التسلل النفسي



تعرفت على مصطلح نفسي self-infiltration  التسلل النفسي أو التسلل الذاتي، ويعني ببساطة الحالة التي نسمح فيها بشكل غير واعي لدوافع الآخرين ورغباتهم بأن تتسلل إلى داخلنا وتقود دوافعنا! فنعتقد انها دوافعنا نحن، ورغباتنا نحن، وأحلامنا نحن!

كيف تعرف ما إذا كان الشيء الي ترغب في فعله هو شي ترغب في فعله حقا؟ ليس مجرد شي تعتقد أو تم برمجة عقلك بأنك ترغب في فعله، بينما أنت لا ترغب به ولا تحتاجه؟ وفي الواقع شخص آخر يريدك أن تفعله؟

من الصعب التمييز بين الأمرين، لذلك يستخدم علماء النفس هذا المصطلح المثير للقلق "التسلل الذاتي أو النفسي" لوصف ذلك الموقف الذي نعتقد أننا نقوم فيه بشيء نريد القيام به ولكننا اخترنا دون وعي أن نفعل شيئًا بناءً على طلب الآخرين!

وهذا يجعلنا نعيد النظر في رغباتنا ودوافعنا والتشكيك بها

لإكتشاف هذا الأمر يجب علينا قبل كل شيء ان نكتشف الأسباب، صحيح؟ إذ لا وجود لحل بدون إكتشاف المشكلة، ولا وجود لدواء بدون إكتشاف الداء

بشكل بسيط ومختصر البعد عن أنفسنا وتركها للآخرين يقودنا لخيانة صارخة لأنفسنا، مما يسمح للآخرين بالسيطرة على أنفسنا وعقولنا ودوافعنا

الأبحاث حول الظاهرة ترتبط بمشاكل التنظيم الذاتي بطريقة أو بأخرى، عندما لا نستطيع تنظيم أنفسنا بشكل سليم، يحدث عجز في الوظيفة التنفيذية وتنظيم العاطفة، يتسبب هذا العجز إلى صرف انتباهنا عن المشهد الداخلي لدينا، وتقوم الضوضاء العقلية بإغراق صوتنا الداخلي، ونفقد الاتصال بما نريد!

يرتبط مفهوم التسلل الذاتي بال"إستدماج" الإستدماج مصطلح شائع في التحليل النفسي، وهو عبارة عن عملية يحاول فيها الشخص نسخ أو تكرار سلوكيات أو أفكار من الوسط المحيط أو من أشخاص آخرين وجعلها جزء من داخله، نتيجة الضغوط الداخلية وإنخفاض الإحساس بالذات

عندما يتعطل إدراكنا لذاتنا وقيمنا وأهدافنا تحدث فوضى حقيقية، تسبب الخلط بين أهداف الآخرين وأهدافنا

على سبيل المثال عندما عندما تتسلل طموحات الوالدين لداخلنا وتؤثر على تخصصنا ومهنتنا وحياتنا وننتهي بحال

يجسده الإقتباس الشهير: "نعمل في وظائف لا نحبها لنشتري أشياء لا نحتاجها"

بطبيعة الحال يقود هذا إلى العديد من النتائج السلبية، بما في ذلك ضعف الرفاهية الي نعيشها، وزيادة الاجترار (الإجترار حالة من التركيز الشديد على أعراض وأسباب ونتائج ضائقة معينة، دون التفكير في حلولها!) وأيضا زيادة الإجهاد والضغط، والتأثر بسهولة مما يجعلك عرضة للإستغلال في مرات عديدة

أخيرا وليس أخرا إنخفاض الحيوية والرضا عن الحياة.

في الختام لا يوجد حل سحري، لكن علينا بدءا من الآن، أن نصغي إلى داخلنا، وكما يقول جلال الدين الرومي "ثمة صوت لا يستخدم الكلمات، فأنصت" يجب علينا أن نصغي لأنفسنا ومشاعرنا وأن نعطيها التركيز اللازم، إذا لم نمسك زمامنا، سيمسكها آخرون.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلُّه نكتة كونيّة \ روبرت أدمز

رسالة دوستويفسكي إلى اخيه ميخائيل بعد أن نجى من الاعدام بأعجوبة

قبل بزوغ الشمس \ فريدريك نيتشه

الإرتباك الوجودي الذي ينجم عن حالة الملل

على الطريق \ فريدريك نيتشه

قرد في الأكاديمية \ فرانز كافكا

كتاب مت فارغا \ تود هنري

هل الوعي حرٌّ؟ آناكا هاريس

الجمر البري \ نيكيتا جيل

تجنب الألم \ فيليب فان دان بوسش