المشاركات

وهم الإرادة \ محمد البوعيادي

صورة
نحن في المجمل لسنا أحرارا، لم يكن لعلم الأعصاب وتشريح الدماغ تأثير في عالم الفكر أفضل من هذه الخلاصة، كل إرادة واهمة بالحرية يمكن استباقها وتوقعها عبر المسح الضوئي للمخ (سام هاريس). يمكن توقع اختيار الإنسان بين شيئين أو أكثر بمئات الأجزاء من الثانية، لأن كل شيء يفعله يخضع لحتمية لاواعية تحصل بشكل صدفوي في الدماغ، وسلوك مكونات الدماغ نفسه غير قابل لإسقاط السببية: "فتح وغلق القنوات الأيونية" و "تحرر الحويصلات المتشابكة" في المخ يحصل بشكل ذاتي بدون أي تأثير للبيئة والمحيط، لا يمكننا اختيار مؤثر واعتبار اختيارنا إرادة حرة ستؤدي إلى استجابة ما بالضبط. كمية الرعب التي في هذه الواقعة العلمية يمكن تلمسها في تحليل القانون إزاء عملية القتل: هل نعتبر المجرم الذي تربى في وسط عنيف وتعرض للاغتصاب والعنف وشاهد ذبح الحيوانات في طفولته مسؤولا عن فعله أم أن طريقة تشكيل دماغه تلعب دورا في أفعاله؟ هل قام بشكل واع وبحرية إرادة بفعله؟ ...أفكارنا ذاتية النشأة وهي التي تملي علينا أفعالنا، وذاتية النشأة معناه أنها تحدث بشكل عشوائي، وما يعزز هذا الطرح هو أننا ببساطة لا نعلم مسبقا طبيعة الفكر

المجتمع الصناعي ومستقبله \ تيودور كازينسكي

صورة
  يوفر الترفيه للإنسان الحديث هروبا لا غنى عنه؛ عندما يتم امتصاص انتباهه من قبل التلفزيون، وأشرطة الفيديو، وما إلى ذلك، فإنه يمكن أن ينسى الإجهاد، والقلق، والإحباط، وعدم الرضا. عندما لم يكن مشغولا بعمله. كان الانسان التقليدي يجلس بهدوء لساعات من دون أن يفعل شيئا، لأنه كان في سلام مع نفسه ومع عالمه. ولكن معظم الناس في العالم الحديث تحتاج لتكون مشغولة أو أن ترفه عن نفسها باستمرار ،من دون ذلك سوف يشعرون "بالملل"، ومن ذلك فانهم سوف يصبحون مهيجين ، قلقين، ومعكري المزاج. إذا اكتشفنا علاجا بيولوجيا يخفض بشكل كبير، ودون آثار جانبية ، التوتر النفسي الذي يعاني منه الكثير من الناس في مجتمعنا، وإذا اتبع عدد كبير من الناس هذا العلاج، فإن المستوى العام للإجهاد سيقل، ويمكن للنظام بعد ذلك زيادة الضغوط التي تنتج الإجهاد. في الواقع، يوجد شيء مماثل مسبقا و هو صناعة الترفيه، والتي هي واحدة من أقوى الأدوات النفسية التي يمكن للناس استخدامها لإخلاء نفسهم من الإجهاد و التوتر، أو على الأقل الهرب منهم مؤقتا . استخدام هذه الأدوات "اختياري": لا يوجد أي قانون يفرض علينا مشاهدة التلفزيون، والاست

الحبّ والحضارة \ هربرت ماركوز

صورة
  حوَل الجسد والفكر تحت سلطان مبدإ المردوديّة إلى أدوات للعمل المغترب… ويلعب توزيع الوقت دورا أساسيا في هذا التّحول، فالإنسان لا يوجد على جهة وجود أداة المردوديّة المغتربة إلا خلال جزء من وقته أي خلال أيّام العمل، أمّا فيما تبقى من الوقت فإنّه يكون حرّا، يتصرّف في نفسه… إنّ هذا الوقت الحرّ قد يكون بالقوّة مخصّصا للذّة. غير أنّ مبدأ اللّذة الّذي يحكم «الهو» إنّما هو أيضا «لامتزمّن» ومعنى ذلك أنّه يصارع ضدّ التفتت الزمني للّذّة وضدّ تجزئتها إلى أقساط متباعدة. وأن مجتمعا يحكمه مبدأ المردوديّة عليه بالضّرورة أن يفرض مثل هذا التّوزيع لأنّ الجسد يجب أن يكون قد تعود على الاغتراب في مستوى أعماقه ذاتها أي في مستوى «أنا اللّذّة»،فعلى (الجسد) أن يتعلّم نسيان المطالبة بالاشباع اللاّمتزمّن واللاّمجدي أي نسيان المطالبة باللّذة الأبديّة. أضف إلى أنّ الاغتراب وشدّة التّأطير يتجاوزان وقت العمل إلى الوقت الحرّ. إنّ طول يوم العمل ذاته وكذلك الرتابة المملة والآلية، رتابة العمل المغترب الّتي تباشر تلك المراقبة على أوقات اللّهو. إنّ ذلك الطول وتلك الرتابة يفرضان أن تكون أوقات اللّهو راحة سلبية وتجديدا للطاق

اليَائِـسُ العَظيـمُ \ صلاح بو سريف

صورة
  آهٍ ! لَوْ وُلِدْنَا قَبْلَ الإنْسَانِ  [1] إميل سيوران، من الكُتَّاب الذين أعُودُ لقراءتِهم باستمرار. منذ مُوَاجَهَتِي الأولى لبعض أعماله، وَجَدْتُ نفسي أكثر اقتراباً من هذا اليائس العظيم. ربما كان هذا الانْجِذاب نحو سيوران، يعود إلى قراءتي المُتوالية لأعمال نيتشه. لا أحدَ يستطيعُ قراءة سيوران، دون أن يسترجع أعمال نيتشه، وبعض آرائه، فيما سيذهبُ إليه سيوران نفسه، في مفهوماته لتي ارتبطت بطريقة النظر في الأشياء. لعلَّ في بعض اليأس، وفي الميل إلى العُزلة والتَّوَحُّدِ، التي تأخُذُني، ما جعل قراءتي لسيوران لا تنقطع. قد أُؤَجِّلُ هذه القراءة لبعض الوقت، أو أنْشَغِلُ عن صديقي هذا، بأمور أخرى، لكن حالما أجد نفسي في حاجة إلى اسْتِشَارَتِهِ، أو إلى مُؤَانَسَةِ عُزْلاتِهِ، والتَّوَحُّدِ في غَيْبوبَاتِهِ التي تأتي من مصدرين أساسيين في المعرفة، وفي إنعاش الروح، وتوكيد رهافتها؛ الموسيقى والشِّعر، أعودُ إليه، مُنْصِتاً إلى كَرَمِهِ في المعرفة، والكتابة. [2] لم يكن سيوران مأخُوذاً بجغرافية مُحَدَّدّة، فهو كان مُواطناً عالمياً. كان يقيس "وجوده"، أو هذا "العدم" الذي فيه كان يَتَبَ

أسطورة سيزيف \ ألبير كامو

صورة
 قد تتقوّض معالم الحياة، فأن نستيقظ وأن نركب القطار وأن نقضي أربع ساعات في المكتب أو في المصنع أو في الجامعة وأن نتغدّى، ثمّ أن نركب القطار مجددا وأن نقضي أربع ساعات من العمل أو الدراسة ، وأن نتعشّى وأن ننام ، ثم يوم الإثنين فالثلاثاء فالأربعاء فالخميس فالجمعة، وأخيرا السبت ، كلها على الوتيرة ذاتها، وتستمر هذه الطريق بيُسر في غالب الأحيان ، وذات يوم يطالعنا سؤال " لماذا " ؟

دراسات في الفلسفة الوجودية \ عبد الرحمن بدوي

صورة
  لكن هناك عاطفة أهم من الضجر فيها يتجلى العدم أبرز ما يتجلى. وهي القلق. والقلق ليس هو الخوف، لأن الخوف هو دائماً خوف من شيء معين، أما القلق فيتعلق بالأشياء كلها في مجموعها. وليس القلق هو الذي يوجد العدم، إن صح هذا التعبير، بل هو فقط الذي ينبه الإنسان إلى وجوده. ولهذا لابد للإنسان أن يعيش في القلق ليتنبه إلى حقيقة الوجود. ذلك أن الإنسان بطبعه يميل إلى الفرار من وجه العدم الماثل في صميم الوجود وذلك بالسقوط بين الناس وفي الحياة اليومية الزائفة، ولكي يعود إلى ذاته لابد من قلق كبير يوقظه من سباته. والقلق على نوعين: قلق من شيء، وقلق على شيء. والموجود في العالم يقلق على إمكانياته التي لن يستطيع مهما فعل أن يحقق منها غير جزء ضئيل جداً: أولاً لأن التحقيق يقتضي الإختيار لوجوه والنبذ لسائر الوجوه. وثانياً: لأن ثمة حقيقة كبرى تقف دون استمرار التحقيق ألا وهي: الموت.

لعبة الممكنات بحث في تباين الحي \ فرانسوا جاكوب

صورة
التّنوع هو واحدة من أكبر قواعد اللّعبة البيولوجيّة. على مرّ الأجيال تجتمع وتنفصل هذه الجينات الّتي تشكّل تراث النّوع لتنتج تلك التاليفات الّتي تكون في كلّ مرة، عابرة ومختلفة ألا وهم الأفراد. ولا يمكن أن نبالغ في تقدير هذا التّنوع، وهذا التّأليف إلى ما لا نهاية، الّذي يجعل من كلّ واحد منّا حالة فريدة، فهو الّذي يتسبّب في ثراء النّوع ويمنحه إمكانياته. يتعزّز التّنوع الطبيعي أكثر، لدى الكائنات البشريّة، بفضل التّنوع الثقافيّ الّذي يسمح للإنسانيّة بالتّكيف بصورة أفضل، من ظروف عيش متنوّعة، وباستعمال موارد هذا العالم على نحو أحسن. غير أنّه في هذا المجال، يتهدّدنا خطر الرتابة والتّشابه والضّجر. ففي كلّ يوم يتضاءل هذا التّنوع الهائل الّذي أدخله النّاس في معتقداتهم وأعرافهم ومؤسّساتهم.   ترجمة: أحمد صالح

بينك فلويد.. ما هدف وجودنا في هذه الحياة؟ مها فجال

صورة
  "طويلا تعيش وعاليا تطير كل بسماتك وكل دموعك كل ما تمس وكل ما ترى هو كل ما ستكونه حياتك" (من أغنية "تنفس") في وحدته الباردة عند آخر فصول الرواية، أخذ راسكيلنكوف بطل "الجريمة والعقاب" يتساءل: ما الذي يعيش من أجله؟ ماذا يبقيه على قيد الحياة؟ ما الذي يجعله يختار أن يستيقظ في الصباح ويمضي عبر ساعات اليوم البائسة عوضا عن التخلص من كل هذا الألم والانتحار؟ باختصار، لماذا يعيش؟ أيعيش فقط كاستمرار لوجوده؟ (1) قد تستغرب تساؤل راسكلينكوف الأخير، لكن عليك أن تأخذ في الاعتبار أن كلمتي الوجود والعيش ليستا بالمترادفتين. فكل ما تقع عليه عيناك هو بالضرورة موجود، وكل ما يشغل حيزا في المكان ويقع داخل الزمان موجود، وكل ما ليس عدما موجود. أنت، كونك على قيد الحياة ورئتاك تتنفسان وقلبك يعمل بشكل سليم موجود. لكن، هل أنت عائش؟ بمعنى آخر: هل يوجد معنى ما وراء حياتك؟ شغل هذا السؤال فلاسفة القرن العشرين وكان الأساس الذي قامت عليه فلسفات بعينها كالوجودية. في كتابه "أسطورة سيزيف"، يعقد الفيلسوف الفرنسي ألبير كامو المقارنة بين إنسان العصر الحديث وحياته المكونة من: "النهو

عزاء الفلسفة \ بوئثيوس

صورة
  ما الذي رَمَى بك، أيهذا الإنسان الفاني، في مستنقع الحزن والقنوط؟ لعلك قد أخذت على غرة، ولكنك تخطئ إن ظننت أن الحظَّ قد أدار لك ظهره، فالتغير هو طبيعة الحظ ودَأبُه ودَيدَنُه، وهو في تقلُّبه نفسه إزاءك إنما كان حافظًا لعهده وثابتًا على مبدئه! وهو ذات العهد وعين المبدأ الذي كان به من قبل يتملَّقُك ويغويك بسعادةٍ زائفة. لقد تبَيَّنْت الوجه المتقلِّب الأعمى، إنه ما زال يُخفِي شَخْصَه عن سواك بينما تَكشَّف لك أنتَ بتمامه، فإذا كنت مقتنعًا بطرائقه فإنَّ عليك أن تَقْبَلَها ولا تشكو، وإذا راعَتْك خيانته فاهجره وأَقلع عن ألعابه الخطرة، فإن ما يسبب الآن لك الأسى والحزن كان  يجلب لك السلام، فلقد تخلَّى عنك من لا يأمن له أحدٌ ولا يثق ببقائه إلى جانبه على الدوام، أم هل تُقدِّر ذلك الصنفَ من السعادة المحتومة الزوال؟ هل يعزُّ عليك حظٌ تعلم أن بقاءه موضع شكٍّ وأن زواله يورث الحزن؟ فإذا كان المرء لا يملك التحكم في الحظ وَفْقَ إرادته، وإذا كان زواله يترك وراءه البؤس، فماذا عساه أن يكون هذا الشيء الروَّاغ سوى نذيرٍ بشؤمٍ قادم؟ إن العاقل لا يقنع بالنظر إلى ما هو أمام عينيه، فالحصافة تُقدِّر عواقب الأشياء

موسم الهجرة إلى الشمال \ الطيّب صالح

صورة
  سأحيا لأن ثمّة أناسا قليلين أحبّ ان أبقى معهم أطول وقت ممكن، ولأن علي واجبات يجب أن أؤدّيها، لا يعنيني إن كان للحياة معنى أو لم يكن لها معنى وإن كنت لا أستطيع أن أغفر فسأحاول أن أنسى ... إنني أريد أن آخذ حقّي من الحياة عنوة، أريد أن أعطي بسخاء، أريد أن يفيض الحبّ من قلبي فينبع ويثمر. ثمّة آفاق كثيرة لا بدّ أن تزار، ثمّة ثمار يجب أن تقطف، كتب كثيرة تقرأ، وصفحات بيضاء في سجلّ العمر، سأكتب فيها جملا واضحة بخطّ جريء.

العالم إرادةً وتمثلًا \ آرثر شوبنهاور

صورة
  لا يوجد إلا خطأ فطري واحد، وهو الفكرة القائلة: إننا نوجد لنكون سعداء؛ فما نحن إلا إرادة للحياة، ونحن لا نفهم من السعادة إلا أنها الإرضاء المتعاقب لإرادتنا. وطالما ظللنا واقعين في هذا الخطأ الفطري، الذي يزداد رسوخًا فينا بفضل المعتقدات التفاؤلية، فإن العالم يبدو لنا حافلًا بالمتناقضات؛ ذلك لأننا نشعر حتمًا في كل خطوة. وفي كل الأشياء كبيرها وصغيرها، بأن العالم والحياة لن ينظما أبدًا بقصد ضمان حياة سعيدة لنا … وفضلًا عن ذلك، فإن كل يوم مر في حياتنا حتى الآن قد علمنا أنه حتى في الحالات التي تتحقق فيها أفراح ولذات، تكون هذه في ذاتها خداعة، ولا تؤدي إلى النتائج التي تعدنا بها، ولا ترضي قلوبنا، فضلًا عن أن الحصول عليها يقترن على الأقل بالمرارة التي يبعثها ما يرتبط بها أو ما ينبثق عنها من الآلام والمنغصات. أما الآلام والأحزان فتثبت أنها حقيقية إلى أبعد حد، وكثيرًا ما تتجاوز كل ما نتوقعه. وهكذا فإن كل ما في الحياة قد رُسِمَ بحيث يؤدي بنا إلى الرجوع عن هذا الخطأ الفطري، وإلى إقناعنا بأن القصد من وجودنا هو ألا نكون سعداء. أما من تخلص بطريقة ما من الخطأ الأولي الكامن فينا ومن ذل التزييف الأول في

مصطلحات سارترية في كتاب "الوجود والعدم"

صورة
( الوجود في ذاته ) : هو الوجود غير الواعي ، وهو وجود الأشياء ، ووجود العالم ، ووجود الظاهرة ، ويتصف بأنه ملاء.  ( الوجود لذاته ) : هو الشعور أو الوعي ، منظوراً إليه في ذاته ، وكأنه في حالة وحدة وانعزال ، وهو انعدام للوجود في ذاته ، وشعور بنقص الوجود ، والشوق إلى الوجود. وهو الإنسان بما هو إنسان ، أي من حيث أنه يتجاوز وجود الأشياء والوجود المادي بشكل عام ، وهو الذات ، أو الذاتية.  ( الوجود للغير ) : وهو الشعور ولكن منظوراً إليه من حيث علاقته بالشعورات الأخرى ، أي من وجهة النظر الاجتماعية والوجود مع الآخرين. وكل وجود للغير يتضمن صراعاً مستمراً مع الوجود للذات ، فإن كل وجود للذات يسعى لاسترداد وجوده الخاص بجعل الغير موضوعاً بالنسبة إلى الأنا أو الذات.  ( سوء النية ) : هو الكذب على الذات داخل وحدة الشعور المفرد. فبواسطة سوء النية يحاول الشخص أن يفلت أو يتهرب من الحرية ذات المسؤولية التي للوجود لذاته. ويقوم على التردد بين العلو والوقائعية تردداً يرفض التأليف بينهما.  ( العلو ) : العملية التي بها ما هو لذاته يمضي إلى أبعد مما هو معطى ، في مشروع يصممه لنفسه. وأحياناً يسمى ( ماهو لذاته ) علواً

مُذكِّراتُ قبُوٍ\ دوستويفسكي

صورة
  إنَّنا اليومُ لا نَعرِف حتَّى أين هي الحياة، وما هي، وما صفتها. فيكفي أن نُترَك وشأنُّنا، يكفي أن تُسحَبَ الكُتب من بين أيدينا، حتَّى نرتبِكُ فورًا، وحتَّى تُختلَطُ علينا جميع الأمور، ثُمَّ أنَّنا حتَّى لا ندري أين نَسيرُ، وكيف نَتَجِه، وماذا يجب أن نُحِبُّ وأن نكره. وماذا يجب أن نَحترِم أو نحتَقِر. حتَّى أنَّه ليشقُّ علينا أن نكون بشرًا، بشرًا يملكون أجسادًا هي لهم حقًّا، أجسادًا تجري فيها دماء. إنَّنا نخجل أن نكون كذلك، ونعدُّ هذا عارًا، ونحلمُ في أن نصبح نوعًا من كائنات مُجردة، عامَّةً، نحن مخلوقات «وِلدت ميتة»، ثُمَّ أنَّنا قد أصبحنا منذُ زمنٍ طويل لا نُولد من آباء أحياء، وهذا يُرضينا ويِعجبنا كثيرًا. إنَّه يُلقى في نفوسنا هوًى. وقريبًا سنجد السبيل إلى أن نولد رأسًا من فكرةٍ. 

أَزمة العالم الحديث \ رينيه غينون

صورة
  بلا شكٍّ، فإنَّ الجمهور كان دائمًا مَقُودًا بشكل أو بآخر، ويمكننا القول أنَّ دورهُ التَّاريخيُّ يقوم خاصَّة على الاستسلام لمن يقوده، لأَنَّهُ لا يُمثِّل سوىٰ عنصر سلبيّ، أي ”مادة“ بالمعنى الأرسطي؛ لٰكِن اليوم، يكفي، لقيادته، اِمتلاكُ وسائِل ماديَّةٍ خالصةٍ، هٰذه المرَّة بالمعنى المألوف للكلمة، ما يُبيِّن جيّدًا درجة الانحطاط الَّتي وصل إليها عصرنا؛ وفي الوقت نفسهِ، يتمّ إيهام الجمهور بأنَّه مَقُودٍ، وأن يتصرّف عفويًّا وأنَّهُ يقود نفسه بنفسه، وكونهُ يعتقد بذٰلك يسمح لنا أن نتنبَّأَ إلى أيّ حدّ يمكن أن تصل حماقتهُ. 

سكيزوفرينيا

صورة
  هُوَ.. عاجِزٌ عن مَعرفةِ كَيفَ يَعيش.!! يَقطُنُ خَلفَ جُمجمتهِ الهَشّة.. إزعاجٌ وَحشيّ.. تَشويشٌ لامُنقطعٌ بِكُلِ بَلادَة.. وَحشٌ مُستبِد وقَبيح.. والذي أسموهُ "سكيزوفرينيا.!!".. يُحدِقُ في وَجههِ على مَدارِ يَومِه المُتباطىء.. وفي حَضرَتِهِ تُصبِحُ حتى أبسطَ المَهام شديدة الصعوبَة.. هُوَ.. عاجِزٌ كُليًا عن ترويضِ هذا الوَحش أو تخديرِهِ بِشَكلٍ تامْ.. عاجِزٌ عن الهُروب مِن جَحيمِهِ المُستَعِر.. والذي يَتجاوزُ لُغة الكَلامْ.. فقط جائِعٌ للخروج مِن ذاتِه.. والسَير نَحوَ حَتفِه عاريًا.. السَير "مُرغمًا" لِيُشبع رغبتهُ الجُنونيّة في الإنتهاء.. هُوَ.. كَانَ يَوَدُ إطفاءَ رأسهِ اللعين.. أو أن يَستبدلهُ بِجذعِ شجرةٍ أو حَجَر.. أن يَستبدلهُ إلى أيّ شيءٍ آخرَ سِوى رأسِه.. وأن تتقطّعَ جَميع جُذورِ روابطِ دِماغِهِ البيولوجيّة.. أن يَتجرَّدَ مِن وحشيّة مَشاعرِهِ وأفكارِهِ وبَشَرِيّتِهِ التي تُثير غَثيانَهُ وإشمئزازه.. أن يَختفيَ بِصمتٍ.. دونَ أن يَلحَظَ حتى هُوَ ذلك.. أن يَتحوّل إلى مَوجَةِ بَحرٍ وحيدة.. تَتَكسّرُ فوق صخرةٍ صَمّاءَ في الظُلمَة.. أو وَرقةَ خريفٍ جَافّة.. أقصى

جيل دولوز و فلسفة نيتشه

صورة
 عندما تكلم ويل ديورانت على كانط في كتابه " قصة الفلسفة"   أشار للضرورة  التعامل الدقيق مع فلاسفة دوي أسلوب معقد و غامض أمثال كانط . نفس الامر بالنسبة للنيتشه بل وتزداد الخطورة هنا فنحن نتعامل مع عالم كلاسيكي في فقه اللغة ذو أسلوب إيحائي مليئ بالمجاز والاستعارة . أكّد ديورانت للضرورة البحث عن كتب تحلل امثال هؤلاء الفلاسفة قبل البداية في التواصل المباشر مع كتبهم خشية الوقوع في الفهم الخاطأ للأفكارهم . وهذا ماوقع مع نيتشه فقد تم تشويه فلسفته من طرف الإيديولوجية النازية ، وكذلك التلاعب والتحريف الذي حدث لكتابه " إرادة القوة" ( المتخلى عنه) .  يعد الفيلسوف الفرنسي جيل دولوز من أفضل المحللين لفلسفة نيتشه ، حيث قام بدراسة تمتاز بالحس التاريخي ، عن طريق ربط فلسفته بأحداث حياته والضروف التاريخية لعصره . واخرج لنا كتابين :" نيتشه " و " نيتشه والفلسفة " . كان نيتشه يتنبأ بان الشرور سترتكب بإسمه ، فالشر  يحب أن يملأ الفراغات ، ومقولات غامضة للفيلسوف لابد وان يجد لها الشر طريقا .  كان يقول نيتشه بأنه من الفلاسفة الذين سيولدون بعد موتهم . وقد تكون تحليلات دول

عطيل \ وليم شكسبير

صورة
  عطيل يحاول خنق زوجته وهي نائمه لاعتقاده انها خانته: ليست هذه بتجربة عاطفية تستدعي الانتقام انما هي ضربة منصفة عادلة لن اسميها لك ايتها النجوم الطاهرة.انها الحجة .لكنني لن اسفك دمائها ولا اخدش بشرتها الناصعة البياض كالثلج الصقيلة كمرمر الضريح ، لكن لا بد من قتلها لئلا تخون المزيد من الرجال.ﻷطفئ النور.لكن متى اطفأت نورك يا ابدع مثال من صنع الطبيعة الرائعة فلا ادري اين تلك النيران المسروقة من السماء التي تعيد اشعالها بنارك متى قطفت وردتك بحيث يصعب علي ان ارد عليها نموها الحيوي لابد لها من الذبول والجفاف (يقبلها) يا للنفس البلسمي الذي يكاد يقنع العدل ذاته بكسر سيفه! قبلة ثانية وثالثة واخيرة يا اعذب قبلة قاتلة يجب ان اذرف الدموع .ولكنها دموع قاسية ومن كان يحبه الله يصون عفافه .هذا الحزن السماوي يضرب حيث يحب .

الخارِطة والإيَالَة \ ميشيل ويلبِك

صورة
إِنَّهُ مُنتجٌ جميل، منتجٌ حَديث؛ لرُبَّما سيُعجِبُكَ. لٰكن عليكَ أن تعلم بأنَّه في غضون عامٍ، أو عامين على الأكثر، سيتمُّ إستبدالهُ بمنتج جَديد آخر ذو خصائِص يُفترض أن تكونَ مُحسَّنة. نحنُ أيضًا مُنتجات، وتابعَ قائِلًا: ”مُنتجات ثقافيَّة“. وإِنَّنا أيضًا سنكونُ بَالين وسنُصابُ بالتَّقادُمِ. إنَّ عَمليَّة تشغيل الجهاز لمُتطابقة – إلَّا أنَّهُ، بشكلٍ عام، لا يَوجد أي تحسينٍ تقنيٍّ أو وظيفي واضِح؛ كلّ ما تبقىٰ هو لُزوم بيت التَّجديد بأنقىٰ صورهِ.   

رجل في العقد الرابع \ أحمد خالد توفيق

صورة
  أنا لست صغير السن.. فيما مضى كنت أقرأ عبارة “رجل في العقد الرابع” في قصص “أجاثا كريستي” فأتخيل رجلًا مهيبًا يملأ الأرض والسماء، غامضًا كالغد، إذا فتح فاه فلكي تخرج الحكم التي تذكرها الأجيال القادمة وتستشهد بها… الآن أنا في العقد الرابع.. وكما هي العادة يصعب أن أعترف أنني كبرت وصرت خطرًا كالآخرين.. أحتاج إلى عشرة أعوام أخرى كي أعرف هذا الشخص الذي أراه في مرآتي.. أحتاج كثير من الخبرات والعلم..  مازلت طفلًا أصفق بجنون حين يحرز لاعبو الأهلي هدفًا.. مازلت أهوى مجلة ميكي وأدبر مقالب لرفاقي.. ومازلت أنطق بسخافات لا حصر لها.

المأساة / بابلو بيكاسو

صورة
اتسمت مرحلة " بيكاسو " الزرقاء بغلبة اللون الأزرق على لوحاته . وأصبح الأزرق ، بفضل توظيف " بيكاسو " له ، رمزآ للوحشة والحزن والخواء وأحيانآ للتأمل الصامت . في " المأساة " يرسم " بيكاسو " ثلاثة أشخاص ، رجل وامرأة وطفل ، وهم يقفون على شاطئ البحر . الأشخاص الثلاثة قد يكونوا أفراد عائلة واحدة ، رغم أن هذا ليس مؤكدآ . غير أن من الواضح أن المنظر يعكس شعورآ بالحزن وربما الفجيعة . من الأشياء اللافتة في اللوحة أن الفنان بالغ في رسم نسب الأشخاص وجعلهم يغطون كامل مساحة اللوحة تقريبآ . الطفل يبدو وكأنه الشخصية المركزية في هذه اللوحة . يده الممتدة إلى الرجل ونظراته التائهة تعطي إحساسآ بحاجته للتعاطف والسلوان . وقد تكون حركة يديه تعبيرآ عن حاجته للدفء الإنساني . في اللوحة ، ثمة إحساس واضح بالفقد . لكن طبيعة المأساة ليست واضحة . قد تكون مرضآ ، موتآ ، جوعآ ، أو كارثة ما . لكن لاشيئ مؤكد . الرجل يبدو منسحبآ وغير مكترث بما يجري . تعابيره توحي بأنه يريد إبعاد نفسه عن لمسة الطفل ونظرات المرأة . ويحتمل أن يكون رد فعل الرجل غير المبالي إنعكاسآ لشعوره بالذنب أو تأنيب ا