الزلة / الدكتور يوجين ج. ماهون
زلات اللسان ... أسبقية شكسبير لفرويد يفترض أن يكون هاملت قد عاش قبل 300 سنة من فرويد ـ في مخيلة كاتب المسرحية ـ الا أنه يبدو مرتكبا لما يسمى زلة ، أو خطأ فرويديا ، وهذه الزلة ، كما يقول أحد كبار المحللين النفسيين ، تلقي أضواء على النقطة الاكثر ظلاما في عقله وتبرز عبقرية وليام شكسبير في وصف الحياة الداخلية للمرء. الدكتور يوجين ج. ماهون ، المحلل المدرب في كلية كولومبيا للاطباء والجراحين تحدث عن اكتشافه هذا في إحدى المجلات النفسية المتخصصة السنوية التي تنشر مواضيع حول آخر الافكار والنظريات التحليلية النفسية لمختلف المواضيع. هاملت أحد أشهر الابطال الشكسبيريين، يرتكب الزلة في أول مناجاة لنفسه. ففي تحسره على زواج والدته السريع من عمه بعد شهر واحد من وفاة والده يتمتم أمير الدانمرك ، ولكن مضى شهران على وفاته ! لا ليس هذه المدة ،ليس شهرين. لماذا يقول شهرين ، بدلا من شهر واحد ،ثم يصحح نفسه فورا؟ يرد ماهون أن السبب هو أن هاملت في خياله الاوديبي اللاواعي قتل والده قبل شهر من إقدام عمه على قتله فعلا. و في مسرحية (يوليوس قيصر) على سبيل المثال عثر على ذكرى خاطئة في الفقرة التي يتجادل فيها بروتوس مع كاسيوس بعد أن اغتالا قيصر . يقول ماهون: كاسيوس غاضب على بروتوس ويقول شيئا من هذا القبيل: (إنني اكبر عمرا منك كيف تجرؤ على أن تكلمني بهذه الطريقة؟ ولاحقا يتهمه بروتوس بأنه قال: (إنك أفضل مني) ما يقوله شكسبير هنا في الحقيقة هو أن بروتوس قد قتل رجلا أكبر سنا و أفضل منه أي يوليوس قيصر. ربما كل الافراد الاصغر سنا أي الاطفال ،يقتلون أفرادا أكبر سنا و أفضل في خيالاتهم الاوديبية في مرحلة الطفولة. ويضيف ماهون (وعليه فإن العبرة من هذا الجدال حول الاكبر سنا - الافضل هي أن بروتوس مذنب بقتل رجل اكبر سنا وافضل منه - قيصر او ربما الوالد. وهذا الشعور الضمني اللا وعيي بالذنب هو الذي يطلق شرارة الجدال مع كاسيوي ويؤدي الى حدوث زلة اللسان التي تبدو تافهة ظاهريا ولها معان متعددة اكثر عمقا إذا استطاع المرء أن يخرجها الى العلن؟ ومع أن زلات اللسان الفرويدية لم تكتشف الا قبل مائة عام الا أنه من الواضح أن شكسبير كان يعي أهميتها النفسية منذ 400 سنة. ويقول ماهون: الشيء الذي يدهشني أكثر أن شكسبير بدأ يستعملها بذكاء وجمالية في وصفه. وتصبح تلك الشخصيات أكثر تعقيدا بفعل زلات اللسان تلك الموجودة لديهم عندما ترتكب الشخصية زلة لسان فهي تعرف ذلك مما يعمق لدى المشاهدين الاحساس بأنها تفكر دون وعي.
تعليقات
إرسال تعليق