المشاركات

الوظيفة الوحيدة للذاكرة هي جعلنا نشعر بالندم / سيوران

صورة
  لم أظل رهينا للماضي، لقد تجاوزت كل أخطاء الماضي في سبيل خطإ جديد واحد: الرفض الصارم لأي انزلاق جديد؛ حماية الوحدانية الباطنية التي اتصف بها الله  كي يعطي مثالا منزها للبشر، يحذونه ولا يبلغونه قطعا.    غفرت لنفسي لأن لا أحد سيفعل ذلك لأجلي، لا القط الذي قتلت حين كنت طفلا عدوانيا  يعكس طبيعة ما يحيط به، ولا أخي الميت الذي أهملته في مراهقتي ولا تلك الفتاة التي  كانت ضحية شاب عادي كأي شاب آخر في الأرض لم يخط  بعد خطوة حكيمة نحو فهم "جزء" من  الآخر !   ويحذوني أمل سخيف بأن يكون رماد أخي والقط والفتاة قد تجاوزوا  نحو مناطق شعورية/وجودية جديدة، خالية من أي  بصمات لذكراي، قد يكون ذلك ممكنا بشكل من الأشكال!  لم أتحرر، لأن في التحرر معنى ساذجا يكشف عن شعور لا مفكر فيه: الشعور بأن الإنسان صار أفضل! صار أعقل، صار لوجوده "أليثيا" انكشاف ولاتحجب أو حقيقة "جوهرية"! لكني الآن بعد مرور السنوات مدرك لأنني خطوت  إلى الأمام في شبه غيبوبة زمنية، مجرورا بقوة الأشياء وتدفق الأيام، إلى الأمام بمعنى مجازي، فحتى الدوران في المكان نفسه قد يكون سفرا إلى أبعد نقطة في الكون.  كل الما

الأنا الآخر \ ماريو بينيديتي

صورة
  يتعلق الامر بفتىً عادي: كان سرواله يصل حد الركبة، يقرأ القصص الهزلية، يحدث ضجيجًا عندما يأكل، يضع أصابعه في أنفه، يشخر في قيلولته، وكان يُدعى أرماندو كورينت في كل شيء إلا في شيء واحد: كان لديه أنا أخرى. أنا الآخر كان يستخدم بعض الشعر في نظراته، و يعشق  الممثلات، كان يكذب بحذر، و يكون في منتهى السعادة عند غروب الشمس. كان الصبي يشعر بقلق شديد إزاء "أناه الأخرى"، كانت تجعله يشعر بعدم الارتياح أمام أصدقائه. و من ناحية أخرى، كان أنا الآخر سوداويا، وبسبب ذلك، لم يكن أرماندو مبتذلًا كما كانت يرغب. بعد ظهر أحد الأيام وصل أرماندو متعبًا من العمل، وخلع حذاءه، وحرك أصابع قدميه ببطء، ثم فتح جهاز الراديو. كان موزارت في الراديو، لكن الطفل غلبه النعاس. عندما استيقظ أنا الآخر بكى بفزع. في الوهلة الأولى، لم يكن الصبي يدري ما يفعل، ولكنه سرعان ما استجمع قواه و سب بوعيه أنا الآخر. هذا الأخير لم ينبس ببنت شفة، لكن في اليوم الموالي كان قد انتحر. في بادئ الأمر ، كانت وفاة "أنا الآخر" ضربة قاسية للمسكين أرماندو، لكنه فكر على الفور أنه الآن يمكن أن يكون مبتذلًا تمامًا. هذه الفكرة أراحته.

مسرحية العاصفة لوليم شكسبير د.علي خليفة

صورة
  هذه المسرحية هي آخر ما كتب شكسبير من مسرحيات، ونشعر من أحداثها أن شكسبير كان قد استشعر أن هذه هي آخر مسرحية يكتبها؛ ولهذا نراه يجعل بطلها بروسبيرو في نهاية هذه المسرحية يتخلى عن كتب السحر التي مكنته من كل خصومه الذين تآمروا عليه وخلعوه من إمارة ميلانو، فهو يتخلى عن مواهبه وقدراته السحرية، ويميل للحياة الهادئة المستقرة، كما فعل شكسبير نفسه بعد فراغه من هذه المسرحية بأن ترك قلمه الذي يكتب أعمالا تفيض بالعبقرية والسحر، ويترك حياة المسرح الصاخبة والممتلئة بالكفاح والصراعات، ويعود لمسقط رأسه في ستراتفورد ليقضي فيها سنواته الأخيرة في حياة هادئة مستقرة. وفي اعتقادي أنه من الأقرب أن تصنف مسرحية العاصفة على أنها كوميديا أخلاقية، فالأحداث الكوميدية غالبة عليها، كما أننا نرى بها بعض الشخصيات الظريفة، مثل الجني الظريف آريل، والمسخ كاليبان الذي يثير الكوميديا بتصرفاته الغريبة التي تقربه من الحيوانات في ميوله وتصرفاته، وأيضا نرى فيها المهرج الظريف ترنكلو والخادم السكير الظريف استيفانو، وهذان الشخصان يبدوان مخمورين كثيرا، ويتصرفان تصرفات تثير الضحك خلال ذلك، لا سيما مع كاليبان الذي ظن أنهما يمكنهما

مفهوم " الحقيقة " في الفلسفة البراغماتية \ وليم جيمس

صورة
  " كل حقيقة تقوم على توافق أفكارنا مع الواقع "، يشترك كل من الإتجاه العقلاني المذهب البراغماتي أو العملي في هذا المعيار المتداول الذي تقاس به الحقيقة، غير أن كلا المذهبين يختلفان حول دلالة مفهومي " التوافق" و " الواقع"، فالعقلانية تتبنى موقفاً حاسماً قطعياً، في حين تتخذ البراغماتية موقفاً مرِناً، فالفكرة الحقيقية في نظر العقلانيين هي تصوير للواقع كما تتجلى للذهن، لكن السؤال هل الفكر قادر على تصوير كل الأشياء الموجودة على نفس النحو؟، أمام هذا التساؤل المحرج لم تجد المثالية منفذا إلا عبر استجداء الحلول الميتافزيقية، بمعنى تطابق فكرتنا عن الشيء مع فكرة الله عنه!، بعيداً عن هذا التصور و بطرح مغاير تتساءل البرغماتية حول القيمة العملية للحقيقة، أي ما هي التجارب و الخبرات الجديدة المكتسبة التي نكتسبها عن طريق الحقيقة عوض التجارب المحصلة من قبل؟!. تجيب البراغماتية عن هذا التساؤل، بالقول أن الأفكار لا تكون حقيقية إلا إذا سايرت و تماشت مع حاجاتنا العملية، فالحقيقة حسب المذهب البراغماتي تتلخص في عبارة وليم جيمس التالية : " إن كل ما يؤدي بنا إلى النجاح فهو حقيقي

بلد العميان

صورة
  للكاتب (هـيربرت . ج . ويلز) . طبعت لأول مرة عام 1936 وما زالت تطبع حتى الآن . القصة بعنوان : بلد العميان .. هي قصة خيالية ، يحدثنا فيها المؤلف عن مرض غريب ، انتشر في قرية نائية معزولة عن العالم تقع في جبال الأنديز ، فأصاب المرض سكان القرية بالعمى .. ومنذ تلك اللحظة ، انقطعت صلتهم بالعالم ، ولم يغادروا قريتهم قط ، فتكيفوا مع العمى وأنجبوا أبناء عُميان ، جيلا بعد جيل ، حتى أصبح كل سكان القرية من العميان ، ولم يكن بينهم مبصر واحد .. وذات يوم ، وبينما كان متسلق الجبال (نيونز) يمارس هوايته ، انزلقت قدمه ؛ فسقط من أعلى القمة إلى القرية . لم يُصب نيونز بأذى .. إذ سقط على عروش أشجار القرية الثلجية ..  وأول ملاحظة له كانت أن البيوت بدون نوافذ ، وأن جدرانها مطلية بألوان صارخة ، وبطريقة فوضوية .. فحدث نفسه قائلاً : لا بُد أن الذي بنى هذه البيوت شخص أعمى .. وعندما توغل إلى وسط القرية ، بدأ في مناداة الناس ، فلاحظ أنهم يمرون بالقرب منه ولا أحد يلتفت إليه ، هنا عرف نيونز أنه في (بلد العُميان) .. فذهب إلى مجموعة من أهل القرية ، وبدأ يعرفهم بنفسه : من هو ، وماهي الظروف التي أوصلته إلى قريتهم ، وكيف

قصة العجوز الشريرة \ دوستويفسكي \ الاخوة كارامازوف

صورة
  في رواية الاخوة كارامازوف روت جروشنكا إلى اليوشا قصة جداً لطيفة ولا تخلوا من العبرة   التفتت جروشنکا نحو اليوشا وهي تضحك ضحكة عصبية وقالت له : - ها قد رأيت يا اليوشا أنني تباهيت أمام راكيتا بأني قدمت بصلة. ولكنني سأتكلم معك صادقة مخلصة بغير تفاخر. الأمر أمر أسطورة: هي قصة جميلة قصتها علي في طفولتي ماتريونا التي تعمل عندي اليوم طباخة. إليك القصة: كان هناك في الماضي امرأة عجوز شريرة جدا، فلما ماتت هذه العجوز وكانت لا تملك أي فضيلة أمسكتها الشياطين وألقتها في بحيرة من نار. وعندئذ أخذ حارسها الملاك يفكر. تسائل: ماذا أستطيع أن أفعل لإنقاذها؟ ألا يمكنني أن أكتشف فضيلة أذكرها عنها للرب، فإذا هو يتذكر حادثة جرت لهذه المرأة في حياتها، فقال للرب: «لقد انتزعت من حديقتها بصلة في ذات يوم ووهبتها الشحاذ». فقال الرب للملاك الحارس: «خذ هذه البصلة، ومدها إلى هذه المرأة في بحيرة النار، ومرها أن تتشبث بها، ثم شدها لتخرجها من اللهب. فإذا استطعت أن تخرجها ذهبت إلى الجنة، أما إذا تقطعت البصلة فستبقى المرأة حيث هي أسرع الملاك إلى المرأة ومد إليها البصلة وقال لها «تمسكي بهذه البصلة فأخرجك من النار». وأخذ يش

قصة حي بن يقظان : الإنسان ليس كائنا مدنيا بطبعه

صورة
  ▪لعل أقدم التعريفات الفلسفية التي تناولت الإنسان وأرادت القبض على جوهره وتحديد ماهيته قد عرّفته بأنه "حيوان اجتماعي"، وهو ما ذهب إليه الفيلسوف الإغريقي أرسطو، الذي أضاف إلى هذا التعريف القول إن "الإنسان كائن مدني بطبعه"، ما يعني أن إنسانية الإنسان لا تتحقق إلا إذا اتصل بمجتمع ونهل من مخزونه الثقافي والحضاري. ▪وبحسب هذا التصور، فإن الإنسان الذي لم يتصل بمجتمع ولم ينشأ في محيط اجتماعي وما يستتبعه ذلك من تهذيب لهذا الإنسان وتطوير وتحسين ملكات عقله وإحساسه وذوقه، وتلطيف أساليب معاملته للآخرين، واكتسابه الطباع الحضارية والثقافية التي يتميز بها الانسان، يكون إنساناً بدائياً لم يصل إلى مرحلة الإنسانية المكتملة، فالتنشئة الاجتماعية إذن هي "حركة ارتقاء من الطبيعة إلى المدنية وخروج من كهوف الحيوانية والتوحش والغريزة "الوجود الطبيعي" وولوج إلى الوجود الإنسي المدني"! ▪وبناء على هذا التصور، برزت العديد من الأعمال الأدبية والرسوم المتحركة التي تناولت شخصيات إنسانية نشأت وترعرعت في مجاهل الغابات المنقطعة عن كل أثر إنساني، كـ"ماوكلي" و"طرزان&quo

جمال الفن عند هيغل

صورة
  جمال الفن عند هيغل هو تألق "الروح " .. وهو أكثر إشراقا من جمال الطبيعة .. فجمال الفن جمال مبدع مولود جديد للعقل .. ‏الجمال عند هيغل هو الجمال الفني الذي تبدعه الروح الإنسانية .. وليس جمال الطبيعة .. ولذلك يرفض النزعة الطبيعية في الفن التي تقلد الطبيعة كما هي .. ! ‏هل الفن محاكاة للطبيعة كما قال أرسطو ؟! يرى هيغل أن فن المحاكاة لا جدوى منه فيقول ..ما حاجتنا إلى أن نرى مناظر أو أحداث سبق لنا أن عرفناها و رأيناها .. ! و‏يقول ايضا .. الأساليب المعتمدة في الفن محدودة لا تقدم سوى جانب من الواقع .. وتغفل جوانب أخرى .. وحتى لو أراد الفن تقليد الطبيعة فسيظل دون مستواها .. ! ‏يرى هيغل أن متعة الفنان المحاكي للطبيعة متعة زائلة غير حقيقية .. ينتفي فيها الإبداع والمتعة الحقيقية .. لو أنتج شيئا صادرا عن إمكانياته الذاتية .. ! و‏يرى ايضا ان جعل المحاكاة هدفا للفن هو حرمان للفنان من حريته .. و قدرته على الإبداع .. فالنزعة الطبيعية لا تصلح أن تشكل القاعدة الجوهرية للفن .. ! ‏ لايمكن أن يحتكر الفن في المحاكاة .. بل ان الفنان ‏الذي يرسم لوحة .. هو نفسه الشاعر الذي يكتب القصيدة .. لابد أن يخرج

باروخ سبينوزا ... التعبير بحرية هو الوجود الحقيقي

صورة
  كان في الثامنة من عمره عندما شاهد هذا المنظر الذي دفع به أن يتمرد على النظام الإجتماعي والديني السائد آنذاك..كان المشهد في باحة المعبد اليهودي بأمستردام، حيث أخذ عدد من رجال الدين يطؤون بأقدامهم رجلاً كان ممداً عند مدخل باب المعبد . فسأل الصبي والده : ماذا فعل هذا الرجل ليتلقى هذا التعذيب والإهانة؟ قال الأب وهو يسحب ابنه خارج المعبد :"إنه أوريل أكوستا.. مفكر حر ياولدي"، ثم أخذ الصبي يسأل والأب يجيب ويشرح لابنه كيف تم طرد أكوستا من المجمع اليهودي، لأنه كان يشكك بما جاء في التوراة، وكيف إن الحاخامات يريدون أن يستأصلوا خطايا أكوستا بالدوس عليه بأقدامهم لكي يتخلص من ذنوبه، ويُسمح له من جديد بدخول المعبد. عندما عاد الصبي إلى البيت، حاول أن يشرح لأمه كيف تم تعذيب أوكاستا، فنصحته بأن يمسح هذه الافكار من ذهنه، وعندما حاول أن يخبر زملائه في المدرسة عما رآه في المعبد تلقى صفعة من الأستاذ الذي طلب منه أن لايتحدث بسوء عن الدين. بعد أيام سَيخبره والده إن أوكاستا أطلق الرصاص على نفسه، بعد أن سعى رجال الدين لمضايقته وإهانته في كل مكان . بدأ الصبي يفكر في ذلك العالم الغريب، عالم الحمقى الذ

جزء من مقال لو كان لي أن أرى ثلاثة أيام / هيلين كيلر

صورة
  اعتدت من وقت إلى أخر أن أختبر أصدقائي المبصرين لأكتشف ماذا يشاهدون … كنت مؤخراً في زيارة لإحدى صديقاتي التي كانت عائدة لتوها من أحد الحقول ،وعندما سألتها ماذا شاهدت ؟ أجابتني لا شيء على وجه التحديد. كدتُ لا أصدقها لو أنني لم أعتد سماع هذا الجواب من غيرها. فقد توصلت منذ وقت طويل إلى القناعة بأن المبصرين لا يرون إلا القليل…. دائماً ما أتساءل كيف يمكن أن نمشي لمدة ساعة بين الحقول ثم لا نشاهد شيئاً جديراً بالملاحظة ؟! … أنا الإنسانة العمياء أجد مئات الأشياء التي تشد انتباهي من خلال حاسة اللمس فقط. وأحياناً يقفز قلبي شوقاً لمشاهدة هذه الأشياء. إذا كنت احصل على متعة من مجرد اللمس فأي جمال سيكتشف لي من حاسة البصر. ولكن الأشخاص المبصرين مع الأسف لا يرون إلا القليل. ربما هي صفة بشرية ألا نشعر بأهمية ما نملك ونتوق لما لا نملك! من الخسارة أن تستخدم نعمة البصر في عالم النور كمجرد وسيلة لتسهيل المعيشة وليس أداة لإضافة بهجة للحياة.

مـذبحــة الأبــريــاء \ بيتـر بـول روبنــز

صورة
  مـذبحــة الأبــريــاء  للفنان الهولندي Peter Paul Rubens بيتـر بـول روبنــز  تعتبر هذه اللوحة رابع أغلى لوحة في العالم، إذ ابتاعها زبون مجهول بمبلغ سبعة وسبعين مليون دولار في مزاد سوذبي اللندني قبل أربع سنوات.  موضوع اللوحة مستمدّ من حادثة تاريخية ورد ذكرها في الإنجيل. إذ تروي بعض المصادر التاريخية أن هيرود الروماني ملك يهوذا أمر جنوده بذبح كافة الأطفال المولودين في بيت لحم في ذلك الوقت خوفا من أن يكون أحدهم هو المسيح الذي سينازعه الحكم ويؤلّب عليه الناس.  وقد فعل هيرود هذا بعد أن ابلغه جماعة من السحرة قدموا من بلاد فارس انهم رأوا نجما في الأفق الشرقي يشير إلى قرب ولادة نبيّ اليهود المنتظر.  ُرسمت اللوحة في ما بين عامي 1609 و 1611 ، وهي عبارة عن كتلة مضطربة من الدم والمعاناة والوحشية والألم.  في اللوحة نرى جنود هيرود المسلّحين بالسيوف والخناجر وهم منهمكون في ذبح الأطفال وسط استماتة أمهاتهم في الدفاع عنهم ومحاولة استنقاذهم من القتل.  وقد بذل روبنز جهدا كبيرا في تصوير المشهد بتفاصيله الكثيرة وبما يفرضه من تعامل مع تشكيلات مركّبة وانفعالات عديدة ومتباينة تتراوح ما بين الحزن والعنف واليأ

ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺍﻟﺴﺎﺑﻊ \ ﺃﻓﻼﻃﻮﻥ

صورة
  ﺳﻘﺮﺍﻁ : ﺗﺨﻴﻞ ﺭﺟﺎﻻ ﻗﺒﻌﻮﺍ ﻓﻲ ﻣﺴﻜﻦ ﺗﺤﺖ ﺍﻷﺭﺽ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻛﻬﻒ ، ﺗﻄﻞ ﻓﺘﺤﺘﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻮﺭ ، ﻭﻳﻠﻴﻬﺎ ﻣﻤﺮ ﻳﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻜﻬﻒ . ﻫﻨﺎﻙ ﻇﻞ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ ﺃﻇﻔﺎﺭﻫﻢ ، ﻭﻗﺪ ﻗﻴﺪﺕ ﺃﺭﺟﻠﻬﻢ ﻭﺃﻋﻨﺎﻗﻬﻢ ﺑﺄﻏﻼﻝ ، ﺑﺤﻴﺚ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻮﻥ ﺍﻟﺘﺤﺮﻙ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻛﻨﻬﻢ ، ﻭ ﻻ ﺭﺅﻳﺔ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺳﻮﻯ ﻣﺎ ﻳﻘﻊ ﺃﻣﺎﻡ ﺃﻧﻈﺎﺭﻫﻢ ، ﺇﺫ ﺗﻌﻮﻗﻬﻢ ﺍﻷﻏﻼﻝ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻠﻔﺖ ﺣﻮﻟﻬﻢ ﺑﺮﺅﻭﺳﻬﻢ . ﻭ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻬﻢ ﺗﻀﻲﺀ ﻧﺎﺭ ﺍﺷﺘﻌﻠﺖ ﻋﻦ ﺑﻌﺪ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻊ ﻋﺎﻝ ، ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﺍﻟﺴﺠﻨﺎﺀ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﺮﺗﻔﻊ . ﻭﻟﺘﺘﺨﻴﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﻮﻝ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺟﺪﺍﺭﺍ ﺻﻐﻴﺮﺍ ، ﻣﺸﺎﺑﻬﺎ ﻟﺘﻠﻚ ﺍﻟﺤﻮﺍﺟﺰ ﺍﻟﺘﻲ ﻧﺠﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺴﺮﺝ ﺍﻟﻌﺮﺍﺋﺲ ﺍﻟﻤﺘﺤﺮﻛﺔ ، ﻭ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﻔﻲ ﺍﻟﻼﻋﺒﻴﻦ ﻭﻫﻢ ﻳﻌﺮﺿﻮﻥ ﺃﻟﻌﺎﺑﻬﻢ . ﻏﻠﻮﻛﻮﻥ : ﺇﻧﻲ ﻷﺗﺨﻴﻞ ﺫﻟﻚ . ﺳﻘﺮﺍﻁ : ﻭﻟﺘﺘﺼﻮﺭ ﺍﻵﻥ ، ﻋﻠﻰ ﻃﻮﻝ ﺍﻟﺠﺪﺍﺭ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ، ﺭﺟﺎﻻ ﻳﺤﻤﻠﻮﻥ ﺷﺘﻰ ﺃﻧﻮﺍ ﻉ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺪﺍﺭ . ﻭﺗﺸﻤﻞ ﺃﺷﻜﺎﻻ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﻭﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻧﺎﺕ ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ، ﺻﻨﻌﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﺨﺸﺐ ﺃﻭ ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ . ﻭ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻴﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺷﻜﺎﻝ ﻣﻦ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻭﻣﻦ ﻻ ﻳﻘﻮﻝ ﺷﻴﺌﺎ . ﻏﻠﻮﻛﻮﻥ : ﺇﻧﻬﺎ ﺣﻘﺎ ﻟﺼﻮﺭﺓ ﻋﺠﻴﺒﺔ ، ﺗﺼﻒ ﻧﻮﻋﺎ ﻏﺮﻳﺒﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺠﻨﺎﺀ . ﺳﻘﺮﺍﻁ : ﺇﻧﻬﻢ ﻟﻴﺸﺒﻬﻮﻧﻨﺎ . ﺫﻟﻚ ﺃﻭﻻ ﻷﻥ ﺍﻟﺴﺠﻨﺎﺀ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻌﻬﻢ ﻫﺬﺍ ﻻ ﻳﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻭﻣﻦ ﺟﻴﺮﺍﻧﻬﻢ ﺷﻴﺌﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻈﻼﻝ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻠﻘﻴﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺪﺍﺭ ﺍﻟﻤﻮﺍﺟﻪ

عنبر رقم٦ \ أنطون تشيخوف

صورة
  – لنفرض أن سكينة الإنسان و رضاه ليسا من خارجه بل في داخله، و لنفرض أنه ينبغي احتقار الآلام و عدم الاندهاش لشيء. و لكن، على أساس تدعو أنت لذلك؟ هل أنت حكيم؟ فيلسوف؟  – كلا، لست فيلسوفا، و لكن كل إنسان ينبغي أن يدعو لذلك لأنه صواب.  – لا، بل خبرني لماذا تعتبر نفسك خبيرا في مسألة فهم الحياة و احتقار الآلام و ما إلى ذلك؟ هل تألمت في حياتك؟ هل تفهم ما هي الآلام؟ اسمح لي: هل ضربت في طفولتك؟  – كلا، كان والداي ينفران من العقاب الجسدي.  – أما أنا فكان يضربني بقسوة، كان أبي موظفا حاد الطبع، مصابا بالبواسير، ذا أنف كبير و رقبة صفراء.  و لكن دعنا نتحدث عنك. طوال حياتك كلها ام يمسسك أحد بإصبعه، و لم يرهبك أحد أو يقهرك. و أنت صحيح كالثور. و قد تربيت في كنف أبيك و تعلمت على حسابه، و بعد ذلك حصلت فورا على وظيفة مريحة و عشت أكثر من عشرين سنة بالمجان في شقة بالتدفئة و النور و الخدم و تملك الحق في أن تعمل بقدر ما تريد و كيفما تريد، حتى لو لم تعمل شيئا. و أنت بطبيعتك شخص كسول، رخو، و لذلك سعيت لتدبير حياتك بحيث لا يزعجك شيء و لا يحركك من مكانك. و قد سلمت الأمور للحكيم و بقية الأوغاد. بينما جلست في الدف

الجريمة والعقاب/ دوستويفسكي 

صورة
   لطالما ترسخ في ذهني مشهد كلما قرأت كلمتي "الجريمة والعقاب" أن أحدًا يُنفذ فيه حكم قاسٍ لارتكابه جريمة ما. لكن الأديب الروسي الكبير فيودور ميخائيلوفيتش دوستويفسكي طير ذلك المشهد من رأسي.. الجريمة والعقاب، هو اسم أهم رواية كتبها دوستويفسكي، ويصنفها البعض من أهم عشرة كتب في التاريخ. _______ قرب نهاية الأصيل، أي قبل المغيب بقليل، يتمشى شاب في ريعان شبابه، لا يدري إلى أين هو ذاهب بالتحديد ولا يهتم، فقط سار بخطى وئيدة لا يلوي على شيء، لكنه كان يخاطب نفسه حول أمر احتل له في عقله مكانًا في الآونة الأخيرة، هذا الأمر هو ارتكاب جريمة. لكن الفتى، واسمه راسكولينكوف، وهو طالب سابق، لا يعدها جريمة، كان يعتبرها خدمة سوف يقدما للإنسانية. وتلك الخدمة هي قتل عجوز مرابية، ومعنى مرابية أنها تقرض الناس أموال بفائدة ومقابل رهن ما، ودائمًا ما كان الرهن شيء ثمين عزيز لدى المقترض، وإن لم يرجع المقترض ما اقترضه خلال فترة زمنية محددة، يكن الرهن من حقها حسب الاتفاق، وغالبًا ما كان يحدث ذلك نظرًا لتعثر حال المقترض. راسكولينكوف، شاب ذكي، نبيل، ذو مروءة، يسعى لخدمة الناس من دون أن ينتبه

لا يمنح الإسم هوية للبطل عند بيكيت

صورة
    لا يمنح الإسم هوية للبطل عند بيكيت. فكما هو الشأن عند يونسكو، نحن لا نعرف مهنة الشخصية ولا انتماءها الإجتماعي، لأنها شخصية منبوذة ومهمشة، بل لا جذور لها. إن البطل في مسرحيات بيكيت مجرد شخص مسكين، لاتاريخ له، وهو مصدر غموض وابهام. وهوية البطل وجب البحث عنها في جسده وفي الفضاء الركحي وفي علاقته بالآخرين. - يحتل الزوجان أو الرفيقان لوحدهما الخشبة ويهيمنان على الفضاء الركحي. فلا وجود لشخصيات ثانوية في مسرح بيكيت : ففي مسرحيتي "في انتظار غودو" و"نهاية اللعبة" يتعلق الأمر بمواجهة بين رفيقين. وفي مسرحية "الأيام الحلوة" يتواجا الزوج ويلي والزوجة ويني في صحراء نائية، ورغم أن العلاقة بينهما هشة ومنفصمة فإنهما مع ذلك يتعايشان ويوجدان. - وشخصيات بيكيت في الغالب ما تتحرك في فضاء مغلق وتخشى اجتياح واحتلال شخص ثالث لفضائهما،هذا الإحتلال الذي يشكل خطرا على العلاقة الهشة التي تجمع بينهما، بل إن العلاقة السادية-المازوخية هي شرط أولي لإستمرار حياة الزوجين أو الرفيقين: إن هذه الكائنات التائهة أبديا، تقضي وقتها في التنابز والتصارع وتبادل الإتهامات. وهناك عنصر مشترك بين الأ

الزهرة في الصخرة / بقلم د. روان عصام يوسف

صورة
  كثيراً ما أتوقف أمام الآية الكريمة التى تقول: ” ويخلق ما لا تعلمون ” وأتساءل ألا تضع كلماتها المقدسة مفتاحاً للتفكير والتفكر فيما حولنا وما هو الذي لا نعلمه .. وذات مرة وانا اتصفح احد مواقع التواصل الاجتماعي اذ أنني أري أمامي صورة تتجسد بها كل الكلمات المقدسة التي وردت في هذه الاية .  ارى امامي زهرة انبثقت من بين الصخور، لكي تعلن عن ولادتها وعن مدي قوة الطبيعة التي تشق طريقها ولو من بين الصخور , وأتسائل أي الزهور انت ..؟ فانت زهرة برية تخرج من بين الصخور لا تشبه اي زهرة اخرى فهي نادرة الوجود, ولدت لتشق الصخر وتتنفّس وترى الضوء متمردة على الواقع وعلى الطبيعة والظروف, رافعة رأسها وفاتحة عيناها الى السماء لتغير وجه السماء بنثر عطرها فيه, فتلك الزهرة البرية قوية على الظروف هي الزهرة النادرة البرية التي تأبى ان تمسها يد تزرعها فهي حرة وتأبى ان تتكل على احد يهتم بها تحفر جذورها بالصخر الصلب تنبت ما بين ضلوعه عنوة, هذه الزهرة هي بمثابة الامل بالنسبة لي, فمهما كانت الامال مستحيلة وتحقيقها اشبه بالمحال فلابد من وجود وسيلة لتحقيق هذه الامال حتي ولو كانت كل الظروف القاسية ضدي.  فهذه زهرة لا تمت

مسرحية الدرس ليونيسكو / د. علي خليفة

صورة
  تحول الحلم لكابوس في مسرحية الدرس ليونيسكو د علي خليفة في رأيي أن مسرحية الدرس ليوجين يونسكو تتشابه في بنائها مع الحلم الذي يتجاوز الحقائق ويصنع عالما خاصا به ولكن هذا الحلم ما يلبث أن يتحول لكابوس فإذا بالعالم الهادئ الذي أوجده يصيبه مس الكابوس فنرى بعض أشخاصه وقد تحولوا لسفاحين بعد أن كنا نراهم في صورة حالمة ففي هذه المسرحية تفتح الستار عن خادمة في منزل مدرس تستقبل تلميذة في الثامنة عشرة من عمرها بترحيب ثم يرحب بها المدرس ويسألها أسئلة سهلة بل ساذجة وتجيب عنها كسؤاله لها عن عاصمة فرنسا وسؤاله لها عن حاصل جمع واحد وواحد وما شابه ذلك من أسئلة لا تتناسب إلا مع التلاميذ الصغار لا طالبة في الثامنة عشرة من عمرها ويثني عليها المدرس ويعرف منها رغبتها في الحصول على دكتوراة شاملة في العلوم والآداب معا وبالطبع هذا عبث ولكنه مقبول في منطق الحلم ومع تتابع أحداث المسرحية نرى المدرس يقدم معارف مغلوطة للتلميذة عن أشياء كثيرة لا سيما في اللغات التي لا يرى فوارق بينها ولعل المؤلف يعني بهذا أنها تتشابه في كونها فقدت القدرة على إيجاد التواصل بين الناس ومع تتابع أحداث المسرحية تتحول عبارات الثناء من

راسكولنيكوف/ دوستويفسكي "الجريمةوالعقاب"

صورة
 ( سأقدم نصا يختصر بعمق القضايا الفكرية ذات الطابع الفلسفي الأصيل التي يطرحها دوستويفسكي في رواياته ، و النموذج اليوم هو بطله 'راسكولنيكوف' الذي يشخص من خلاله تيارا فكريا ومنهجا حياتيا ، استطاع دوستويفسكي أن يصوغه بفنه الرائع ).   إن ما كان يؤلمه إيلاما شديدا حتى جعله مريضا ، إنما الجراح التي أصيبت بها كبرياؤه ! .. لقد كان يمكن أن يسعد أشد السعادة لو كان في وسعه أن يتهم نفسه و أن يدين نفسه ! لو استطاع ذلك إذن لكان يمكن أن يحتمل الخزي و ان يحتمل العار ! و لكنه مهما تشتد قسوته في الحكم على نفسه ، فإن ضميره المتصلب كان لا يجد في ماضيه أية خطيئة فظيعة ، اللهم إلا أن تكون هذه الخطيئة هي أن ضربته قد أخفقت . صحيح أن هذا يمكن ان يقع لجميع الناس ، و لكنه كان يشعر بالخزي من أنه ضاع بمثل هذه العماوة ، بمثل هذه الحماقة ، بمثل هذا الانهيار ، و من أنه خاصة مضطر..أن ينصاع لحكم هذا القدر الأعمى ، و أن يخضع أمام سخافة هذا الحكم ، إذا هو أراد أن يسترد الهدوء و السكينة . إن قلقا لا موضوع له و لا غاية له في الحاضر ، و أن تضحية متصلة غير منقطعة في المستقبل ، ذلك كل ما ينتظره هنا على هذه الأرض

نيتشه برواية لو سالومي

صورة
   الكائن الأسمى لدي نيتشه هو من يتحملُ مشقة عملية التحرر ويعلنُ الحربَ على القناعات التي برأيه هي أعداء الحقيقة وأشدّ خطورةً من الكذبِ ، إذاً فإنَّ فحوى الرسالة التي كتبها لسالومي "على المرء أن يواجه عناء إنعتاقه من أغلاله هو، وأخيراً على المرء أن ينعتقَ من ذلك الإنعتاق أيضاً" يعكسُ مايصبو إليه نيتشه من التفوق على نفسه والذهاب بعيداً عن مُثله الأمر الذي يفسرُ التباين في أفكاره باختلاف المراحل التي عاشها بكل صخب وجودي وعنفوان معرفي والمبدأُ الأساسي في حياة مؤلف "أفول الأصنام" هو تفكيك المفاهيم الفلسفية القارة، لذلك لايصحُ الإستغراب من مواقفه المتناقضة حول الشخصيات التي صاحبها أو كانت بمثابة بارادايم بالنسبة له، ومن ثمَّ انقلبَ عليها إذ أن تكوينه العقلي يتميزُ بصفة الجدلية والنزوع إلى الخطاب السجالي فهو يصفُ منهجه لافتاً إلى أنَّ "هذا المفكر ليس في حاجة إلى من يدحضهُ ويفندهُ فهو يفعل ذلك بنفسه ببراعة متناهية" مايعني أنَّ التفكير هو وجه آخر للتقويض والنقد.واللافتُ في هذا السياق أنَّ حياة نيتشه الفكرية هي إمتداد لسيرته الحياتية وماعاناهُ من الأمراض الجسدية ا

الإصغاء و الخلوة مع الذات \ إريك فروم

صورة
   يُبين "إريك فروم" في كتابه "الإنسان من أجل ذاته" أن شرط الوجود الاجتماعي هو الوجود في البيت ! وشرط الإصغاء إلى الآخر هو الإصغاء إلى الذات. وإصغاء المرء إلى نفسه يواجِه في ثقافتنا الحديثة صعوبات جمّة. يقول فروم : "إن إصغاء المرء إلى نفسه شديد الصعوبة لأن هذا الفن يقتضي قدرة أخرى نادرة في الإنسان الحديث ، هي قدرة المرء على أن ينفرد بذاته ، ونحنُ في الحقيقة أنشأنا رهاب الانفراد ، ونفضِّل أتفه صحبة أو حتى أبغضها ، على أن ننفرد بأنفسنا. أعتقد أن الخوف من أن نكون وحيدين مع أنفسنا هو إلى حد ما شعور بالارتباك ، فنضيع بذلك فرصة الاستماع إلى ذواتنا ، ونستمر في جهلنا لأنفسنا".  على أنه لا مفرّ للإنسان الذي يود أن يتقدم في الحياة من أن يفهم نفسه بعمق إذا أراد أن يفهم الذين حوله و يفهم العالم. فالمعرفة النفسية ليست اختصاصاً قد نميل إليه أو لا نميل ، بل هي ضرورة لنا جميعاً مهما كانت توجهاتنا. يقول فروم : "كيف للمرء أن يعرف العالم ؟ كيف للمرء أن يعيش ويستجيب كما ينبغي إذا كانت تلك الأداة التي ستعمل ، والتي ستقرر ، مجهولة بالنسبة إلينا ؟ نحن المرشد والقائد لهذا (