد وأنت في معسكر الأثرياء فلا مشكلة لأن البودي جارد الخاص بك من الرجال صلع الرؤوس ذو...
تعليقات
إرسال تعليق