نشيد الليل \ فريدريك نيتشه
لقد أرخى الليل سدوله فتعالى خرير المياه المتدفقة، ولنفسي أيضًا ينبوعها المتفجر. لقد أرخى الليل سدوله فتعالت الأناشيد من أفواه جميع المغرمين، وما روحي إلا نشيد من هذه الأناشيد. إن في داخلي قوة ثائرة تريد إطلاق صوتها، وهي شوق إلى الحب بيانه بيان المغرمين. أنا نور وليتني كنت ظلامًا، وما قُضي عليَّ بالعزلة والانفراد إلا لأنني تلفَّعت بالأنوار، ولو أنني كنت ظلامًا، لكان لي أن أرسل بركتي إليكِ أيتها النجوم المتألقة كصغيرات الحُباحِب في السماء فأتمتع بما تذرِّين عليَّ من شعاع. غير أنني أحيا بأنواري فأتشرَّب اللهب المندلع من ذاتي وقد حُرمت لذة الآخذين، وقد خطر لي مرارًا أن في السرقة من اللذة ما ليس في الأخذ. إن يدي لا تقف عن البذل، وذلك هو فقري فأنا أنظر أبدًا إلى العيون يملؤها الانتظار وإلى الليالي تلهبها الأشواق، وذلك هو الحسد الذي يقضُّ مضجعي. يا لشقاء الواهبين … يا لظلمة شمسي ويا لشوقي إلى الاشتياق ويا لشدة المجاعة في شبعي. إنهم يأخذون ما أهبهم، ولكنني أبقى بعيدًا عن أرواحهم فإن بين الباذل والآخذ هوة عميقة، ولعل أقرب الأغوار قعرًا أصعبها ردمًا. إن نوعًا من الجوع ينشأ في أحشائي فيحفزن...