المشاركات

الجسد بين الذات و العالم \ ديوان نيتشه

صورة
  يتقدّم الجسد إلى الوعي كموضوع على الكثير من الطّرافة : فهو موضوع يسهُل الإقرار بوجوده / من مِنّا يُنكِر أن له جسد ؟ / كما هو موضوع يَسهُل إنكاره، وفي الحالة الثانية يلعب السؤال الفلسفي دوراً مصيرياً. يحترز أفلاطون ومعه عموم الفلسفة المثالية من كل ما يمثل أمامه مرئياً، لأن المرئي هو ظل ما يتوجب تأمّله، و أخطر المرئيات ( الجسد ) : إنه يمثُل بين الذات و العالم، مُدّعياً أنه الواسطة الضرورية بين الروح والأفكار التي تريد الذات تأمُّلها : إنه الشاشة التي تنعكس عليها التمثُّلات و ترتسم. لذلك كان الجسد بالنسبة إلى الفيلسوف المثالي مُزعِجاً، ولذلك أُعلِنت الحرب عليه في أكثر من عصرٍ و مجال، وتم سجنهُ في فضاء معرفي ضيّق جداً : إذا كانت الروح لا تقدر إلا أن تتجسد، إذا كان لابد على الوعي من عبور الجسد، فليكن ذلك في ( السِّر )، وعلى الفلسفة أن تُعلّمنا التخلُّص منه. إن تجربة وضع الجسد بين قوسين تؤكّد أنه يستحيل على الذات بأن تتقدم كروح خالصة، أن أعرف جسدي - في منظور ديكارت - يعني أن أتنازل عن صرامة المثالية، وذلك بأن أُقِرُّ ببعض دور للجسد يجعل معرفتي بالعقل أفضل، وهذه المعرفة بالعقل هي ما يسمح لي

خطاب خوسيه ساراماغو

صورة
  أكثر الرجال حكمة ممن عرفتهم في حياتي، لم يكن يتقن القراءة ولا الكتابة، يستيقظ كل يوم في تمام الرابعة فجراً هناك حيث كانت الأرض الفرنسية على موعد مع فجر جديد، ينهض من سريره ويخرج نصف دزينة من الخنازير إلى الحقل الذي كان يتعايش وزوجته من إنتاج محصوله. كانا يؤمنان قوت يومهما من بيع صغار الخنازير بعد الفطام للجيران في مزرعة "أزينهاغا" في مقاطعة "ريباتيخو". ذاك الرجل يدعى"هيرونيمو ميلرنيهو" وزوجته "خوسيفينا كايكسينخا" هما جداي، وكانا أميين. في فصل الشتاء، عندما يشتد البرد ليلاً حتى تتجمد المياه في مجاريها، كان ينتقيان الأضعف من بين صغار الخنازير حديثي الولادة ويصحبانها لتنام معهما في السرير، حيث كان دفء جسديهما تحت الغطاء السميك ينجي تلك الصغار الضعيفة من موت محتم. كانا شخصين طيبين جل ما كان يشغلهما هو تأمين قوت اليوم بطبيعة من يعيش حياته ولم يتعلم التفكير أبعد من أنفه. ساعدت جدي "هيرونيمو" مرات كثيرة في أعمال الحقل، حرثت أرض "هويرتو" القريبة من المنزل وقطعت الأخشاب للموقد، وأحياناً كثيرة قمت بتدوير العجلة الحديدية لتشغيل مضخة ال

الغلطة الأخيرة \ إحسان عبد القدوس

صورة
  كان دوره على المسرح لا يستغرق سوى دقيقتين.. أن يدخل إلى عيادة الطبيب ويضحك في سخرية ويقول: «لقد وجدت أخيراً العلاج الناجع، الذي عجز عنه الطب»، ثم يُخرِج مسدسا من جيبه، ويطلقه على رأسه.. ويموت.. ويبدأ الطبيب في سرد قصته التي تستغرق باقي فصول المسرحية.. دور صغير لايستغرق سوى دقيقتين.. يتقاضى نظير أدائه خمسين قرشاً عن الليلة الواحدة.. وقد كان في حاجة إلى أكثر من هذه الخمسين قرشاً.. كانت زوجه مريضة، وابنه مشرّد في الشوارع بعد أن طُرِد من المدرسة.. وصاحب الاجزاخانة، والبقال، وبائع اللبن وبائع العيش.. كلهم قد امتنعوا عن التعامل معه وأخذوا يطاردونه.. وصاحب البيت أنذره بالطرد إن لم يدفع المتأخر عليه.. و.. وهو في حاجة إلى خمسين جنيهاً دفعة واحدة.. وحالاً.. ليستطيع أن يستمر في الحياة.. ومنذ أسابيع وهو يلح على مدير الفرقة أن يقرضه هذه الخمسين جنيهاً.. ولكنه يرفض.. لقد عمل معه خمسة عشر عاماً طوالاً، وزامله في الأيام السود والأيام البيض.. ولكنه يرفض.. لم تشفع لديه زمالة السنين.. وهو لا يتعجب من رفضه.. فقد كان دائماً يرفض.. كانت هذه هي طبيعته.. الرفض.. ورغم ذلك فقد زامله خمسة عشر عاماً.. ربما لأنه

مفهوم الحب عند أفلاطون

صورة
  في فلسفة أفلاطون، يُعتبر الحب مفهومًا أساسيًا ومهمًا جدًا. يرى أفلاطون أن الحب هو قوة إلهية تحرك الإنسان نحو الجمال والخير الحقيقي. وفقًا لأفلاطون، يتجلى الحب في علاقة الإنسان بالعالم الروحي والأفكار الأبدية. يصف أفلاطون الحب في سفر "السيمبوزيوم" باعتباره رغبة الإنسان في الاندماج والاتحاد مع الجمال الروحي. يروي أفلاطون أن الحب هو شغف الروح التي تسعى للتواصل والتوحد مع الجمال الذي يتجلى في العالم الروحي. وعندما يجد الإنسان الجمال الروحي، يتم تحقيق أعلى درجات السعادة والوفاق. ومن خلال حوارات أفلاطون الأخرى، مثل "فيدروس" و"الفيدوس"، يتناول أفلاطون مفهوم الحب من جوانب أخرى. يشير إلى أن الحب هو قوة إلهية تدفع الإنسان للسعي والتطلع إلى الجمال الروحي والأفكار العظيمة، ومن خلال هذا السعي يتحقق النمو الروحي والتحول الإيجابي في الحياة. عندما نتحدث عن نشأة الحب وأنماطه عند أفلاطون، فإننا نتحدث عن قوة الحب كما رآها أفلاطون في فلسفته. وفي حواره "السيمبوزيوم"، وضع أفلاطون نظرية حول نشأة الحب بواسطة ميثوس (الإله القديم للحكمة) وبريكسيس (الإله القديم للحب). وف

فلسفة الحوار و الرؤية الوجودية لأفراد قبيلة الـــBlackfoot الأمريكية

صورة
  فلسفة الحوار و الرؤية الوجودية لأفراد قبيلة الـــBlackfoot الأمريكية الأصلية مدهشة و تستحق التأمل: يجتمعون في دائرة من ٣٠ إلى ٤٠ شخص، و يتحاورون فيما بينهم بدون اي سلطة تدير الحوار، فقط يعطون مساحة أكبر للكهول و كبار السن بصفتهم الاحكم والأكثر تجربة—ثم يستمر الحوار فترة بدون جدول أعمال أو هدف معين، و بدون قرارات في آخر الجلسة... ثم فجأة تنفض دائرة الحوار و ينصرفوا و قد فهموا بعضهم تماماً! و هذه الطريقة من الإجتماعات هي أسلوب حياتهم—وكأن هذا الأسلوب الحر و غير المشروط من الحوار قد أثار "العقل الجمعي" للمجموعة المتحاوره ففهموا المقصد و الرؤية الجمعية دون كتابة جدول أعمال أو قرارات. البنية اللغوية لقبيلة الـــBlackfoot تعكس رؤيتها الوجودية التي ترى العالم كوحدة عضوية مترابطة و شمولية متدفقة في حركة و تغير مستمرين، بحيث ترتكز فقط على الأفعال للتعبير عن العلاقات بين الأشياء المنسجمة مع حركة الوجود الكلانية الشاملة، بدلا عن الأسماء لتعريف الأشياء الساكنة بمعزل عن غيرها. تبجّل قبيلة الـــBlackfoot  مَن لديهم خصائص الإناث والذكور معًا، باعتبارهم ذوي هبة مميزة من الطبيعة، ويقدرون عل

الوعي و الإفراط في الإدراك

صورة
  هناك دراسات نشرها الطبيب النفسي الاسكتلندي ر. د. لينج R D Laing عام ١٩٦٧ في كتابه (Politics of Experience) ترى أن الجنون قد يكون بوابة إلى مستويات عليا من الوعي و الإفراط في الإدراك،  أو ما أسماه hypersanity، وهي أحد أصعب الأحاسيس التي تداهم الإنسان عندما يدرك بعمق كل ما يحيط به في العالم الداخلي والخارجي فيما لا يشعر به سواه، مما يفاقم شعوره بالغربة و عدم الإنتماء و البؤس. كافكا : «إذا كان هناك ما هو أشد خطورة من الإسراف في المخدرات، فمن دون شك هو الإفراط في الوعي وإدراك الأشياء ..تبدأ حياتك بمحاولة فهم كُل شيء وتُنهيها محاولاً النجاة مما فهِمت» دوستويفسكي: «أقسم لكم أيها السادة أنّ شدة الإدراك مرض، مرض حقيقي خطير! وإنّ إدراكاً عادياً كافٍ من أجل سعادة  الإنسان» سيوران: «الوعي لعنة مُزمنة وكارثة مهولة، إنه الإقصاء الحقيقي، فالجهل وطن والوعي منفى» يقال أن الألم العظيم يجعل الذهن متقداً و يفتح بوابة الوعي، وقد يقود أحيانًا إلى الانتحار أو الجنون. ربما لأن بحثنا المستمر عن المعنى و الراحة من المعاناة يحفزنا على التخلي عن نماذجنا العقلية و قناعاتنا الراسخة التي نعتقد أنها جذر الألم ، و

مارسيل بروست صاحب الرواية الأطول في تاريخ الأدب \ سوسن الأبطح

صورة
  مارسيل بروست صاحب الرواية الأطول في تاريخ الأدب. رائعته «البحث عن الزمن المفقود» منحته شهرته رغم أن له كتابات كثيرة أخرى، 7 مجلدات، نحو 3200 صفحة، استغرقت كتابتها 14 عاماً، ولم يتمكن الكاتب من إكمالها. فقد توفي بروست قبل أن ينتهي من تنقيح مشروعاته والمجلدات الثلاثة الأخيرة التي نشرت بعد وفاته، وحررها نيابة عنه شقيقه روبرت. عرف بروست أنه في صراع مع الوقت، والمرض يداهمه، فكانت العزلة والمثابرة وسيلته الوحيدة لتأمين ما يخلد ذكراه، وقد كسب الرهان. كتب بروست عدة مؤلفات، لكن «البحث عن الزمن المفقود» أفقدت كل ما عداها الوهج. فهي نفسها تتشكل من عدة قصص، وبقيت موضعاً خصباً للتحليل، رغم مضي عشرات السنين على صدورها. فقد أبصر المجلد الأول «من جانب سوان» النور عام 1913، بعد أن رفضت نشره عدة دور، ثم صدر «في ظل الفتيات الحاملات الزهور» وحصل على جائزة «غونكور»، ومن بعدهما «جانب غرمانت»، «سدوم وعمورة»، «السجينة»، «البرتين تختفي» الذي حمل لاحقاً عنوان «الهاربة»، وأخيراً «الزمن المستعاد». تبدو «البحث عن الزمن المفقود» لقارئها بأجزائها، كأنها بيوغرافيا، لكنها في العمق ليست كذلك. فأهم ما فيها ليس الراوي

رسالة في إصلاح العقل \ باروخ سبينوزا

صورة
  إذا كانت السّعادة العظمى في الثراء و المجد، فإنّي سأكون قد تنازلت عنها. أمّا إذا لم تكن فيهما، فإنّ تعلّقي بهذه المزايا دون غيرها سيجعلني أفقد السّعادة المنشودة أيضا. ساورني القلق إذن، فتساءلت عمّا إذا كان بوسعي أن أؤسس حياة جديدة، أو على الأقلّ أن أكون واثقا ممّا أؤسّسه دون أن أغيّر شيئا من نظام حياتي القديم و ا من سلوكي المألوف. حاولت ذلك طويلا دون جدوى، إذ أنّ أكثر الأحداث تواترا في حياة الناس، تلك التي ينظرون إليها، مثلما يستخلص من أعمالهم كلّها، على أنّها الخير الأعظم، إنّما تنحصر في ثلاثة: الثّراء والمجد واللذّة الحسّية، وهي تشغل الفكر عن التركيز على أي حيّز آخر. فالنّفس تتعلّق باللذّة كما لو كانت قد وجدت الخير الّذي ترتاح إليه، فتكون عاجزة إلى أقصى حدّ عن التفكير في خير آخر. و من جهة أخرى، يتلو المتعة حزن شديد يُربك الفكر ويُضعفه و يثبّطه. أمّا السّعي إلى الثراء و المجد، فهو لا يشغل الفكر أقلّ من اللذّة ـ و لاسيّما السعي إلى الثراء ـ إذا كنّا نبحث عنه لذاته، لأنّه سيظهر آنذاك بمظهر الخير الأعظم، و أمّا المجد، فهو يشغل الفكر و يصرفه عن كلّ شيء آخر، لأنّنا ننظر إليه في الغالب عل

حب الحياة \ إريك فروم

صورة
  هناك واقعة جد مهمة في ثقافتنا، تتمثل في كون الناس ليسوا واعيين بما في الكفاية بالمضض الذي يحدثه الملل. إذا كان المرء وحيدًا، وعندما لا يستطيع لسبب من الأسباب شغل نفسه بنفسه، فإنه يشعر، عندما لا يمتلك في نفسه مصدر القيام بشيء حيوي أو وعي ذاته، بالملل كحمل ثقيل، كشلل لا يمكنه شرحه بنفسه. إن الملل هو أصعب عذاب، وهو حديث ويقضي على كل ما حوله. والإنسان الذي يكون معرضًا للملل دون مقاومة هذا الأخير لا يشعر بأنه إنسان محبط. لماذا؟ لماذا لا يعرف الكثير من الناس الشر الذي يمثله الملل، والعذاب الذي يحدثه؟ أعتقد بأن الجواب على هذا السؤال جد بسيط؛ إننا ننتج الكثير من الأشياء التي بإمكانها أن تساعدنا للقضاء على الملل. فإما أن يتناول المرء أقراصًا مهدئة أو أنه يشرب أو يذهب من حفل إلى آخر، أو أنه يتخاصم مع الزوجة أو يترك وسائل الإعلام تنسيه أو أنه يمارس الجنس لكي ينسى الملل. فالكثير من أنشطتنا هي محاولات لكي لا يصل الملل إلى وعينا. لكن لا يجب على المرء أن ينسى هذا الشعور القاتم الذي يعمنا عندما نشاهد فيلمًا سخيفًا أو عندما نريد أن نقضي على الملل بطريقة سخيفة. لا يجب أن ننسى إذًا عذابات الضمير الذي ن

الإحساس بالنهاية \ جوليان بارنز

صورة
   حين تكون في العشرينات حتى ان كنت مشوشا وغير متأكد من أهدافك وغاياتك، فإن لديك حسا قويا بمعنى الحياة نفسها، وبماهيتك في الحياة وبما يمكن أن تصير عليه. فيما بعد.. فيما بعد هناك المزيد من عدم اليقين، المزيد من التداخل، المزيد من التراجع، المزيد من الذكريات الزائفة. في الماضي يمكنك أن تتذكر حياتك القصيرة بأكملها، فيما بعد تصبح الذاكرة شيئا من الخرق والرقع. فهي إلى حد ما تشبه الصندوق الأسود في الطائرات الذي يسجل ما يحدث في حالة التحطم. إن لم يحدث شيئا خطأ، فإن الشريط يمحو نفسه. وهكذا إن تحطمت، يكون واضحا لم حدث ذلك، إن لم تتحطم فإن منطق رحلتك يصبح أقل وضوحا أو سوف أعبر عنها بطريقة أخرى، ذات مرة قال أحدهم إن الأزمان المفضلة لديه في التاريخ هي تلك التي تشهد إنهيارا لأن ذلك يعني أن شيئا جديدا في طور الولادة. هل هناك منطق في هذه المقولة إن طبقناه على حياتنا الفردية؟ أن تموت عندما يولد شيء جديد، حتى ان كان ذلك الشيء الجديد هو أنفسنا ذاتها؟ لأنه كما التغيير السياسي والتاريخي سوف يكون مخيبا للآمال آجلا أو عاجلا، فإن الحال كذلك بالنسبة إلى البلوغ. وكذلك الحال بالنسبة إلى الحياة. أعتقد أن الهدف م

لا معنى لأي شيء \ أرنستو ساباتو

صورة
  أظن احياناً ان لا معنى لأي شيء. فعلى كوكبٍ صغير، يسير نحو العدم منذ ملايين السنين، نولد وسط الآلام ونترعرع، ونجاهد، ونمرض، ونتألم، ونسبب الألم للآخرين، ونصخب، ونموت، يموت أناس، في حين يولد آخرون، ليبدأ تكرار الملهاة العقيمة من جديد. أيكون الأمر كذلك حقاً..؟... استغرقت في التأمل في هذه الفكرة عن تفاهة الأشياء وعقمها. هل حياتنا كلها ليست سوى سلسلة من الصرخات المجهولة في صحراء أجرام لا تبالي..؟.

ﻗﻠﻖ اﻟﺴﻌﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ \ آﻻن دو ﺑﻮﺗﻮن

صورة
  ﻗﻠﻖ اﻟﺴﻌﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ "اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﺮﺿﺎ أو اﻟﻤﻬﺎﻧﺔ" آﻻن دو ﺑﻮﺗﻮن اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﻫﻲ ﻗﻴﻤﺔ اﻟﻤﺮء وأﻫﻤﻴﺘﻪ ﻓﻲ أﻋﻴﻦ اﻟﻨﺎس .. وﻳﻌﺘﺒﺮﻫﺎ  اﻟﻜﺜﻴﺮون ﻣﻦ ﺑﻴﻦ أﻓﺨﺮ وأﺛﻤﻦ ﻣﺘﺎع اﻟﺪﻧﻴﺎ.. واﻟﻘﻠﻖ ﻣﻦ ﻓﻘﺪﻫﺎ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻫﻢ ﻣﺰﻋﺞ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ إﻓﺴﺎد ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ.. وأﻧﺠﻊ اﻟﺴﺒﻞ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﻫﺬا اﻟﻘﻠﻖ ﻫﻲ محاولة استيعابه .. اﻓﺘﻘﺎد اﻟﺤﺐ واﻟﻐﻄﺮﺳﺔ واﻟﺘﻄلع واﻟﺘﺤﺪ واﻟﻜﻔﺎءة واﻻﻋﺘﻤﺎد ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﻘﻠﻖ .. واﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻟﻔﻦ واﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻟﺪﻳﻦ واﻟﺒﻮﻫﻴﻤﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺤﻠﻮل اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﻫﺬا اﻟﻘﻠﻖ. اﻟﺤﺐ: الإﻧﺴﺎن ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻧﻮﻋﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﺐ الأول ﻟﺴﺪ ﺷﻬﻮة "اﻟﺠﻨﺲ" وﻟﻦ ﻧﻨﺎﻗﺸﻪ ﻫﻨﺎ واﻟﺜﺎﻧﻲ ﻟﺴﺪ ﺷﻬﻮة "اﻟﻤﻜﺎﻧﺔ" .. ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺮى أن ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤؤثرﻳﻦ ﻳﻮاﺻﻠﻮن ﻣﺮاﻛﻤﺔ الأﻣﻮال ﻟﻴﺲ ﻟﺤﺎﺟﺘﻬﻢ ﻟﻬﺎ ﺑﻞ ﺳﻌﻴا ﻟﻠﻤﻜﺎﻧﺔ .. ﻓﻤﺮاﻛﻤﺔ اﻟﺜﺮوات وﺗﺮف اﻟﺒﻌﺾ واﻗﺘﻨﺎؤﻫﻢ ﻟﻤﺎرﻛﺎت ﺛﻤﻴﻨﺔ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ وﺻﻔﻪ ﺑﺎﻟﺠﺸﻊ، ﺑﻞ داﻓﻌﻬﺎ ﻟﻔﺖ اﻧﺘﺒﺎه الاﺧﺮﻳﻦ وﻣﺤﺎوﻟﺔ إﺿﺎﻓﺔ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﻟﺬواﺗﻬﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﺮزح ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻮط ازدراء الأﺧﺮﻳﻦ للاﺷﺎرة إﻟﻰ ﺣﻘﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﺤﺐ ﻣﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﺷﻌﻮرا ﺑﺎﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ وﺗﻤﺴﻜﻪ ﺑﻬﺎ. اﻟﻐﻄﺮﺳﺔ: ﻻ ﻳﺘﻢ اﻻﻛﺘﺮاث ﻛﺜﻴﺮا ﺑﻤﺎ ﻧﻔﻌﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ﺣﺘﻰ ﻧﺼﻞ ﻟﺴﻦ ﻣﻌﻴﻦ ﻟﻨﺪﺧﻞ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻐﻄﺮﺳﺔ اﻟﻤﺒﻨﻲ ﻋﻠ

الكوميديا الإلهية \ دانتي أليغييري

صورة
  الأنشودة الأولى .. وسط طريق حياتنا , أفقت لأجد نفسي في غابة مظلمة و قد ضللت سواء السبيل .. لا أجدني قادرا على وصف هذه الغابة الموحشة , القاسية . التي جسدت في ذكراي الخوف .. بهذه الكلمات بدأ دانتي رحلته في الغابة السوداء , التي ترمز للضياع و المعصية , يعتمد "دانتي" في أسلوبه الروائي الشعري على ترميز قد لا يمكن الإحاطة بمجمله دون قراءة لما وراء هذه الأسطر الموردة .. فبقوله "وسط طريق حياتنا" يقصد السن الخامسة و الثلاثين , وهي نصف الحياة المتوقعة في الإنجيل لكل بشري .. و الظلام المطلق بعد الإفاقة إشارة إنجيلية أخرى عن المعصية و ضياع صواب الطريق .. بعدها سقطت عينا دانتي على التل الذي يحفه نور الشمس "كناية عن الهداية" , و أراد الذهاب إليه ليقف في طريقه الوحوش الثلاث "الأسد , الفهد , و الذئبة " و الذين يرمزون للذنوب الأرسطية " العنف , الحقد , التساهل" .. في خضم اليأس قابل دانتي الشاعر الروماني فيرجيلو الذي قال له أنه لا يستطيع إكمال دربه هذا لأنه لا توجد قوة كافية للتخلص من هذه الوحوش " لمحة رمزية أنه لا يستحق بلوغ طريق الهداية لانغماسه

جين آيير \ شارلوت برونتي

صورة
  إِنَّ الحياة تبدو لي أقصر من أن تنفق في إذكاء البغض أو تسجيل المظالم. إننا كلنا -ويجب أن نكون كذلك‐ ‏مثقلون بالأخطاء في هذا العالم، ولكني واثقة من أننا سوف نخلعها عمًّا قريب لحظة نخلع أجسادنا القابلة للفساد، عندما ينفصل عنا الغش والإثم بسقوط هيكل اللحم المربك هذا، فلا يبقى غير شرارة الروح ‏‐أصل الحياة والفكر وجوهرهما اللطيف الذي لا يدرك باللمس‐ ‏نقية طاهرة كيوم فارقت الخالق لتحل في المخلوق. هذه الشرارة لابُدّ عائدة من حيث جاءت، ولعلها ستعود لتنفخ من جديد في كائن أسمى من الإنسان‐ ‏ وربما لكي ترقى في معارج المجد، من النفس البشرية الهزيلة إلى النفس الملائكية المتألقة! وليس من ريب في أنها لن يجاز لها الانحدار بحال من الأحوال، بالانتقال من إنسان إلى شيطان. لا، أنا لا أستطيع أن أصدق ذلك: إني أؤمن بعقيدة أخرى، لم يلقني إِيّاها أحد البتة، عقيدة نادراً ما ألمع إليها، ولكني أجد فيها ابتهاجاً غامراً، فأنا حريصة على التعلّق بها، لأنها تبعث الأمل في نفوس الناس جميعا، وتجعل الأبدية راحة ‐منزلا رائعاً لا هولا ولا هاوية. وإلى هذا فإن هذه العقيدة تتيح لي أن أميّز في كثير من الوضوح، ما بين المجرم وجري

مدخل إلى الفلسفة \ كارل ياسبرز

صورة
  إنّ الأصل هو الينبوع الّذي ينبثق منه على الدّوام الدّافع إلى التفلسف. بفضل هدا الدّافع تغدو الفلسفة المعاصرة أمرا جوهريا، وبفضل هذا الدّافع أيضا نستطيع أن نفهم فلسفة الماضي. هذا العنصر الأصيل متعدّد الجوانب. فالدّهشة تستتبع التّساؤل و المعرفة. والشّك بصدد ما يعتقد الإنسان أنّه يعرفه، يستتبع الفحص واليقين البين. وإضطراب الإنسان، والشّعور الّذي يخامره وهو يواجه فكرة الموت، يقوده إلى التّساؤل عن ذاته. فلنبدأ إذا بتحديد هده العوامل الثلاثة تحديدا دقيقا : 1. ذكر أفلاطون أنّ أصل الفلسفة هو الدهشة. فالعين تجعلنا نشارك في مشهد النجوم والشّمس وجرم السّماء. هذا المشهد” يفضي بنا إلى دراسة العالم قاطبة، ومن هنا تنشأ الفلسفة بالنسبة إلينا وهي أسمى الخيرات الّتي خصت بها الآلهة الإنسان الّذي عليه حقّ الفناء.” ويذكر أرسطو” أنّ الدّهشة هي الّتي دفعت النّاس إلى التّفلسف” أنّ الدّهشة هي الّتي تدفع الإنسان إلى المعرفة، فحين إندهش فمعنى هذا أنّني أشعر بجهلي. إنّي أبحث عن المعرفة، ولكن لكي أعرف فحسب، لا لكي أرضي حاجة مألوفة إعتياديّة. إنّ التّفلسف معناه التيقظ للإفلات من روابط الضرورة الحيويّة. 2. وحالما

أزمة الهوية و معنى الحياة

صورة
  أزمة الهوية و معنى الحياة هما من أكثر الموضوعات التي تشغل بال الإنسان في العصر الحديث. ففي ظل عالم سريع التغير والتطور، أصبح من الصعب على الكثير من الناس أن يعرفوا من هم، وما هو هدفهم في الحياة. أزمة الهوية هي حالة من عدم الوضوح وعدم الراحة التي يشعر بها الشخص تجاه هويته. قد يكون هذا بسبب العديد من العوامل، مثل التغيرات التي تحدث في حياته، أو بسبب صراعه مع قيمه و معتقداته، أو بسبب عدم قدرته على إيجاد مكان له في العالم. معنى الحياة هو السؤال الذي يطرحه الإنسان على نفسه منذ الأزل. ما هو الهدف من وجودنا؟ ما هو معنى كل هذا؟ لا يوجد إجابة واحدة على هذا السؤال، لأن كل شخص يجد معنى الحياة في شيء مختلف. قد يكون المعنى في الحب، أو في العمل، أو في الإيمان، أو في السعي لتحقيق الكمال. أزمة الهوية و معنى الحياة هما من أكثر الموضوعات التي يمكن أن تؤدي إلى الشعور بالضياع والعجز. ولكنهما أيضًا من أكثر الموضوعات التي يمكن أن تؤدي إلى النمو والتطور. فعندما يواجه الإنسان هذه التحديات، فإنه يضطر إلى التفكير في نفسه و في حياته بطريقة أعمق. وقد يؤدي هذا إلى اكتشافات جديدة و إمكانيات جديدة. إذا كنت تعاني م

تجديد ذكرى أبي العلاء \ طه حسين

صورة
  أراد طه حسين أن ينقل جملة أفكار لأبي العلاء المعري بصياغته على لسان المعري، فقال:   ما لي وللناس؟! لقد بلوتُ أخلاقهم فلم ألقَ إلا شرًّا، واختبرت طباعهم فلم أجد إلا نكرًا؛ فلتضربنّ بيني وبينهم الحجب، ولتسدلنّ بيني وبينهم الأستار. لقد سمعتُ منهم فما نطقوا إلا محالًا، ولقد تحدثتُ إليهم، وتحدّث إليهم قبلي الحكماء، وأولو النهى فما آثروا إلا طاعة الأهواء، وما استجابوا إلا لدعاء الشهوات. فلتصمنّ عن حديثهم أذني، وليعقدنّ عن تحديثهم لساني. وليمحينّ من قلوبهم شخصي، وليحسبني بعد اليوم من أهل القبور .  ما لي وللدنيا؟! لقد أتيتها كارهًا، وعاشرتها كارهًا، ولأخرجن منها كارهًا. ولقد ذقت من لذاتها ما لم أرجُ، واحتملت من آلامها ما لم أحتسب. فإذا اللذة إلى ألم، وإذا السعادة إلى شقاء، وإذا الأمل إلى يأس، والرجاء إلى قنوط. إني لأحمق إن لم أطرحها قبل أن تطرحني، وأزدرِها قبل أن تزدريني، وأملأ قلبي عن لذاتها بالعزاء النافع، والصبر الجميل.  ما لي وللزواج، والنسل؟! لولا أن أبي قد قذف بي في هذه الحياة لما لقيت ألمًا، ولما احتملت عناء. أفليس يقنعني أن أحتمل هذه الجناية حتى أنقلها إلى بريء لم يجنِ ذنبًا، ولم يقت

الفلسفة السوداوية

صورة
  الفلسفة السوداوية هي فلسفة تركز على الجانب المظلم من الحياة. إنها تنظر إلى العالم على أنه مكان مليء بالمعاناة والألم، وأن الحياة لا معنى لها. تميل الفلسفة السوداوية إلى التشاؤم والعدمية، وغالبًا ما تركز على الموت. هناك العديد من الفلاسفة الذين يمكن اعتبارهم سوداويين: فريدريش نيتشه أرتور شوبنهاور كانت أفكارهم مؤثرة على العديد من الفلاسفة والكتاب والفنانين الآخرين، وساهمت في تطوير العديد من الحركات الفكرية، بما في ذلك الوجودية والعدمية. ما هي بعض الأفكار الرئيسية للفلسفة السوداوية؟ الحياة لا معنى لها. العالم مليء بالمعاناة والألم. الموت هو نهاية كل شيء. الإنسان عبث. لا يوجد أمل في المستقبل. ما هي التأثيرات الفلسفة السوداوية؟ أثرت الفلسفة السوداوية على العديد من الفلاسفة والكتاب والفنانين الآخرين، بما في ذلك: ألبرت كامو جان بول سارتر سيمون دو بوفوار فيكتور هوغو نيتشه وقد ساهمت في تطوير العديد من الحركات الفكرية، بما في ذلك الوجودية والعدمية. ما هي فوائد الفلسفة السوداوية؟ يمكن أن تكون الفلسفة السوداوية مصدرًا للتشجيع لأولئك الذين يشعرون باليأس أو الضياع. يمكن أن تساعدهم على فهم أن معانا

عن المستمعين \جورج ديهمال

صورة
  حينما تقدّم زارادشت إلى الشمس وتوجّه إليها بالقول رافعا صوته:" أيّها الكوكب الكبير" ! ما عساها تكون سعادتك، إذا لم يوجد أولئك الذين تضيء عليهم بنورك؟"، فإنّه يطرح بقوّة مشكل المستمعين، وبشكل أوسع أيضا، المشكل العام للعلاقات التي تربط الفنّان بجمهوره. يغريني هذا بإضافة كلمة إلى هذه الجملة المشهورة:" ما عساها تكون سعادتك بل ما عساه يكون عملك؟ وما عساه يكون وجودك الخاص؟" إنّ العمل الذي يتيه في الصّمت يوشك أن ينغمر فيه. وإنّ إعجاب الشريك هو الذي يفجّر نبع الانفعال الاستيتيقي، وبالتالي الجمال التامّ. لابد من اثنين ليتحقّق الحبّ. فبعد ثلاث قرون ونصف، صارت مأساة هملت، أكثر جمالا بالتأكيد، من لحظة ميلادها. لقد أضفنا إليها جميعا، بولعنا، شيئا من ذواتنا، زاد العمل ثراء. ليس القارئ جزءا من المستمع، إلاّ إذا كنّا لا نتلهّى بالكلمات. والناس الذين يستخدمون اليوم كلمة من قبيل الاستماع يستخدمونها غالبا كيفما اتفق. فالقارئ غالبا ما يكون منعزلا. إنّه أكثر نقاء من المستمع، - ولا أتحدث هنا عن هذه الشخصيّة المستجدّة: مستمع الراديو.- نعم القارئ أكثر نقاء، وأقلّ تأثّرا بفخامة السّا

الضاحك \ هاينريش بول

صورة
  قصة قصيرة للكاتب الألماني (هاينريش بول) عندما أُسأل عن مهنتي يتملكني شعور حاد بالإحراج : وجهي يحمر، أتلعثم، أنا الذي ينظر إلي الجميع كشخص واثق من نفسه الى أبعد الحدود. أحسد الناس الذين بوسعهم الإجابة هكذا: أنا بنّاء. أنا مصفف شعر، محاسب، كاتب. أحسدهم على البساطة التي بها يجيبون، ذلك أن جميع هذه المهن تشرح نفسها بنفسها ولا تستدعي توضيحات مسهبة. أنا، بالمقابل، أجدني مضطرا للإجابة على أسئلة من هذا القبيل هكذا : أنا ضَاحِك. اعتراف من هذا النّوع يستدعي اعترافا آخر، كوني مجبر على الإجابة بصدق عن سؤال إضافي :” هل تكسب لقمة عيشك من هذا العمل” بالإيجاب. أنا فعلا أعيش من ضحكي، بل أستطيع القول إنني أعيش بشكل جيد، ذلك أن ضحكي، بتعبير تجاري، مطلوب في السّوق. أنا ضاحك جيد، ضاحك محنك، لا أحد بوسعه مجاراتي في الضّحك، لا أحد بوسعه السيطرة على الفروقات الدقيقة لهذا الفنّ مثلما أفعل . لفترة طويلة قدمت نفسي- تحاشيا للتفسيرات المزعجة- بوصفي ممثلا، غير أن تعبيرات وجهي ومهارات التحدث لدي من المحدودية بحيث تجعل هذا التوصيف يبدو منافيا للحقيقة : أنا ضاحك. لست مهرجا ولا فنانا فكاهيا، أنا لا أبهج الناس، أنا أع