الشخصية المدمِّرة / لفالتر بنيامين
قد يَحدث لشخصٍ يسترجع حياته١ أن يدرك أنّ معظم الالتزامات الأعمق التي كابدها في مسار تلك الحياة قد نشأتْ لدى أشخاصٍ يتّفق الجميعُ على امتلاكهم صفات «الشخصية المدمِّرة». ومن شأن ذلك الشخص أن يتعثّر بهذه الحقيقة يوماً ما، ربّما عن طريق الصدفة، وكلّما كانت الصدمة التي ألحقتْ به أثقل، تحسّنتْ فرصُه في تصوير الشخصية المدمِّرة. لا تعرف الشخصية المدمِّرة إلّا شعاراً واحداً: أفسِح المجال، ونشاطاً واحداً: إزالة الأشياء من المكان. إنّ حاجتها إلى الهواء المنعش والفضاء المفتوح أقوى من أيّة كراهية. الشخصيّة المدمِّرة شخصية مفعمة بالشباب والبهجة، فالتدميرُ يجدّد الشبابَ لأنّه يزيل آثار العمر، ويبعث البهجةَ لأنّ إزالة كلّ شيءٍ تعني للمدمّر اختزالاً تامّاً، بل حتى اجتثاثاً، لظروفه الخاصّة. لكنّ ما يسهم أكثر من أيّ شيءٍ آخر في تشكيل هذه الصورة العقلانيّة المتّسقة ( الأبولونيّة) للمدمِر هو إدراك المدى الهائل الذي يُبسّط به العالم عند اختبار استحقاقه للتدمير. هذا هو الرابط الأعظم الذي يضمّ ويوحّد كلّ ما هو موجود. إنّها نظرةٌ تتيح للشخصيّة المدمِّرة مشهداً من التناغم الخالص. يعمل المدمِر دائماً باب...