المشاركات

«فلسفة للتنوير وأخرى للظلام»: كيف يتسنى لأعداء «التنوير» أن يتكلّموا باسم الفلسفة؟ محمّد عادل مطيمط

صورة
  - ترتبط الفلسفة عند الجميع بدلالة تحررية وتنويرية واضحة. فنحن عادة ما نمتدحها وندعو إلى العناية بتدريسها وإلى توسيع نطاق الاهتمام بها ليشمل تلاميذ المرحلة الابتدائية (الفلسفة للأطفال) ودارسي الاختصاصات غير الإنسانية والأدبية من العلوم النظرية والتطبيقية. نحن ندعو إلى ذلك نظرا لارتباط الفلسفة عندنا بتلك الدلالة التنويرية، ولاقتناعنا بأنّ الفلسفة وحدها تكون قادرة على تخليص الفرد من ضروب الدغمائية وعلى تمكينه من استقلالية الموقف وتشذيب ملكة النقد لديه.غير أن وجود فلاسفة أو مشتغلين في حقل الفلسفة يتبنون مواقف محافظة وأحيانا متطرفة وظلامية، يجعلنا نعيد طرح السؤال: أيّ فلسفة نريد؟ وأيّ فلسفة يجب أن تقدم للأجيال لكي تكون قادرة على الاضطلاع بدورها النقدي والتنويري؟ وهل أنّ كل فلسفة صالحة لتكون رافدا للتحرير والتنوير؟ - نحن مقتنعون بكون الرأي القائل بأن الفلسفة طريق إلى التنوير والى تمكين الفرد من استقلالية الموقف هو الأقوى والأكثر وجاهة وهو ما يجعل الاهتمام بها وتدريسها للأجيال أمرا ذا معنى. وتتأتى جدارة هذا الموقف في رأينا من معطيين أساسيين اثنين: • يرتبط الأول بماهية الفلسفة نفسها مثلما تح

نظرية المُثل لافلاطون \ يوحنا بيداويد

صورة
  اصل (فكرة المُثل) او نظرية المُثل عند افلاطون جاءت من عملية التمييز بين الحقيقة والمظاهر او الشيء الظاهر، وقد بدأ الجدال في هذا  الموضوع  في البداية  على يد بارماندس و فيثاغورس. كما قلنا في دراستنا عن حياة فيثاغورس هناك نبرة دينية او صبغة دينية عنده في موضوع (تفسير الحقيقة) اكثر من بارمنداس،بسبب تداخل في المواضيع مثل الرياضيات والموسيقى التي هي قريبة من اهتماماته في تفسيراته.  بصورة عامة ان اراء فيثاغورس وبارمنداس والاساطير المتداولة في ذلك الوقت كلها جمعت معا في هذا الموضوع ، الذي نال رضى المفكرين العقلانيين والمتدينين. هكذا خرجت نظرية المُثل الى الوجود على يد افلاطون، التي تركت اثرا كبيرا على مدى كل العصور، الى ايام عمانوئيل كانت و هيجل والى حد يومنا هذا، حتى على الفكر اللاهوتي الكنسي  بالاخص الاباء الكبار امثال اوغسطينوس وتوما الاكويني . اذن لنبدأ نقاشنا ما المقصود  بكلمة ( فيلسوف) ؟. الجواب هو محب الحكمة، لكن هناك فرق بين محب الحكمة ومحب امتلاك المعرفة التي تأتي من شخص عادي. اذن لمحب الحكمة او الفيلسوف رغبة في رؤية الحقيقة. والان ما هي الرؤية؟ لنفرض شخص ما يحب معرفة اشياء او التح

دراسات في الفلسفة الوجودية \ عبد الرحمن بدوي

صورة
  لكن هناك عاطفة أهم من الضجر فيها يتجلى العدم أبرز ما يتجلى. وهي القلق. والقلق ليس هو الخوف، لأن الخوف هو دائماً خوف من شيء معين، أما القلق فيتعلق بالأشياء كلها في مجموعها. وليس القلق هو الذي يوجد العدم، إن صح هذا التعبير، بل هو فقط الذي ينبه الإنسان إلى وجوده. ولهذا لابد للإنسان أن يعيش في القلق ليتنبه إلى حقيقة الوجود. ذلك أن الإنسان بطبعه يميل إلى الفرار من وجه العدم الماثل في صميم الوجود وذلك بالسقوط بين الناس وفي الحياة اليومية الزائفة، ولكي يعود إلى ذاته لابد من قلق كبير يوقظه من سباته. والقلق على نوعين: قلق من شيء، وقلق على شيء. والموجود في العالم يقلق على إمكانياته التي لن يستطيع مهما فعل أن يحقق منها غير جزء ضئيل جداً: أولاً لأن التحقيق يقتضي الإختيار لوجوه والنبذ لسائر الوجوه. وثانياً: لأن ثمة حقيقة كبرى تقف دون استمرار التحقيق ألا وهي: الموت.

الأيام \ عبدالرحمن منيف

صورة
  كنا، وفي وقت سابق، نهرول نحو الأيام الآتية، كنا نريدها أن تسرع، ان تنطوي، إذ كان هدفنا ان نكبر بسرعة. أما الآن، وربما في الأيام القادمة أيضاً، نريد ان تهدّئ السرعة، ان نتأمل، ان نقارن، لكن الأيام لا تترك لنا فرصة أو مجالاً، وهكذا يسيطر علينا الشعور بالأسى والشجن. كنا نركض من أجل ماذا؟ والآن نحاول ان نبطئ، من أجل ماذا أيضاً.

خرفان بانورج

صورة
  من الأدب الفرنسي  قصة قصيرة جداً بعنوان " ‏خرفان بانورج "  روى الكاتب الفرنسي "فرانسوا رابلي" قصة رجل يدعى "بانورج" (Panurge) كان في رحلة بحريّة على متن سفينة. وكان على نفس السفينة تاجر الاغنام "دندونو" ومعه قطيع من الخرفان المنقولة بغرض بيعها.  كان "دندونو" تاجرًا جشعًا لا يعرف معنى الرحمة،‏ ووصفه الأديب الكبير رابليه (Rabelais) بأنه يمثل أسوأ ما في هذا العصر وهو غياب الإنسانية.  حدث أن وقع شجار على سطح المركب بين "بانورج" والتاجر "دندونو" صمم على إثره "بانورج" أن ينتقم من التاجر الجشع، فقرّر شراء الخروف الأكبر من التاجر بسعرٍ عالٍ وسط سعادة دوندونو بالصفقة الرابحة.‏ وفي مشهد غريب يمسك "بانورج" بزعيم الخراف من قرنيه ويجره بقوة إلى طرف السفينه ثم يلقي به إلى البحر، فما كان من أحد الخرفان إلاّ أنْ تبع خطى الخروف القائد الغريق ليلقى مصيره، ليلحقه الثاني فالثالث فالرابع وسط ذهول التاجر وصدمته ،  ‏ثم اصطفت الخرفان الباقية في "طابور مهيب" لتمارس دورها في القفز في كل الإتجاهات . جن جنون تاجر

لوحة نرسيسوس الرقمي \ ستيفان شميتز

صورة
  لوحة ستيفان شميتز الرقمية خلتني أستحضر أسطورة نرسيسيوس، الصياد الجميل الذي أشتهر لجماله الخارق، نظر نرسيسيوس إلى إنعكاس وجهه على سطح البحيرة فوقع في حب وجهه ولم يدرك أنها لا تتجاوز كونها صورة! نظر نرسيسيوس إلى الوجه الجميل فوجد الوجه الجميل ينظر إليه أيضا، أبتسم فأبتسم له بالمقابل ‏، عندما رجع نرسيسيوس إلى المنزل لم يستطع النوم وهو يفكر في وجهه الجميل، فعاد إليه بالمساء وظل ينظر إليه وينتظر خروجه له، ظل ينتظر وهو يتأمل بلا شراب أو طعام، حتى مات على ضفاف البحيرة! هنا اللوحة تجسد نرسيسوس الرقمي، الشخصية الإفتراضية الي نصنعها لأنفسنا، ونقع في حبها ، وننسى أنها مجرد صورة! نبدأ في الإنغماس فيها أكثر والإنسلاخ ربما من مبادئنا وأساسياتنا وقراراتنا ويأخذنا الغرور متناسين أنها لا تتجاوز صورة إفتراضية قائمة على إستحسان الآخرين! تضيء بزيادة أعدادهم وتبهت بإنخفاضهم! 

مسرح العبث

صورة
  مسرح العبث (تعريف مبسط) هو نمط مسرحي ظهر في القرن العشرين مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية. يتميز بقطيعة تامة مع المسرح التقليدي من تراجيديا أو كوميديا أو مزيجهما. وهي قطيعة تترجم بالغياب الكامل لتتابع الأحداث أو غياب القصة. من أمثلة ذلك مغنية الأوبرا الصلعاء لأوجين يونسكو، وفي انتظار غودو لصموئيل بيكيت. وفي هذا المسرح تُعالج غالباً مواضيع عبثية الإنسان والحياة. يعود أصل هذه الحركة المسرحية في الدرجة الأولى إلى تهاوي الحركة الإنسانية المدافعة عن قيم الغرب وعقيدة التقدم. كما تعود إلى الرضة الإنسانية التي سببتها الحرب العالمية الأولى. وإن كانت هذه الحركة الأدبية استوحت أعمالها من السريالية والدادائية، فهي متناقضة جذرياً مع المدرسة الواقعية. فعبثية الظروف والأحوال وتفكيك اللغة نفسها جعلا من هذا النمط المسرحي حركة مسرحية مستقلة. وفي هذا المسرح يبدو الوجود بلا معنى ويظهر لا معقولية أي أمل في التواصل والتفاهم حيث تضل الإنسانية طريقها. من أشهر ممثلي هذا المسرح صموئيل بيكيت وأوجين يونسكو وأداموف وجونيه وغيرهم من دول أوروبا الشرقية. نور الدين شيخ عبيد

الجريمة والعقاب \ فيودور دوستويفسكي

صورة
  أنا أؤمن بفكرتي الرئيسية، وهي أن الرجال ينقسمون بحكم قوانين الطبيعة إلى فئتين بوجه عام: فئة دنيا هي فئة العاديين الذين لا وجود لهم إلا من حيث إنهم مواد إن صح التعبير، وليس لهم من وظيفة إلا أن يتناسلوا وفئة عليا هي فئة الخارقين الذين أوتوا موهبة أن يقولوا في بئيتهم قولاً جديداً. ‏فأما الفئة الأولى، وهي فئة المواد، فإن أفرادها، على وجه العموم، أناس -خُلقوا محافظين-، أناس معتدلون يعيشون في الطاعة ويحلو لهم أن يعيشوا في الطاعة. وعندي أن عليهم أن يطيعوا، لأن الطاعة هي ما كُتب لهم، وليس في طاعتهم ما يسيء إليهم أو يذل كرامتهم. ‏وأما الفئة الثانية فهي تتألف من رجال يتميزون بأنهم جميعًا يكسرون القانون، بأنهم جميعًا مُدمّرون، أو بأنهم جميعًا ميالون إلى أن يصبحوا كذلك بحكم ملكاتهم! وجرائم هؤلاء الرجال تتفاوت خطورتها وتتنوع أشكالها طبعًا وأكثرهم يريدون، بأساليب متنوعة جدًا، تدمير الحاضر في سبيل شيء أفضل. ‏"فإذا وجب على أحدهم، من أجل تحقيق فكرته، أن يخطو فوق جثة، أو فوق بركة دم، فإنه يستطيع (في رأيي) أن يعزم أمره على أن يخطو فوق الجثة وفوق بركة الدم مرتاح الضمير، وكل شيء رهن بمضمون فكرته، وب

ما يُكرِبُ الناس \ إبكتيتوس

صورة
ليست الأشياء ما يُكرِبُ الناس ولكن أحكامُهم عن الأشياء. الموتُ مثلًا ليس مُريعًا، وإلا لكان سقراط أيضًا رآه كذلك. وإنما المريعُ هو الحكمُ بأن الموت مريع؛ لذا فعندما ينتابنا الإحباط أو الاضطراب أو الحزن فإن علينا ألَّا نلوم غير أنفسنا؛ أعني غير أحكامنا نحن. أن يلوم المرء الآخرين على ما أصابه … ذلك من شيمة الجاهل. أمَّا بداية العلم فأن تلوم نفسك، وأمَّا تمام العلم فألا تلوم نفسك ولا غيرك. ترجمة عادل مصطفى  

تمهيد في معنى الفلسفة وفروعها \ أ. س. رابوبرت

صورة
  ترجمة أحمد أمين شاع بين الناس أن الفلسفة موضوع لا تتناوله إلا عقول خاصة، وأنها لا تلذ إلا لقوم نظريين لم يروا في الحياة خيرًا من أن يجهدوا عقولهم في حلِّ مسائلَ هي إلى الخيال أقرب منها إلى الحقيقة، وأنها تبحث في خيالات عقيمة لا ينبني عليها في الحياة عمل؛ وإنهم في زعمهم لمخطئون. لم يرفع الإنسان عن مستوى الحيوان إلا فكره وقوته العاقلة، فالحيوان يرى ويسمع بل ويتذكر، ولكنه لا يستخدم هذه القوى إلا في حاجاته الوقتية؛ أما الإنسان فيرى ظواهر الكون على اختلاف أنواعها فيتصورها ويكوِّن له فيها رأيًا، ثم يجتهد في تعرف عللها وعلاقة حقائق الكون بظواهره؛ وهذا طريق فهم الشيء فهمًا واضحًا، فإن فعل هذا قلنا: إنه يتفلسف، ولا نعني بهذه الكلمة إلا أنه يفكر في شيء خاص — ذاتًا كان أو معنى — ويحاول الإجابة على هذه الأسئلة: (١)ما هذا الشيء الذي يبحث فيه عقلنا؟ (٢)ما أصله؟ (٣)ما علاقته بغيره من الذوات أو المعاني؟ وبعبارة أخرى معنى «يتفلسف» أنه يبحث في ماهية الأشياء وأصولها وعلاقة بعضها ببعض، وليس يخلو إنسان من هذا العمل وقتًا ما، فساغ لنا أن نقول: إن كل إنسان متوسط الفكر يتفلسف، وإن كل الناس فيلسوف إلى حد ما،

الفيلسوف الشاعر: لماذا كان فريدريك نيتشه يكتب فلسفته على شكل شذرات؟

صورة
  بواسطة سارة عمري   إنّ أسلوبي ضربٌ من الرقص، إنّه يهزأ بكل التناقضات ويتخطاها بقفزةٍ ويسخر منها. فريدريك نيتشه (1) لم يكن فريدريك نيتشه محطِّم الأصنام فقط وقاتل الإله، أو الفيلسوف الذي تحدّى القيم والأخلاق السائدة في مجتمعاتنا الحداثيّة وما بعدها، لم يهاجم الفلسفة الكلاسيكيّة كذلك في فترة طلوع شمس العقل فقط، بل تحدى أيضًا النسق الفلسفيّ والخطاب العقلانيّ الموضوعيّ الذي يقدّم نفسه على أنّه مع الحياديّة وواضحٌ محكوم باللوغوس. ولقد رأى نيتشه في هذا الوضع تقييدًا ومحاولاتٍ أخرى لإحكام قبضة اليد على الفكر والإنسان بطريقة لادينيةٍ تحقق أهدافًا ذات جذورٍ دينيةٍ. كما كان يكتب فلسفته على شكل شذراتٍ أدبيّةٍ ميّزته عن غيره من الفلاسفة رغم وجود القليل الذي كتبه بشكل نسقيّ، فهو لم يكن فيلسوفًا فقط بل شاعرًا كذلك وموسيقيًّا؛ الشيء الذي أيقظ عدة احتمالاتٍ حول سبب أساليب كتابته التي تعّج بالغموض والصعوبات. -نيتشه والأسلوب الشذريّ: يرى نيتشه أنّ أفضل الأفكار التي تأتي الشخص هي الأفكار التي تراود الإنسان وهو يمشي(2)، فهو يحيلنا بذلك إلى العفويّة وعدم الإصطناع وإجهاد الفكر حتى يخرج لنا بفكرة ربما لا تك

الطــاعون \ ألبير كامو

صورة
  ورد الدكتور وهو يفحص صدر مريضه الذي يضطرب بالشخير-: -لقد مات. فتوقف العجوز بعض الوقت مبهوتا، ثم قال: آه! وأضاف ريو: -بالطاعون. وقال العجوز بعد لحظة: -نعم، ان خير الناس هم الذين يذهبون. هذه سنة الحياة، ولكنه كان رجلا يعرف ما يريد. وقال الطبيب وهو يعد وضع سماعته: -لماذا تقول ذلك؟ -للاشيء.. انه لم يكن يتكلم دون جدوى، وأيا ما كان، فقد كان يعجبني أنا شخصيًا، ولكن هذه حال الدنيا. ان الناس يقولون: "انه الطاعون، لقد حل بنا الطاعون". ومن أجل ذلك يكادون يطالبون بالنياشين. ولكن ما معنى هذا؟ ما معنى الطاعون؟ انها الحيـــــــــــاة، هذا كل ما في الأمر. وقال الطبيب: -ضع كماداتك بانتظام. فرد عليه العجوز بقوله: -لا تخش شيئًا، فان الوقت ما زال أمامي طويلًا، وسأرى جميع من حولي يموتون قبلي، وأما أنا فأعرف كيف أعيش... والواقع أن ريو كان ينصت إلى صيحات الفرح تتصاعد من المدينة، فيذكر أن ذلك الفرح ما زال مهددًا، لأنه كان يعرف ما تجهله تلك الجموع المبتهجة، وما يمكن قراءته في الكتب من أن جرثومة الطاعون لا تموت ولا تختفي أبدًا، وأنها قد تظل عشرات السنين نائمة في الأثاث والفرش، وان تنتظر -في صبر وأنا

الصّمت والموت

صورة
  ومن الوجوه المرعبة للصّمت، هو ذاك الّذي يحضر بقوة شرسة في سيرورة ألم كحداد مؤقّت أو دائم للذّات. ولهذا يعسر القول، حيث تبدو اللّغة عاجزة عن ترجمة المواقف الصّعبة في المرارة والانفصال والموت، كمديّة في الرّوح تحبط إمكانيّة الكلام، وينهار الفكر لتنتصر الانفعالات الرّهيبة المولّدة للعذاب المخنوق في الأنين والدّموع، أو في الصّمت السّادر الأقرب إلى تخوم الموت، إذ لا شيء في الحركة أو الكلام يقوى على خدش سطوة الصّمت الّتي تحفر في الأعماق مخلخلة كلّ التّوازنات والخيارات، بنوع من الرّيبة والحيرة والارتباك في معرفة الخطوة المناسبة إزاء المسكوت عنه في وضعيات مرعبة أمام تهديد الموت الّذي يجعل الكلام عسيرا وصعب المنال. وعندما يرخي الموت سدوله وهو يعلن نهاية الإنسان، يسود الصّمت المستحيل على القول.” عند قرب الموت يصاب الكلام بالاختناق، ويتبدّد في الصّمت أو ينشرخ في الصّرخة…يتفكّك الكلام ويستدعي بالأحرى الخرس… تتفكّك الشّاشة الهشّة للكلمات أمام المستحيل على القول، وفي تأجج يخنق الحلق كما لو كان ذلك للإفصاح عن تفاهة الكلام. وفي مثل هذا الموقف تختلف الجماعات والمجتمعات في السّبل الّتي تسلكها للتّغلب

الفرق بين البحث عن السعادة وبين الحصول عليها \ إميل أوكست شارتييه

صورة
  عادة ما نقول إن كل الناس يجرون وراء السعادة. سأقول بالأحرى أنهم يرغبون فيها، وهذا فقط على مستوى الكلام، ومن خلال آراء الغير. لأن السعادة ليست شيئا نجري وراءه، بل شيئا نمتلكه. وخارج هذا الامتلاك، ستكون السعادة مجرد كلمة. لكن عادة ما يعطي الناس قيمة كبيرة للأشياء، مقابل إعطاء قيمة أقل للذات، فهذا يريد الاستمتاع بالثروة، وذاك بالموسيقى، والآخر بالعلوم. لكن التاجر هو الذي يحب الثروة، والموسيقي يحب الموسيقى، والباحث يحب العلوم. بحيث إنه ليس هناك قط أشياء تروقنا إذا لم نحصل عليها، وليس هناك تقريبًا قط أشياء تروقنا إذا لم نقم بها، حتى وإن كان الأمر يتعلق بتسديد أو تلقي الضربات. هكذا فكل الآلام يمكن أن تكون جزءًا من السعادة، إذا كنا نبحث عنها في أفق تحقيق فعل مضبوط وصعب، مثل ترويض حصان. إن حديقة ما لن تروقنا، إذا لم نصنعها بأنفسنا. ولن تروقنا امرأة ما لم نغزوها. بل حتى السلطة يملكها ذاك الذي يحصل عليها دون بذل مجهود. فالجمنازي يجد متعة في القفز، كما يجد العداء متعة في العدو؛ أما المتفرج فليس له سوى متعة الفرجة. هكذا فالأطفال لا ينقصهم الطريق الأصوب، عندما يقولون إنهم يريدون أن يكونوا عدائين

أنت وحياتك ولا شيء آخر \ أنتونيا كيس

صورة
  يُعلّمنا الفلاسفة الوجوديّون أنّنا وحدنا مسؤولون عن خلق حياةٍ ذات مغزى في عالمٍ عبثيٍّ ومُجحِف. واقفًا عند حافّة، يُخيّم عليك إحساس تيهٍ وارتباك. فأنت لا تخشى السّقوط وحسب، بل تخشى أيضًا الاستسلام للحافز الذي يحرّضك على رمي نفسك. لا شيء يردعك. يتصاعد الذّعر، والقلق، والأسى. يصف الفيلسوف الدنماركيّ سورين كيركغورد هذه الحالة بوصفها حالة «القلق الوجوديّ» (existential angst) لأنّك هنا، عند طرف الحافّة، تُمارس حريّتك في تجربةٍ مباشرة. بوسعك فعل ما يحلو لك – أن تتقدّم إلى الهاوية المتثائبة أو أن تبقى حيث أنت. هذا رهنٌ بك. إنّ إدراك امتلاكك حريّةً مطلقةً في تقرير مشار حياتك – أن تقفز أو ألّا تقفز – مُدوِّخٌ مثل شعور الدّوار، بحسب تفسير كيركغورد الذي يشير إلى أنّنا نواجه القلق ذاته في خيارات حياتنا كلّها. فكلُّ فعلٍ نقوم به خيارٌ قرّرناه نحن، لا غيرنا. محاجّة كيركغورد بأنّ الحياة سلسلة خيارات – وأنّ هذه الخيارات تمنح (أو لا تمنح) معنى لحياتك – هي حجر زاوية الوجوديّة. بدلًا من إلقاء المسؤوليّة على المجتمع أو الدِّين، يكون كلُّ فردٍ مسؤولًا أوحد عن منح حياته معنى وعن عيشها بأصالة. موضوع الأصال

ديوجين \ جون وليام ووترهاوس

صورة
  Diogenes John William Waterhouse يصور الفنان في هذه اللوحة الفيلسوف ديوجانس الكلبي وهو فيلسوف يوناني، يُعتبر أبرز ممثلي المدرسة الكلبيّة الاوائل. وهو حكيم متقشف لا يقتني شيئا ولا بيت له ويعيش في برميل خشبي صغير، وقد عاصر الاسكندر المقدوني، والذي روي أنه قال «لو لم أكن الاسكندر لوددت أن أكون ديوجانس». ويقال انه في طريقه نحو الشرق ، مر الإسكندر الأكبر بأثينا ،فأثار إنتباهه ديوجين الجالس داخل برميله الفقير ، فإقترب منه وسأله : هل آستطيع مساعدتك أيها الرجل الفقير؟ أطلب ماتريد؟ عرف ديوجين ان ذلك هو الإسكندر حاكم اكبر إمبراطورية على الأرض لكنه أجاب: "أريد منك شيئا واحد ..إبتعد فأنت تحجب عني أشعة الشمس!" إبتسم ألكسندر ثم قال : هذا البرميل مليء بالحكمة!

إعطِ معنى لحياتي

صورة
(إعطِ معنى لحياتي) الجملة إتذكرت عن طريق شخصية من شخصيات بيرجمان واللي من خلالها عبر عن تيمة رئيسية في أفلامه (الشك)، و اللي بدوره كان دايرة جمعت حواليها قضايا ضبابية زي الإيمان و الحب و الضعف و علاقة الإنسان مع نفسه و ما ابعد من كدا، و مكانش في انسب من    اب و مكان مقدس لتنفيذ فكره اللاذع لأن المقدمات ملهاش وجود عند السويدي و دا لأنه صدامي لأبعد حد لا يسعي للإصلاح لكن لخلق جديد، واقع بيرجمان و اللي ترجمه لفن تأثيره كان كبير ابن لعائلة ملتزمة و تطورت الأمور لتصبح بالنسباله عقدة غربلها قدامه و بشخصياته، خياته اللي حاربها بالتزمت بخياله في الطفولة إستعادها علشان تكون أداة لتنفيض الكبت اللي جواه، هنا القس كان بيلجأ له المذنبين او الأشخاص اللي بيعانوا في الحياة و بيطرحوا سؤال ممكن يكون فكرة غير قابلة للنقاش بالنسبة للبعض و هو... هل الله موجود؟ و إذا كان فعلاً فين العدل و إيه المنطق من عذابنا؟ بيرجمان في طرحه للأسئلة دي بالذات بيعكس شقين مهمين و هما...هل الشخصيات دي سوية بالقدر الكافي علشان تسأل و تستوعب مرمي تساؤلات زي كدا؟ هل من الممكن يكونوا علي صواب فعلاً و هل سياق الطرح نفسه و توقيته ه

البَّهِيمَة الهَمجيَّة \ ميشيل كلوسكار

صورة
  إنَّ السَّينما هي إنتاجُ النَّموذج الثَّقافي الَّذي يَضع علاقة مُتبادلة بينَ الوهمِ والسلع . إنَّها تمسك طرفي: الحلم والواقع، الجماليات والسُّوق، النَّافِع والمُمتع. كما إنَّها تجعل مِن الممكن حظرُ الآخر، فِي مَكانٍ آخَر، إنَّها لوهميَّة حَقيقيَّة . إنَّها تجعلك تنسى حُلمَ الماضي، وتمنع في نفس الوقت أي رغبةٍ في المُستقبل. وعلى هٰذا النحو تمضي أيديولوجيَّا الاِحتكار: إنَّها تخلقُ وقتًا، تجربةً معيشيَّة، بلا ذاكِرةٍ وبدونِ مُستقبل. 

رسالةٌ في التحلُّل \ إميل سيوران

صورة
  حقائقنا ليست أكثر قيمةً من حقائق أسلافنا. أحللنا المفاهيم محل أساطيرهم ورموزهم فإذا نحن نعتقد أننا «متقدمون». إلّا أنّ تلك الأساطير والرموز لا تعبر إطلاقا عمّا هو أقل من مفاهيمنا. شجرة الحياة، الثعبان، حواء والفردوس، تعني بقدر ما تعني: الحياة، المعرفة، الغواية، اللاوعي. التصورات الملموسة للشر والخير في الميثولوجيا تضاهي من حيث العمق تصورات الشر والخير في الإيطيقا. لا يتغير العلم أبدًا من حيث العمق: وحدهُ الديكور يتغيّر. يتواصل الحب من دون فينوس والحرب من دون مريخ، وإذا كانت الآلهة قد كفّت عن التدخل في الأحداث، فإن الأحداث لم تصبح أكثر وضوحا ولا أقل تحييرا: كل ما حدث أن جهازًا كاملاً من الصّيغ حل محل مضخّة الأساطير القديمة، دون أن يتسبب ذلك في أي تحوير لثوابت الحياة البشرية، التي عجز العلم عن إدراكها بعمق أكثر مما فعلت الروايات الشعريّة. . ليس للعُجب الحديث حدّ: نعتقد أننا أكثر تنويرًا وعمقًا من القرون الماضية كافة، ناسين أن تعليم بوذا وضع المخلوقات أمام مسألة العدم، تلك المسألة التي يخيل إلينا أننا اكتشفناها لأننا غيرنا حدودها وأدخلنا عليها شيئا من سعة العلم. لكن هل من مفكر غربي يتحم

في الفراغ \ عبد السلام بنعبد العالي

صورة
  نقرأ في كتاب التاو تي تشينغ : ” تلتئم أشعة العجلة عند المركز والفراغ. بفضل هذا الفراغ تتحرك العربة. يصنع الإناء من الطين، غير أن فراغه هو الذي يجعله صالحا لوظيفته. تخترق المسكن أبواب ونوافذ، بيد أن فراغها هو الذي يجعله قابلا للسكنى. وهكذا نصنع أشياء، غير أن فراغها هو الذي يعطيها معنى. ما يعوز، هو ما يمنح أسباب الوجود”. حينما ينظر الفكر المعاصر إلى الكائن على أنه تصدع وابتعاد، والى الوجود من حيث ينخره الزمان، والى التاريخ من حيث هو قطائع وانفصالات، والى الهوية من حيث هي اختلاف وتباين، والى الوحدة من حيث هي كثرة وتعدد.. ألا يجعل بذلك “ما يعوز le manque هو ما يمنح أسباب الوجود”، فيعمل على استعادة هذا المفهوم عن الفراغ من حيث هو ما يفعل، ما يعطي وظيفة ومعنى. فليس الفراغ غيابا وعدما. وهو أبعد ما يكون عن المفهوم الذي كرسته الفيزياء التقليدية الذي هو أقرب إلى “التصور الكيميائي ” ،كما بين رولان بارت الذي يدعونا أن نشتق مفهوم الفراغ من التصور الفيزيائي الحديث الذي يرى ” أن الجزيئات الموجودة في الكون ليست متولدة عن جزيئات أبسط منها، بل إنها تمثل ما آل إليه تبادل التأثير فيما بينها في لحظة بعين