بطل من هذا الزمان \ ميخائيل ليرمنتوف


 


كان جميع الناس يقرأون في وجهي علامات غرائز شريرة أنا منها بريء، وما زالوا يفترضونها فيّ، حتى نبتت وتأصلت. كنت خجولا، فاتهموني بالمكر، فأصبحت كتوما. وكنت أحس بالخير والشر إحساسا عميقا، ولكن أحدا لم يعطف عليّ، بل كانوا جميعا يؤذونني، فأصبحت حقودا أحب الانتقام. وكنت حزين النفس، وكان الأطفال الاخرون فرحين هدّارين، وكنت أشعر أنني فوقهم، فقيل لي إنني دونهم، فأصبحت حسودا. وكنت مهيأ لأن أحب جميع الناس، فلن يفهمني أحد، فتعلمت الكره. لم يكن شبابي الخالي من الفرح إلا صراعا مع الناس ومع نفسي. خوفا من الهزء، دفنت أنبل عواطفي في أْعماق قلبي فماتت هنالك. وكنت أحب أن أقول الحقيقة، فلم يصدقني أحد، فأخذت أكذب. وقد تعلمت أن أسبر أغوار الناس، وأن أدرك الدوافع التي تحركهم فأصبحت بارعا في فن الحياة، ولاحظت أن غيري ممن لا يملكون هذا الفن كانوا سعداء، ينعمون، من غير جهد، بهذه الخيرات التي كنت أجهد للحصول عليها بلا كلال، فولد اليأس في قلبي، لا ذلك اليأس الذي تذهب به رصاصة من مسدس، بل هذا اليأس البارد، العاجز الذي يختفي وراء سلوك لطيف وابتسامة طيبة.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كلُّه نكتة كونيّة \ روبرت أدمز

رسالة دوستويفسكي إلى اخيه ميخائيل بعد أن نجى من الاعدام بأعجوبة

قبل بزوغ الشمس \ فريدريك نيتشه

الإرتباك الوجودي الذي ينجم عن حالة الملل

على الطريق \ فريدريك نيتشه

قرد في الأكاديمية \ فرانز كافكا

كتاب مت فارغا \ تود هنري

هل الوعي حرٌّ؟ آناكا هاريس

الجمر البري \ نيكيتا جيل

تجنب الألم \ فيليب فان دان بوسش