المشاركات

الاعتراف \ عبد الرحمن شكري

صورة
  يخيل لي في بعض الأحايين أن قد قرب أجلي وحان حَيني، فأخشى أن يمنعني الموت من بلوغ آمالي وأطماعي. ولكني أرجع إلى نفسي فأرجو أن أجد في الموت ما لم أجده في الحياة من الطمأنينة والسكينة. وماذا عليَّ إذا عاجلني الموت دون وطرٍ لم أصبه، ومطمح للنفس لم تبلغه، وعرفان لم أعرفه؟ وماذا عليَّ إذا لم تجد الديدان إذا بحثت في رأسي معنًى ما اجتبيته أو علمًا ما درسته؟ وما قيمة الأطماع والأوطار والعلوم والفنون والآداب لدى الموت؟ أليس الموت حقيقة الحقائق؟ غير أن هذا التفكير لا يمنعني من الحزن إذا خُيِّل لي أني سأموت ولا أترك أثرًا بعدي خالدًا كالخلد وباقيًا كالأبد. وفي بعض الأحايين أنظر إلى أطماعي وآمالي وهي ماثلة لديَّ نظرة الوداع، وأحزن عليها كما أحزن على صديق عزيز تفيض روحه. ثم أرجع إلى نفسي فأقول: أليس من الغرور أن أحزن على ضياع أطماعٍ وآمالٍ يحول دونها الموت؟ وأي الآمال أهل لمثل هذا الحزن؟ على أن الشك في قيمتها لا يقلل من الحزن والأسف عليها. جعلت أسير يومًا عند شاطئ البحر وأخط في التراب رسومًا وأشكالًا، ورأيت كأن البحر يحاول أن يمحوها، فما زالت أمواجه تغدو وتروح حتى طغت موجة كبيرة عليها فمحتها، فذكر

موت الشيطان؟ جبران خليل جبران

صورة
  ان الخوري سمعان عالمًا بدقائق الأمور الروحية، مُتبسِّطًا بالمسائل اللاهوتية، مُتعمقًا بأسرار الخطايا العرضية والمميتة، مُتضلِّعًا بخفايا الجحيم والمطهر والفردوس. وكان يتنقَّل بين قُرى شمال لبنان؛ ليعظ الناس، ويشفي أرواحهم من أمراض الإثم، وينقذهم من حبائل الشيطان، فالشيطان كان عدو الخوري سمعان، يُحاربه ليلًا ونهارًا بلا مللٍ ولا تعب. وكان سكان القُرى يُكرمون الخوري سمعان، ويرتاحون إلى ابتياع عِظاته وصلواته بالفضةِ والذهب، ويتسابقون إلى إهدائه أطيَب ما تُثْمره أشجارهم، وأفضل ما تُنبته حقولهم. ففي عشيَّة يوم من أيام الخريف، وقد كان الخوري سمعان سائرًا في مكان خالٍ نحو قرية مُنفردة بين تلك الجبال والأودية، سمع أنينًا مُوجعًا آتيًا من جانب الطريق، فالتفتَ فإذا برجلٍ عاري الجسم مُنطرح على الحصباء، ونجيعُ الدم يتدفق من جراحٍ بليغة في رأسه وصدره، وهو يقول مُستنجدًا: «أنقذني، أعِنِّي، أشفِقْ عليَّ فأنا مائت!» فوقف الخوري سمعان محتارًا، ونظر إلى الرجل المتوجع، ثم قال في ذاته: «هذا أحد اللصوص الأشقياء، وأظن أنه قد حاول سلب عابري الطريق، فَغُلِبَ على أمره … هو منازع، فإذا مات وأنا بقُربه اتُّهمت

التحليل النفسي عن الفن \ فرويد

صورة
  تطرق التحليل النفسي إلى الكثير من الموضوعات التي تخص حياة الإنسان، وكان الفن ضمن هذه الموضوعات الذي حصل على الاهتمام في العديد من الدراسات، حيث اعتبر فرويد أن كل أشكال التعبير الإبداعية والممارسة الحضارية الاجتماعية تنبعث من آلية التسامي النفسي التي ترتفع بالدوافع المكبوتة إلى نشاطات ملائمة ومنتجة في سياق المعايير الاخلاقية والاجتماعية. وإن الفنان عند فرويد هو إنسان محبط في الواقع؛ لأنه يريد الثروة والقوة والشرف، لكن تنقصه الوسائل للوصول إلى هذه الإشباعات، ومن ثم فهو يلجأ للتسامي بهذه الرغبات وتحقيقها خياليا، فالفن لدى فرويد هو منطقة وسطية بين عالم الواقع الذي يحبط الرغبات، وعالم الخيال الذي يحققها. ونرى ذلك في أعمال فرويد، حيث قام بدراسة بعض الأعمال الفنية والأدبية، كان أبرزها تناوله للوحات ليوناردو دافينشي وروایات دوستويفسكي خاصة "الأخوة كرامازوف" توقف فرويد بالنسبة إلى دافينشي عند لوحة الموناليزا واصفاً الطبيعة الخاصة التي تتميز ابتسامتها فإن من يفكر في لوحات ليوناردو يتذكر الابتسامة الفاتنة الحائرة التي كان يبدعها على شفاه كل شخصياته الانثوية. كان تفسير ذلك حسب فرويد مر

الوعيَ الإنسانيَّ زلَّةٌ مأساويّةٌ في تطوُّرِ النَّوعِ البشريّ \ True Detective S01

صورة
  أعتقدُ بأنَّ الوعيَ الإنسانيَّ زلَّةٌ مأساويّةٌ في تطوُّرِ النَّوعِ البشريّ، لقد تجاوزَ وعينا بالنَّفسِ الحدَّ اللازِم. أوجدتِ الطبيعةُ جانبًا منها غريبًا عليها، نحنُ كائناتٌ لا ينبغي أنْ توجدَ وفقًا للقانونِ الطبيعيّ. نحنُ أشياءُ تكدَحُ مدفوعةً بوهمِ امتلاكِ ذات، بَرْمَجَتْنَا مشاعرنا وخبراتنا الحسيَّةُ بتأكيدٍ تامٍ على أنَّ لكلِّ منا أهميته، بينما في الحقيقةِ لا أهميَّةَ لأحد. أعتقدُ أنَّ رفضَ برمجتنا هو أنبلُ ما يمكنُ لجنسنا فعله: أنْ نكفَّ عنِ التّناسُل ونمضيَ يدًا بيدٍ صوبَ الانقراض. صوبَ ظُلمةٍ أخيرة، أخوةً وأخوات، منسحبينَ مِنْ صفقةٍ فاشلة. يبدوا أن شخصية رست كول في هذه التحفة التلفزيونية كانت متأثرة كثيرا بقناعات الفيلسوف الألماني أرثر شوبنهاور.

النظرية التربوية التي أراد الفنان فيودور ريشيتنيكوف إيصالها للمجتمع \ لوحة الطفل الراسب العائد من المدرسة

صورة
  لوحة الفنان الروسي «فيودور ريشيتنيكوف» التي رسمها في عام 1952  بعنوان « Low Marks Again» والتي ترجمت إلى:« لوحة الطفل الراسب العائد من المدرسة» العائلة تنظر إلى الفتى بلوم و رفض وأخوه يستقبله بشماتة. الفنان يقول لهم عاملوه كما عامله الكلب ، فهو يحبه من دون شروط. وتستمر الحياة مع لوحة الفنان الروسي «فيودور ريشيتنيكوف»  وكلاسيكية الواقع المُرّ بغض النظر عن الموضوع الأساسي للوحة، وهو النظرة العامة لطفل راسب في المدرسة، والتعبيرات المرفوضة لهذا الذي لم يتعاطف معه سوى كلب العائلة حيث الكآبة تغمر اللوحة التي تمثل الوضع العام لعائلة من أربعة أفراد، والأب غائب عنها، مع الأثاث البسيط، والحزن على وجه الفتى الممسك بيده محفظة مدرسية، الفنان الذي اشتهر برسمه لهذه اللوحة التي تختصر الوضع التربوي في روسيا، واهتمام العائلة بمدرسة الطفل رغم الاحساس بالغياب الكبير للأب. فهل حاول اختصار صراع الأجيال من أجل البقاء أو انعكاس الحروب على الواقع التربوي للأطفال كما يحدث حاليا في الكثير من بقاع الأرض؟ وهل الاضطهاد العائلي لرسوب الأولاد هو الأقسى على النفس؟ أم أن الألوان تؤثر بصريا على الاحساس بالانكسار في ات

من محادثات زوربا : ما الدنيا؟

صورة
  من محادثات زوربا : - ما الدنيا؟ - معاناة.  - ولماذا هي معاناة؟ - لأنها تغيير مستمر .. وكل تغيير هو معاناة بالضرورة.  - حتى وإن كان من شر لخير؟ - نعم .. لأن تغير الشر إلى الخير يصحبه بالضرورة قلق المحافظة على الخير وخوف عودة الشر.  - وكيف تنتهي المعاناة؟ - بالإيمان.  - ولكن كيف للإيمان بالله أن ينهي المعاناة؟ .. هل يكفي ليوقف التغيير؟ - الله هو الخير المطلق الثابت .. لا أعني بالإيمان ذلك اليقين بوجود إله أو صدق دين أو قداسة كتاب. - فما الإيمان إذن؟ - إيجاد الله في كل شيء. - إيجاده؟ .. أنحن مَن نُوجِد الله أم هو الذي يوجدنا؟ - بل نحن الذين نُوجده .. أو بالأحرى نخرجه من الباطن إلى الظاهر. - وكيف ذلك؟ - إذا ما أوجدنا الجمال في الشيء فثمّ وجه الله.  - ألا تفسر لي ذلك؟ - الدنيا معاناة .. فيكون الإيمان هو إزالة أو تخفيف المعاناة عن غيرك .. وكلما أزلت المعاناة عن الغير ظهر الجمال .. فإن ظهر الجمال خرج الله من الباطن إلى الظاهر.  - إذن فمهمة الإنسان أن يخفف عن الجميع.  - وتلك هي الصلاة.  - صلاة تزيل القبح لتظهر الجمال. - بلمسة فوق كتف المتعبين .. بمشاركة ثقيلي الأحمال في أحمالهم .. بدمعة عجز

رسالة دوستويفسكي إلى اخيه ميخائيل بعد أن نجى من الاعدام بأعجوبة

صورة
  رسالة دوستويفسكي إلى اخيه ميخائيل بعد أن نجى من الاعدام بأعجوبة ..  قلعة بطرسبرج في 22 ديسمبر 1849م أخي يا صديقي العزيز! لقد حُسم مصيري! لقد أدانوني بأربع سنوات من الاشغال الشاقة في سجن سيبيريا. وبعد الخروج من السجن سوف اصبح مجندا محروما من الحقوق المدنية بما فيها حق الكتابة لمدة ست سنوات.. سوف اروي لك القصة من أولها. لقد نقلونا الى الساحة العامة لسجن القلعة. وهناك قرأوا علينا حكم الاعدام. ثم أمرونا بتقبيل الصليب وكسروا سيوفنا فوق رؤوسنا باعتبار اننا انتهينا. وبعدئذ اغتسلت غسلة الموتى، ثم ألبسونا الاكفان يا أخي. وصفّونا ثلاثة، ثلاثة على الجدار تمهيدا لرمينا بالرصاص. كان ترتيبي السادس، وكنت انتمي الى الوجبة الثانية التي سينفذ فيها حكم الاعدام. ولم تبق لي الا دقيقة واحدة لكي أعيش. في تلك اللحظة فكرت فيك يا اخي، في اللحظة القصوى التي لا تتجاوز الثواني كنت انت وحدك في خيالي. وعندئذ عرفت الى اي مدى أحبك يا أخي الحبيب. وقد أبلغت أنهم يا أخي الحبيب سيرسلونني اليوم أو غداً. وقد طلبت رؤيتك فأخبروني أن هذا محال وأن كل ما يستطيعونه أن يسمحوا لي بالكتابة إليك. وأنا أخشى أن يكون قد بلغك الحكم علي

لوحة المقهى الآلي1927 \ إدوارد هوبر

صورة
 لوحة "المقهى الآلي" (Automated) المرسومة عام 1927، حيث تجلس امرأة وحيدة تحدق في فنجانها في مقهى آلي ليلا.  هذه الصورة وإن بدت غريبة بعض الشيء -فجميع لوحات هوبر تحمل إحساسا بالغرابة- فإنها صارت واقعية الآن وحقيقية للغاية، إنها نوع من السريالية المفهومة على حد تعبير الناقد مايكل روز. كان إدوارد هوبر رسّاما أنتج لوحات كئيبة المظهر، لكنها لا تجعلنا نشعر بالكآبة. بل إن لوحاته تعيننا على إدراك الوحدة التي كثيرا ما تكون كامنة في قلب الحزن، وتساعدنا  في تقبل تلك الوحدة. نرى في لوحته «أوتومات» امرأة جالسة وحدها تشرب القهوة.  الوقت متأخر؛ وإذا  احتكمنا إلى معطفها وقبعتها، فإن الطقس بارد في الخارج.  تبدو الغرفة كبيرة، خالية،  ساطعة الإنارة.  ديكور الغرفة من النوع العملي؛ ويبدو على المرأة قدر من الانتباه، وأثر  من الرهبة.  لعلها لم تعتد الجلوس وحيدة في مكان عام. يبدو أن في الأمر شيئا ليس على  ما يرام.  تدعو  هذه المرأة من ينظر إلى اللوحة إلى تخيل قصص عنها: قصص خذلان  أو فقد.  لعلها تحاول منع ارتعاش يدها التي ترفع فنجان القهوة إلى شفتيها.  قد تكون ا لساعة الحادية عشرة ليلا في شهر شباط في

لمَّ أبنى المدينة إن كان يكفينى البيت الصغير؟ مكسيم غوركي

صورة
  كنا نتحدث يوماً حديث القلب إلى القلب ، وكان يلقب نفسه رب السياسة وهو يبتسم في غير سرور؛ قال لي في صراحة لا يعرفها إلا الروس وحدهم  . ـ آه ياالیکس ماکسیمتش ـ آه ياصديقي ! نحن لسنا في حاجة إلى شيء ... وهل يجدينا شيء أبدأ ؟ مجامع علمية ... علوم ... طيران ... كل ذلك باطل . أتعرف  ماذا نريد ؟ نريد زاوية هادئة وامرأة نضمها، وتستجيب لنا صادقة جسماً وروحاً . أما أنت يا أليكس ، فتفكر تفكير المثقفين . إنك لسـت منـا . ولكنك  مخلوق متسمم ـ تضع الأفكار فوق الانسان ، و تفكر تفكير اليهود.. ـ ولكن اليهود لا يفكرون هذا التفكير الشيطان وحده يفهم تفكيرهم ثم رمى في النهر عقب سيجارته وأتبعها نظره .. كنا على ضفاف النيفا ، في ليلة  مقمرة من ليالي الخريف ، بعد أن قضينا نهاراً أرهقنا بما فيه من أحداث تافهة  لاطائل تحتها وأفعمنا برغبة عنيدة في أن نؤدي عملا طيباً نافعاً. وعاد صديقي يقول هادئاً مفكراً . ـ إنك معنا ولكنك لست منا . فاستمع إلى . يحب المثقفون الحركة والنشاط،  وهم من أجل ذلك كانوا في صفوف الثائرين . وكما ثار المسيح، وهو مثالى،من أجل السماء، كذلك يثور المثقفون من أجل طوبى . يثور المثالى،ويثور معـه كث

إلى حين موت الموت \ جوزيف دو ميستر

صورة
  في كامل القبة الفسيحة للطبيعة الحيّة يتحكّم عنف مفتوح، نوع من الغضب المعياري الذي يسلّح جميع المخلوقات على نحو يؤدّي إلى هلاكها المشترك: بمجرّد أن تغادر مملكة الجماد فإنّك ستجد ناموس الموت العنيف منقوشاً على تخوم الحياة. تشعر به بدايةً في مملكة الخضار: من شجرة ضخمة إلى أصغر وأضعف الأعشاب. كم من النباتات تموت وكم منها يُقتل، وما أن ندخل مملكة الحيوان حتى يصبح هذا القانون فجأةً بيّناً بصورة مروّعة. قوّة ما، عنف ما، خفيّان وصريحان في آنٍ... حدّدا في كلّ الأنواع عدداً معيّناً من الحيوانات لتفترس الحيوانات الأخرى: وهكذا فإنّ هناك حشرات تفترس، وزواحف تفترس، وطيوراً تفترس، وأسماكاً تفترس، وحيواناتٍ ذات أربع تفترس. لا توجد لحظة زمنية لا يقوم فيها مخلوق بافتراس مخلوق آخر. وبين جميع هذه الأجناس المختلفة من الحيوانات هناك الإنسان، يده المدمّرة لا تستثني أيّ شيءٍ حيّ، فهو يقتل ليحصل على الطعام، وهو يقتل ليغطّي نفسه، وهو يقتل ليزيّن ويزخرف نفسه، وهو يقتل من أجل أن يهاجم، وهو يقتل دفاعاً عن النفس، وهو يقتل ليعلّم نفسه، وهو يقتل ليسلّي نفسه، وهو يقتل ليقتل، ملك فخور ورهيب، يريد كلّ شيء ولا شيء يقاو

ليزا أيساتو فنانة ومؤلفة معروفة لكتب الأطفال في النرويج

صورة
  ليزا أيساتو فنانة ومؤلفة معروفة لكتب الأطفال في النرويج. بدأت حياتها المهنية في عام 2008 ومنذ ذلك الحين أصدرت عددًا قليلاً من كتبها الخاصة. كما تم نشر أعمالها في العديد من المنشورات والمجلات وما إلى ذلك. أسلوب ليزا فريد جدًا: تنقل رسوماتها التوضيحية الشبيهة بالألوان المائية جمال الحياة البسيط، وتذكرنا بأشياء مهمة مثل الحب والأسرة والصداقة. إن فن أيساتو آسر بأفضل طريقة ممكنة، وفي أغلب الأحيان، تنقل أعمالها مشاعر كونها خالية من الهموم وإيجابية. تتحدث عن نفسها، لقد كنت أرسم طوال حياتي، بالطبع، وكان رسمي دائمًا مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بالأدب.  عندما كنت طفلة، قرأت أمي بصوت عالٍ لي ولأختي كثيرًا وكنت أرسم باستمرار أثناء الاستماع إليها.  كشخص بالغ، كثيرًا ما أستمع إلى الكتب الصوتية والبودكاست أثناء العمل.  أعتقد أن حقيقة أنني واصلت الرسم عندما استقل معظم الأطفال، ربما في سن 10، ساعدتني على تطوير مهاراتي بما يتجاوز المتوسط.  أتذكر أنني تعلمت كلمة "رسام" في سن 13 وكتبت في مقال مدرسي أنني أردت أن أصبح واحدة عندما كبرت.  "معظم عملي مستوحى من نصوص مختلفة. لقد عملت مع الرسوم التوض

المشي فلسفة

صورة
  لعل أزمة عالمنا المعاصر تكمن في محدودية أفقه وضيقه. فعلى رغم انفتاحنا على العالم بأسره من خلال تطور وسائل أو شبكات التواصل الاجتماعي المستمر والتطور التكنولوجي السريع، نبقى مأسورين ومحدودين في مكان وزمان خاضِعَين للهندسة والقياس. من غرفة ضيقة، ومن خلال شاشة صغيرة، نطل على عالم وهمي تبقى الشاشة حاجزاً بيننا وبينه، كما تبقى حجاباً للفكر الذي يختبر أمامها محدوديته، فنعيش على مسافة من الأشياء من دون لقاء فعلي يلمس داخلانيتنا. في ظل هذه الأزمة، شدد بعض الكتاب وعلماء النفس والفلاسفة على أهمية المشي الذي ليس مجرد رياضة كما يقول الكاتب الفرنسي المعاصر فريدريك غرو في بداية كتابه "المشي: فلسفة". فالسير على الأقدام يحرر الإنسان المعاصر ويشكل خلاصاً له، إذ يفكك القيود الاجتماعية والحواجز التي تحول دون لقائه مع نفسه ومع الطبيعة المحيطة به. فالمشي معنى واختبار لمفهوم فلسفي شغل الفلاسفة منذ القديم وما زال يشغلهم، وهو مفهوم "الحرية". يرى بعض الفلاسفة أن فن المشي لا ينبغي يتعلق بهدف أو رغبة في الوصول إلى وجهة معينة ، بل أن يمارس من أجل التجربة الجماليّة الخالصة التي لا غرض منها ،

أين كلّ شيء شكّلني وألّفني على ما أنا عليه؟ الدكتور شريف مبروكي

صورة
  مع التقدّم شيئاً فشيئاً في السنّ لم يعد ما يُضني النفس ويُكربها هو انحسار المستقبل وشحوب أفاقه، "فالمستقبل شيءٌ نادرٌ" كما يقول رونيه شار ولا ضنك العزلة وضعف الرغبة في الالتحام بأشياء العالم والاشتباك العبثي مع مفاهيمه وترهاته، ولا خيانات البدن المتلاحقة، ولا خيبات الأمل الضرورية لحيوية العقل، فهذه كلّها من طبيعة الأمور ومن جوهر الصيرورة، بل ما يضني حقاً هو الشعور" بانتهاء الماضي وتلاشيه التدريجي" من حولك،  وكأنّ المرء قد انبثق لتوّه من هوة سحيقة سرعان ما اختفت وأخذت معها كلّ شيء، وكأنّها لم تكن.  فيتساءل أين كلّ شيء شكّلني وألّفني على ما أنا عليه؟ أين كلّ ذلك الذي كنته؟ أين هم؟ أين كلّ تلك النساء والرجال الذين تقاطعت معهم،؟ أين عوالمي، أين أحلامي، أين عبثي ومراهقتي وحماقاتي؟أين غبائي الجميل، وعفويتي الطائشة؟  فيدرك أنّ الإنسان، رغم انّه مقذوف به نحو المستقبل، هو في الواقع رهينة ماضيه، نعم ولا شيء آخر، وتلك هي تراجيديته الأساسية.  وإذا عدتُ إلى برغسون (وغالباً ما أفعل) فسأقول أنّ "الإنسان" لا يعيش الحاضر أبداً، بل هو يقيم دوماً في ماضٍ مستمرّ في الحاضر (

لوحة الرأسان \ أوغست ليرو

صورة
   الرأسان ، هي لوحة رائعة.  تم إنشاؤه في عام 1898 بواسطة أوغست ليرو على جانب واحد من طاولة منحلة، تتشبك زوج من الأيدي غير المجسدة حول رأس مقطوع الرأس حديثًا.  في كل مكان، يشبك المتفرجون، العديد من النبلاء، أكتافهم مع بعضهم البعض ويرتعدون في مزيج من الصدمة والخوف والرهبة.  من الأعلى، شخصية مهيبة، ربما منحوتة، أو ربما نوع من القوة، تشير عن قصد بسيف حاد نحو مسرح الجريمة. وعلى جانب واحد من الطاولة، يخلق وميض الضوء المسبب للعمى مسارًا تخرج منه صورة ظلية سوداء غامضة. أوغست ليرو (الأخ الأكبر للرسام الأكثر شهرة جورج بول ليرو)، وهو يصور مشهدًا وحشيًا من عالم آخر، من الفن التاريخي الغامض.

تسلية أنفسنا حتى الموت \ نيل بوستمان

صورة
  ما كان يخشاه أورويل أولئك الذين يحظرون الكتب. ما كان يخشاه هكسلي هو أنه لن يكون هناك سبب لحظر كتاب، لأنه لن يكون هناك من يريد قراءة كتاب. خاف أورويل أولئك الذين سيحرموننا من المعلومات. كان هكسلي يخشى أولئك الذين سيعطوننا الكثير لدرجة أننا سنختصر إلى السلبية والغرور. خشى أورويل أن تُخفى الحقيقة عنا. خشى هكسلي أن تغرق الحقيقة في بحر من عدم أهمية. خشى أورويل أن نصبح ثقافة أسيرة. خشى هكسلي أن نصبح ثقافة تافهة، مشغولين ببعض مما يعادل المشاعر، والعربدة. كما لاحظ هكسلي في عالم جديد شجاع إن الليبراليون المدنيون والعقلانيين الذين كانوا في حالة تأهب لمعارضة الاستبداد "فشلوا في أخذ شهية الإنسان شبه اللانهائية للانحرافات. " "في عام 1984"، أضاف هكسلي، "يتم السيطرة على الناس من خلال إلحاق الألم. في عالم جديد شجاع، يتم السيطرة عليهم من خلال إلحاق المتعة. " باختصار، أورويل خاف أن يدمرنا ما نكرهه. خشى هكسلي أن يدمرنا ما نحب.  نحن نعيش في عالم من التشتيت. عالم تسلل إليه نشاز مواقع الإنترنت والميمات والشبكات الاجتماعية ؛ وعالم الهواتف المحمولة والهواتف الذكية والهواتف الإل

من رسائل سيلفيا بلاث

صورة
  أريد أن أصبح حرة، حرة لأن أعرف الأشخاص وخلفياتهم، أن أتنقل إلى أجزاء مختلفة في العالم لأتعلم أن هنالك معايير وأخلاقيات غير تلك التي أنتمي إليها. أريد أن أصبح واسعة المعرفة، أعتقد أن بودّي تسمية نفسي الفتاة التي أرادت أن تصبح إلها. لكن، إن لم أكن في هذا الجسد أين يمكن أن أكون؟ ربّما من المقدّر لي أن أعيش مصنّفة ومؤهلة، لكني أحتج ضدّ ذلك! أنا قوية، لكن إلى أي مدى؟. أحاول أن أضع نفسي مكان شخص آخر في بعض الأحيان وينتابني الرعب عند نجاحي في ذلك. كم هو فظيع أن أكون أي شخص غير نفسي! أعتقد أن الرفقة الروحية ضرورية للغاية في عالم فيه الكثير من السطحية وعدد قليل من عوامل الجذب. أعتقد أن عظمة الطبيعة هي شفاء للروح بطريقة أو بأخرى. عند رؤية كل مشاكل العالم، يبدو من المريح التفكير، كنوع من التغيير، أن هذا العالم لا يزيد عن حجم ذرات من الغبار في الكون الضخم الهائل. الحاضر بالنسبة إليّ يعني الأبد، والأبد يجري ويذوي بلا انقطاع. كل لحظة هي حياة، وكل لحظة تمضي هي موت. أشعر بأنّي مسحوقة تحت ثقل الأزمنة، فأنا الحاضر، وأعرف أني زائلة بدوري. هكذا يرحل الإنسان. أما الكتابة، اللحظة الأسمى، فتبقى وتمضي وحيدة

لوحة عائلة البهلوان \ جوستاف دوريه

صورة
  عائلة البهلوان  1874 بواسطة الرسام جوستاف دوريه توجد بمتحف أورسيه، باريس عندما قرأ الرسام جوستاف دوريه في الصحيفة حول عائلة من فناني الشوارع الذين توفي طفلهم الصغير بعد السقوط، فلا عجب أنه صنع نسختين من هذا المشهد. هنا في هذه اللوحة تصور الشحوب المميت للطفل الصغير حيث يُحمل بين ذراعي والدته. الأب يجلس بجانب زوجته و يبدو حزينًا بشكل لا يصدق، أو ربما تشير اللوحة أنه كان هو من أسقط الطفل. بجانب الأم تجلس بومة وتشيح بالنظر بعيدًا عن المشهد الحزين، مما يشير إلى أن الوالدان قد تصرفا بغير حكمة مما ادى الى وفاة الطفل. على الأرض تحت قدمي الأم هناك بطاقات التاروت. تدل على أن الام كانت تعرف مسبقا ماذا ستكون نتيجة الأداء ومع ذلك فقد أجبرت طفلها على القيام بذلك على أي حال. عن هذه اللوحة قال دوريه الطفل يحتضر. أنا أرغب في تصوير إيقاظ الوعي المتأخر في هذان الكائنان تقريبا بوحشية.  لكسب المال قُتل طفلهم وبعد سقوطه وموته علموا أنهم كان لهم قلوبًا!

كل شيء مُخرب: كتاب عن الأمل \ مارك مانسون

صورة
  يوماً ما، ستموت أنت وكل من تحب. و البعد عن مجموعة صغيرة من الناس لفترة وجيزة للغاية من الزمن، فإن القليل مما تقوله أو تفعله لن يهم على الإطلاق. هذه هي الحقيقة غير المريحة للحياة. وكل ما تفكر به أو تفعله هو تجنب مفصل له. نحن غبار كوني غير مهم، نرتطم ونطحن على بقعة زرقاء صغيرة. نحن نتخيل أهميتنا الخاصة. نحن نخترع هدفنا - نحن لا شيء. استمتع بقهوتك اللعينة. ولكن بجدية، كيف يمكنك أن تخبر شخصًا ما، بضميرٍ مرتاح، أن "يتمتع بيومٍ لطيف" وأنت تعلم أن كل أفكاره ودوافعه تنبع من حاجة لا تنتهي لتجنب عدم معنى الوجود البشري؟ لأنه، في التوسع اللانهائي للمكان/الزمان، لا يهتم الكون بما إذا كان استبدال والدتك يسير بشكل جيد، أو أن أطفالك يذهبون إلى الكلية، أو أن رئيسك يعتقد أنك صنعت جدولًا رائعًا. لا يهم إذا فاز الديمقراطيون أو الجمهوريون بالانتخابات الرئاسية.  لا يهم إذا كانت الغابات تحترق أو يذوب الجليد أو يرتفع المياه أو يغلي الهواء أو نتبخر جميعًا بواسطة عرق فضائي متفوق. أنت تهتم. أنت تهتم، وتقنع نفسك بشدة أنه لأنك تهتم، يجب أن يكون لكل شيء معنى كوني عظيمة وراء ذلك. أنت تهتم لأنك في أعماقك

رسائل إلى الجيل التالي من أشخاص يعرفون شيئاً أو اثنين \ جيمس إل. هارمون

صورة
  ان تحتقر عالمك الداخلي هذه هي النصيحة الأولى والأكثر عمومية التي سأقدمها. مجتمعنا مظهره خارجي جداً، متحمس جداً بأحدث الأشياء الجديدة، أحدث قطعة من القيل والقال، آخر فرصة للتأكد من الذات والمكانة. لكننا جميعا نبدأ حياتنا كأطفال عاجزين، نعتمد على الآخرين في الراحة والطعام والبقاء على قيد الحياة. وعلى الرغم من أننا نطور درجة من الاتقان والاستقلال، فإننا نظل دائما ضعفاء وغير مكتملين بشكل مقلق، معتمدين على الآخرين وعلى عالم غير مؤكد فيما يمكننا تحقيقه.  بينما ننمو، نطور جميعًا مجموعة واسعة من المشاعر التي تستجيب لهذا المأزق: الخوف من حدوث أشياء سيئة وأن نكون عاجزين عن دفائها؛ الحب لمن يساعدنا ويدعمنا؛ الحزن عندما يفقد أحد عزيزنا؛ الأمل في الخير في المستقبل؛ الغضب عندما يتلف شخص آخر شيئا نهتم به.  حياتنا العاطفية ترسم عدم اكتمالنا: المخلوق بدون أي حاجة لن يكون لديه أبدًا أسباب للخوف أو الحزن أو الأمل أو الغضب. ولكن لهذا السبب بالذات كثيراً ما نخجل من عواطفنا، ومن علاقات الحاجة والتبعية المرتبطة بها. ربما يكون الذكور، في مجتمعنا، عرضة بشكل خاص للخجل من كونهم ناقصين ومتبعين، لأن صورة مهيمنة

المستنقع \ حنا مينة

صورة
  رواية المستنقع للروائي السوري حنا مينة الملقب بمؤرخ الفقراء والمضطهدين والذي كان يكرر دوماً إن علم الاجتماع مكتوب على ظهري، في إشارة منه الى كثرة التجارب الحياتية القاسية التي مر بها والتي عبر عنها في وصيته قائلاً: "لقد كنت سعيداً جداً في حياتي، فمنذ أبصرت عيناي النور، وأنا منذورٌ للشقاء، وفي قلب الشقاء حاربت الشقاء، وانتصرت عليه، وهذه نعمة الله، ومكافأة السماء، وإني لمن الشاكرين. كل ما فعلته في حياتي معروفٌ، وهو أداء واجبي تجاه وطني وشعبي، وقد كرّست كل كلماتي لأجل هدف واحد: نصرة الفقراء والبؤساء والمعذبين في الأرض، وبعد أن ناضلت بجسدي في سبيل هذا الهدف، وبدأت الكتابة في الأربعين من عمري، شرّعت قلمي لأجل الهدف ذاته، ولما أزل. لا عتبٌ ولا عتابٌ، ولست ذاكرهما، هنا، إلا للضرورة، فقد اعتمدت عمري كله، لا على الحظ، بل على الساعد، فيدي وحدها، وبمفردها، صفّقت، وإني لأشكر هذه اليد، ففي الشكر تدوم النِعم.": " كان إسم الوالد مسجَّلاً في قائمة الفقراء الذين يوزَّع عليهم الطحين والسمن والسكر في عيدَي الميلاد والفصح. ولسوء الحظ، كان التوزيع يجري في بهو المدرسة، ولكم عانيت من مجيء أم