قلب الليل \ نجيب محفوظ
"على رغم التصعلك والتّسول فإنني أقف أمام الحياة مرفوع الرأس متحديًا، إذ أن الحياة لا تحترم إلا من يستهين بها." في سرديةٍ معمّقة عن حياة جعفر الراوي ذلك العجوز الطاعن في الفقر والصعلكة والذي قصد وزارة الأوقاف ليتساءل عن إرث جده الذي وهبه قبل وفاته كوقفٍ خيري ويود جعفر أن يسترد ذلك الإرث لينقذ نفسه من البؤس والضياع تتماس سردياتٌ وفلسفات أخرى وتتقاطع مع فلسفة الراوي نفسه عن الحياة وعن الإنسان وعن الماضي الذي يُلقي بظلاله على أيامِنا الحاضرة .. يبعث نجيب محفوظ ألبير كامو في غريبه ميرسو بطل روايته الأكثر صيتاً .. يُعيد محفوظ إحياء ميرسو بطل رواية الغريب في شخصية جعفر الراوي ذلك الرجل الذي لا يختلف عن ميرسو في عبثية حياته وجريانه مع الأقدار غير عابء بشيء محتدياً ومثابراً . " لقد مات أبي، كيف؟ ولم؟ لا أدري ." يقول جعفر الراوي تلك الجملة في حديثه عن أبيه الذي مات وهو في عمر الخامسة .. تُحيلنا تلك الجملة إلى افتتاحية رواية الغريب حيث ميرسو يقول نفس الجملة تقريباً حينما يعلم وفاة أمه .. ولم تتمخّض عبثية جعفر في تلك الجملة فحسب بل تراءت في مطبّات عدّة في حياته .. نجده يحدثنا...