ما وراء الخير والشرّ \ نيتشه


 

هل سيكون هؤلاء الفلاسفة المستقبليون أصدقاء للحقيقة هم أيضاً؟ من المحتمل جدًّا: إذ كُلّ الفلاسفة كانوا محبين لحقائقهم حتَّى الآن. لكن من المؤكَّد أنَّهم لن يكونوا دوغمائيين. سيكون ذلك منافيًا لكبريائهم، ومما لا يناسب ذوقهم أيضًا، إذا ما أُريد لحقيقتهم أن تكون حقيقة للجميع؛ وتلك هي الأمنيّة والفكرة السرِّيّة التي ظلَّت تسكن طموحات الدوغمائيين حتَّى الآن. ”حُكمي هو حكمي الخاصّ؛ ولا يمكن لغيري أن يدّعي بكلّ بساطة حقًّا لهُ في ذٰلك“، قد يقولُ ذٰلكَ فيلسوف مُستقبليّ. علينا أن نتخلَّص من الذوق السمج الَّذي يتمثل في إرادة أن نكون على اِتفاق مع عدد كبير من الناس. ما هو ”خيرٌ“ لن يظلَّ ”خيرًا“ إذا ما جرى على لسان جاري. وكيف يمكن أن يكون هناك ”خيرٌ عُموميٌّ!“.  فالعبارة هٰذه تُناقِضُ ذاتها في ذاتها؛ إذ ما يمكن أن يكون عموميًّا يكون قليل القيمة دومًا. وبالنهاية، ينبغي أن تظلَّ الأمور على ما هي عليه وما كانت عليه دومًا: الأشياء العظيمة للعُظماء، والأعماق للعميقين، والأشياء الليّنة والرَّقيقة للأرواح الرَّقيقة، وعمومًا وباختصار: كل ما هو نادر للنادرين. 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معضلة القطار...علم الأخلاق

كلُّه نكتة كونيّة \ روبرت أدمز

معضلة سفينة ثيسيوس

الحياة \ فريدريك نيتشه

قرد في الأكاديمية \ فرانز كافكا

شجاعة الحكمة بين الخوف والرغبات

لماذا لا يمكن تخطيط العظمة؟ Why Greatness Cannot Be Planned

عصر الفراغ \ جيل ليبوفتسكي

الأبعاد الفلسفية لفيلم أنا لا أكذب .. ولكني أتجمل

أوهام العقل... صراع الذاكرة وألزهايمر في رواية هولندية