اهرب إلى عزلتك يا صديقي \ فرديريك نيتشه


 


اهرب، إلى عزلتك يا صديقي، لقد طالت إقامتك قرب الصعاليك والأدنياء، لا تقف حيث يصيبك انتقامهم الدسَّاس وقد أصبح كل همهم أن ينتقموا منك.

لا، لا ترفع يدك عليهم فإن عددهم لا يحصى، وما قُدِّر عليك أن تكون صيادًا للحشرات. إنهم لصغار أدنياء ولكنهم كثرة، ولَكَمْ أسقطت قطرات المطر وطفيليات الأعشاب من صروحٍ شامخات.

لقد أرهقتك الحشرات السامة فخدشت جلدك وأسالت منه الدماء، وأنت تتحصن بِكبْرك لتكظم غيظك، وهي تودُّ لو أنها تمتص كل دمك معتبرة أنَّ من حقها أن تفعل؛ لأن دمها الضعيف يطلب دمًا ليتقوَّى، فهي لا ترى جُناحًا عليها؛ إذ تُنشب حُمتها في جلدك. 

إن أبناء جلدتك لن يبرحوا كالحشرات المسمومة؛ لأن العظمة فيك ستزيد أبدًا في كرههم لك.

إلى عزلتك، يا صديقي، إلى الأعالي حيث تهب رصينات الرياح، فإنك لم تخلق لتكون صيادًا للحشرات.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معضلة القطار...علم الأخلاق

كلُّه نكتة كونيّة \ روبرت أدمز

معضلة سفينة ثيسيوس

الحياة \ فريدريك نيتشه

قرد في الأكاديمية \ فرانز كافكا

شجاعة الحكمة بين الخوف والرغبات

لماذا لا يمكن تخطيط العظمة؟ Why Greatness Cannot Be Planned

عصر الفراغ \ جيل ليبوفتسكي

الأبعاد الفلسفية لفيلم أنا لا أكذب .. ولكني أتجمل

أوهام العقل... صراع الذاكرة وألزهايمر في رواية هولندية