المشاركات

المجد لِوجاهةٍ تُشرّف الأشياءَ عوض أن تشرفها الأشياءُ \ محمد هاشمي

صورة
  بقدر ما يخس و ينحط و ينبخس الشخص ، بقدر ما يبالغ في التخفي خلف الأشياء والعناوين والأضواء الزائفة والفرقعات التافهة. يتلبسها فتصبح هي هو يستلف فخامتها فيحسب نفسه فخما، ووسامتها فيعتقد نفسه وسيما، و قوتها فيتجبر ويتعملق رغم تقزمه، حين يتخفى خلف أشيائه المتعاظمة، يغطّي عن ضعفه وعن انكماشه وترهله وعنته وعجزه بربطات العنق الطويلة و بسيارات تتمدد بهيكلها المتين لتعوض تمددا لا يسعفه ووجاهة لا تستقيم له . قد أقبل من عاهرات الرصيف أن تميز بين الزبناء حسب ما يركبون من سيارات ، لكننا لا نقبل من الرجال أمرا كهذا، لا يهم الرَّكوب يا سادة بل معقد الأمر على الراكب من يكون،  المجد لِوجاهةٍ تُشرّف الأشياءَ عوض أن تشرفها الأشياءُ .

أنا في حرب على نفسي \ جاك دريدا

صورة
  أنا، لم أتعلم بعدُ كيف أحيا، أبدًا لم أتعلم ذلك.. فأن يتعلم الواحد كيف يحيا، يعني أن يتعلم كيف يموت، أن يأخذ في حسبانه الموت الحتمي، وبرضى به، (بلا خلاص ولا قيامة، ولا فداء) لا لنفسه ولا لغيره.. منذ أفلاطون، هذا هو الواجب الفلسفي القديم: أن تتفلسف يعني أن تتعلّم كيف تموت. أعرف هذه الحقيقة، وأتحاشى مواجهتها دائمًا.. مرة بعد مرة، أبتعد عن الإقتناع بذلك، حقيقة أن أتقبل الموت. فنحن كلنا أحياء، لكن أحياء لمهلة ما، لأجل ما، (ومن وجهة نظر جيوسياسية تجدها في كتابي “أطياف ماركس”، فنحن نعيش في عالم أكثر ظلمًا من أيّ وقت مضى، ظلم يُمارس تجاه المليارات من الأحياء، من البشر ومن غيرهم من الكائنات.. وهؤلاء النّاس، فضلاً عن أنه لا يُسمح لهم بالتّمتع بحقوق الإنسان الأولية، التي صار عمرها أكثر من قرنين وما انفكّت تتطور، لكنهم لا يتمتّعون حتّى بالحدّ الأدنى بحياة قمينة بأن تُعاش).. بيد أنّي، لا زلت إلى الآن عصيًا على تلقّي حكمة أن أعرف كيف أموت. إذ إنني حتّى اليوم لم أتعلم ولم أكتسب جديدًا في هذا الموضوع.. فهذه المهلة المعطاة لنا في الحياة تتقلص بنحو متسارع. ليس فقط لأنني – كما هو حال كثيرين غيري – قد

مذكرات فتاة رصينة \ سيمون دي بوفوار

صورة
   الحياة..يا لها من كائن غريب! في لحظة ما، شفافة ومفهومة وفي لحظة أخرى، مبهمة تماماً. إنها شيء أصنعه بنفسي، مع ذلك مفروض عليّ، إنها توفّر البدايات ثم تسلبها مني مرةً أخرى، تسحقني بالأحداث، تبعثرني، تحطمني، لكن مع ذلك تبقيني متماسكة . كيف أنها متعارضة، لكن مع ذلك متناسقة، هذا التناقض يولد العديد من الإتجاهات والجوانب .

الحضارة وسخطها \ سيجموند فرويد

صورة
  ﻫﻨﺎﻙ ﺳﺒﺐ ﺁﺧﺮ ﺃﻳﻀﺎ ﻟﻠﺨﻴﺒﺔ ﻭﻻ‌ﻧﻘﺸﺎﻉ ﺍﻷ‌ﻭﻫﺎﻡ. ﻓﺨﻼ‌ﻝ ﺍﻷ‌ﺟﻴﺎﻝ ﺍﻷ‌ﺧﻴﺮﺓ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻔﻴﺰﻳﺎﺋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﺗﻄﺒﻴﻘﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻘﺪﻡ ﺧﺎﺭﻕ ﻟﻠﻤﺄﻟﻮﻑ، ﻭﻗﺪ ﺑﺴﻄﺖ ﺑﻨﺘﻴﺠﺔ ﺫﻟﻚ ﺳﻴﻄﺮﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﺼﻮﺭﻩ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻴﻮﻡ. ﻭﺳﻤﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻘﺪﻡ ﻣﻌﺮﻭﻓﺔ ﻟﻠﺠﻤﻴﻊ ﺇﻟﻰ ﺣﺪ ﻳﻐﻨﻲ ﺣﺘﻰ ﻋﻦ ﺗﻌﺪﺍﺩﻫﺎ. ﻭﺑﻨﻮ ﺍﻹ‌ﻧﺴﺎﻥ ﻓﺨﻮﺭﻭﻥ ﺑﺘﻠﻚ ﺍﻟﻔﺘﻮﺣﺎﺕ، ﻭﻫﻢ ﻓﻲ ﻓﺨﺮﻫﻢ ﻫﺬﺍ ﻣﺤﻘﻮﻥ. ﺑﻴﺪ ﺍﻧﻪ ﻳﺨﻴﻞ ﺇﻟﻴﻬﻢ ﺍﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺍﻟﻌﻬﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﻜﺎﻥ ﻭﺍﻟﺰﻣﺎﻥ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻ‌ﺳﺘﺮﻗﺎﻕ ﻟﻘﻮﻯ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻟﺼﺒﻮﺍﺕ ﻭﺃﻣﺎﻧﻲﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﺁﻻ‌ﻑ ﺍﻟﺴﻨﻴﻦ، ﻟﻢ ﺗﺰﺩ ﺍﻟﺒﺘﺔ ﻣﻦ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺍﻟﻤﺘﻌﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻨﺘﻈﺮﻭﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ. ﻭﻣﻦ ﺛﻢ، ﻻ‌ ﻳﻌﻤﺮ ﺃﻓﺌﺪﺗﻬﻢ ﺍﻹ‌ﺣﺴﺎﺱ ﺑﺄﻧﻬﻢ ﺻﺎﺭﻭﺍ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﺫﻟﻚ ﺃﻛﺜﺮ ﺳﻌﺎﺩﺓ، ﻭﻗﺪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺮﻭﺽ ﺍﻥ ﻳﻜﺘﻔﻮﺍ ﺑﺎﻻ‌ﺳﺘﻨﺘﺎﺝ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺷﺮﻁ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ، ﻛﻤﺎ ﺍﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﺍﻟﻴﺘﻴﻢ ﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻤﺪﻳﻦ. ﻻ‌ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻨﺘﺠﻮﺍ ﺍﻥ ﺗﻘﺪﻡ ﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﺫﻱ ﻗﻴﻤﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﺇﻟﻰ "ﺍﻗﺘﺼﺎﺩ" ﺳﻌﺎﺩﺗﻨﺎ. ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ، ﺃﻟﻦ ﻧﻤﻴﻞ ﺇﺯﺍﺀ ﺍﻻ‌ﺳﺘﻨﺘﺎﺝ ﺍﻷ‌ﺧﻴﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻻ‌ﻋﺘﺮﺍﺽ ﺑﻘﻮﻟﻨﺎ: ﺃﻟﻴﺲ ﻣﻜﺴﺒﺎ ﺇﻳﺠﺎﺑﻴﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺬﺓ، ﺍﻻ‌ ﻳﺰﺩﺍﺩ ﺑﻼ‌ ﻟﺒﺲ ﺷﻌﻮﺭﻱ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎﺩﺓ، ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺃﻣﻜﻨﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﺳﻤﻊ ﻣﺘﻰ ﻣﺎ ﺷﺌﺖ

ثلاثية غرناطة \ رضوى عاشور

صورة
  والقلب في بيت القلب يعتصر كأنما تقبضه يد الموت ويموت. يحدقون فيك ولا يرف لهم جفن. يلقون بك في قبو وحدك لا تقدر حتى على البكاء، وعندما تقدر تذرف الدمع الغزير، ليس لأن البدن يوجع، ولكنك تبكي على تلك المزق الآدمية التي تعرف أنها أنت، تبكي على حالك وعلى هجر حبيب في الزرقاء العالية تركك وحدك تصطلي بنار لم يعد الله بها قومه الصالحين. وحدك في سجنك المظلم تحاصرك الوحشة ولا ضوء سوى ذؤابة شمعة ذابلة يرتعش معها على الجدار طيف المحقق الذي يلازمك وإن غاب، خيال يعظم خطه الصاعد مائلاً على الجدار، يحدد ظل وطواط هائل ينشر سواده الملتصق بحجر الجدار. وحدك في سجنك لا يشاركك فيها سوى جرذان لأنها حياة تذكرك بالحياة، وبعد شهور ينقلونك إلى حيث يتبدد شيء من وحشة روحك. يصير لك رفاق يسكنون معك في قبو أيامك ولياليك. تأتلف القلوب المحزونة، طاقة ضوء في عتمة الجدار.

متجر المنتحرين \ جَان تُولي

صورة
  «هل فشلت في حياتك؟ معنا، سيكون موتك ناجحا!»  من خلال هذا الإعلان التجاري الصادم، تشرع رواية «متجر المنتحرين» أبوابها دفعة واحدة أمام القلة الناجية التي تعتاش على وسائل دمارها الذاتي في مجتمع غرائبي صمم على صورة الفوضى. في ذلك المتجر الصغير الذي لا يدخله النور، يصبح بيع وسائل الانتحار خدمة باذخة تقدم للإنسانية الآفلة، بعد سقوطها تحت مطارق التوحش البشري. ولكن حذار...! فالروائي الفرنسي «جان تولي» لا يقدم رواية عن نهاية العالم، وإنما يزرع الفخاخ في طريق القارئ من خلال تصميم عبقري، طريف ومزعج في آن، ساحبا إياه إلى أسئلة الزمن الراهن قبل أن يعصف به جنون البشر . في هذا المتجر، ثمة شخصيات وأفكار، تدين الإنسان وتحذر من زمن آخر، حيث الخلاص يكمن في ما تقدمه عائلة «توفاش ميشيا» من أدوات انتحار، في استعادة ساخرة، لثنائية الموت والحياة. والحق أن الرواية برمتها تتلاعب بالقارئ حين تقدم له في الظاهر وصفة انتحار جاهزة. أما في العمق فإنها توجه له رسالة تحذير بسيطة: إن أنت أردت النجاة، فابحث عن الترياق بنفسك!

تأملات \ أجان شاه

صورة
  إنّ ولادتنا وموتنا أمر واحد، لا يمكنك الحصول على أحدهما دون الآخر. إنه من المضحك قليلا رؤية دموع الناس ومدى حزنهم عند  الموت، ومدى سعادتهم وبهجتهم عند الولادة. إنّه الوهم. إذا كنت تريد البكاء حقًّا، سيكون من الأجدر أن تفعل ذلك عند ولادة أحدهم. اِبْكِ على الأصل، فلو لم تكن  الولادة لن يكون الموت. هل يمكنك فهم هذا؟.

السمان والخريف \ نجيب محفوظ

صورة
ما رغبت فيه يوما هو ألا أكون جلادا ولا ضحية، ألا أكون سجينا في بيت ضيق رفقة امرأة حزينة تبحث عن التوفيق بين نظرة المجتمع وكراهيتها لي وللملل والسأم اليومي، ولا عجوزا لصيقا بمراهقة تنضج على حساب وقتي وأعصابي.. كنت أريد أن أكون « حرا » في اختيار سجني، لكن ما لم أستوعبه ساعتها هو أن أولئك « العظماء » الذين هربت من تقليدهم، كي لا أبدو سخيفا، لم يريدوا شيئا أعقد ولا أكثر مما أردت: « الحرية » فقط ولو في نطاق ضيق. حرية أن يبحثوا في الأشياء المجردة حول الكون والإنسان والتاريخ واللغة والطبيعة والموسيقى دون أن يضطروا للخوض في تفاهات الحياة اليومية الصغيرة بسبب مصيدة البيولوجيا، لكن النساء كان لهن رأي آخر، إذ يقتصر وجودهن على فرملة تطور النوع البشري، فالمرأة لا تتصور نفسها تساهم في شيء ما يتجاوز نزعة التكاثر وفي أحسن الأحوال صناعة الخداع، لأن الطبيعة صنعت من أغلبهن غسالات صحون وأكياسا لحمل الأطفال. ما جعلني أفشل في أي علاقة لم يكن هو الخداع ولا الملل، كانت تلك مجرد مصادفات محظوظة لإنهاء تلك المهازل، الدافع العميق كان هو اعتيادي على الوحدة والهدوء، على الليالي البيضاء مع كتاب أو سفر مفاجئ أو مغازل

الوجود و العزاء \ سعيد ناشيد

صورة
  تُحيل الرحمة الفلسفية في كلمات معدودة ، إلى حالة عقلية ووجدانية تجعل الإنسان يرفض تبرير كل أشكال القسوة والألم والشقاء ، حتى ولو كان ثمن رفض ذلك التبرير هو (تشاؤم) على منوال شوبنهاور ، أو (عبثية) على منوال ألبير كامو ، أو (عدمية) على منوال سيوران ، أو أي شكل آخر من أشكال التعبير عن الخيبة وفقدان المعنى.

هل الفنون الجميلة من ضرورات الحياة، أم هي كماليات تأتي بعد لقمة العيش؟ عباس العقاد

صورة
  سُئل العقاد مرة: هل الفنون الجميلة من ضرورات الحياة، أم هي كماليات تأتي بعد لقمة العيش؟ فأجاب:  بوسعنا العيش دون ملكة النظر سبعين عامًا دون أن نهلك، ولا نقدر أن نعيش سبعين يومًا دون الرغيف، ولم يقل أحد لهذا إن الرغيف أهم من البصر.  وبتقييم السوق: الرغيف أرخص من الكتاب، والتمثال أغلى من الثوب.  فقيمة الشيء لا تتعلق بقدر الحاجة إليه، بل بقدر ما نصبح عليه إذا حصَّلناه.  فتحصيلنا الرغيف يساوينا بسائر الأحياء، ولكن تحصيلنا الجمال لا يجعلنا أحياء وحسب، بل يجعلنا بشرًا ممتازين فى أمة ممتازة، تحس وتحسن التعبير عن إحساسها.  الضرورات توكلنا بالأدنى من مراتب الحياة، أما الذي يرفعنا إلى الأوج من طبقات الإنسان، فهو الفنون.

من روائع الكاتب الروسي أنطون تشيخوف

صورة
  فلاح عجوز حمل زوجته المريضة في المقعد الخلفي من العربة التي يجرها حصان هزيل، حملها إلى المدينة البعيدة لعلاجها… وفي الطريق الطويل، بدأ الرجل يتحدث،  يفضفض... كأنما يناجي نفسه، ولكنه في الوقت نفسه يواسي زوجته المريضة التي عاشت معه طوال أربعين عاما في شقاء وبؤس ومعاناة تكد وتكدح، تساعده في الحقل، وتتحمل وحدها أعباء البيت… الآن..  أحس أنه كان قاسيا معها طوال السنوات الماضية، وأن عليه، الآن، أن يعاملها بلطف ولين، وأن يُسمعها الكلمات الطيبة،  قال لها إنه ظلمها، وأن الحياة أيضا ظلمتها، لأنه لم يجد الوقت في حياته اليومية ليقول لها كلمة طيبة حلوة وعذبة، أو يقدم لها ابتسامة صافية رقيقة كالماء أو يعطيها لحظة حنان!!! وظل الرجل يتحدث بحزن وأسى، طوال الطريق والكلمات تحفر لها في النفس البشرية.. مجرى كما يحفر الماء المتساقط على الصخر.. خطوطا غائرة. ليعوضها ـ بالكلمات ـ عما فقدته خلال الأربعين عاما الماضية من الحب والحنان ودفء الحياة الزوجية وأخذ يقدم لها الوعود بأنه سوف يحقق لها كل ما تريده وتتمناه في بقية عمرها… عندما وصل المدينة، نزل من المقعد الأمامي ليحملها من المقعد الخلفي بين ذراعيه لأول مرة

معضلة القنفذ \ ‏Hedgehog's dilemma

صورة
  عندما يشعر حيوان القنفذ بالبرد يبدأ بالبحث عن إخوانه لكي يلتصق بهم حتى يشعر بالدفء . المشكله أن الشوك الذي على جسم القنفذ يجعل عمليه تقاربه مع أبناء جنسه صعبه ومؤلمة ، نظراً لأنهم كلما تقربوا من بعضهم فإن الشوك الذي على أجسامهم يؤذيهم ، فيقررون الابتعاد عن بعضهم ، ثم يشعرون بالبرد فيقتربون مرة أخرى وهكذا ..  في سنة 1851 تأمل الفيلسوف الألماني شوبنهاور في موقف حيوان القنفذ هذا واعتبرها واحده من معضلات الانسان الاجتماعية النفسية ، وسماها : ( مُعضله القنفذ ) Hedgehog's dilemma شوبنهاور تكلم أن الإنسان الوحيد يشعر باحتياج شديد لأن يقترب من الناس ويتفاعل معهم ، وأن الوحدة تبقى قاسية جداً ومؤلمة بالنسبه للإنسان الطبيعي ( مثل البرد بالنسبه للقنفذ ) ، فيقرر أن يفعل مثل القنفذ ويبحث عن أبناء جنسه ويلتصق بهم من أجل الدفء النفسي .  المشكله أن التصاقه وقربه هذا لن يكون مصدر سعادة وراحه له على طول الوقت ، وإنما العكس ، مصدر ألم وتعب ( لنفسه ولأقرانه ) ، وهنا تتولد مشاعر سلبية كثيرة مثل الضغط النفسي والإحراج والفراق وغيرها . ومثلما يكون القنفذ مجبراً على إيذاء أقرانه ، ذات القضيه مع الانسان (

الرجل الذي مات مرتين \ جورج أمادو

صورة
كينكاس هدير الماء المدعو سابقاً بـالرجل المحترم جواكيم، الرجل الذي عاش مرتين ومات مرتين -أو ربما 3 مرات- اذا افترضنا خُروج كينكاس في عمر الخمسين عن طابع حياته المستقرة في ظل أسرته إلى اعتناق حياة التشرّد والحريّة "الميتة الأولى"، حتى وإن لم تكن ميتة جسدية فهي تمثل موت الأخلاق والمبادىء والحياة التي مارسها كينكاس طوال الخمسين سنة من حياته، بالإضافة إلى أن أهله أنفسهم اعتبروه ميتاً بمجرد خروجه "وهنا تنتهي الحياة الأولى لكينكاس"، أما الحياة الجديدة حياة مغايرة تماماً لتلك المقيّدة بقوانين وأعراف المجتمع، حياة بسيطة وبلا قيود، التقى فيها بأصدقاء حقيقيون وبالرغم من أنّه أمضاها في السكر والمقامرة طوال الليل إلا أنّها كانت حقيقيّة أكثر بالنسبة له. الميتة الثانية هي الميتة الفعلية، أما الثالثة هي الميتة التي تمنّاها العجوز كينكاس، بعدما مات اجتمع حوله أصدقائه وطافوا به حول المدينة وكأنّه حي وانتهوا بالاحتفال على ظهر سفينة وهناك القى العجوز نفسه في البحر، مختاراً الموت الذي يُريده والمكان الذي يُدفن فيه. الحكايات عن موت كينكاس هدير الماء، تُحكى عن طريق طرفين رئيسين، الأول ال

ثمانيةُ أفكارٍ لسيجموند فرويد لايزال تأثيرها قائماً حتى اليوم

صورة
  1️⃣ اللاوعي ، أو كيف لا تحدث الأشياء مُصادفةً.  اكتشف فرويد أن ما مِن شيء يُسمى حادثة أو صدفة ، واكتشف كيف أن المشاعر والأفكار والدوافع والأمنيات والأحداث ، التي قد تبدو عشوائية ، تحمل معانٍ خفية.  يشير الكاتب إلى زلات اللسان التي يسميها علماء النفس «زلَّة فرويدية»، والتي تدلنا على أهمية المعاني الباطنة للأشياء التي نقولها ونفعلها. بمعنًى آخر، لو حدث ونسيت مفتاحك في شقة من تحب «بالصدفة»، فأغلب الظن أنَّك ، دون وعي ، تركتها بهدف الرجوع إلى شقته ثانيةً ، رغبةً في رؤيته. بدايةً من الأحلام والزلَّات الفرويدية وحتى التداعي الحر ، لا يزال التعمق في اللاوعي بغرض تحرير الرغبات ، أو الصدمات ، أو الدوافع المنسية المحرمة ، خطوةً شديدة الأهمية تجاه معرفة أصدق بالسلوك البشري. 2️⃣ الليبيدو "الغريزة الجنسية : نقطة الضعف والقوة". حتى لو حاول جميعنا إنكار الأمر ، فالجنس هو دافعنا الأول والقاسم المشترك بين البشر في رأي فرويد ، إلا أن شعورنا الشديد بالخجل والاشمئزاز من تلك المبادئ الداروينية البدائية ، التي أدت إلى تقدم الإنسان على سائر المخلوقات الحية ، جعلنا نبذل وقتًا هائلًا في إنكار هذا «

فيروس دوستويفسكي

صورة
في نهاية رائعة دوستويفسكي "الجريمة والعقاب" يحلم "راسكولنيكوف" بفيروس يصيب الناس، أعراض هذا الفيروس غريبة لأنه يجعل [كل شخص يعتقد بأنه المالك الوحيد للحقيقة] .. بالطبع لا يمكن للناس أن يتعايشوا مع بعضهم مما يؤدي لحالة من الصراع الدائم وعدم تقبل الآخر، ‏ولكن المثير للاهتمام ان "راسكولنيكوف" لم يكن يعلم بإصابته أيضا بهذا الفيروس الغريب، لأنه كان يعتقد وهو في السجن ان الجريمة التي ارتكبها ليست خطيئة.. وكان هدف الحلم [تجريده] من مشاعر التفوق واعتقاده بأنه أيضا المالك الوحيد للحقيقة ‏من المهم الوقوف على تداعيات هذا الفيروس كما وردت في الحلم، فالمجتمعات بدأت تنهار تماما، وجميع البشر أصبحوا أعداء، لأن الجميع اقترح أفكاره الخاصة، رؤيته الخاصة، تحسيناته الخاصة، لا يوجد اجتماع بل تفرق تام.. هذا الوباء في حلم "راسكولنيكوف" أصاب ربما العقول فقط.. ‏أرى أن دستويفسكي يصف ولو بشكل بسيط واقعنا الحالي، الوباء لم يصب فقط الجسد ولكن أيضا طريقة التفكير والمنطق، أصبحنا نشكك في كل شيء، وأغلبية الناس أصبحوا خبراء، يرون وجهات نظرهم وأنفسهم على حق دائما.. ‏على كل حال، &qu

عزاء الفلسفة \ بوئثيوس

صورة
  إن كنت في سجن منتظرًا لحظة إعدامك، أستمضي حينها أيامك الأخيرة تكتب مؤلَّفًا فلسفيًّا؟ بوئثيوس فعل. وانتهى الأمر إلى أن يكون هذا أشد المؤلَّفات التي كتبها شيوعًا. كان أنيسيوس مانليوس سِفرنيوس بوئثيوس (525-475)، كي نمنحه اسمه الكامل، واحدًا من آخر الفلاسفة الرومان. مات بعد عشرين عامًا فقط من سقوط روما في يد البرابرة. ولكن في الوقت الذي كان فيه حيًّا، كانت روما تنحدر مسبقًا. وفكّر في الفلسفة مثلما فعل زميلاه الرومانيان كيكرو [باللاتينية الكلاسية] وسنيكا باعتبارها نوعًا من العون الذاتي، طريقة عملية تحسّن بها مجرى حياتك بقدْر ما هي مراس على الفكر المجرد. كما إنه زوّد اليونانيين القديمين أفلاطون وأرسطو بخط اتصال، إذ ترجم أعمالهما إلى اللاتينية، محافظًا بذلك على أفكارهما حيةً في وقت كان يحيق بها خطر الضياع إلى الأبد. كونه مسيحيًّا، فإن كتاباته استمالت الفلاسفة المتدينين الورعين الذين قرؤوا كتبه في العصور الوسطى. إذًا أنشأت فلسفته جسرًا ينطلق من المفكرين اليونان والرومان إلى الفلسفة المسيحية التي ستسيطر على الغرب لقرون بعد وفاته. كانت حياة بوئثيوس مزيجًا من الحظ الحسن والحظ السيئ. قلَّده الم

الكوميديا الالهية \ دانتي

صورة
  وجدت نفسي على الحافة من وادي الهاوية الاليم، المتلقى لدوي صرخات لا تنتهي، عميقاً كان ومُلبداً بالسُحب المُكفهرة، حتى اني حينما حدقتُ ببصري في أعماقه، لم أتبين فيه شيئاً. هنا الطريق المؤدي الى مدينة العذاب، الى الألم الأبدي، هُو ذا الطريق المؤدي الى القوم الهالكين.  لم يُخللق قبلي شيئا سوى ما هو أبدي، واني باقٍ للأبد، أيُها الداخلون ! أطرحوا عنكم كُل أمل.- هذه الكلمات رأيتُها مكتوبة بلونٍ داكن، في ذروة بوابة عملاقة، فقلت :  "مُرشدي، ان معاني هذه الكلمات لقاسٍ على نفسي." فأجابني جواب خبير  :  "هُنا ينبغي ان تطرح عنك كُل شك، هُنا ينبغي ان يموت كُل خوف، فها قد وصلنا الى المكان الذي أخبرتك انك سترى فيه جميع الاقوام المُعذبة." دوى عند دخولنا تنهدٌ وبُكاء وصراخ عالٍ وسط جو مُكفهرٍ بغير نجوم. لغاتٍ غريبة، وصرخاتٍ رهيبة، وكلمات أسىٰ، وصيحاتُ غضب، واصوات صماء عالية، ترافقها لطمات أيادي.مُحدثاً ضجيجاً مُفزعاً يدور على الدوام، في هذا الجو الابدي الظلام، كذرات الرمال عندما تعصِفُ بها هوجاء الاعاصير. فقلت وقد حفّت برأسي طيور الرُعب: " ما هذا الذي أسمع ؟ أي ألمٍ مرير يحملهُ

لوحة هنري براون

صورة
لوحةٌ لرجل أمريكي يدعى هنري براون والذي  استطاع الهرب من العبودية في العام 1849  عن طريق إرسال نفسه بالبريد إلى ولاية أخرى من الولايات الحرة منقولاً في صندوق خشبي مساحته 91x61x81 سم في رحلة إستغرقت 27 ساعة وهو منطوٍ على نفسه في وضع أشبه بالجنين كما  في اللوحة، وحتى يستطيع الحصول على إجازة في ذلك اليوم حرق يده بالكامل بماء النار حتى بانت عظامه، ودفع للرحلة حوالي 86 دولار (مبلغ ضخم جداً وخاصة بالنسبة لعبد، يعادل حوالي 2500 دولار بأموال اليوم) استطاع جمعه عن طريق تأدية بعض المشاوير والأشغال الجانبية للجيران نظير مقابل مادي ضئيل صغيرة على مدار سنوات. بعد نجاحه  حاول بدايةً أن يطوف البلاد ليحكي عن أهوال وفظائع العبودية ولكن أصبح في خطر حقيقي بعدما تم تمرير قانون يدعى Fugitive Slave Law أو (قانون العبد الشارد) والذي يرخص القبض على أي عبد هارب وإعادته لصاحبه نظير مكافأة مالية، فهاجر إلى بريطانيا وعمل بمجال الاستعراض وخفة اليد وكذلك أصبح من أبرز المتحدثين المناهضين للعبودية هناك " الحرية ....لا تقدر بثمن"  

رجل في الوسط \ أحمد خالد توفيق

صورة
  ذات مرة اضطرتني الظروف واضطرني النحس إلى المشي في حي عشوائي مرعب على أطراف المدينة، فلاحظت أن سكان الحي الفقراء ينظرون لي نظرة شرسة متوعدة .. النساء يرمقنني في شك وكراهية، والأطفال يركضون خلفي لكن على مسافة معقولة لأنهم خائفون مني، والفضول يمنعهم من الابتعاد. هنا فطنت إلى أنني أبدو أنيقًا متغطرسًا أكثر من اللازم .. أكثر مما يستريحون له. ولا أعرف كيف نجوت من هذه المغامرة على كل حال. بعد أسبوع كان علي أن أقابل رجلاً في أحد الأحياء شديدة الرقي والثراء.. سيارات فاخرة من أحدث موديل، بحيث بدت سيارتي جوارها أقرب إلى صندوق قمامة ألقاه أحدهم هناك. لاحظت نظرات الدهشة والعدائية التي يصوبها لي كل من ألقاه هناك، وعندما أردت دخول تلك البناية استوقفني حارس الأمن ليعرف من أنا بالتفصيل. نظرت لنفسي في المرآة العملاقة خلف الحارس فعرفت السبب .. أنا أبدو رث الثياب مريبًا وفقيرًا أكثر من اللازم.. هكذا عرفت أنني أنتمي لمعسكر الوسط في كل شيء.. ليس لي مكان في مجتمع الأثرياء لكن مجتمع المعدمين لا يقبلني كذلك .. لو تهددك واحد وأنت في معسكر الأثرياء فلا مشكلة لأن البودي جارد الخاص بك من الرجال صلع الرؤوس ذوي ال

فيما وراء الخير والشر

صورة
في كتابه "الصراع مع الشيطان" يصف ستيفان سفايغ رغبة المعرفة عند نيتشه بأنها رغبة جامحة، مدمرة، "شيطانية" لا تكل ولا تمل، لا تهدف إلى تشييد قصور أو بناء صروح معرفية عكس باقي الفلاسفة الألمان من قبيل كانط وفيخته...فعكس كانط لا يسعى نيتشه الى الزواج بالحقيقة والبقاء وفيا لها. فلا أنساق في فلسفة نيتشه، ولامذاهب، ولا قيم خالدة ولا أفكار ميتافيزيقية متعالية... ولهذا السبب بالضبط يجد المرء صعوبة في قراءة نصوص نتيتشه وفهمها، فهي تستهلك القارئ وتُتعبه، تأخذ منه أضعاف المجهود التي تأخذه قراءات أخرى، لا لسبب إلا لأنها "قلب للأفلاطونية" كما يقول عنها هو نفسه. وما الافلاطونية في نهاية المطاف إن لم تكن الثقافة والطريقة التي اعتاد البشر أن يعيشوا بها منذ زمن بعيد؟ لذلك أيضا تحتاج قراءة نصوص نيتشه إلى براءة الطفل، لأنها تقتضي التخلي عن الكثير من الأحكام المعرفية المسبقة التي أصبحت تُشكل نمط تفكيرنا ووجودنا. وكمثال على ما قلناه، لنتأمل هذه الفقرة المرعبة و"الغريبة" من الشذرة الرابعة لكتاب "فيما وراء الخير والشر"، والتي يحتاج المرء من أجل فهمها إلى أكثر م