قبل بزوغ الشمس \ فريدريك نيتشه
أيتها السماء الرافعة قبابها فوق رأسي نقية صافية، أيتها السماء السحيقة وقد غادرتُ في أبعادك الأنوار، إنني أشخص إليك فتتملكني رعشة الأشواق الإلهية. أنا لا أسبر أغواري إلا إذا سَموتُ إلى عليائك، ولا أشعر بطهارتي إلا حين يجللني صفاؤك. إنك تحجبين نجومك كما يتلفَّع الإله بسنائه. أنت صامتة وبصمتك تذيعين لي حكمتك. لقد تجليتِ لي اليوم في سكونك على زبد الآفاق فأعلنت لروحي المزبدة ما فيك من حب وعفاف. جئتِ إليَّ جميلة مقنعة بجمالك تخاطبينني بلا كلام، وتعلنين حكمتك وما كنت أعلم ما في روحك من عفاف. أتيت إليَّ قبل بزوغ الشمس أنا المنفرد في عزلتي. أنا وأنت صديقان منذ الأزل فأحزاننا واحدة كارتياعنا، وعمق أغوارنا وشمسنا واحدة أيضًا، وما نتناجى إلا لوفرة ما نعلم، ثم يسودنا الصمت فنتبادل ما أعرف وما تعرفين بلغة البسمات، أفما بُعثت أنوارك من مكمن أنواري؟ أفليست فكرتك أختًا لفكرتي؟ لقد تعلمنا كل شيء سوية، وتدربنا سوية على الاعتلاء فوق ذاتنا متجهين إلى صميمها مبتسمين بافترار لا تعكره الغيوم، وبلفتات صافية نغرقها في سحيق الأبعاد في حين تتدافع كالأمطار تحتنا النزعات المكبوتة وأهداف الخطيئة. إلامَ كانت تت...