لمَّ أبنى المدينة إن كان يكفينى البيت الصغير؟ مكسيم غوركي
كنا نتحدث يوماً حديث القلب إلى القلب ، وكان يلقب نفسه رب السياسة
وهو يبتسم في غير سرور؛ قال لي في صراحة لا يعرفها إلا الروس وحدهم .
ـ آه ياالیکس ماکسیمتش ـ آه ياصديقي ! نحن لسنا في حاجة إلى شيء ...
وهل يجدينا شيء أبدأ ؟ مجامع علمية ... علوم ... طيران ... كل ذلك باطل .
أتعرف ماذا نريد ؟ نريد زاوية هادئة وامرأة نضمها، وتستجيب لنا صادقة جسماً وروحاً .
أما أنت يا أليكس ، فتفكر تفكير المثقفين . إنك لسـت منـا . ولكنك مخلوق متسمم ـ تضع الأفكار فوق الانسان ، و تفكر تفكير اليهود..
ـ ولكن اليهود لا يفكرون هذا التفكير
الشيطان وحده يفهم تفكيرهم
ثم رمى في النهر عقب سيجارته وأتبعها نظره .. كنا على ضفاف النيفا ، في ليلة مقمرة من ليالي الخريف ، بعد أن قضينا نهاراً أرهقنا بما فيه من أحداث تافهة لاطائل تحتها وأفعمنا برغبة عنيدة في أن نؤدي عملا طيباً نافعاً.
وعاد صديقي يقول هادئاً مفكراً .
ـ إنك معنا ولكنك لست منا . فاستمع إلى . يحب المثقفون الحركة والنشاط، وهم من أجل ذلك كانوا في صفوف الثائرين . وكما ثار المسيح، وهو مثالى،من أجل السماء، كذلك يثور المثقفون من أجل طوبى . يثور المثالى،ويثور معـه كثير من الجبريين والأشقياء والأنذال ، يثورون لأنهم يحسون بالفراغ ، لأنهم لايجدون لهم مكانا يملؤونه في الحياة . أولئك هم المثقفون ومن لف لفهم . أما نحن العمال فنثور لنصنع الثورة ـ نثور لأننا نريد توزيع أدوات الإنتاج والإنتاج نفسه توزيعاً عادلا . ولكن أتحسب أن العمال إذا استولوا نهائياً على السلطة أقروا إنشاء الحكومة؟
كلا ثم كلا ، سيمضى كل منهم في سبيله ، وسيهيء له بوسائله التي بين يديه ، ركناً هادئاً .
ستقول ـ ماذا نفعل بالتقدم الصناعي؟ ماذا نفعل بالفن الآلى؟
وسأقول لك إنه هو الذي يزيد في ضغط الحلقة التي في أعناقنا ، وهو الذي يثقل أغلالنا ، أجل يجب أن نتحرر من العمل ، من عمل لاجدوى فيه،ولا طائل تحته ، فالإنسان يحب الراحة ويسعى إليها ، وهذه المعامل وتلك العلوم لا تضمنها له،ولا تعود بهـا عليه . الإنسان الفرد لايرغب إلا في القليل ،ولا يحتاج إلا إليه . قل لى ياصديقي .
لم أبنى المدينة إن كان يكفينى البيت الصغير ؟
تعليقات
إرسال تعليق