المشاركات

ما يُكرِبُ الناس \ إبكتيتوس

صورة
ليست الأشياء ما يُكرِبُ الناس ولكن أحكامُهم عن الأشياء. الموتُ مثلًا ليس مُريعًا، وإلا لكان سقراط أيضًا رآه كذلك. وإنما المريعُ هو الحكمُ بأن الموت مريع؛ لذا فعندما ينتابنا الإحباط أو الاضطراب أو الحزن فإن علينا ألَّا نلوم غير أنفسنا؛ أعني غير أحكامنا نحن. أن يلوم المرء الآخرين على ما أصابه … ذلك من شيمة الجاهل. أمَّا بداية العلم فأن تلوم نفسك، وأمَّا تمام العلم فألا تلوم نفسك ولا غيرك. ترجمة عادل مصطفى  

تمهيد في معنى الفلسفة وفروعها \ أ. س. رابوبرت

صورة
  ترجمة أحمد أمين شاع بين الناس أن الفلسفة موضوع لا تتناوله إلا عقول خاصة، وأنها لا تلذ إلا لقوم نظريين لم يروا في الحياة خيرًا من أن يجهدوا عقولهم في حلِّ مسائلَ هي إلى الخيال أقرب منها إلى الحقيقة، وأنها تبحث في خيالات عقيمة لا ينبني عليها في الحياة عمل؛ وإنهم في زعمهم لمخطئون. لم يرفع الإنسان عن مستوى الحيوان إلا فكره وقوته العاقلة، فالحيوان يرى ويسمع بل ويتذكر، ولكنه لا يستخدم هذه القوى إلا في حاجاته الوقتية؛ أما الإنسان فيرى ظواهر الكون على اختلاف أنواعها فيتصورها ويكوِّن له فيها رأيًا، ثم يجتهد في تعرف عللها وعلاقة حقائق الكون بظواهره؛ وهذا طريق فهم الشيء فهمًا واضحًا، فإن فعل هذا قلنا: إنه يتفلسف، ولا نعني بهذه الكلمة إلا أنه يفكر في شيء خاص — ذاتًا كان أو معنى — ويحاول الإجابة على هذه الأسئلة: (١)ما هذا الشيء الذي يبحث فيه عقلنا؟ (٢)ما أصله؟ (٣)ما علاقته بغيره من الذوات أو المعاني؟ وبعبارة أخرى معنى «يتفلسف» أنه يبحث في ماهية الأشياء وأصولها وعلاقة بعضها ببعض، وليس يخلو إنسان من هذا العمل وقتًا ما، فساغ لنا أن نقول: إن كل إنسان متوسط الفكر يتفلسف، وإن كل الناس فيلسوف إلى حد ما،

الفيلسوف الشاعر: لماذا كان فريدريك نيتشه يكتب فلسفته على شكل شذرات؟

صورة
  بواسطة سارة عمري   إنّ أسلوبي ضربٌ من الرقص، إنّه يهزأ بكل التناقضات ويتخطاها بقفزةٍ ويسخر منها. فريدريك نيتشه (1) لم يكن فريدريك نيتشه محطِّم الأصنام فقط وقاتل الإله، أو الفيلسوف الذي تحدّى القيم والأخلاق السائدة في مجتمعاتنا الحداثيّة وما بعدها، لم يهاجم الفلسفة الكلاسيكيّة كذلك في فترة طلوع شمس العقل فقط، بل تحدى أيضًا النسق الفلسفيّ والخطاب العقلانيّ الموضوعيّ الذي يقدّم نفسه على أنّه مع الحياديّة وواضحٌ محكوم باللوغوس. ولقد رأى نيتشه في هذا الوضع تقييدًا ومحاولاتٍ أخرى لإحكام قبضة اليد على الفكر والإنسان بطريقة لادينيةٍ تحقق أهدافًا ذات جذورٍ دينيةٍ. كما كان يكتب فلسفته على شكل شذراتٍ أدبيّةٍ ميّزته عن غيره من الفلاسفة رغم وجود القليل الذي كتبه بشكل نسقيّ، فهو لم يكن فيلسوفًا فقط بل شاعرًا كذلك وموسيقيًّا؛ الشيء الذي أيقظ عدة احتمالاتٍ حول سبب أساليب كتابته التي تعّج بالغموض والصعوبات. -نيتشه والأسلوب الشذريّ: يرى نيتشه أنّ أفضل الأفكار التي تأتي الشخص هي الأفكار التي تراود الإنسان وهو يمشي(2)، فهو يحيلنا بذلك إلى العفويّة وعدم الإصطناع وإجهاد الفكر حتى يخرج لنا بفكرة ربما لا تك

الطــاعون \ ألبير كامو

صورة
  ورد الدكتور وهو يفحص صدر مريضه الذي يضطرب بالشخير-: -لقد مات. فتوقف العجوز بعض الوقت مبهوتا، ثم قال: آه! وأضاف ريو: -بالطاعون. وقال العجوز بعد لحظة: -نعم، ان خير الناس هم الذين يذهبون. هذه سنة الحياة، ولكنه كان رجلا يعرف ما يريد. وقال الطبيب وهو يعد وضع سماعته: -لماذا تقول ذلك؟ -للاشيء.. انه لم يكن يتكلم دون جدوى، وأيا ما كان، فقد كان يعجبني أنا شخصيًا، ولكن هذه حال الدنيا. ان الناس يقولون: "انه الطاعون، لقد حل بنا الطاعون". ومن أجل ذلك يكادون يطالبون بالنياشين. ولكن ما معنى هذا؟ ما معنى الطاعون؟ انها الحيـــــــــــاة، هذا كل ما في الأمر. وقال الطبيب: -ضع كماداتك بانتظام. فرد عليه العجوز بقوله: -لا تخش شيئًا، فان الوقت ما زال أمامي طويلًا، وسأرى جميع من حولي يموتون قبلي، وأما أنا فأعرف كيف أعيش... والواقع أن ريو كان ينصت إلى صيحات الفرح تتصاعد من المدينة، فيذكر أن ذلك الفرح ما زال مهددًا، لأنه كان يعرف ما تجهله تلك الجموع المبتهجة، وما يمكن قراءته في الكتب من أن جرثومة الطاعون لا تموت ولا تختفي أبدًا، وأنها قد تظل عشرات السنين نائمة في الأثاث والفرش، وان تنتظر -في صبر وأنا

الصّمت والموت

صورة
  ومن الوجوه المرعبة للصّمت، هو ذاك الّذي يحضر بقوة شرسة في سيرورة ألم كحداد مؤقّت أو دائم للذّات. ولهذا يعسر القول، حيث تبدو اللّغة عاجزة عن ترجمة المواقف الصّعبة في المرارة والانفصال والموت، كمديّة في الرّوح تحبط إمكانيّة الكلام، وينهار الفكر لتنتصر الانفعالات الرّهيبة المولّدة للعذاب المخنوق في الأنين والدّموع، أو في الصّمت السّادر الأقرب إلى تخوم الموت، إذ لا شيء في الحركة أو الكلام يقوى على خدش سطوة الصّمت الّتي تحفر في الأعماق مخلخلة كلّ التّوازنات والخيارات، بنوع من الرّيبة والحيرة والارتباك في معرفة الخطوة المناسبة إزاء المسكوت عنه في وضعيات مرعبة أمام تهديد الموت الّذي يجعل الكلام عسيرا وصعب المنال. وعندما يرخي الموت سدوله وهو يعلن نهاية الإنسان، يسود الصّمت المستحيل على القول.” عند قرب الموت يصاب الكلام بالاختناق، ويتبدّد في الصّمت أو ينشرخ في الصّرخة…يتفكّك الكلام ويستدعي بالأحرى الخرس… تتفكّك الشّاشة الهشّة للكلمات أمام المستحيل على القول، وفي تأجج يخنق الحلق كما لو كان ذلك للإفصاح عن تفاهة الكلام. وفي مثل هذا الموقف تختلف الجماعات والمجتمعات في السّبل الّتي تسلكها للتّغلب

الفرق بين البحث عن السعادة وبين الحصول عليها \ إميل أوكست شارتييه

صورة
  عادة ما نقول إن كل الناس يجرون وراء السعادة. سأقول بالأحرى أنهم يرغبون فيها، وهذا فقط على مستوى الكلام، ومن خلال آراء الغير. لأن السعادة ليست شيئا نجري وراءه، بل شيئا نمتلكه. وخارج هذا الامتلاك، ستكون السعادة مجرد كلمة. لكن عادة ما يعطي الناس قيمة كبيرة للأشياء، مقابل إعطاء قيمة أقل للذات، فهذا يريد الاستمتاع بالثروة، وذاك بالموسيقى، والآخر بالعلوم. لكن التاجر هو الذي يحب الثروة، والموسيقي يحب الموسيقى، والباحث يحب العلوم. بحيث إنه ليس هناك قط أشياء تروقنا إذا لم نحصل عليها، وليس هناك تقريبًا قط أشياء تروقنا إذا لم نقم بها، حتى وإن كان الأمر يتعلق بتسديد أو تلقي الضربات. هكذا فكل الآلام يمكن أن تكون جزءًا من السعادة، إذا كنا نبحث عنها في أفق تحقيق فعل مضبوط وصعب، مثل ترويض حصان. إن حديقة ما لن تروقنا، إذا لم نصنعها بأنفسنا. ولن تروقنا امرأة ما لم نغزوها. بل حتى السلطة يملكها ذاك الذي يحصل عليها دون بذل مجهود. فالجمنازي يجد متعة في القفز، كما يجد العداء متعة في العدو؛ أما المتفرج فليس له سوى متعة الفرجة. هكذا فالأطفال لا ينقصهم الطريق الأصوب، عندما يقولون إنهم يريدون أن يكونوا عدائين

أنت وحياتك ولا شيء آخر \ أنتونيا كيس

صورة
  يُعلّمنا الفلاسفة الوجوديّون أنّنا وحدنا مسؤولون عن خلق حياةٍ ذات مغزى في عالمٍ عبثيٍّ ومُجحِف. واقفًا عند حافّة، يُخيّم عليك إحساس تيهٍ وارتباك. فأنت لا تخشى السّقوط وحسب، بل تخشى أيضًا الاستسلام للحافز الذي يحرّضك على رمي نفسك. لا شيء يردعك. يتصاعد الذّعر، والقلق، والأسى. يصف الفيلسوف الدنماركيّ سورين كيركغورد هذه الحالة بوصفها حالة «القلق الوجوديّ» (existential angst) لأنّك هنا، عند طرف الحافّة، تُمارس حريّتك في تجربةٍ مباشرة. بوسعك فعل ما يحلو لك – أن تتقدّم إلى الهاوية المتثائبة أو أن تبقى حيث أنت. هذا رهنٌ بك. إنّ إدراك امتلاكك حريّةً مطلقةً في تقرير مشار حياتك – أن تقفز أو ألّا تقفز – مُدوِّخٌ مثل شعور الدّوار، بحسب تفسير كيركغورد الذي يشير إلى أنّنا نواجه القلق ذاته في خيارات حياتنا كلّها. فكلُّ فعلٍ نقوم به خيارٌ قرّرناه نحن، لا غيرنا. محاجّة كيركغورد بأنّ الحياة سلسلة خيارات – وأنّ هذه الخيارات تمنح (أو لا تمنح) معنى لحياتك – هي حجر زاوية الوجوديّة. بدلًا من إلقاء المسؤوليّة على المجتمع أو الدِّين، يكون كلُّ فردٍ مسؤولًا أوحد عن منح حياته معنى وعن عيشها بأصالة. موضوع الأصال

ديوجين \ جون وليام ووترهاوس

صورة
  Diogenes John William Waterhouse يصور الفنان في هذه اللوحة الفيلسوف ديوجانس الكلبي وهو فيلسوف يوناني، يُعتبر أبرز ممثلي المدرسة الكلبيّة الاوائل. وهو حكيم متقشف لا يقتني شيئا ولا بيت له ويعيش في برميل خشبي صغير، وقد عاصر الاسكندر المقدوني، والذي روي أنه قال «لو لم أكن الاسكندر لوددت أن أكون ديوجانس». ويقال انه في طريقه نحو الشرق ، مر الإسكندر الأكبر بأثينا ،فأثار إنتباهه ديوجين الجالس داخل برميله الفقير ، فإقترب منه وسأله : هل آستطيع مساعدتك أيها الرجل الفقير؟ أطلب ماتريد؟ عرف ديوجين ان ذلك هو الإسكندر حاكم اكبر إمبراطورية على الأرض لكنه أجاب: "أريد منك شيئا واحد ..إبتعد فأنت تحجب عني أشعة الشمس!" إبتسم ألكسندر ثم قال : هذا البرميل مليء بالحكمة!

إعطِ معنى لحياتي

صورة
(إعطِ معنى لحياتي) الجملة إتذكرت عن طريق شخصية من شخصيات بيرجمان واللي من خلالها عبر عن تيمة رئيسية في أفلامه (الشك)، و اللي بدوره كان دايرة جمعت حواليها قضايا ضبابية زي الإيمان و الحب و الضعف و علاقة الإنسان مع نفسه و ما ابعد من كدا، و مكانش في انسب من    اب و مكان مقدس لتنفيذ فكره اللاذع لأن المقدمات ملهاش وجود عند السويدي و دا لأنه صدامي لأبعد حد لا يسعي للإصلاح لكن لخلق جديد، واقع بيرجمان و اللي ترجمه لفن تأثيره كان كبير ابن لعائلة ملتزمة و تطورت الأمور لتصبح بالنسباله عقدة غربلها قدامه و بشخصياته، خياته اللي حاربها بالتزمت بخياله في الطفولة إستعادها علشان تكون أداة لتنفيض الكبت اللي جواه، هنا القس كان بيلجأ له المذنبين او الأشخاص اللي بيعانوا في الحياة و بيطرحوا سؤال ممكن يكون فكرة غير قابلة للنقاش بالنسبة للبعض و هو... هل الله موجود؟ و إذا كان فعلاً فين العدل و إيه المنطق من عذابنا؟ بيرجمان في طرحه للأسئلة دي بالذات بيعكس شقين مهمين و هما...هل الشخصيات دي سوية بالقدر الكافي علشان تسأل و تستوعب مرمي تساؤلات زي كدا؟ هل من الممكن يكونوا علي صواب فعلاً و هل سياق الطرح نفسه و توقيته ه

البَّهِيمَة الهَمجيَّة \ ميشيل كلوسكار

صورة
  إنَّ السَّينما هي إنتاجُ النَّموذج الثَّقافي الَّذي يَضع علاقة مُتبادلة بينَ الوهمِ والسلع . إنَّها تمسك طرفي: الحلم والواقع، الجماليات والسُّوق، النَّافِع والمُمتع. كما إنَّها تجعل مِن الممكن حظرُ الآخر، فِي مَكانٍ آخَر، إنَّها لوهميَّة حَقيقيَّة . إنَّها تجعلك تنسى حُلمَ الماضي، وتمنع في نفس الوقت أي رغبةٍ في المُستقبل. وعلى هٰذا النحو تمضي أيديولوجيَّا الاِحتكار: إنَّها تخلقُ وقتًا، تجربةً معيشيَّة، بلا ذاكِرةٍ وبدونِ مُستقبل. 

رسالةٌ في التحلُّل \ إميل سيوران

صورة
  حقائقنا ليست أكثر قيمةً من حقائق أسلافنا. أحللنا المفاهيم محل أساطيرهم ورموزهم فإذا نحن نعتقد أننا «متقدمون». إلّا أنّ تلك الأساطير والرموز لا تعبر إطلاقا عمّا هو أقل من مفاهيمنا. شجرة الحياة، الثعبان، حواء والفردوس، تعني بقدر ما تعني: الحياة، المعرفة، الغواية، اللاوعي. التصورات الملموسة للشر والخير في الميثولوجيا تضاهي من حيث العمق تصورات الشر والخير في الإيطيقا. لا يتغير العلم أبدًا من حيث العمق: وحدهُ الديكور يتغيّر. يتواصل الحب من دون فينوس والحرب من دون مريخ، وإذا كانت الآلهة قد كفّت عن التدخل في الأحداث، فإن الأحداث لم تصبح أكثر وضوحا ولا أقل تحييرا: كل ما حدث أن جهازًا كاملاً من الصّيغ حل محل مضخّة الأساطير القديمة، دون أن يتسبب ذلك في أي تحوير لثوابت الحياة البشرية، التي عجز العلم عن إدراكها بعمق أكثر مما فعلت الروايات الشعريّة. . ليس للعُجب الحديث حدّ: نعتقد أننا أكثر تنويرًا وعمقًا من القرون الماضية كافة، ناسين أن تعليم بوذا وضع المخلوقات أمام مسألة العدم، تلك المسألة التي يخيل إلينا أننا اكتشفناها لأننا غيرنا حدودها وأدخلنا عليها شيئا من سعة العلم. لكن هل من مفكر غربي يتحم

في الفراغ \ عبد السلام بنعبد العالي

صورة
  نقرأ في كتاب التاو تي تشينغ : ” تلتئم أشعة العجلة عند المركز والفراغ. بفضل هذا الفراغ تتحرك العربة. يصنع الإناء من الطين، غير أن فراغه هو الذي يجعله صالحا لوظيفته. تخترق المسكن أبواب ونوافذ، بيد أن فراغها هو الذي يجعله قابلا للسكنى. وهكذا نصنع أشياء، غير أن فراغها هو الذي يعطيها معنى. ما يعوز، هو ما يمنح أسباب الوجود”. حينما ينظر الفكر المعاصر إلى الكائن على أنه تصدع وابتعاد، والى الوجود من حيث ينخره الزمان، والى التاريخ من حيث هو قطائع وانفصالات، والى الهوية من حيث هي اختلاف وتباين، والى الوحدة من حيث هي كثرة وتعدد.. ألا يجعل بذلك “ما يعوز le manque هو ما يمنح أسباب الوجود”، فيعمل على استعادة هذا المفهوم عن الفراغ من حيث هو ما يفعل، ما يعطي وظيفة ومعنى. فليس الفراغ غيابا وعدما. وهو أبعد ما يكون عن المفهوم الذي كرسته الفيزياء التقليدية الذي هو أقرب إلى “التصور الكيميائي ” ،كما بين رولان بارت الذي يدعونا أن نشتق مفهوم الفراغ من التصور الفيزيائي الحديث الذي يرى ” أن الجزيئات الموجودة في الكون ليست متولدة عن جزيئات أبسط منها، بل إنها تمثل ما آل إليه تبادل التأثير فيما بينها في لحظة بعين

المستقبل... صيرورات لامتناهية للرغبة \ د.إسماعيل مهنانة

صورة
  الكائن الاستهلاكي، أو الوجود النهم، هو كائن الرغبة المعلّبة الذي باتت تسكن قلقه، يلقي بنا القلق/التزمن؛ أو الوجود-نحو –الموت تحت سطوة الرغبة، وفي نمط الوجود الأمريكي الذي أضحى عولمة، تفترس الرغبة التي أضحت نمط وجودنا الزائف حياتنا، نحاول إشباعها بالاستهلاك، لكن الوجود النهم لا قرار له، وهو هاوية سحيقة تنفتح من تحت أجيال ومجتمعات بأكملها، إن هذا الوجود/الرغبة للإنسان المعاصر يجعله يستهلك ما يملك وما سيملكه مستقبلا عن طريق الإقراض البنكي، ومثال أزمة الرّهن العقّاري التي دشنت عصر الأزمة الرأسمالية؛ أسطع نموذج عن الوجود النهم، في هذا الوجود النهِم تتوحد التقنية بنمط الإنتاج الرأسمالي بالاستهلاكية لتشكل هالة عليا من اكتمال الميتافيزيقا الغربية، عنوانها: الأمركة/العولمة، أو نهاية الوجود النهِم.

فلسفة على إيقاع الروك \ روجيه عوطة

صورة
  لنفهم هيغل، من الضروري أن نتعرف على جايمس بوند. وكي نقرأ أبيقور، علينا الإستماع إلى سيلين ديون. ومن أجل إدراك مقاصد هايدغر، لا بد من مشاهدة عارضة الأزياء نبيلة بن عطية. العكس؟ صحيح أيضاً. لكن، ورغم ذلك، لا أهمية للجهة، ولا حاجة إلى سؤال "مِن أين نبدأ؟". فما أن يصغي المرء إلى أغنية "The End"، التي تؤديها فرقة "The Doors"، حتى يتذكر لاكان وكتابته عن عقدة أوديب، وما أن يسترق السمع إلى "come together"، لفرقة "Beatles"، حتى يسترجع نظرية روسو في العقد الإجتماعي... فلكل فيلسوف شبيه بين فناني الروك، ولكل فلسفة مماثل لها بين الموضوعات اليومية. ولهذا السبب، في مقدور فرنسيس ميتفييه ( تور، غرب فرنسا) أن يقف على الخشبة، يحمل غيتاره الإلكتروني، قبل أن يبدأ حفلته بالتعليق على الأغاني فلسفياً. لا يقارب فيلسوف "الروك أند روك"، أو موسيقي "فلسفة البوب"، موضوعات الراهن، بل يحتفل بها على طريقته التأويلية الخاصة. يغني، ويعزف، ويكتب، بأساليب متداخلة للغاية، حتى أنه ابتكر نوعاً جديداً من الحفلات الموسيقية، تدور بأغانيها حول الفلسفات القدي

الفلسفة فنا للعيش في إمكانية العودة والتكرار \ ادريس شرود

صورة
  يضعنا الكاتب عبد السلام بنعبد العالي في مأزق فكري ووجودي عندما يؤكد على أن الرغبة في العيش وفق مفهوم الفلسفة – الحكمة القديم أمر مستبعد وغير قابل للتطبيق(1)، بل من الصعوبة أن يجد مكانا مناسبا في حياتنا المعاصرة أو أن يوظف في سياق الحداثة الفلسفية. يوجه بنعبد العالي نقده لأولئك الذين يعرضون لمفهوم السعادة لكن سرعان ما يختزلونه، ليخوضوا في الحديث عن مفاهيم تقرب منه من غير أن تشمله كاللذة وما شابه، فيرون على سبيل المثال أن السعادة هي لذة نأمل دوامها، ومن هنا حاجتهم إلى“فن العيش” لتدبير اللذة اقترابا من السعادة(2). أعتقد أن هذا الإستيعاد والاستبعاد لموضوعة فن العيش، هو فرصة لخلق حوار مع تصورات فكرية وفلسفية تجعل من فن العيش “ترويضا للذات” و“نحتا لها”، ومع فلاسفة وباحثين حاولوا أن يعيدوا إلى الجسد مكانته في تحديد السعادة وتحقيقيها(3). حول إمكانية العودة للرهان القديم  قد يكون هذا النفور الذي نلاحظه في عالم اليوم من كل ما هو نظري وما هو قديم، علامة على ضعف في إقامة علاقة قوية مع الفكر ومع الفلسفة وروادها، ودليل عل غياب الحس التاريخي. لكن سنؤكد أولا مع الأستاذ عادل حدجامي، على أن رهان عالمن

نظرية المُثُل الأفلاطونية

صورة
  نظرية المُثُل الأفلاطونية ( أصولها - مبادئها - الانتقادات التي وُجِّهت إليها ) أولاً : الأصول  - يقول أرسطو في "مابعد الطبيعة" أن أفلاطون تأثر في هذه النظرية أول ما تأثَّر بهيرقليطس و بارميندس ، ثم بالفيثاغوريين ، ثم بسقراط. فقد كان أفلاطون مُخلِصاً للمذهب الهرقليطي القائل بالتغير الدائم للأشياء ، فلا بُدَّ أن يكون وراء التغيُّر شيء مقابل هو "الثبات" الذي لا يقبل التغيير. كما أخذ عن هرقليطس قوله بأن المعرفة الحسية معرفة باطلة ، وأن المعرفة العقلية هي المعرفة الحقيقية ، وكل معرفة عقلية تقتضي الوجود الثابت موضوعاً لها. كما تأثر ببارميندس حين رأى أن التغير المطلق لا يمكن أن يكون إلا وهماً ، وأنه لا بد من الوحدة إلى جانب الكثرة. وقد رأى أرسطو أن العقيدة الفيثاغورية القائلة بأن الأعداد والأشكال الثابتة هي علل و مبادئ الوجود ، قد ساهمت في تكوين خطوط أساسية لنظرية المثل الأفلاطونية. أما تتلمذه على يد سقراط وميله الشديد إلى العلم الرياضي ، جعلاه يبحث عن الماهيات الثابتة ، ويحتقر العالم المحسوس.  ثانياً : المبادئ - اعتبر أفلاطون أن العلم الحقيقي لا يمكن أن يتم إلا إذا افتر

الإنسانُ المُعاصِر بين التشاؤُم النظريّ والتفاؤلُ العمليُّ

صورة
  - إنَّ مشاعر القلق ، والعبثِ ، والغربةِ ، والضياع ، والفراغ واليأس : مشاعر متواكِبة قلّما يسيرُ الواحدُ منها بمفردهِ وذلك لأنَّ اليأس هو النتيجة الطّبيعية التي لابُدّ من أن تُفضي إليها حياة خاويّة قد ارتفع عنها كلُّ إيمان ضمنيّ بالقيم. وليسَ أيسر على الإنسان من أن يستسلِم لنداء العبث ، لكي لا يلبِث أن ينحدِر على طريق اليأس. وهنا يجيء فلاسفة التشاؤم ، فيعمَلونَ على إبرازِ الطّابَع الدّرامي للوجود البشريّ ، ويرسمون أمام الناس صورة قاتِمة للحياة الإنسانية ، بوصفِها حياةُ ألم ، وصراع ، ويأس. وليس في استطاعة أيّة فلسفة - بلا ريب - أن تتجاهل مافي الوجود البشري من طابَع دراميّ أليم. - ولكن مهما كان من أمر تلك الفلسفات التشاؤمية التي تُشدِّد على نغمة اليأس ، فإن كل حياة إنسانية سويّة لابُدّ من أن تجد لنفسها - في صميم نشاطها العملي - حلّاً واقعياً لمشكلة الشَّر الخاصّة بها. ولعلّ هذا ما عناهُ "ألبرت شفيتسر" حين قال : " إنني إذا كنتُ متشائِماً نظرياً ، فإنني متفائلٌ عملياً " - هل برأيكم أصدقائي أنّ الإنسان قادِر على أن يجمعَ بين التشاؤم النظريّ والتفاؤل العمليّ ؟ أي أن يجمع

وهم الإرادة \ محمد البوعيادي

صورة
نحن في المجمل لسنا أحرارا، لم يكن لعلم الأعصاب وتشريح الدماغ تأثير في عالم الفكر أفضل من هذه الخلاصة، كل إرادة واهمة بالحرية يمكن استباقها وتوقعها عبر المسح الضوئي للمخ (سام هاريس). يمكن توقع اختيار الإنسان بين شيئين أو أكثر بمئات الأجزاء من الثانية، لأن كل شيء يفعله يخضع لحتمية لاواعية تحصل بشكل صدفوي في الدماغ، وسلوك مكونات الدماغ نفسه غير قابل لإسقاط السببية: "فتح وغلق القنوات الأيونية" و "تحرر الحويصلات المتشابكة" في المخ يحصل بشكل ذاتي بدون أي تأثير للبيئة والمحيط، لا يمكننا اختيار مؤثر واعتبار اختيارنا إرادة حرة ستؤدي إلى استجابة ما بالضبط. كمية الرعب التي في هذه الواقعة العلمية يمكن تلمسها في تحليل القانون إزاء عملية القتل: هل نعتبر المجرم الذي تربى في وسط عنيف وتعرض للاغتصاب والعنف وشاهد ذبح الحيوانات في طفولته مسؤولا عن فعله أم أن طريقة تشكيل دماغه تلعب دورا في أفعاله؟ هل قام بشكل واع وبحرية إرادة بفعله؟ ...أفكارنا ذاتية النشأة وهي التي تملي علينا أفعالنا، وذاتية النشأة معناه أنها تحدث بشكل عشوائي، وما يعزز هذا الطرح هو أننا ببساطة لا نعلم مسبقا طبيعة الفكر

المجتمع الصناعي ومستقبله \ تيودور كازينسكي

صورة
  يوفر الترفيه للإنسان الحديث هروبا لا غنى عنه؛ عندما يتم امتصاص انتباهه من قبل التلفزيون، وأشرطة الفيديو، وما إلى ذلك، فإنه يمكن أن ينسى الإجهاد، والقلق، والإحباط، وعدم الرضا. عندما لم يكن مشغولا بعمله. كان الانسان التقليدي يجلس بهدوء لساعات من دون أن يفعل شيئا، لأنه كان في سلام مع نفسه ومع عالمه. ولكن معظم الناس في العالم الحديث تحتاج لتكون مشغولة أو أن ترفه عن نفسها باستمرار ،من دون ذلك سوف يشعرون "بالملل"، ومن ذلك فانهم سوف يصبحون مهيجين ، قلقين، ومعكري المزاج. إذا اكتشفنا علاجا بيولوجيا يخفض بشكل كبير، ودون آثار جانبية ، التوتر النفسي الذي يعاني منه الكثير من الناس في مجتمعنا، وإذا اتبع عدد كبير من الناس هذا العلاج، فإن المستوى العام للإجهاد سيقل، ويمكن للنظام بعد ذلك زيادة الضغوط التي تنتج الإجهاد. في الواقع، يوجد شيء مماثل مسبقا و هو صناعة الترفيه، والتي هي واحدة من أقوى الأدوات النفسية التي يمكن للناس استخدامها لإخلاء نفسهم من الإجهاد و التوتر، أو على الأقل الهرب منهم مؤقتا . استخدام هذه الأدوات "اختياري": لا يوجد أي قانون يفرض علينا مشاهدة التلفزيون، والاست

الحبّ والحضارة \ هربرت ماركوز

صورة
  حوَل الجسد والفكر تحت سلطان مبدإ المردوديّة إلى أدوات للعمل المغترب… ويلعب توزيع الوقت دورا أساسيا في هذا التّحول، فالإنسان لا يوجد على جهة وجود أداة المردوديّة المغتربة إلا خلال جزء من وقته أي خلال أيّام العمل، أمّا فيما تبقى من الوقت فإنّه يكون حرّا، يتصرّف في نفسه… إنّ هذا الوقت الحرّ قد يكون بالقوّة مخصّصا للذّة. غير أنّ مبدأ اللّذة الّذي يحكم «الهو» إنّما هو أيضا «لامتزمّن» ومعنى ذلك أنّه يصارع ضدّ التفتت الزمني للّذّة وضدّ تجزئتها إلى أقساط متباعدة. وأن مجتمعا يحكمه مبدأ المردوديّة عليه بالضّرورة أن يفرض مثل هذا التّوزيع لأنّ الجسد يجب أن يكون قد تعود على الاغتراب في مستوى أعماقه ذاتها أي في مستوى «أنا اللّذّة»،فعلى (الجسد) أن يتعلّم نسيان المطالبة بالاشباع اللاّمتزمّن واللاّمجدي أي نسيان المطالبة باللّذة الأبديّة. أضف إلى أنّ الاغتراب وشدّة التّأطير يتجاوزان وقت العمل إلى الوقت الحرّ. إنّ طول يوم العمل ذاته وكذلك الرتابة المملة والآلية، رتابة العمل المغترب الّتي تباشر تلك المراقبة على أوقات اللّهو. إنّ ذلك الطول وتلك الرتابة يفرضان أن تكون أوقات اللّهو راحة سلبية وتجديدا للطاق